المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخصيصة الثانية: تقديم كلام أهل كل فن على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصوا به - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌أقولُ: هذه الحجةُ الثانيةُ من حُججِ السَّيِّد في هذه المسألةِ، والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّ المنقولَ في كتبِ الشافعيةِ نقيضُ ما ذكرتَه

- ‌النظرُ الأوَّلُ: مِن قَبِيلِ المعارضاتِ وهو أن نقولَ: إيرادُ مثلِ هذا الكلامِ مُمْكِنٌ في المجتهد والمقلد

- ‌النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة

- ‌النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلَاّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل

- ‌النظرُ الثَّامِنُ: أن نقولَ: المجتهدُ: هو المتمكِّنُ مِن معرفة الأحكام الشرعية

- ‌النظرُ التاسِعُ: أن الاجتهادَ وشرائِطَه مِن قواعدِ الإسلامِ

- ‌البحث الثاني: هذا تجريحٌ مِن السَّيِّدِ للغزالي، والتجريحُ له شرائطُ معروفة

- ‌البحث الرابع: احتج السَّيِّدُ على أن الغزالي يُعَسِّرُ الاجتهادَ

- ‌المرتبة الأولى: المنازعة في قِلَّة المجتهدين، ولنا فيها طرق:

- ‌الطريق الأولى: مِنْ أينَ للسَّيِّدِ ثبوتُ هذه الروايةِ عن الغزالي

- ‌الطريقُ الثانية: سلمنا صِحَّتَها عنه، فكيف استندَ السَّيِّدُ إلى تصديقِه في كلامه

- ‌الطريقُ الخامسة: أنا نُعارِضُ كلامَ الغزالي بما رواه مَنْ هُوَ أَرْجَحُ

- ‌الطريق السابعة: أن اجتهادَ أولئك الذينَ ذكرهم السَّيِّدُ يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد

- ‌وثانيهما: أنا نبَيِّنُ أن افتراقَنا في معرفة العربية ليس يقتضي تعسيرَ الاجتهاد على الإِطلاق لوجهين:

- ‌أحدُهما: أن أكثر آيات الأحكام، وأحاديثه لا تحتاج إلى قراءة العربية في فهم معناها، والدليل على ذلك حُجتانِ:

- ‌الحجة الثانية: على أنَّه لا يقتضي الافتراقُ في العربية تعسيرَ الاجتهاد

- ‌أقول: الجوابُ على ما ذكره من تجهيل هذا الصاحب الجليل من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أن الظاهرَ خلاف ما ذكر

- ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

- ‌الجوابُ عما نسب إلى أبي هريرة وأمثاله من أفاضل السلف المتواتر فضلُهم، وعلو مراتبهم مِن وجوه

- ‌الوجه الثاني: أنَّهُ قد تواتر عن أبي هُريرة أنَّه كان أرفعَ حالاً من هذه المنزله

- ‌الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة

- ‌الوجه الثاني: أنَّه قد ثبت في هذا الحديثِ من الاختلاف والاضطراب شيءٌ كثيرٌ

- ‌الوجه الثالث: أن أبا هريرة إِنما روى الحديثَ الذي احتجَّ بهِ

- ‌وثانيها: أن يكونَ أخذ الولاية على ذلك

- ‌وثالثُها: أنَّ مجرد الولاية إما أن تكون ظنيةً أو قطعية

- ‌المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقدٌ على اجتهادهما

- ‌الأول: إن هذا يحتاجُ إلى طريق صحيحة

- ‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

- ‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

- ‌المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر

- ‌أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد

- ‌الثالث: إن السيدَ ذكر في كتابه أنهما غيرُ محققين، ولا مُوَفَّقَيْنِ بهذا اللفظ، ثم احتج على تعسُّرِ الاجتهاد بجهلهما

- ‌المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي

- ‌الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة

- ‌الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه

- ‌الإشكال السابع: أنك قد حَكَيْتَ عن قاضي القضاة أنَّه يقبلُ فُسَّاقَ التأويل

- ‌الإشكال الثامن: أنك ساويتَ بين المتعمِّدِ للمعصية والمتأوِّلِ

- ‌الإشكالُ التاسع: أن السَّيد قد منعَ من الرواية عن العلماء إلا بعدَ تحصيلِ إسنادٍ صحيحٍ

- ‌الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها

- ‌الإشكال الثاني: أن السيد روى هذا الإجماعَ

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامِهِ هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ ابنَ الحاجب

- ‌الإشكال الثالث: أن السيد قد أقر -فيما تقدم- أن ابن الحاجب لم يرو الإجماعَ على ردِّ كفار التأويل

- ‌الإشكال الثاني. أن السَّيِّد توهم أن راوي الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ

- ‌الإشكال الرابع: أنَّه رَجَّح بمخالفة الأصل، والترجيحُ بها مختلف فيه

- ‌أقول: في كلامِه هذا إِشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّ السيدَ قال: فهو مروي مِن أئمتنا عن المؤيَّد

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ

- ‌الإِشكالُ الرابع: سلمنا أن تخريجَ القبول مساوٍ لتخريج الرَّدِّ غيرُ راجح عليه، فالقبولُ أولى

- ‌أقول: في كلامه هذا إشكالات:

- ‌تنبيه: غيرُ خافٍ على أهل النظر أن أهلَ العلوم العقلية

- ‌الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن

- ‌الطريق الأولى: أنَّه قد ورد في السمع ما يَدُلُّ على أن الفاسق كان في ذلك الزمان يُطلق على الكافر

