المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرابع: سلمنا أن هذا لحن لا وجه له، فإن كثيرا ممن يعرف العربية قد يتعمد اللحن - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌أقولُ: هذه الحجةُ الثانيةُ من حُججِ السَّيِّد في هذه المسألةِ، والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّ المنقولَ في كتبِ الشافعيةِ نقيضُ ما ذكرتَه

- ‌النظرُ الأوَّلُ: مِن قَبِيلِ المعارضاتِ وهو أن نقولَ: إيرادُ مثلِ هذا الكلامِ مُمْكِنٌ في المجتهد والمقلد

- ‌النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة

- ‌النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلَاّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل

- ‌النظرُ الثَّامِنُ: أن نقولَ: المجتهدُ: هو المتمكِّنُ مِن معرفة الأحكام الشرعية

- ‌النظرُ التاسِعُ: أن الاجتهادَ وشرائِطَه مِن قواعدِ الإسلامِ

- ‌البحث الثاني: هذا تجريحٌ مِن السَّيِّدِ للغزالي، والتجريحُ له شرائطُ معروفة

- ‌البحث الرابع: احتج السَّيِّدُ على أن الغزالي يُعَسِّرُ الاجتهادَ

- ‌المرتبة الأولى: المنازعة في قِلَّة المجتهدين، ولنا فيها طرق:

- ‌الطريق الأولى: مِنْ أينَ للسَّيِّدِ ثبوتُ هذه الروايةِ عن الغزالي

- ‌الطريقُ الثانية: سلمنا صِحَّتَها عنه، فكيف استندَ السَّيِّدُ إلى تصديقِه في كلامه

- ‌الطريقُ الخامسة: أنا نُعارِضُ كلامَ الغزالي بما رواه مَنْ هُوَ أَرْجَحُ

- ‌الطريق السابعة: أن اجتهادَ أولئك الذينَ ذكرهم السَّيِّدُ يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد

- ‌وثانيهما: أنا نبَيِّنُ أن افتراقَنا في معرفة العربية ليس يقتضي تعسيرَ الاجتهاد على الإِطلاق لوجهين:

- ‌أحدُهما: أن أكثر آيات الأحكام، وأحاديثه لا تحتاج إلى قراءة العربية في فهم معناها، والدليل على ذلك حُجتانِ:

- ‌الحجة الثانية: على أنَّه لا يقتضي الافتراقُ في العربية تعسيرَ الاجتهاد

- ‌أقول: الجوابُ على ما ذكره من تجهيل هذا الصاحب الجليل من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أن الظاهرَ خلاف ما ذكر

- ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

- ‌الجوابُ عما نسب إلى أبي هريرة وأمثاله من أفاضل السلف المتواتر فضلُهم، وعلو مراتبهم مِن وجوه

- ‌الوجه الثاني: أنَّهُ قد تواتر عن أبي هُريرة أنَّه كان أرفعَ حالاً من هذه المنزله

- ‌الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة

- ‌الوجه الثاني: أنَّه قد ثبت في هذا الحديثِ من الاختلاف والاضطراب شيءٌ كثيرٌ

- ‌الوجه الثالث: أن أبا هريرة إِنما روى الحديثَ الذي احتجَّ بهِ

- ‌وثانيها: أن يكونَ أخذ الولاية على ذلك

- ‌وثالثُها: أنَّ مجرد الولاية إما أن تكون ظنيةً أو قطعية

- ‌المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقدٌ على اجتهادهما

- ‌الأول: إن هذا يحتاجُ إلى طريق صحيحة

- ‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

- ‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

- ‌المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر

- ‌أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد

- ‌الثالث: إن السيدَ ذكر في كتابه أنهما غيرُ محققين، ولا مُوَفَّقَيْنِ بهذا اللفظ، ثم احتج على تعسُّرِ الاجتهاد بجهلهما

- ‌المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي

- ‌الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة

- ‌الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه

- ‌الإشكال السابع: أنك قد حَكَيْتَ عن قاضي القضاة أنَّه يقبلُ فُسَّاقَ التأويل

- ‌الإشكال الثامن: أنك ساويتَ بين المتعمِّدِ للمعصية والمتأوِّلِ

- ‌الإشكالُ التاسع: أن السَّيد قد منعَ من الرواية عن العلماء إلا بعدَ تحصيلِ إسنادٍ صحيحٍ

- ‌الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها

- ‌الإشكال الثاني: أن السيد روى هذا الإجماعَ

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامِهِ هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ ابنَ الحاجب

