الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد رواه من طريق صحيحة، فرواه في " الموطأ "(1) عن أبي حازم التابعي الجليل، عن سهل بن سعد الصحابي رضي الله عنه.
وقد أخرج مسلم في " الصحيح " عن جماعة من الضعفاء المتوسطين على جِهَةِ المتابَعَةِ والاعتبار (2)، وربما اكتفى بالإِسناد إليهم إذا كان إسنادُهم عالياً، وكان الحديثُ معروفاً عند علماء الأثرِ بإسنادٍ نازلٍ من طريق الثقات، روى ذلك النَّواوي عن مسلم تنصيصاً (3).
المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر
، فإنهم يحفظونَ الحديثَ الصحيحَ والضعيفَ لأجلِ التبيين والتحذيرِ من العمل بالضعيف، وذلك مشهورٌ عنهم.
وفي الرواية المشهورة عن البُخاري أنَّه قال: أَحْفَظُ ثلاثَ مئة ألفٍ حديث، منها مئةُ ألفٍ صحاح، ومنها مائتا ألف غير صحاح.
وقال إسحاق بنُ راهَويه: أحفظ مكانَ مئةِ ألف حديثٍ كأنِّي أنْظُرُ إليها، وأحفظُ سبعينَ ألفَ حديث صحيحة عن ظهر قلبي، وأحفظُ أربعةَ
(1) 1/ 159 رقم (47)، قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم: لا أعلم إلا أنَّه ينمي ذلك. أي: يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرجه البخاري في " صحيحه " برقم (740) في الأذان: باب وضع اليمنى على اليسرى من طريق القعنبي، عن مالك به.
(2)
الاعتبار: هو تتبع طرق الحديث في الجوامع والمسانيد والأجزاء حتى يعلم هل له متابع أو لا؟. قال المؤلف رحمه الله في " تنقيح الأنظار " 2/ 13 في بيان الاعتبار والمتابع والشاهد: هذه ألفاظ يتداولها أهل الحديث بينهم، فالاعتبار أن يأتي المحدث إلى حديث لبعض الرُّواة، فيعتبره بروايات غيره من الرواة بسبره طرق الحديث ليعرف هل يشاركه في ذلك الحديث راوٍ غيره، فرواه عن شيخه، فإذا لم يجد فعن شيخ شيخه إلى الصحابي، فإن وجد من رواه عن أحد منهم، فهو تابع، وإن لم يجد، نظر: هل رواه أو معناه أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق ذلك الصحابي، فإن وجدت، فهو شاهد.
(3)
انظر " شرح مسلم " 1/ 24 - 25.
آلافِ حديث مُزَوَّرَة، فقيل له في ذلك، فقال: لأجلِ إذا مَرَّ بي حديثٌ في الأحاديث الصحيحة منها (1) فليتُه فلياً.
إذا عرفتَ هذا، فلا ريبَ أن الإمام أبا حنيفة كان أضعف الأئمة حديثاًً (2)، وذلك لأمرينِ أحدُهما: قبولُه المجهول، وثانيهما: كِبَرُ سِنِّهِ فإنه ما طلب العلم إلا بعدَ أن شاب وأسن، وقد كان الحافظ المشهور بالعناية في هذا الشأن إذا شاخ وأسنَّ، تناقص حفظه، وقلَّّ ضبطُه، فكيف ممن لم يَطْلُبِ العلمَ إلَّا بعد (3) مجاوزةِ حدِّ الكهولة، وهذا نقصانٌ عن مرتبة الكمالِ لا سقوطٌ إلى مراتبِ الجهال، ولا نكارةَ في ذلك، وما زال النَّاسُ متفاضِلِينَ في الحفظ والإتقان.
وقد كان حديثُ الشافعي دونَ حديث مالكٍ في الصحة، ورأيُ الشافعي فوقَ رأيِ مالكٍ في القوة.
وقد كان حديثُ ابن المسيِّبِ، ومحمد بن سِيرين، وإبراهيم النَّخَعِي أصحَّ وأقوى من حديثِ عطاء، والحسن، وأبي قِلابة، وأبي العالية، وكان ابن المُسيِّب أصحَّ الجماعةِ حديثاًً من غير قدح في عِلْمِ مَنْ هو دُونَه.
وليس الحفظُ على انفراده يكفي في التفضيل، فقد كان أبو هريرة رضي الله عنه أحفظَ الصحابة على الإِطلاق، وليس يقال: إنَّه أفقههم على الإِطلاق، والمناقبُ مواهبُ يَهَبُ اللهُ منها ما شاء لمن شاء، فبهذه الجملةِ تبين لك أنه لا حُجَّةَ على تجهيل هذا الإِمام الكبيرِ الشأنِ بروايته عن بعض الضعفاء، ولا بقوله:" بأبا قبيس ".
(1) لفظ " منها " من (ب) و (ش).
(2)
انظر ما كتبه اللكنوي في " التعليق الممجد " ص 30 - 34، فإنه نفيس.
(3)
لفظ " بعد " من (ب).