- ‌الإشكالُ الثاني: أنا نقول: قد ورد في اللغة ما يَدُلُّ على أن الفسق تعمدُ المعصية، وأن الفاسقَ المُتَعَمِّدُ

- ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

- ‌الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر

- ‌الإشكال السادس: أن الاستدلالَ بهذه الآية الكريمة من قبيل مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال السابع: أن الآية الكريمة نزلت في حقوق المخلوقين

- ‌الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر

- ‌الإشكالُ السادسَ عشر: أنَّ لهذه الآية معارضاتٍ كثيرة

- ‌الإشكال السابع عشر: أن لهذه الآيةِ مخصصاً

- ‌الأول: أجمع العقلاءُ من أهل الإِسلام وغيرِهِم على أن الإنسانَ يرجِعُ إلى تصديق عدوِّه وقبولِ كلامه

- ‌الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى

- ‌الخامس: أنَّ شهادة بعضهم على بعض مقبولةٌ

- ‌الإشكال الثاني: أن الاحتجاجَ بهذه الآية لا يَصِحُّ

- ‌الإشكال الثالث: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال السادس: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال السابع: أن الآيةَ مِن قبيل العموم

- ‌الإشكال الثامن: أن في العلماء من قال: العمومُ مشترك

- ‌الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع

- ‌الإِشكال الثاني عشر: أن المتأوِّل يُسَمَّى مسلماً بالنص

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن المتأوِّل يسَمَّى مؤمناً

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن السيدَ استدل على أن قبولَ قولهم ركونٌ إليهم

- ‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

- ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

- ‌الإِشكال التاسع عشر: أن لِهذه الآيةِ معارضاً يَدُلُّ على قبولِ المتأولين

- ‌الإِشكال الموفي عشرين: أن السَّيِّد قاس قبولَ تحريم المتأوِّلين فيما بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمِ قبول ثقيف في تبديل شريعةِ رسول الله

- ‌الإشكالُ الحادي والعشرون: أنَّه يَلْزَمُ من الاحتجاج بهذه الآية تفسيقُ مَنْ قَبِلَ المتأوِّلين

- ‌أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد بهذه الآية إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أنَّه ترك بيان وجه الاستدلال

- ‌الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ

- ‌الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق

- ‌الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين

- ‌الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر

- ‌الإِشكال التاسع: أن هارون عليه السلام نبيٌّ مرسل

- ‌الإشكال العاشر: أن الآية إما أن تَرِد على المعنى الذي ذكرنا مِن العُرف السَّابِق إلى الأفهام

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ

- ‌الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن المتأوَّلين من هذه الأمة ما كانوا موجودين في زمان هارون عليه السلام

- ‌الإِشكال السابع عشر: أنهم كانوا يُسَمَّوْنَ مسلمين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه كان يلزمُه إبطالُ القول بأن العمومَ مشترك

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أن لهذه الآية مخصصاتٍ

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: أن هذا العمومَ مخصوصٌ

- ‌أقول: أطلق السَّيِّد هذه الآيةَ، ولم يُبين وجهَ الاحتجاج بها

- ‌الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب

- ‌الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى

- ‌الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة

- ‌الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم

- ‌الإِشكال الثامن: كان يجب على السَّيِّدِ بيانُ أن الأمرَ للوجوب

- ‌الإِشكال التاسع: أن المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان

- ‌الإشكال العاشر والحادي عشر: أنهم كاْنوا يسمَّون مسلمين ومؤمنين

- ‌الإشكال الثالث عشر: أنَّه قد حرَّجَ في تفسير القرآن العظيم ثم فسَّرَ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن العلماء اختلفوا في عموم المنطوق:

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّا بَينَّا أن في قبول المتأولين دفع مضار العقاب

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أن الآية دليلٌ على وجوب قبول المتأوِّلين

- ‌الإشكال الحادي والعشرون: أن هذه الحجة لا تَصحُّ إلا بعدَ عدم المعارض

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: هو الإشكالُ الثاني في الآية التي قبل هذه الآية

- ‌أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث

- ‌الإشكالُ الثالث: سلَّمنا أن الحديثَ صحيح، لكنه آحادي ظني

- ‌الإشكال الرابع: أن السَّيِّد قد عَظَّمَ القولَ في تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الخامس: أن في هذا الحديث عموماً

- ‌الإِشكال السادس: أن ذلك المخصصَ موجود

- ‌الإشكال الثامن: أن ذلك المعارض موجودٌ

- ‌الإشكال التاسع: يحتمل أن يكونَ منسوخاً

- ‌الإشكال العاشر: أن هذا الحديثَ مِن العمومات الواردة في العمليات

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاحتجاجَ بالعُموم يحتاج إلى الاجتهاد

- ‌الإشكال الثاني عشر: أنَّه يحتمل أن هذا العمومَ ورد على سبب

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر

- ‌الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك

- ‌أقولُ: في الاحتجاج بهذا الحديث من الإشكالات الثلاثة عشر الذي في الحديثين الأول والثاني، ويختص بإشكالين بعدَها أولُهما

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد

- ‌أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات

- ‌أقول: لما فَرَغَ السَّيِّد من الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، عطف عليه الاستدلالَ بالقياس، وَيردُ على ذلك إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أن القياسَ لا يَصِحُّ الاستدلالُ به في المسائل القطعية

- ‌الإِشكال الثاني: أن الإجماعَ موجودٌ على خلافِ هذا القياسِ

- ‌الإِشكال الثالث: لا يَصِحُّ الاستدلالُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإِشكال الرابع: إذا سلَّمنا صحةَ القياس، فلا يصح الاحتجاجُ به في مسألتنا هذه