- ‌الإشكال الثالث: أن السيد قد أقر -فيما تقدم- أن ابن الحاجب لم يرو الإجماعَ على ردِّ كفار التأويل

- ‌الإشكال الثاني. أن السَّيِّد توهم أن راوي الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ

- ‌الإشكال الرابع: أنَّه رَجَّح بمخالفة الأصل، والترجيحُ بها مختلف فيه

- ‌أقول: في كلامِه هذا إِشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّ السيدَ قال: فهو مروي مِن أئمتنا عن المؤيَّد

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ

- ‌الإِشكالُ الرابع: سلمنا أن تخريجَ القبول مساوٍ لتخريج الرَّدِّ غيرُ راجح عليه، فالقبولُ أولى

- ‌أقول: في كلامه هذا إشكالات:

- ‌تنبيه: غيرُ خافٍ على أهل النظر أن أهلَ العلوم العقلية

- ‌الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن

- ‌الطريق الأولى: أنَّه قد ورد في السمع ما يَدُلُّ على أن الفاسق كان في ذلك الزمان يُطلق على الكافر

- ‌الإشكالُ الثاني: أنا نقول: قد ورد في اللغة ما يَدُلُّ على أن الفسق تعمدُ المعصية، وأن الفاسقَ المُتَعَمِّدُ

- ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

- ‌الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر

- ‌الإشكال السادس: أن الاستدلالَ بهذه الآية الكريمة من قبيل مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال السابع: أن الآية الكريمة نزلت في حقوق المخلوقين

- ‌الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر

- ‌الإشكالُ السادسَ عشر: أنَّ لهذه الآية معارضاتٍ كثيرة

- ‌الإشكال السابع عشر: أن لهذه الآيةِ مخصصاً

- ‌الأول: أجمع العقلاءُ من أهل الإِسلام وغيرِهِم على أن الإنسانَ يرجِعُ إلى تصديق عدوِّه وقبولِ كلامه

- ‌الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى

- ‌الخامس: أنَّ شهادة بعضهم على بعض مقبولةٌ

- ‌الإشكال الثاني: أن الاحتجاجَ بهذه الآية لا يَصِحُّ

- ‌الإشكال الثالث: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال السادس: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال السابع: أن الآيةَ مِن قبيل العموم

- ‌الإشكال الثامن: أن في العلماء من قال: العمومُ مشترك

- ‌الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع

- ‌الإِشكال الثاني عشر: أن المتأوِّل يُسَمَّى مسلماً بالنص

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن المتأوِّل يسَمَّى مؤمناً

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن السيدَ استدل على أن قبولَ قولهم ركونٌ إليهم

- ‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

- ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

- ‌الإِشكال التاسع عشر: أن لِهذه الآيةِ معارضاً يَدُلُّ على قبولِ المتأولين

- ‌الإِشكال الموفي عشرين: أن السَّيِّد قاس قبولَ تحريم المتأوِّلين فيما بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمِ قبول ثقيف في تبديل شريعةِ رسول الله

- ‌الإشكالُ الحادي والعشرون: أنَّه يَلْزَمُ من الاحتجاج بهذه الآية تفسيقُ مَنْ قَبِلَ المتأوِّلين

- ‌أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد بهذه الآية إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أنَّه ترك بيان وجه الاستدلال

- ‌الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ

- ‌الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق

- ‌الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين

- ‌الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر

- ‌الإِشكال التاسع: أن هارون عليه السلام نبيٌّ مرسل

- ‌الإشكال العاشر: أن الآية إما أن تَرِد على المعنى الذي ذكرنا مِن العُرف السَّابِق إلى الأفهام

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ

- ‌الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن المتأوَّلين من هذه الأمة ما كانوا موجودين في زمان هارون عليه السلام

- ‌الإِشكال السابع عشر: أنهم كانوا يُسَمَّوْنَ مسلمين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه كان يلزمُه إبطالُ القول بأن العمومَ مشترك

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أن لهذه الآية مخصصاتٍ

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: أن هذا العمومَ مخصوصٌ

- ‌أقول: أطلق السَّيِّد هذه الآيةَ، ولم يُبين وجهَ الاحتجاج بها

- ‌الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب

- ‌الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى

- ‌الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة

- ‌الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم

- ‌الإِشكال الثامن: كان يجب على السَّيِّدِ بيانُ أن الأمرَ للوجوب

- ‌الإِشكال التاسع: أن المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان

- ‌الإشكال العاشر والحادي عشر: أنهم كاْنوا يسمَّون مسلمين ومؤمنين

- ‌الإشكال الثالث عشر: أنَّه قد حرَّجَ في تفسير القرآن العظيم ثم فسَّرَ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن العلماء اختلفوا في عموم المنطوق:

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّا بَينَّا أن في قبول المتأولين دفع مضار العقاب

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أن الآية دليلٌ على وجوب قبول المتأوِّلين

- ‌الإشكال الحادي والعشرون: أن هذه الحجة لا تَصحُّ إلا بعدَ عدم المعارض

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: هو الإشكالُ الثاني في الآية التي قبل هذه الآية

- ‌أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث

- ‌الإشكالُ الثالث: سلَّمنا أن الحديثَ صحيح، لكنه آحادي ظني

- ‌الإشكال الرابع: أن السَّيِّد قد عَظَّمَ القولَ في تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الخامس: أن في هذا الحديث عموماً

- ‌الإِشكال السادس: أن ذلك المخصصَ موجود

- ‌الإشكال الثامن: أن ذلك المعارض موجودٌ

- ‌الإشكال التاسع: يحتمل أن يكونَ منسوخاً

- ‌الإشكال العاشر: أن هذا الحديثَ مِن العمومات الواردة في العمليات

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاحتجاجَ بالعُموم يحتاج إلى الاجتهاد

- ‌الإشكال الثاني عشر: أنَّه يحتمل أن هذا العمومَ ورد على سبب

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر

- ‌الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك

- ‌أقولُ: في الاحتجاج بهذا الحديث من الإشكالات الثلاثة عشر الذي في الحديثين الأول والثاني، ويختص بإشكالين بعدَها أولُهما

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد

- ‌أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات

- ‌أقول: لما فَرَغَ السَّيِّد من الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، عطف عليه الاستدلالَ بالقياس، وَيردُ على ذلك إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أن القياسَ لا يَصِحُّ الاستدلالُ به في المسائل القطعية

- ‌الإِشكال الثاني: أن الإجماعَ موجودٌ على خلافِ هذا القياسِ

- ‌الإِشكال الثالث: لا يَصِحُّ الاستدلالُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإِشكال الرابع: إذا سلَّمنا صحةَ القياس، فلا يصح الاحتجاجُ به في مسألتنا هذه

- ‌الإِشكال الخامس: أن المخصص لتلك العلة موجودٌ

- ‌الإِشكال السادس: أنَّه لا يصح الاجتهادُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإشكال السابع: أن المعلوم أن هذا القياسَ بعينه قياسٌ ظني

- ‌الإشكال الثامن: أن شرط الاحتجاج بالقياس عدمُ النصوص

- ‌الإشكال التاسع: أن الاحتجاجَ بالقياس من خواصِّ المجتهدين

- ‌الإشكال العاشر: احتج السيدُ على أن المنصب هو العلة، لعدم استحقاق المتأوِّلين له

- ‌الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا

- ‌الحجة الثامنة: ورد الشرعُ بشاهدٍ ويمينٍ

- ‌المسألة الثانية: أن يكونَ أحدُ الراويين مثبتاً، والآخرُ نافياً

- ‌المسألة الرابعة: أن يكونَ أحدُ الراويين لا يستجيز الروايةَ بالمعنى

- ‌المسألة الخامسة: أن يكون أحدُ الراويين أكثرَ ذكاءً وفِطنة

- ‌المسألة السادسة: قال العلماءُ: لا يَصِحُّ أن يشهد الشاهدُ لنفسه

- ‌المسألة السابعة: شهادةُ الوالد لأولاده وأحفادِه وشهادة الأولاد لآبائهم وأجدادهم

- ‌المسألة الثامنة: شهادةُ الصَّديق لصديقه

- ‌المسألة التاسعة: شهادةُ العدو على عدوِّه

- ‌المسألة العاشرة: شهادةُ أحدِ الزوجين للآخر

- ‌المسألة الثانية عشرة: تهمةُ الحاكم في إقراره بالحكم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حُكْمُ الحاكم لأولاده وأحفاده، وعلى أعدائه

- ‌المسألة الرابعة عشرة: طولُ العهد بالتعديل والتزكية

- ‌المسألة السادسة عشرة: لو شهد لعدوه على أبيه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته

- ‌المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق

- ‌المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية

- ‌الوجه الأول: أن قولَ السَّيِّد إنَّهم لا يرتدِعُونَ

- ‌الوجه الثاني: اعْلَمْ أن الحاملَ على المحافظة على الخيرات

- ‌الوجه السادس: أن اعتقادَهم لو كان حاملاً لهم على الكذب، لحملَهم على ترك الصلاة

- ‌الوجه الثامن: أن الملائكةَ والأنبياء قد أَمِنُوا مِن الموت على الكفر

- ‌الوجه الحادي عشر: أن الإرجاء ليس بكفرٍ ولا فسقٍ

- ‌الوجه الأول: أن السيدَ منازع في كون هذا مذهبهم

- ‌الوجه الثالث: أنهم لو ذهبوا

- ‌أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

- ‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

- ‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

- ‌الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة

- ‌الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية

- ‌الإشكال الثامن: قد بَيَّنَّا أن جماعةً ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على خلاف قولِ السيدِ

- ‌الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن الأمة أجمعت على عدم التأثيم لمن خالف العموم

- ‌الإشكال الرابع عشر: استدل بهذه الأدلة، وكلها ظني

- ‌الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين

- ‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

- ‌الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله

- ‌الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد

- ‌الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام

- ‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

- ‌الفائدة الثانية: في ذكر ما اعترض به على الإجماع

- ‌الفائدة الثالثة: في الإِشارةِ إلى شهرةِ الخلاف في هذه المسألة

- ‌الحجة الثانية: إجماعُ العِترة

- ‌الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة

- ‌الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة

- ‌الحجة التاسعة: أنَّه يحصل بخبرهم الظنُّ لثبوت النص الشرعي

- ‌الحجة الثانية عشرة: أنَّه ينتفي الإجمالُ في الاشتراك

- ‌الحجة الرابعة عشرة: أنَّه قد ثبت أنَّه مَنْ أكثرَ من ارتكاب المعاصي الملتبسة

- ‌الحجة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

- ‌الحجة السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ

- ‌الحجة السابعة عشرة: قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

- ‌الحجة الثامنة عشرة: قوله تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ

- ‌الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌الحجة الموفية عشرين: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ

- ‌الحجة الحادية والعشرون: قولُه تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ

- ‌الحجة الثانية والعشرون: قوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

الفصل: ‌الرابع: سلمنا أن هذا لحن لا وجه له، فإن كثيرا ممن يعرف العربية قد يتعمد اللحن

‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

، لأنه ليس بلحنٍ، بل هو لغةٌ صحيحة حكاها الفَرّاء عن بعض العرب، وأنشد:

إنَّ أبَاهَا وأبا أبَاهَا

قَدْ بلغا في المَجْدِ غَايَتَاهَا (1)

‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

، وقد يتكلم العربي بالعجمية، ولا يقدح هذا في عربيته، وهذا مشهور.

وأما قدحُه عليه بالرواية عن المُضَعَّفِينَ، وقوله: إن ذلك ليس إلَاّ لقلة معرفته بالحديث، فهو وهمٌ فاحِشٌ، ولا يتكلم بهذا منصفٌ، والجوابُ عن ذلك يتبيَّن بذكرِ محامل:

المحمل الأول: أنَّه قد عُلِمَ من مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يقبل المجهولَ (2)، وإلى ذلك ذهب كثيرٌ من العلماء كما قدمناه، ولا شكُّ

(1) نسبه العيني في " الشواهد الكبرى " 1/ 133، والسيوطي في " شرح شواهد المغني " 1/ 128 إلى أبي النجم نقلاً عن الجوهري، وليس يوجد في " صحاحه " ويقال: هو لرؤبة بن العجاج، وليس في ديوانه، وهو غيرُ منسوب في " شرح المفصل " 1/ 53، و" المغني " 1/ 38، و" خزانة الأدب " 3/ 337، و" أوضح المسالك " 1/ 33، وابن عقيل 1/ 51. وإجراء الأسماء الستة مجرى الاسم المقصور في تقدير الحركات الثلاث هو لغة بني الحارث، وفي " صحيح البخاري " (3963) من حديث أنس، قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من ينظر ما فعل أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، فأخذ بلحيته، فقال: أنت أبا جهل؟ قال الحافظ في " الفتح " 7/ 295: كذا للأكثر، وللمستملي وحده " أنت أبو جهل " والأول هو المعتمد في حديث أنس هذا، فقد صرح إسماعيل بن علية، عن سليمان التيمي بأنه هكذا نطق بها أنس .... وقد وجهت الرواية المذكورة بالحمل على لغة من يثبت الألف في الأسماء الستة في كل حالة.

