المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلة على أن المتأول في الكبيرة التي ليست بكفر يسمى مسلما - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌أقولُ: هذه الحجةُ الثانيةُ من حُججِ السَّيِّد في هذه المسألةِ، والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّ المنقولَ في كتبِ الشافعيةِ نقيضُ ما ذكرتَه

- ‌النظرُ الأوَّلُ: مِن قَبِيلِ المعارضاتِ وهو أن نقولَ: إيرادُ مثلِ هذا الكلامِ مُمْكِنٌ في المجتهد والمقلد

- ‌النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة

- ‌النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلَاّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل

- ‌النظرُ الثَّامِنُ: أن نقولَ: المجتهدُ: هو المتمكِّنُ مِن معرفة الأحكام الشرعية

- ‌النظرُ التاسِعُ: أن الاجتهادَ وشرائِطَه مِن قواعدِ الإسلامِ

- ‌البحث الثاني: هذا تجريحٌ مِن السَّيِّدِ للغزالي، والتجريحُ له شرائطُ معروفة

- ‌البحث الرابع: احتج السَّيِّدُ على أن الغزالي يُعَسِّرُ الاجتهادَ

- ‌المرتبة الأولى: المنازعة في قِلَّة المجتهدين، ولنا فيها طرق:

- ‌الطريق الأولى: مِنْ أينَ للسَّيِّدِ ثبوتُ هذه الروايةِ عن الغزالي

- ‌الطريقُ الثانية: سلمنا صِحَّتَها عنه، فكيف استندَ السَّيِّدُ إلى تصديقِه في كلامه

- ‌الطريقُ الخامسة: أنا نُعارِضُ كلامَ الغزالي بما رواه مَنْ هُوَ أَرْجَحُ

- ‌الطريق السابعة: أن اجتهادَ أولئك الذينَ ذكرهم السَّيِّدُ يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد

- ‌وثانيهما: أنا نبَيِّنُ أن افتراقَنا في معرفة العربية ليس يقتضي تعسيرَ الاجتهاد على الإِطلاق لوجهين:

- ‌أحدُهما: أن أكثر آيات الأحكام، وأحاديثه لا تحتاج إلى قراءة العربية في فهم معناها، والدليل على ذلك حُجتانِ:

- ‌الحجة الثانية: على أنَّه لا يقتضي الافتراقُ في العربية تعسيرَ الاجتهاد

- ‌أقول: الجوابُ على ما ذكره من تجهيل هذا الصاحب الجليل من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أن الظاهرَ خلاف ما ذكر

- ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

- ‌الجوابُ عما نسب إلى أبي هريرة وأمثاله من أفاضل السلف المتواتر فضلُهم، وعلو مراتبهم مِن وجوه

- ‌الوجه الثاني: أنَّهُ قد تواتر عن أبي هُريرة أنَّه كان أرفعَ حالاً من هذه المنزله

- ‌الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة

- ‌الوجه الثاني: أنَّه قد ثبت في هذا الحديثِ من الاختلاف والاضطراب شيءٌ كثيرٌ

- ‌الوجه الثالث: أن أبا هريرة إِنما روى الحديثَ الذي احتجَّ بهِ

- ‌وثانيها: أن يكونَ أخذ الولاية على ذلك

- ‌وثالثُها: أنَّ مجرد الولاية إما أن تكون ظنيةً أو قطعية

- ‌المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقدٌ على اجتهادهما

- ‌الأول: إن هذا يحتاجُ إلى طريق صحيحة

- ‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

- ‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

- ‌المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر

- ‌أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد

- ‌الثالث: إن السيدَ ذكر في كتابه أنهما غيرُ محققين، ولا مُوَفَّقَيْنِ بهذا اللفظ، ثم احتج على تعسُّرِ الاجتهاد بجهلهما