- ‌الإِشكال الخامس: أن المخصص لتلك العلة موجودٌ

- ‌الإِشكال السادس: أنَّه لا يصح الاجتهادُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإشكال السابع: أن المعلوم أن هذا القياسَ بعينه قياسٌ ظني

- ‌الإشكال الثامن: أن شرط الاحتجاج بالقياس عدمُ النصوص

- ‌الإشكال التاسع: أن الاحتجاجَ بالقياس من خواصِّ المجتهدين

- ‌الإشكال العاشر: احتج السيدُ على أن المنصب هو العلة، لعدم استحقاق المتأوِّلين له

- ‌الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا

- ‌الحجة الثامنة: ورد الشرعُ بشاهدٍ ويمينٍ

- ‌المسألة الثانية: أن يكونَ أحدُ الراويين مثبتاً، والآخرُ نافياً

- ‌المسألة الرابعة: أن يكونَ أحدُ الراويين لا يستجيز الروايةَ بالمعنى

- ‌المسألة الخامسة: أن يكون أحدُ الراويين أكثرَ ذكاءً وفِطنة

- ‌المسألة السادسة: قال العلماءُ: لا يَصِحُّ أن يشهد الشاهدُ لنفسه

- ‌المسألة السابعة: شهادةُ الوالد لأولاده وأحفادِه وشهادة الأولاد لآبائهم وأجدادهم

- ‌المسألة الثامنة: شهادةُ الصَّديق لصديقه

- ‌المسألة التاسعة: شهادةُ العدو على عدوِّه

- ‌المسألة العاشرة: شهادةُ أحدِ الزوجين للآخر

- ‌المسألة الثانية عشرة: تهمةُ الحاكم في إقراره بالحكم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حُكْمُ الحاكم لأولاده وأحفاده، وعلى أعدائه

- ‌المسألة الرابعة عشرة: طولُ العهد بالتعديل والتزكية

- ‌المسألة السادسة عشرة: لو شهد لعدوه على أبيه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته

- ‌المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق

- ‌المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية

- ‌الوجه الأول: أن قولَ السَّيِّد إنَّهم لا يرتدِعُونَ

- ‌الوجه الثاني: اعْلَمْ أن الحاملَ على المحافظة على الخيرات

- ‌الوجه السادس: أن اعتقادَهم لو كان حاملاً لهم على الكذب، لحملَهم على ترك الصلاة

- ‌الوجه الثامن: أن الملائكةَ والأنبياء قد أَمِنُوا مِن الموت على الكفر

- ‌الوجه الحادي عشر: أن الإرجاء ليس بكفرٍ ولا فسقٍ

- ‌الوجه الأول: أن السيدَ منازع في كون هذا مذهبهم

- ‌الوجه الثالث: أنهم لو ذهبوا

- ‌أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

- ‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

- ‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

- ‌الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة

- ‌الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية

- ‌الإشكال الثامن: قد بَيَّنَّا أن جماعةً ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على خلاف قولِ السيدِ

- ‌الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن الأمة أجمعت على عدم التأثيم لمن خالف العموم

- ‌الإشكال الرابع عشر: استدل بهذه الأدلة، وكلها ظني

- ‌الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين

- ‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

- ‌الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله

- ‌الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد

- ‌الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام

- ‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

- ‌الفائدة الثانية: في ذكر ما اعترض به على الإجماع

- ‌الفائدة الثالثة: في الإِشارةِ إلى شهرةِ الخلاف في هذه المسألة

- ‌الحجة الثانية: إجماعُ العِترة

- ‌الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة

- ‌الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة

- ‌الحجة التاسعة: أنَّه يحصل بخبرهم الظنُّ لثبوت النص الشرعي

- ‌الحجة الثانية عشرة: أنَّه ينتفي الإجمالُ في الاشتراك

- ‌الحجة الرابعة عشرة: أنَّه قد ثبت أنَّه مَنْ أكثرَ من ارتكاب المعاصي الملتبسة

- ‌الحجة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

- ‌الحجة السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ

- ‌الحجة السابعة عشرة: قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

- ‌الحجة الثامنة عشرة: قوله تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ

- ‌الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌الحجة الموفية عشرين: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ

- ‌الحجة الحادية والعشرون: قولُه تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ

- ‌الحجة الثانية والعشرون: قوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

الفصل: ‌الخصيصة الثانية: تقديم كلام أهل كل فن على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصوا به

الاشتغالُ بالعلم، ولا يتوغُّل إلَاّ في علومِ الكتاب والسنّة، وأخبارِ الصحابة، والنحو والمعاني واللغة، وأصولِ الفقه واللغة (1) ونحوِها مما يُؤمَنُ الخَطَرُ مع التوغُّلِ فيه، ويقطع بالسلامة في النَّظَرِ في دقائق معانيه.

‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

، وقطعُوا أعمارَهم فيه، فإنَّك متى نظرتَ وأنصفتَ، وجدتَ لِكُلِّ أهل فَنٍّ من المعرفةِ به، والضبطِ له، والتسهيل لجمع مسائِله، والتقييدِ لشوارد فوائِده، والإِحاطةِ بغرائبه، والتذليل لما يَصْعُبُ على طالبه ما لم يُشاركْهُمْ فيه غيرُهم ممن هو أفضل منهم مِن أئمة الدين، وكُبراء المسلمين، ألا ترى أنَّه ليس لأِحَدٍ من أئمة العِترة وأئمة الفقهاء في اللغة ما لِلجوهري، والأصْمعي، وأبي عبيدة وأضرابهم، ولا في الإعراب مِثل ما لسيبويه، والكِسائي وأصحابِهما ولا في المعاني والبيان مثل ما لِلسَّكاكي، وعبدِ القاهر وأضرابِهما، ولا في غريبِ الحديث مثل " فائق الزمخشري "، و" نهاية ابنِ الأثير "، ولا في علم الحروف مثل " الشاطبية " و" شروحها " ولا في لطائف المعاني القرآنية مثل " الكشاف " و" البحر المحيط " و" جامع القرطبي "، ولا في المختلِف والمؤتلِف في ضبط أسماء الرُّواة مثل " الإكمال " للأمير ابن ماكولا، ولا في تاريخ الزمان مثل " تاريخ محمد بن جرير الطبري "، وعز الدين بن الأثير، ولا في تاريخ الرجال مثل " تهذيب " أبي الحجَّاح المِزِّي، وكتاب " الفلكي "(2)، ولا

(1) ساقطة من (ب).

(2)

أورد الذهبي في " السير " 17/ 502، فقال: الحافط الأوحد، أبو الفضل علي بن الحسين بن أحممد بن الحسين الهمداني، عُرِف بالفلكي، قال شيرويه: سمع عامة مشايخ همذان، والعراق، وخراسان. حدث عن ابن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران، والقاضي أبي =

ص: 429

في معرفة الأيام النبوية مثل ابنِ إسحاق، وابنِ هشام، والواقدِي ولا في معرفةِ أخبارِ الصحابة وأحوالِ السَّلَفِ مثل " الاستيعابِ " لأبي عُمَرَ بنِ عبد البر، و" أُسْدِ الغابة " لابن الأثير، ولا في أصولِ الفقه مثل " معتمد أبي الحسين "، و" محصولِ الرازي " على دواهي في غُضون فوائده، ولا في إعرابِ القرآن المجيد مثل " المُجيد "(1) إلى أضعافِ هذه المؤلفات مما يُقاربها، أو يساويها، أو يزيد في الإجادة والإفادة عليها.

فإذا تحققتَ أنَّ المرجعَ في علوم القرآن الكريم قراءته وإعرابِه.

ولغتِه، ومعانيه ودقائقِه، وشروحِ قصصه إلى غيرِ أئمة أهلِ الدين المتبوعين المقلَّدين مِن أهل البيت عليهم السلام، وأئمة الفقهاء رضي الله عنهم، وعَرَفْتَ أنَّك لو اقتصرتَ على مؤلفاتِ أئمة العِترة، وأئمة الفقهاء لما وجَدْتَ فيها من التحقيق ما يُوازي تحقيقَ أولئك المصنفين الذين لا يُوازِنُونَ أئمة العِترة فضلاً وأثراً في الدين، فإن ابن الأثير الوزير لا يُوازي يحيى بنَ الحسين الهادي إلى الحق عليه السلام في ورعه وعلمه وجهاده وتقواه، ودعائه للعباد إلى الله، وإن لم يكن له عليه السلام مُصَنَّفٌ في غريب الحديث والأثر مثل " النهاية "، لأنَّه اشتغل بما هو أَهَمُّ مِن ذلك، وكذلك

= بكر الحيري. وكان حافظاً متقناً يحسن هذا الشأن جيداً جيداً، صنف الكتب، منها الطبقات الملقب بـ " المنتهى في معرفة الرجال " في ألف جزء. قلت: وسماه في " العبر ": " المنتهى في الكمال في معرفة الرِّجال "، وفي " الأنساب " و" طبقات الإسنوي " و" كشف الظنون ":" منتهى الكمال في معرفة الرجال " مات في نيسابور سنة سبع وعشرين وأربع مئة كهلاً.

(1)

لمؤلفه العلاّمة المتفنن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم السَّفَاقُسي المالكي المتوفى سنة (742) هـ، وهو من أجل كتب الأعاريب وأكثرها فائدة، جرده من " البحر المحيط " لأبي حيان، وفي المكتبة الظاهرية بدمشق المحروسة مجلد نفيس منه.

مترجم في " الدرر الكامنة " 1/ 55 - 56، و" الوافي بالوفيات " 6/ 138 - 139، و" بغية الوعاة " 1/ 425، و" الديباج المذهب " 1/ 279.

ص: 430

أئمةُ الفقهاء، فإنه ليس للشافعي ولا غيره في غريب الحديث مثل " النهاية " ولا ما يُدانيها مع أنَّه أعلمُ مِن ابن الأثير، وأفضلُ، وأورعُ، وأنبلُ.

فإذا عرفتَ أن المرجعَ بالمعرفة التامة في الفنون العلمية إلى أهلها، المختصِّين بمعرفتها (1)، المنقطعين في تحقيقها، المستغرقين في تجويدِها، المشغولين بها عن غيرها، المصنِّفين فيها الكُتُبَ الحافِلَة، والتواليفَ الممتعة، وكذلك، فتحقق أيضاًً أنَّ المرجعَ في معرفة الحديثِ صحيحهِ وموضوعهِ، وموصولِه ومقطوعِه، وموقوفِه ومرفوعه، ومُدْرَجِه ومُعْضَلِهِ، ومُسْندِه ومرسَلِه، ومقلوبِه ومُعَلَلِه، ومضطرِباته وبلاغاته، وشواهده ومتابعاته، وتواريخِ رجالهِ وأحوالهم، والكلامِ في جرحهم وتعديلهِم وتضعيفِهم وتليينهم إلى غير ذلك مِن علومه الغزيرة، وفوائِدِه العزيزَةِ هو إلى علماءِ الحديث الذين قطعُوا أعمارَهم في الرِّحْلَةِ إلى أقطارِ الدنيا لجمع شوارِدِه، ولقاء مشايخه حتى أخذ الواحِدُ منهم عن ألوفٍ من الشيوخ، وبلغ الحافظ منهم ما لا تكاد تحتملُه العقولُ، هذا السَّمعانيُّ (2) كانَ له سبعة آلاف شيخ، وهذا البخاريُّ كان يحفظ ثلاث مئةِ ألفِ حديثٍ (3).