(2)

أي مجهول الحال من العدالة والفسق، قال العارفون بأصول فقه أبي حنيفة: هذا القول في غير رواية الظاهر، وإن ظاهر المذهب عدم قبول روايته كمذهب الجمهور.

انظر " فواتح الرحموت " 2/ 146 - 147، و" سلم الوصول " 3/ 138 - 139.

ص: 88

أنَّهم إنما يقبلونه حيثُ لا يُعارِضُه حديث الثقةِ المعلومِ العدالة، ولكنهم يَرَوْن قبولَ حديثه، حيث لا يُوجَدُ له معارِضٌ أقوى منه، ولا شَكَّ أن الغالبَ على أهل الإسلام في ذلك الزمان العدالة، ويشهد لذلك الحديثُ الثابتُ المشهور " خَيْرُكُمُ القَرْن الَّذي أَنَا فِيهم، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُونهُمْ، ثُمَّ الَّذِيْنَ يلُونهُم، ثُمَّ يَفْشُو الكذبُ مِنْ بَعْدُ "(1) وقد تقدم. وقد كان علي عليه السلام يستحلِف بعضُ الرُّواةِ، فإذا حَلَفَ له، قبلَهُ (2). وهذا إنما يكونُ في حديثٍ منْ فيهِ لينٌ، ولهذا لم يسْتَحْلِفِ المِقْدَادَ لمَّا أخبره بحُكْمِ المَذْي (3)، وقد روى الحافظُ ابنُ كثير في جزء جمعه في أحاديث السباق عن أحمد بن حَنْبل إنَّه كان يقول بالعمل بالحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب أصحُّ منه (4)، وذلك على سبيل الاحتياط، لا على سبيلِ

(1) تقدم تخربجه في الجزء الأول ص 183 - 183 و377.

(2)

تقدم تخريجه أيضاً في الجزء الأول صفحة 284.

(3)

أخرجه البخاري (132) و (178) و (269)، ومسلم (303) عن علي، قال: كنت رجلاً مذُاء، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله، فقال: فيه الوضوء. وفي رواية: فقال: " توضأ واغسل ذكرك " وانظر تمام تخريجه في " صحيح ابن حبان "(1109) بتحقيقنا.

(4)

في مُسَوَّدة آل تيمية ص 273: فصل: ذكر القاضي كلام أحمد في الحديث الضعيف والأخذ به، ونقل الأثرم " قال: رأيت أبا عبد الله إن كان الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في إسناده شيء يأخذ به إذا لم يجيء خلافه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالمرسل إذا لم يجيء خلافه، وتكلم عليه ابن عقيل. وقال النوفلي: سمعت أحمد يقول: إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يرفع حكماً، فلا نصعب.

قال القاضي: قد أطلق أحمد القول بالأخذ بالحديث الضعيف، فقال مهنا: قال أحمد: الناس كلهم أكفاء إلا الحائك والحجام والكسّاح، فقيل له: تأخذ بحديث " كل الناس أكفاء إلا حائكاً أو حجاماً. وأنت تضعفه؟! فقال: إنما نضعف إسناده، ولكن العمل عليه، وكذلك قال في رواية ابن مُشيش وقد سأله عمن تحل له الصدقة، وإلى أي شيء تذهب في هذا؟ فقال: إلى حديث حكيم بن جبير، فقلت: وحكيم بن جبير ثبت عندك [في الحديث]؟ قال: ليس هو عندي ثبتاً في الحديث، وكذلك قال مهنا: سألت أحمد عن حديث معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة، قال: ليس بصحيح، والعمل عليه، كان عبد الرزاق، يقول: معمر، عن الزهري مرسلاً، قال =

ص: 89

الإيجاب، ولا على سبيلِ الجهل بضعفِ الحديث.

قال الحافظ أبو عبد الله بن مَنْدة: إن أبا داود يُخْرِج الإِسناد الضعيفَ إذا لم يَجِدْ في الباب غيره، لأنَّه عنده أقوى مِن رأي الرجال. انتهى.