- ‌المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي

- ‌الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة

- ‌الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه

- ‌الإشكال السابع: أنك قد حَكَيْتَ عن قاضي القضاة أنَّه يقبلُ فُسَّاقَ التأويل

- ‌الإشكال الثامن: أنك ساويتَ بين المتعمِّدِ للمعصية والمتأوِّلِ

- ‌الإشكالُ التاسع: أن السَّيد قد منعَ من الرواية عن العلماء إلا بعدَ تحصيلِ إسنادٍ صحيحٍ

- ‌الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها

- ‌الإشكال الثاني: أن السيد روى هذا الإجماعَ

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامِهِ هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ ابنَ الحاجب

- ‌الإشكال الثالث: أن السيد قد أقر -فيما تقدم- أن ابن الحاجب لم يرو الإجماعَ على ردِّ كفار التأويل

- ‌الإشكال الثاني. أن السَّيِّد توهم أن راوي الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ

- ‌الإشكال الرابع: أنَّه رَجَّح بمخالفة الأصل، والترجيحُ بها مختلف فيه

- ‌أقول: في كلامِه هذا إِشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّ السيدَ قال: فهو مروي مِن أئمتنا عن المؤيَّد

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ

- ‌الإِشكالُ الرابع: سلمنا أن تخريجَ القبول مساوٍ لتخريج الرَّدِّ غيرُ راجح عليه، فالقبولُ أولى

- ‌أقول: في كلامه هذا إشكالات:

- ‌تنبيه: غيرُ خافٍ على أهل النظر أن أهلَ العلوم العقلية

- ‌الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن

- ‌الطريق الأولى: أنَّه قد ورد في السمع ما يَدُلُّ على أن الفاسق كان في ذلك الزمان يُطلق على الكافر

- ‌الإشكالُ الثاني: أنا نقول: قد ورد في اللغة ما يَدُلُّ على أن الفسق تعمدُ المعصية، وأن الفاسقَ المُتَعَمِّدُ

- ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

- ‌الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر

- ‌الإشكال السادس: أن الاستدلالَ بهذه الآية الكريمة من قبيل مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال السابع: أن الآية الكريمة نزلت في حقوق المخلوقين

- ‌الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر

- ‌الإشكالُ السادسَ عشر: أنَّ لهذه الآية معارضاتٍ كثيرة

- ‌الإشكال السابع عشر: أن لهذه الآيةِ مخصصاً

- ‌الأول: أجمع العقلاءُ من أهل الإِسلام وغيرِهِم على أن الإنسانَ يرجِعُ إلى تصديق عدوِّه وقبولِ كلامه

- ‌الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى

- ‌الخامس: أنَّ شهادة بعضهم على بعض مقبولةٌ

- ‌الإشكال الثاني: أن الاحتجاجَ بهذه الآية لا يَصِحُّ

- ‌الإشكال الثالث: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال السادس: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال السابع: أن الآيةَ مِن قبيل العموم

- ‌الإشكال الثامن: أن في العلماء من قال: العمومُ مشترك

- ‌الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع

- ‌الإِشكال الثاني عشر: أن المتأوِّل يُسَمَّى مسلماً بالنص

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن المتأوِّل يسَمَّى مؤمناً

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن السيدَ استدل على أن قبولَ قولهم ركونٌ إليهم

- ‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

- ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

- ‌الإِشكال التاسع عشر: أن لِهذه الآيةِ معارضاً يَدُلُّ على قبولِ المتأولين

- ‌الإِشكال الموفي عشرين: أن السَّيِّد قاس قبولَ تحريم المتأوِّلين فيما بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمِ قبول ثقيف في تبديل شريعةِ رسول الله

- ‌الإشكالُ الحادي والعشرون: أنَّه يَلْزَمُ من الاحتجاج بهذه الآية تفسيقُ مَنْ قَبِلَ المتأوِّلين

- ‌أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد بهذه الآية إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أنَّه ترك بيان وجه الاستدلال

- ‌الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ

- ‌الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق

- ‌الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين

- ‌الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر

- ‌الإِشكال التاسع: أن هارون عليه السلام نبيٌّ مرسل

- ‌الإشكال العاشر: أن الآية إما أن تَرِد على المعنى الذي ذكرنا مِن العُرف السَّابِق إلى الأفهام