(1) في (ب): بها.

(2)

هو الإمام الحافظ الكبير الأوحد الثقة محدِّث خراسان، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني المروزي، صاحب " الأنساب " وغيره من المصنفات الكثيرة المتوفَّى سنة 562 هـ. وذكر ابن خلِّكان وغيره أن عدد شيوخه يزيد على أربعة آلاف، وقال ابن النجار: سمعت من يذكر أن عدد شيوخ أبي سعد سبعة آلاف، وهذا غير بعيد إذا كان كل من حكى عنه حكاية يُعدُّ شيخاً له. وكتابه " التحبير"، وهو في معجم شيوحه، قد طبع في بغداد سنة 1975 م في مجلدين بتحقيق منيرة ناجي سالم، وقد اشتمل على (1193) ترجمة.

(3)

أورده الإمام الذهبي في " السير " 12/ 415 في ترجمة محمد بن إسماعيل من طريق محمد القومسي عن محمد بن خميرويه، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أحفظ مئة ألف حديث صحيح ومئتي ألف حديث غير صحيح.

ص: 431

ولقد قال ابن المديني: ما نعلمُ أحدَاً من لدن آدمَ كَتَبَ مِن الحديث ما كتب يحيى بنُ معين.

وقال يحيى بن معين: كتبتُ بيدي ألفَ ألفِ حديثٍ.

وقد ذكر السَّيِّد الإمام المؤيَّدُ بالله عليه السلام في كتابه " إثبات النبوات " من الثناء على المحدِّثين بتجويد المعرفة والإتقان للحديث ما يشهد بما ذكرتُه وبمعرفته عليه السلام بمحلهم المُنيف، وأن المعوَّلَ عليهم في هذا العلم الشريف، وذكر أخوه السَّيِّد الإمامُ أبو طالبٍ عليه السلام في " شرح البالغ المدرك " أن أحمد بن حنبل كان يحفظ خمسَ مئةِ ألف حديث (1).

وكذلك عَمِلَ هذان السيدان الإمامان بمقتضى ذلك، فأخذا الحديثَ عن أئمته النحارير، وحُفاظه المشاهير، كما هو مشهور معروف (2) عنهما في أسانيدِهما عنهم في كتابيهما الحافِلَيْنِ " شرح التجريد " للمؤيد و" شرح التحرير " لأبي طالب، وكذلك في " أمالي " السيد أبي طالب، وقد أكثر المويَّدُ من الرواية عن الحافظ ابن المقرىء، وأبو طالب عن الحافظِ ابن عَدِي، وما زال الإنصافُ شِعَار كُلِّ فاضلٍ ومجوِّدٍ، وسجيةَ كُلِّ عارف ومحقق.

قال أبو داود الخفافُ: أملى علينا إسحاقُ بنُ راهويه مِن حفظه أحدَ

(1) ونقل الإمام الذهبي في " السير " 11/ 187 في ترجمة الإمام أحمد قول أبي زرعة لعبد الله بن أحمد: أبوك يحفظ ألف ألف حديث، فقيل له: ما يدريك؟ قال: ذاكرته، فأخدت عليه الأبواب. قال الذهبي بإثره: فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبد الله، وكانوا يعدون في ذلك المكرر، والأثر، وفتوى التابعي، وما فسّر، ونحو ذلك، وإلَاّ فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عشر معشار ذلك.

(2)

في (ب): معروف مشهور.

ص: 432

عشر ألفَ حديثِ، ثم قرأها علينا، فما زاد حرفاً، ولا نَقصَ حرفاً (1) وحتى إن الذُّهلي (2) طلب هذا الشأنَ في الحرمَيْنِ والشام، ومصر، والعراق والرّي، وخُراسان، واليمن، والجزيرة.

وحتَّى قال ابنُ المؤمَّل في حق الفضل الشعراني (3): كنا نقول: ما بقي بَلَدٌ لم يدخله الفضلُ الشعراني في طلب الحديث (4) إلَاّ الأندلسَ، إلى ما لا يُحصى من أمثالِ ذلك.

وكم عسى أن يذْكُرَ الذَّاكِرُ، أو يُحصيَ الحاسِبُ، وقد جمع الفلكيُّ (5) في معرفة رجال الحديث ألفَ جُزء، وجمع أبو الحجَّاج المِزِّي في معرفة رجال " الصحيحين " و" السنن " الأربع مئتين وخمسين جُزْءاً تشتمل على التعريف بما لهم مِن العناية في حِفظه وضبطه، وجمعه وإتقانه.

(1) أوردها بأطول مما هنا الذهبي في " السير " 11/ 373 في ترجمة إسحاق بن راهويه. وقال الذهبي بعد أن أورد غيرَ ما خبرٍ ينبىء عن واسع حفظه: قد كان مع حفظه إماماً في التفسير، رأساً في الفقه، من أئمة الاجتهاد.