وفي هذا شهادةٌ واضحة أن روايةَ الحديثِ الضعيف لَيْسَتْ مِن قبيل الجهلِ بضعفِ الحديث (1). فأحمدُ، وأبو داود من جِلَّة علماء الأثر بلا مدافعةٍ (2)، وهذا الحديثُ الضعيفُ الذي ذكروه ليسَ حديثَ الكذابين،

= القاضي: معنى قول أحممد: " هو ضعيف " على طريقة أصحاب الحديث، لأنهم يضعفون بما لا يوجب التضعيف عند الفقهاء كالإرسال والتدليس والتفرد بزيادة في حديث لم يروها الجماعة، وهذا موجود في كتبهم: تفرد به فلان وحده، فقوله:" هو ضعيف " على هذا الوجه، وقوله:" والعمل عليه " معناه على طريقة الفقهاء، قال: وقد ذكر أحمد جماعة ممن يروي عنه مع ضعفه، فقال في رواية إسحاق بن إبراهيم: قد يحتاج أن يحدث الرجل عن الضعيف مثل عمرو بن مرزوق، وعمرو بن حكام، ومحمد بن معاوية [وعلي] بن الجعد، وإسحاق بن أبي [إسرائيل] ولا يعجبني أن يحدث عن بعضهم، وقال في رواية ابن القاسم في ابن لهيعة: ما كان حديثه بذاك، وما أكتب حديثه إلا للاعتبار والاستدلال، أنا قد أكتب حديث الرجل كأني استدل به مع حديث غيره يشُدُّه، لا أنَّه حجة إذا انفرد، وقال في رواية المروزي: كنت لا أكتب حديثه -يعني جابراً الجعفي- ثم كتبته أعتبر به، وقال له مهنا: لم تكتب عن أبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف؟ قال: أعرفه، قال القاضي: والوجه في الرواية عن الضعيف أن فيه فائدة وهو أن يكون الحديث قد روي من طريق صحيح فتكون رواية الضعيف ترجيحاً، أو ينفرد الضعيف بالرواية فيعلم ضعفه، لأنَّه لم يُرْوَ إلا من طريقه فلا يقبل.

قال شيخنا: قلت: قوله: " كأني أستدل به مع حديث غيره لا أنَّه حجة إذا انفرد " يفيد شيئين أحدهما: أنَّه جزء حجة، لا حجة، فإذا انضم إليه الحديث الآخر صار حجة وإن لم يكن واحدٌ منهما حجة فضعيفان قد يقومان مقام قوي. الثاني أنَّه لا يحتج بمثل هذا منفرداً، وهذا يقتضي أنَّه لا يحتج بالضعيف المنفرد، فإما أن يريد به نفي الاحتجاج مطلقاًً، أو إذا لم يوجد أثبت منه، وكلام القاضي وهو أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 458 هـ منقول بنصه مع تغيير طفيف من كتابه " العدة في أصول الفقه " 3/ 938 - 944 بتحقيق الأستاذ الفاضل د. أحمد بن علي سير المباركي.

(1)

في (ب) الجهل بالحديث.

(2)

انظر " إعلام الموقعين " 1/ 31.

ص: 90

ولا حديثَ أهلِ الكبائر، فذلك لا يستحقُّ اسمَ الضَّعْف (1)، إنما يُقال فيه: إنَّه باطل أو موضوع أو نحو (2) ذلك، وإنما الضعيفُ ما في حِفظ راويه شيء مما ينجبرُ بالشَّواهد والمتابعات على ما هو مقرَّرٌ في علوم الحديثِ، وعامةُ التضعيف إنما يكون بقلَّةِ الحفظ، وكثرة الوهم وللمحدِّثين في ذلِكَ تشديد كثير لا يُوَافقُونَ عليه، فإن المعتبرَ عند الأصوليين أن يكون وَهْمُ الراوي أكثر من إصابته على قولٍ، واختاره المنصورُ بالله عليه السلام، وعبدُ اللهِ بن زيد رحمه الله، أو يكون مساوياً على قول الأكثرين، وأما إذا كان وهمه أقل، فإنه يجب قبولُه عند الأصوليين، وليس كذلك مذهبُ المحدثين، فإنهم يَقْدَحُون بالوهم في قدر عشرين حديثاً مع الإصابة في مئتي حديث أو أكثر، بل منهم من يغلُو ويُشدِّدُ، فيقدح في مَنْ وَهِمَ في قدر العشرة الأحاديث مع الإصابة في ألوفٍ من الأحاديث، ولقد أخطأ بعضُ الثقات في حديث واحدٍ، فقال له شعبة: إنْ سمعْتُكَ تروي مثل هذا مرةً ثانية، تركتُ حديثك ونحو ذلك، فهذا هو أكثَرُ الحديثِ الضعيفِ، وهذا وأمثالُه مِنْ أسباب التضعيفِ لا يَقْدَحُ عند الأصوليين، والمسألة مبيَّنَةٌ في كتب علوم الحديث. فعلى هذا الوجه تكون روايةُ أبي حنيفة عن الضعفاء مذهباً واختياراً، لا جهلاً وجِزافاً.