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ

- ‌الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن المتأوَّلين من هذه الأمة ما كانوا موجودين في زمان هارون عليه السلام

- ‌الإِشكال السابع عشر: أنهم كانوا يُسَمَّوْنَ مسلمين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه كان يلزمُه إبطالُ القول بأن العمومَ مشترك

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أن لهذه الآية مخصصاتٍ

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: أن هذا العمومَ مخصوصٌ

- ‌أقول: أطلق السَّيِّد هذه الآيةَ، ولم يُبين وجهَ الاحتجاج بها

- ‌الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب

- ‌الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى

- ‌الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة

- ‌الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم

- ‌الإِشكال الثامن: كان يجب على السَّيِّدِ بيانُ أن الأمرَ للوجوب

- ‌الإِشكال التاسع: أن المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان

- ‌الإشكال العاشر والحادي عشر: أنهم كاْنوا يسمَّون مسلمين ومؤمنين

- ‌الإشكال الثالث عشر: أنَّه قد حرَّجَ في تفسير القرآن العظيم ثم فسَّرَ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن العلماء اختلفوا في عموم المنطوق:

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّا بَينَّا أن في قبول المتأولين دفع مضار العقاب

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أن الآية دليلٌ على وجوب قبول المتأوِّلين

- ‌الإشكال الحادي والعشرون: أن هذه الحجة لا تَصحُّ إلا بعدَ عدم المعارض

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: هو الإشكالُ الثاني في الآية التي قبل هذه الآية

- ‌أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث

- ‌الإشكالُ الثالث: سلَّمنا أن الحديثَ صحيح، لكنه آحادي ظني

- ‌الإشكال الرابع: أن السَّيِّد قد عَظَّمَ القولَ في تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الخامس: أن في هذا الحديث عموماً

- ‌الإِشكال السادس: أن ذلك المخصصَ موجود

- ‌الإشكال الثامن: أن ذلك المعارض موجودٌ

- ‌الإشكال التاسع: يحتمل أن يكونَ منسوخاً

- ‌الإشكال العاشر: أن هذا الحديثَ مِن العمومات الواردة في العمليات

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاحتجاجَ بالعُموم يحتاج إلى الاجتهاد

- ‌الإشكال الثاني عشر: أنَّه يحتمل أن هذا العمومَ ورد على سبب

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر

- ‌الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك

- ‌أقولُ: في الاحتجاج بهذا الحديث من الإشكالات الثلاثة عشر الذي في الحديثين الأول والثاني، ويختص بإشكالين بعدَها أولُهما

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد

- ‌أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات

- ‌أقول: لما فَرَغَ السَّيِّد من الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، عطف عليه الاستدلالَ بالقياس، وَيردُ على ذلك إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أن القياسَ لا يَصِحُّ الاستدلالُ به في المسائل القطعية

- ‌الإِشكال الثاني: أن الإجماعَ موجودٌ على خلافِ هذا القياسِ

- ‌الإِشكال الثالث: لا يَصِحُّ الاستدلالُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإِشكال الرابع: إذا سلَّمنا صحةَ القياس، فلا يصح الاحتجاجُ به في مسألتنا هذه

- ‌الإِشكال الخامس: أن المخصص لتلك العلة موجودٌ

- ‌الإِشكال السادس: أنَّه لا يصح الاجتهادُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإشكال السابع: أن المعلوم أن هذا القياسَ بعينه قياسٌ ظني

- ‌الإشكال الثامن: أن شرط الاحتجاج بالقياس عدمُ النصوص

- ‌الإشكال التاسع: أن الاحتجاجَ بالقياس من خواصِّ المجتهدين

- ‌الإشكال العاشر: احتج السيدُ على أن المنصب هو العلة، لعدم استحقاق المتأوِّلين له