(2)

هو محمد بن يحيى بن خالد بن فارس بن ذؤيب، الإمام العلاّمة الحافظ البارع شيخ الإسلام، وعالم أهل المشرق، وإمام أهل الحديث بخراسان، أبو عبد الله الذهلي مولاهم النيسابوري المتوفى 258 هـ. وللإمام البخاري معه كائنه في مسألة اللفظ، بسطها الإمام الذهبي في " السير " في ترجمة محمد بن إسماعيل 12/ 453 - 463.

(3)

هو الإمام الحافظ المحدّث الجوال المكثر، أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب ابن موسى بن زهير بن يزيد الخراساني النيسابوري الشعراني، عُرف بذلك لكونه كان يرسل شعره، المتوفى سنة 282 هـ، قال الحاكم: لم أرَ خلافاً بين الأئمة الذين سمعوا منه في ثقته وصدقه، رضوان الله عليه، والخبر الذي ذكره المؤلف أورده الإمام الذهبي في " السير" 13/ 319 في ترجمته.

(4)

" طلب الحديث " ساقط من (ب).

(5)

تقدم التعريف به في الصفحة 429 ت 2.

ص: 433

فإذا عرفتَ هذا، قلا تعتقد أن تفضيلَ أئمة العِترة عليهم السلام، وأئمة الفقهاء رضي الله عنهم يمنع مِن القول بأنَّ أَهْلَ الحديثِ أكثرُ ضبطاً للحديث، وكشفاً للمشكل، وتمييزاً للصحيح من الضعيفِ، وفصلاً للمشهورِ عن الغريب، فكما كان المرجعُ في القرآن حروفاً وإعراباً ونحواً ولغة إلى القراء والنحاة واللغويين، ولم يقتضِ ذلك تفضيلاً لهم على الأئمة والفقهاء، فكذلك المرجعُ في علوم الحديثِ إلى المحدّثين وإن كانوا في الفضل عن درجةِ العِترة ناقصين، وليس ذلك لِقلةٍ في علوم العِترة عليهم السلام، ولكن لأنَّهم لم يشتغلوا بالتصنيف إيثاراً لما هو أَهَمُّ منه من الجهادِ، وإصلاحِ أمورِ العامة، وكذلك أئمة (1) الفقهاء، فإنَّهم اشتغلوا بما هُوَ أَهَمُّ مِن ذلك من معرفة الحلال والحرام، وتعليمِ الناس وإفتائهم، ولهذا فإنَّ مسندَ الشافعي غيرُ معتمد عند الشافعية لِقلة حديثه، واشتماله على كثيرٍ من الأحاديثِ الواهيةِ والأسانيدِ الضعيفة، وكذلك مسندُ أبي حنيفة (2).

وقال الزمخشري (3) في تفسيرِ قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُم اللَّهُ} [المائدة: 4]: إن فائده قوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ} أن يكونَ من يُعَلِّمُ الجوارح تحريراً في علمه، مُدَرَّباً فيه، موصوفاً بالتكليب (4)، وفيه فائدةٌ جليلة، وهو أن على كُلِّ آخِذٍ علماً أن

(1) ساقطة من (ج).

(2)

هذا ذهول عجيب من المؤلف رحمه الله، فالشافعية والحنفية يعتمدون ما في المسندين، وينقلون عنهما، ويحتجّون بما فيهما إن صحَّ السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وكتب التخريج من كلا المذهبين خير شاهد على ذلك.

(3)

" الكشاف " 1/ 594.

(4)

في (ب): بالكلب.

ص: 434

لا يأخُذَه إلَّا مِنْ أقتل (1) أهلِه علماً، وأنحرهم دِراية، وأغوصِهم على لطائفه وحقائقه، وإن احتاج إلى أن يَضْرِبَ إليه أكبادَ الإبل، فكم آخذٍ عن غيرِ متقن قد ضيَّع أيامَه، وعضَّ عند لقاء النحارير أنامله. انتهى.

وللزمخشري أيضاًً كلام، مشهور، في الاعتراف بالقصور في علم الرواية، كتبه إلى الحافظ السَّلَفي (2)، وقد طلب السِّلَفِي (2) منه الإِجازة، وفيه أن روايتَه حديثةُ الميلاد، ضعيفةُ الإسناد، وهو كلامٌ بليغ مشهور عن نصِّ الزمخشري رحمه الله، ولم يَشِنْهُ لِما فيه من الإنصافِ، ولولا خوفُ التطويل لذكرتُه بطوله (3)، وفيه أكبرُ شهادةٍ لوجوب الرجوع إلى أئمةِ الحديث في علمهم.

وقد أجمعت الأمةُ على الرجوع إلى تصانيفِ أهلِ الفنون، فنجِدُ العلماءَ يرجعونَ إلى " صحاح " الجوهري في تفسير الألفاظ اللغوية، والنحاة يرجعون إلى تصانيف أهلِ العربية، والقُرَّاء يرجعون إلى " الشاطبية " ونحوها من غير نكيرٍ في ذلك، فمن أراد قراءةَ المنطق، وقرأ في كتب الفلاسفة، لم يُتَّهَمْ بالخروج من الإِسلام، ومن (4) قرأ في العربية واعتمد على تواليف طاهرٍ وابنِ الحاجِب، لم يُتَّهَمْ برأي الأشاعرة.

ولهذا أيضاً فإنَّ السيدين المؤيَّد وأبا طالب عليهما السلام درساً على أبي العباس فِقه العِترة، ودرساً على المعتزلة ما يختصُّون بتجويده مِن علم

(1) تحرفت في (ب) إلى: قبل، وفي (ش) من قبل أجلّ.