المحمل الثاني: أن يكون ضعفُ أولئك الرُّواة الذين يروي عنهم مختلَفاً فيه، وهو يعلم وجه التضعيفِ، وحجةَ المضعِّف، ويكونُ مذهبُه أن ذلك لا يقتضي الضعفَ، وقد جرى ذلك لِغيره من العُلماء والحفاظ، فهذان قُطبا علوم الزيدية الهادي، والقاسم عليهما السلام يرويانِ عن

(1) في (ب): الضعيف.

(2)

في (ج) ونحو.

ص: 91

إسماعيل بن أبي أُوَيْس (1) وهو مختلَفٌ فيه، وذلك محمولٌ على أنهما اختارا ما اختاره الجماهيرُ من توثيقه، وكذلك الشافعيُّ يروي عن إبراهيم ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي وُيوثقه، وقد خالفه الأكثرون في ذلك، وقال ابنُ عَبْدِ البر في " تمهيده ": أجمعوا على تجريح ابن أبي يحيى (2).

قلت: أما الإجماعُ على تجريحه، فلا، فقد وافق الشافعيُّ على توثيقه أربعةٌ من الحفاظ، وهم ابنُ جُريجٍ، وحمدانُ بن محمد الأصبَهاني، وابنُ عدي، وابنُ عقدة الحافظ الكبير، ولكن تضعيفَه قولُ الجماهير بلا مِرية (3).

وكذلك روى الشافعيُّ عن أبي خالد الزَّنْجي (4) المكي، وهو

(1) هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله بن أبي أويس المدني حليف بني تميم بن مرة وهو أخو أبي بكر عبد الحميد بن أبي أويس، وابن أخت مالك بن أنس الإمام.

قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 391: احتج به الشيخان إلا أنهما لم يكثرا من تخريج أحاديثه، ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين، وأما مسلم، فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري، وروى له الباقون سوى النسائي، فإنه أطلق القول بضعفه، وروى عن سلمة بن شبيب ما يوجب طرح روايته، واختلف فيه قول ابن معين، فقال مرة: لا بأس به، وقال مرة: ضعيف، وقال مرة: كان يسرق الحديث هو وأبوه، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وكان مغفلاً، وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به، وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح.

قلت: (القائل الحافظ ابن حجر): وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به ويعرض عما سواه. وهو مشعر بأن ما أخرج البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنَّه كتب من أصوله، وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلا إن شاركه فيه غيره فيعتبر به.

وانظر " تهذيب الكمال " للمزي 3/ 124 - 129 نشر مؤسسة الرسالة.

(2)

وقال الحافظ في " التقريب ": متروك.

(3)

انظر " تهذيب الكمال " 2/ 184 - 191.

(4)

هو مسلم بن خالد المخزومي مولاهم المكي، قال ابن حجر: فقيه صدوق كثير =

ص: 92

مختلَف في توثيقه، وكذلك أحمدُ بن حَنْبل يروي عن عامر بن صالح بن عبد الله بن عُروة بن الزُّبيرِ بن العَوَّام (1)، وانفرد بتوثيقه حتى قال أبو داود: سمعتُ يحيى بن معين يقول: جُنَّ أحمدُ، يُحدِّث عن عامرِ بنِ صالح! وقال الذهبي: لعل أحمدَ ما روى عن أوهى منه، وإنما روى عنه أحمدُ، لأنه لم يكن عنده يكْذِبُ، وكان عالماً بالفقه والعلم والحديث والنسب وأيامِ العرب، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأساً.

وكذلك أهلُ الصَّحاح يروون عمن هو مختلَفٌ فيه، وهذا شيء مشهور، وقد ذكر أهلُ العلم أولئك الضعفاءَ المختلَفَ فيهم، واستقصَوْا الكلامَ فيهم، واستوعبوا حُجَجَ الفريقينِ بما إذا نظر فيه الطالبُ، لاح له وجهُ الصواب، وتمكَّن من الترجيح والاختيار (2).