- ‌الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا

- ‌الحجة الثامنة: ورد الشرعُ بشاهدٍ ويمينٍ

- ‌المسألة الثانية: أن يكونَ أحدُ الراويين مثبتاً، والآخرُ نافياً

- ‌المسألة الرابعة: أن يكونَ أحدُ الراويين لا يستجيز الروايةَ بالمعنى

- ‌المسألة الخامسة: أن يكون أحدُ الراويين أكثرَ ذكاءً وفِطنة

- ‌المسألة السادسة: قال العلماءُ: لا يَصِحُّ أن يشهد الشاهدُ لنفسه

- ‌المسألة السابعة: شهادةُ الوالد لأولاده وأحفادِه وشهادة الأولاد لآبائهم وأجدادهم

- ‌المسألة الثامنة: شهادةُ الصَّديق لصديقه

- ‌المسألة التاسعة: شهادةُ العدو على عدوِّه

- ‌المسألة العاشرة: شهادةُ أحدِ الزوجين للآخر

- ‌المسألة الثانية عشرة: تهمةُ الحاكم في إقراره بالحكم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حُكْمُ الحاكم لأولاده وأحفاده، وعلى أعدائه

- ‌المسألة الرابعة عشرة: طولُ العهد بالتعديل والتزكية

- ‌المسألة السادسة عشرة: لو شهد لعدوه على أبيه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته

- ‌المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق

- ‌المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية

- ‌الوجه الأول: أن قولَ السَّيِّد إنَّهم لا يرتدِعُونَ

- ‌الوجه الثاني: اعْلَمْ أن الحاملَ على المحافظة على الخيرات

- ‌الوجه السادس: أن اعتقادَهم لو كان حاملاً لهم على الكذب، لحملَهم على ترك الصلاة

- ‌الوجه الثامن: أن الملائكةَ والأنبياء قد أَمِنُوا مِن الموت على الكفر

- ‌الوجه الحادي عشر: أن الإرجاء ليس بكفرٍ ولا فسقٍ

- ‌الوجه الأول: أن السيدَ منازع في كون هذا مذهبهم

- ‌الوجه الثالث: أنهم لو ذهبوا

- ‌أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

- ‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

- ‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

- ‌الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة

- ‌الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية

- ‌الإشكال الثامن: قد بَيَّنَّا أن جماعةً ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على خلاف قولِ السيدِ

- ‌الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن الأمة أجمعت على عدم التأثيم لمن خالف العموم

- ‌الإشكال الرابع عشر: استدل بهذه الأدلة، وكلها ظني

- ‌الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين

- ‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

- ‌الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله

- ‌الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد

- ‌الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام

- ‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

- ‌الفائدة الثانية: في ذكر ما اعترض به على الإجماع

- ‌الفائدة الثالثة: في الإِشارةِ إلى شهرةِ الخلاف في هذه المسألة

- ‌الحجة الثانية: إجماعُ العِترة

- ‌الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة

- ‌الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة

- ‌الحجة التاسعة: أنَّه يحصل بخبرهم الظنُّ لثبوت النص الشرعي

- ‌الحجة الثانية عشرة: أنَّه ينتفي الإجمالُ في الاشتراك

- ‌الحجة الرابعة عشرة: أنَّه قد ثبت أنَّه مَنْ أكثرَ من ارتكاب المعاصي الملتبسة

- ‌الحجة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

- ‌الحجة السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ

- ‌الحجة السابعة عشرة: قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

- ‌الحجة الثامنة عشرة: قوله تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ

- ‌الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌الحجة الموفية عشرين: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ

- ‌الحجة الحادية والعشرون: قولُه تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ

- ‌الحجة الثانية والعشرون: قوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

الفصل: ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلة على أن المتأول في الكبيرة التي ليست بكفر يسمى مسلما

المعدوم أولى من حمله على الأكثرِ دونَ الموجود الكثير على هذا الأصلِ؟ لا سيما وليس العموم بصريحٍ فكان يجبُ على السَّيِّد -أيَّده الله- أن يُبطل هذا القول.

‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

بنصِّ النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما يُسَمَّى مُوَحِّداً (1)، ومِن أهل الملة، ومِن أهل القبلة، والمسلم مقبول.