(2)

لقد وهم المؤلف وهماً مبيناً، فكتب " السمعاني " في الموضعين، والصواب ما أثبت، كما في " وفيات الأعيان " 5/ 170 - 171، و" معجم الأدباء " 19/ 132 - 133، و" أزهار الرياض " 3/ 283 - 289. والسلفي: هو الإِمام العلاّمة المحدث الحافظ المفتي المعمَّر أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الجَرواني المتوفَّى سنة 576 هـ. مترجم في " السير" 21/ 5 - 39.

(3)

انظره في الموارد المتقدمة.

(4)

في (ب): فمن.

ص: 435

الكلام والأصول، ورويا الحديثَ عن أئمة المخالفين في الاعتقاد وقد أوضحتُ ذلك في غير هذا الموضع، وهو بَيِّنٌ في " أمالي " السَّيِّد أبي طالب، و" شرح التجريد " للمؤيد، وأكبرُ شيوخ أبي طالب ابنُ عدي صاحب كتاب " الكامل " في الجرح والتعديل، وأكبرُ شيوخ المؤيد ابنُ (1) المقرىء، وكلا هذين الشيخين على مذهب المحدثين في الاعتقاد، وإنما أهْلُ الحديثِ كَقُرَّاءِ كتابِ الله أوعيةٌ لعلم السمع، خلقهم اللهُ تعالى لحفظه، وحَبّبَ إليهم ضبطَه، كما حَفِظَ كُلَّ نوع كل من العلوم، ومصالِح الدين والدنيا بقومٍ خلقهم له، ولا يَضُرُّ الحديث غلطُ حملتِهِ في العقائد كما لا يَضُرُّ القرآنَ غلطُ القراء في ذلك، فإنما هُمْ أوعيةٌ والعيبُ المختص بالوعاء لا يسوي إلى المحفوظ فيه من الأُمور النفيسة، فإن الكاغدَ والجلدَ أوعيةُ القرآن والسنن، وقد يكونُ فيها الغاليَ والرخيصَ، والسالمَ مِن العيوب والمعيب، وكثرةُ المحبة للقدح في حَملَةِ العلم النبوي والولع بذلك مِن سوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك يكونُ وسيلةً إلى بُطلان حديثِهِ صلى الله عليه وسلم، لأنَّه إذا بَطَلَ حديثُ أهلِ العِنايةِ بالحديثِ، فحديثُ غيرهم أبطلُ، كما أنَّه إذا قُدِحَ في حفظ النحاة واللغويين للعربية، كان قدحاً فيها مطلقاً، إذ لا يُرجى لها طريقٌ غيرُ طريقهم، ومن هنا قال الحاكمُ أبو عبد الله مُحِبٌّ أهلِ البيت، ورأسُ التشيع في عصره، فقال في خطبة كتابه " علوم الحديث " (2) ما لفظه: ليس شيء أثقلَ على أهل الإلحاد، ولا أبغضَ إليهم مِن سماع الحديث وَمِنْ روايته بإسناده، وعلى هذا عَهِدْنا (3) في أسفارنا وأوطاننا كُلَّ من يُنْسَبُ إلى نوعٍ من الإلحاد والبِدَعِ

(1) ساقطة من (ب)، وفي (ج) و (ش): اسمه محمد بن إبراهيم بن المقرىء.

(2)

ص 4.

(3)

في (ب): شهدنا.

ص: 436

لَا ينْظُرُ إلى الطائفة المنصورة إلا بِعَيْنِ الحَقَارَة، ويُسَميها الحشوية. انتهى.

وبيانُ ذلك أن المحدثين اسمٌ لأهل العناية بحفظ الحديث مِن أهل كلِّ مذهب كما مرَّ بيانُهُ في المرجح العاشر لقبول أهلِ التأويلِ (1)، وذكرتُ هناك المحدِّثين من الشيعة والمعتزلة، وليس المحدثون أسماء تَخْتَصُّ بمن خالف في الاعتقاد كالأشعريَّةِ والجبرية، ولكن المحدثين اسمٌ لمن ذكرنا من الفِرَقِ كُلِّهِم، كالقرَّاء والنُّحاة والأصوليين، فلذلك قلنا: إنَّ الحديثَ إذا قُدِحَ في صحته مِن طريقهم، كان قدحاً فيه مطلقاً مِن كل طريق، لأن أئمة الرواية من العِترة والشيعة هُمْ من أهل الحديث كما ذكره صاحب " الشفاء " عن الجُرجاني في حرب البُغاة من غيرِ إمام، ولم يقل: إن القدح المختص بالمحدثين المخالفين هو الذي يبطل الحديثَ، ولكنَّه يكون تحكماً، وتركُ المبتدعة المتأولة جميعاًً لا يُمكن كما تقدَّم بيانُهُ في الكلام على ذلك.

وإذا تأملتَ كلامَ السَّيِّد أبي طالب في " المجزىء "، عرفت إنصافَه، فإنه لا يذكر المعتزلةَ إِلا بمشايخنا يقول: قال شيخُنَا فلان، وقال الشيخانِ أبو علي وأبو هاشم، وإذا ذكر المسألةَ، لم يذكر فيها خلافاً لأحدٍ من العِترة قَطُّ فيما علمتُ، لأنهم لم يتكلموا في الفن، لا جهلاً به، ولا عدمَ معرفة له، ولكن مثل ما لم يتكلم فيه عليٌّ عليه السلام وغيرُه من السلف الصالح، فلم يُتهم أبو طالب بالميلِ عن العِترة، والانحرافِ عنهم، والقول بأن المعتزلة أعرفُ بالأصوليين منهم، ولكن المعتزلة أكثرُ فيهما تصنيفاً وخوضاً، وإقبالاً عليهما، واشتغالاً. وكذلك لا يلزم النحويّ إذا رجح كلامَ النحاة في أن " لدى " ظرف لا حرف على كلام

(1) انظر الصفحة 307.