المحمل الثالث. أن يكونَ إنما روى عن أولئك، وذكر حديثَهم على سبيلِ المتابعة والاستشهاد، وقد اعتمد على غيرِ حديثهم من عمومٍ أو حديثٍ أو قياسٍ أو استدلالٍ، أو عملٍ بالإباحة الأصلية مثل ما صنع الهادي والقاسم عليهما السلام في الاحتجاج بحديث ابن أبي ضميرة (3)،

= الأوهام من الثامنة مات سنة (179) أو بعدها.

(1)

القرشي الأسدي الزبيري أبو الحارث المدني. قال الحافظ في " التقريب ": متروك الحديث، أفرط فيه ابن معين فكذبه، وكان عالماً بالأخبار من الثالثة، لم يرو له من أصحاب الكتب الستة غير الترمذي.

(2)

ينظر في هذا مقدمة " فتح الباري " ورسالة الإمام الذهبي " من تكلم فيه وهو موثق ".

(3)

في (أ) و (ج): ضمرة وهو تحريف، وقد ترجمه الإمام الذهبي في " الميزان " 1/ 538، فقال: الحسين بن عبد الله بن ضميرة بن أبي ضميرة سعيد الحميري المدني، روى عن أبيه، وعنه زيد بن الحباب وغيره. كذبه مالك، وقال أبو حاتم: متروك الحديث كذاب، وقال أحمد: لا يساوي شيئاً، وقال ابن معين: ليس بثقة ولا مأمون، وقال البخاري: منكر الحديث ضعيف، وقال أبو زرعة: ليس بشيء. اضرب على حديثه. =

ص: 93

وأبي هارون العبدي (1). وأهلُ الرواية مجمعون على تجريحهما.

وكذلك مالك، فإنه روى عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري، قال ابنُ عبد البر المالكي المجتهد في " تمهيده ": كان مجمعاً على تجريحه، ولم يرو عنه مالك إلَاّ حديثاً واحداً في وضع الأكف على الأكف (2)

= وانظر " تاريخ البخاري " 2/ 388 - 389، و" المجروحين " 1/ 244، و" الجرح والتعديل " 3/ 57 - 58.

(1)

هو عُمارة بن جوين العبدي، أخرج له الترمذي وابن ماجة، قال الإمام الذهبي في " الميزان " 3/ 173: تابعىِ لين بمرة، كذبه حماد بن زيد، وقال شعبة: لأن أقدم فتضرب عنقي أحبُّ إلي من أن أحدث عن أبي هارون، وقال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: ضعيف لا يصدق في حديثه، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال الدارقطني: متلون خارجي وشيعي، فيعتبر بما روى عنه الثوري، وقال ابن حبان: كان يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه، وروى معاوية بن صالح عن يحيى: ضعيف.

(2)

في (ب): الكف على الكف. وخبره في " الموطأ " 1/ 158 رقم (46) ونصه: يحيى عن مالك، عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري أنَّه قال: من كلام النبوة: " إذا لم تستحي فافعل ما شئت " ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة (يضع اليمنى على اليسرى) وتعجيل الفطر، والاستيناءُ بالسحور.

قال ابن عبد البر في " التمهيد ": عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف متروك باتفاق أهل الحديث، لقيه مالك بمكة، وكان مؤدب كتاب، حسن السمت، فغره سمته، ولم يكن من أهل بلده، فيعرفه، فروى عنه من المرفوع في " الموطأ " هذا الحديث الواحد، فيه ثلاثة أحاديث مرسلة تتصل من غير روايته من وجوه صحاح، ولم يرو عنه حكماً إنما روى عنه ترغيباً وفضلاً. قلت: فحديث " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " رواه البخاري (6120) من طريق منصور عن ربعي بن حراش، عن أبي مسعود البدري. وحديث وضع اليمنى على اليسرى

، رواه مالك والبخاري من طرق أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد، وحديث تعجيل الفطر

أخرجه الطبراني في " الكبير "(11485) وابن حبان (885) من طريق ابن وهب، عن عمرو بن أبي الحارث سمع عطاء بن أبي رباح يحدث عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:" إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نؤخر سحورنا، ونعجل فطورنا، وأن نمسك أيماننا على شمائلنا في صلاتنا " وإسناده صحيح على شرط مسلم، وعزاه السيوطي في " تنوير الحوالك " 1/ 174 إلى الطبراني وصحح إسناده، وقال: ورجاله رجال الصحيح، ونسبه الهيثمي في " المجمع " 2/ 105 و3/ 155 إلى الطبراني في " الكبير " و" الأوسط ".

ص: 94