أمَّا المقدمة الأولى -وهو أنَّه يُسمَّى مسلماً وإن كان عاصياً باغياً- فكقولِ النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الحسن: " إنَّ ابني هذا سَيِّدٌ وسيُصْلِح اللهُ به بَيْن طائفتيْنِ عظيمتين من المُسلمين "(2)، وهذا حديثٌ صحيح مشهورٌ متلقىً بالقبول روته الزيديةُ، وعلماءُ الحديث، وكلُّ من تكلَّم في فضائل الحسنِ بنِ علي عليهما السلام غالباً.

وقال الحافظ ابن عبد البر في كتاب " الاستيعاب "(3) في مناقب الحسن عليه السلام: رواه اثنا عشر صحابياً.

(1) في (ج)"موجوداً" وهو خطأ.

(2)

أخرجه أحمد في " المسند " 5/ 37 و44 و47 و49 و51، وفي فضائل الصحابة (1354) و (1400) والبخاري (2704) و (3629) و (3746) و (7109) والترمذي (3773) وأبو داود (4662) والنسائي 3/ 107، وعبد الرزاق 11/ 452، والطبراني 3/ 21 - 24، والببهقي 6/ 165، والطيالسي (874).

ورواه ابن راهويه في " مسنده " عن الحسن مرسلاً كما في " المطالب العالية " 4/ 73 والبزار في " مسنده " عن جابر كما في " المجمع " 9/ 178.

قاله البغوي في " شرح السنة " 14/ 136 - 137: وفي هذا الحديث دليل على أن واحداً من الفريقين لم يخرج بما كان منه في تلك الفتنة من قول أو فعل عن ملة الإسلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم مسلمين مع كون إحدى الطائفتين مصيبة والأخرى مخطئة. وهكذا سبيل كل متأول فيما يتعاطاه من رأي أو مذهب إذا كان له فيما يتأوله شبهة وإن كان مخطئاً في ذلك، وعن هذا اتفقوا على قبول شهادة أهل البغي، ونفوذ قضاء قاضيهم.

(3)

1/ 369، ولفظه: رواه جماعة من الصحابة.

ص: 169

وليس يدخل فيه من عَلِمْنَا بالقرائنِ أنَّه معاندٌ مجترىءٌ غير متأوِّل منهم، ولا مَنْ صحَّ في الحديث أنَّه منافق أو نحو ذلك، لأن حكم الواحدِ المخصوص لا يتعدَّى إلى الجماعة، ولا يلزمُ مِن خروج الخصوصِ بطلان العموم. وفي " صحيح مسلم " عن عمَرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه أن جبريلَ عليه السلام سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال:" شهادةُ أن لا إله إلَاّ الله، وأن محمَّداً رسولُ الله، وإقَام الصَلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وحجُّ البَيْتِ، وصَوْمُ رمضان "(1).

وفي الحديثِ من هذا القبيل ما يطولُ ذكرُه، والمتأولون ممن ليس بكافر قائمون بهذه الأركان، وقد سمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب معاوية مسلمين في حديث الحسن عليه السلام (2)، وهو خاصٌّ لا يُعَارَضُ بالعمومات، وكذلك ثبت بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصحابَ معاوية بُغَاة كما جاء في حديث عمار:" تقْتُلكَ يَا عَمَّارُ الفِئَة البَاغِيَةُ "(3) خرجه

(1) هو في صحيح مسلم برقم (8) وأخرجه الترمذي (2738) وأبو داود (4695) والنسائي 8/ 97، وأحمد 1/ 27 و51 و52 و53، والبغوي (2). وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (5) و (4777) ومسلم (9) و (10) وأبي داود (4608) والنسائي 8/ 101.

(2)

وقد تقدم في الصفحة 169.