ص: 437

الهادِي عليه السلام أنها حرف أن يكونَ مُفَضِّلاً لهم عليه السلام، وقد رَجَّحُوا حديثَ أبي رافع في زواج ميمونَةَ على حدِيثِ ابنِ عباس، لأنَّه كان السفيرَ، فكان أخصَّ، لا لأنَّهُ أفضلُ من ابن عباس (1).

وفي " النبلاء "(2) عن شُعبة، عن الأعمشِ، عن أبي وائل، عن عبدِ الله بنِ مسعود أنَّه قال: لَقَدْ عَلِمَ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنِّي أقرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ وَلَسْتُ بِخَيْرِهم. روي هذا عن ابن مسعود من غير وجه، وهو صريح في المعنى الذي قصدتُهُ.

وقد ذكر الإمامُ المؤيَّدُ بالله عنه وعمن تقدَّمه في تأليفه في كتاب " إثبات النبوات " أموراً كثيرة مما يؤيَّدُ أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقَه ومعجزاتِهِ وكراماتِهِ وخصائصَه حتى ذكر ما اختصت به أُمَّتُهُ مِن العلوم الجمَّة، ثم ذكر الثناء الحَسَنَ على أهل كُلِّ فن بما (3) يختص بهم حتى قال: ثم تأمل نقل أصحابِ الحديث للحديث وضبطَهم له، واختصاصَهم منه بما لم يختصَّ به أحدٌ من الأمم. انتهى بحروفه.

وكذلك محمدُ بنُ إبراهيم إذا قرأ في كتب المحدثين، لم يكن من الإنصاف أن يُتَّهَمَ بأنه يُفضِّلُهُم على أئمة الإسلامِ من أهل البيت عليها السلام، فأما تهمته بأنه جبري، أو مشبِّه، فليس ينبغي أن يُقال: ليس هذا من الإنصافِ، لأن هذا مِن المحرمات المغلَّظِ تحريمها، والكبائرِ الملعون مرتكبها، وفي الحديثِ الصحيح الثابتِ من غير طريق وعن غير واحدٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إذا قَالَ المُسْلِمُ لِأخيهِ: يَا كَافِرُ

(1) انظر " شرح السنة " 7/ 250 - 253.

(2)

1/ 474، والخبر في البخاري (5000) من طريق عمر بن حفص، حدَّثنا أبي، حدَّثنا الأعمش بهذا الإسناد.

(3)

في (ب): ما.

ص: 438

فَقَدْ بَاءَ بِهَا أحَدُهُما " (1)، وفي الحديث الصحيح: " المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ " (2)، وفي الحديث الصحيح: " لا يَتِمُّ إيمَانُ أحَدِكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ " (3).

ولقد يَحِقُّ على المرء المسلمِ أنْ يَزُمَّ لسانَه، ويعْلَمَ أنَّ الله سائلُه عن قوله، ومحاسِبٌ له عليه، ومقتصٌّ لِخصومه منه. فَرَحِمَ الله امرءاً قَصَّر مِن لسانه، واشتغل بشأنِه، وأقبل على تلاوة قرآنه، واستقلَّ مِن الجناية على إخوانِه.

(1) أخرجه من حديث ابن عمر: مالك 2/ 984، والبخاري (6104)، ومسلم (60)، والترمذي (2639)، وأبو داود (4687).

وأخرجه من حديث أبي ذر البخاريُّ (6045).

وأخرجه من حديث أبي هريرة البخاريُّ (6103).

وقوله: " فقد باء بها أحدهما " أي: التزمه، ورجع به، قال الله عز وجل:{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} أي: لزمهم ورجعوا به. قال البغوي في " شرح السنة " 13/ 132: وهذا فيمن كفر أخاه خالياً من التأويل، أما المتأول فخارج عنه.

(2)

أخرجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: البخاريُّ (10)، ومسلم (40)، وأبو داود (2481)، والنسائي 8/ 105.

وأخرجه من حديث أبي موسى الأشعري: البخاريُّ (11)، ومسلم (42)، والترمذي (2506)، والنسائي 8/ 106 - 107.

وأخرجه من حديث جابر مسلمٌ (41).

وأخرجه من حديث أبي هريرة: النسائي 8/ 104 - 105، والترمذي (2629)، وقال: حسن صحيح، وصححه ابن حِبَّان (180)، والحاكم 1/ 10، ووافقه الذهبي.

(3)

أخرجه من حديث أنس بن مالك بلفظ " لا يؤمن أحدكم .. ": أحمد 3/ 176، 206، 251، 272، 289، والبخاري (13)، ومسلم (45)، والنسائي 8/ 115، 125، والدارمي 2/ 307، وابن ماجة (66)، وابن حبان (234).

وأخرجه ابن حبان (235) من طريق ابن أبي عدي، عن حسين المعلم، عن قتادة، عن أنس بلفظ:" لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحبُّ لنفسه من الخير "، وهو في البخاري (13)، ومسلم (45)(72)، وأحمد 3/ 206 من طريق حسين المعلم به، إلَاّ أنّه عندهم بلفظ " لا يؤمن "، ولفظ المصنف " لا يتم " لم أقف عليه، وهو بمعنى رواية ابن حبان.

ص: 439

تمَّ بعونه تعالى الجزء الثاني مِن العواصم والقواصم

ويليه

الجزءُ الثالثُ وأولُهُ: قال: واعلم مَتَّع اللهُ ببقائك أنكم قَبِلْتُم روايةَ فسقة التأويلِ ....

ص: 440