(3)

أخرجه من حديث أبي سعيد البخاري (477) و (2812) ومسلم (2915) وأحمد 3/ 5 و91، وابن سعد 3/ 1/180 ومن حديث عمرو بن العاص أخرجه أحمد 4/ 197، وقال الهيثمي في " المجمع " 9/ 297: رواه الطبراني مطولاً ومختصراً، ورجال المختصر رجال الصحيح، غير زياد مولى عمرو، وقد وثقه ابن حبان، ومن حديث أم سلمة أخرجه أحمد 6/ 289 و300 و311 و315 ومسلم (2916).

وعن عمار أخرجه أبو يعلى والطبراني والبزار كما قال الهيثمي في " المجمع " 9/ 259 وانظر طرقه الكثيرة عند ابن سعد في " طبقاته " 3/ 1/180 وفي " مجمع الزوائد " 7/ 242 وما بعدها و9/ 295 - 297، وفي " نظم المتناثر في الحديث المتواتر " ص 126 حيث ذكره عن واحد وثلاثين صحابياً، وانظر " فتح الباري " 1/ 543.

ص: 170

أهل الصحاح والسنن والمسانيد والتواريخ وجميع أهل البيت وأهل الحديث والشيعة، وحكم علماء الحديث بتواتره، منهم الذهبي ذكره في " النبلاء "(1) في ترجمة عمار رضي الله عنه، وهو مذهبُ أئمة الفقهاء، ومذهبُ أهلِ الحديث كما نقله عنهم العلامة القُرطبي في أواخر كتابه " التذكرة في التعريف بأحوالِ الآخرة "(2) كما سيأتي بيان ذلك مبسوطاًً في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله. فلا يخلو، إما أن يُثبت أن أصحابه يسَمَّوْنَ فسقةً في ذلك الزمان بنصٍ صحيح مثل ما ثبت أنهم يُسمَّوْنَ مسلمينَ وبغاةً، أو لا، إن لم يثبت ذلك لم تَنَاوَلْهمُ الآية الكريمة، وإن ثبت ذلك، فقد تناولهم اسمُ الفسق الذي يرد أهله، واسم الإسلام الذي يقبل أهله، فتعارضَ دليلُ قبولهم، ودليلُ ردِّهم، ولم يكونوا كالذين يُسمَّوْنَ فساقاً فقط، ولا يُسمون مسلمين ألبتة. فلا تدُلُّ الآيةُ الكريمة على مقصودِ السَّيِّد حتى يرتفِعَ هذا الاحتمالُ، فإنَّه إما راجحٌ، أو مساوٍ، أو مرجوحٌ محتمل، يوضِّحُ ذلك إن التفسيرَ للآية بذلك هو المشهور في كتب أهل البيت عليهم السلام كما ذكره صاحب (3)" شفاء الأوام " وادَّعى الإجماع عليه، فإنه قال في كتاب الوصايا من " شفاء الأوام " ما لفظه: وقولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة} [الحجرات: 6] تدل على المنع من الإيصاء إلى الفاسق، وقولنا: إن الوصية لا تجوزُ إلى الفاسق نريدُ الفاسق المجاهر، فأما الفاسقُ

(1) 1/ 421 ونص كلامه فيه: وفي الباب عن عدة من الصحابة، فهو متواتر.

(2)

ص 546.

(3)

هو الحسين بن محمد بن أحمد بن يحيى بن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، المتوفى سنة 662 هـ، مترجم في " تاريخ اليمن " للواسعي 32، وانظر" الأعلام " 2/ 255 - 256 ومن كتابه هذا عدة نسخ في المكتبة الغربية بالجامع الكبير بصنعاء انظر " الفهرس " ص 85 - 89.

ص: 171

مِن جهة التأويل، فلسنا نُبْطِلُ كفاءته في النكاح كما تقدَّم، ونقبلُ خبره الذي نجعلُهُ أصلاً في الأحكام الشرعية لإِجماع الصحابة رضي الله عنهم على قبول أخبارِ البُغاة على أمير المؤمنين عليه السلام، وإجماعُهم حجة. انتهي كلامُه عليه السلام.

فإن قلتَ: الدليلُ على أنهم لا يُسَمَّوْنَ مسلمين إجماع أهل البيت عليهم السلام.

فالجوابُ أنَّ أهلَ البيت عليهم السلام لم يتكلموا في هذه المسألة، وإنما أجمعوا في صورتين لم نُخالفهم في واحدة منهما (1):

إحداهُما: أجمعوا أن حُكْمَ الفاسق في الآخرة غيرُ حكمِ المسلمين القائمين بالواجبات، المجتنبين للمحرمات، ونحن لا نُخالفهم في هذه الصورة (2).

الصورةُ الثانية: أجمعوا أنَّه لا يُسمى مؤمناً ولا مسلماً ولا كافراً في هذه الأعصار الأخيرة، لأنها قد صارت هذه الأسماء في هذا العرف الأخير تُفيد معانيَ مختلفةً يترتَّبُ عليها أحكام شرعية، وللعرف تأثير في تحريم إطلاقِ الألفاظ، ألا ترى أنَّه قد ورَد في الحديث تسميةُ كثير من المعاصي بالكفر (3)، ولا يجوز أن يُسَمَّى فاعِلُها اليوم كافراً. وتلخيصُ هذا الوجه أن

(1) في (ج) و (ش): منها.

(2)

سقطت من (ب) و (ش).

(3)

من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " وقوله: " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " وقوله: " إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما " وقوله: " بين الرجل والكفر ترك الصلاة " وقوله: "من حلف بغير الله فقد كفر" وقوله: " من أتى كاهناً فصدقه، أو أتى امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد " وقوله: " اثنتان في الناس هما بهما كفر: الطعن في الأنساب والنياحة على الميت " وهي صحيحة مخرجة في تعليقنا على شرح الطحاوية ص 295 - 296.

ص: 172

المسلم والمؤمن لم يكن معلوماً أنَّه يفهم من إطلاق أهل العلم لهما في ذلك الزمان، أنهما يُفيدان عدمَ فسق التأويل، ولا ثبوتَه، وأما اليومَ، فقد صار العارفُ لا يُطْلِقُ هذه اللفظة على فاسقِ التأويل، فلو قال العارف اليوم في فاسق التأويل: إنَّه مسلم كان تزكيةً له من فسق التأويل، ولو قال ذلك قائلٌ في الصدر الأول، جاز أن لا يكون تزكيةً من فِسْقِ التأويل.

ويدُلُّ على هذه التفرقة بين الأزمان في جواز إطلاق الأسماء وعدمه أن أهل البيت عليهم السلام لا يُجيزون أن يُسمَّى الكافِرُ فاسقاً في الزمان الأخير، لأن تسميته بذلك تُفيد أنَّه ليس بكافر وقد ثبت بالنصوص المتقدمة أنه كان يُسمى فاسقاً في الزمان الأول، وهذا دليل واضح.

فإن قلت: كيف يجوز أن يُسمى مسلماً في ذلك الزمان وهو اسمُ مدح، والفاسقُ لا يستحق المدحَ؟

قلتُ: كما يجوزُ أن يسمى مُوحِّداً ومصلياً وحاجّاً، وذلك لأن هذه أسماء فاعلين، وكُل من فعل فعلاً حسناً أو قبيحاً، اشتق له منه اسم، وإذا فعَل الفاسِقُ ما يستحِق أن يُمدح به، مُدِحَ بما فعل، كما يُوصَفُ حاتِم بالكرم، وعنترةُ بالشجاعة ولا مانع من هذا، وإنما يمتنع مدحُه على فسقه أو مدحُه على الإطلاق، فإن قدرنا إنَّه منع من هذا مانعٌ، لم يمنع من مجرد التسمية، فقد تصِحُّ التسميةُ من غير مدح، ويكون الوجه أن المدح لا يستحق إلا مع عدم الإِحباط، وأما مع الإحباط، فلا يكون مدحاً ولكن ليس بلازم إذا حَبط الثواب أن يَبْطُلَ اشتقاق اسم الفاعل، ودليلُه تسميةُ الفاسق موحِّداً، وأما المقدمة الثانية -وهو أن المسلم مقبول- فسوف يأتي الدليلُ عليها في الفصل الثاني، إن شاء الله تعالى.

ص: 173