الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحتاج في رواية هذا الإجماع إلى إسناد (1) صحيح رجاله عدول عدَّلَهُمْ عُدول، وثبت تعديلُ العدول لهم بإسناد صحيح كذلك، كما ألزمنا، فإن كان هذا حَصَلَ له، وتيسَّرَ، فلعل الذي يَسَّرَهُ له يُيَسِّرُهُ لنا في رواية الصحاح عن أهلها، وإن لم يكن تيسَّر له، فما يليقُ منه أن يرتكِبَ ما يعتقد أنَّه حرامٌ.
الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها
، وذلك من وجهين، أحدهما: أن جماعة من أهلِ البيت، عليهم السلام قد رَووا الإجماع على قبول الكُفارِ المتأولين منهم السَيدُ المؤيَّد بالله، والإمام المنصور بالله، والإمامُ المؤيدُ بالله يحيى بنُ حمزة عليهم السلام، وكذلك القاضي زيدٌ، والفقيهُ عبدُ الله بنُ زيد، وسيأتي بيانُ رواياتِهم في الفصل الثاني، إن شاء الله تعالى.
وقد قال السيد: إن روايةَ العدل المتنزه من البدع مقدمة على رواية المبتدع بالإجماع، وقاضي القضاة مبتدع عند الجميع، لمخالفته لأهل البيت عليهم السلام في مسائل قطعية فوجب ترجيحهم عليه، فكان يلزم السيد ذكر هذا إن كان يعرفه.
وثانيهما: معارضة القاضي برواية الخلاف، فقد رواه عددٌ كثير، وجمٌّ غفير، وسوف يأتي الكلامُ على هذا في الفصل الثاني. وقد أشار السيد إلى هذا الوجه الثاني، ورجَّحَ رواية القاضي بما يأتي بيانُه، والجوابُ عليه، إن شاء الله.
قال: وكذلك السَيدُ أبو طالب حكى الإجماع في كفار التأويل.
(1) من قوله: " حتى منع " إلى هنا ساقط من (ج).
أقول: يَرِدُ على هذه الدعوى للإجماع من طريق أبي طالب عليه السلام إشكالات:
الإشكالُ الأوَّل: أن السَّيِّد قد أقرُّ في آخر كتابه في المسألهَ الثانية أنَّ الشيخَ أحمد روى عن أبي طالب قريباً من الإجماع. هكذا نصَّ السيدُ في كتابه، ثم لما وصل إلى هذا المكان جعله إجماعاً، ولا شكَّ أن بَيْنَ الشيء وبَيْن ما هو قريبٌ منه فرقاً ظاهراً، لأن الشيء غيرُ ما هو قريبٌ منه بالضرورة، فكيف استحل السيدُ أن يرويَ عن أبي طالب أنَّه روى الإجماع على الإطلاق مع إقرار السَّيِّد أنَّه ما روى إلا قريباً من الإجماع؟! وكيف لو لم يتقدم مِن كلام السيدِ ما يَشْهَد ببُطلانِ دعواه هذه، ألم يكن الواقفُ عليها يغترُّ بها، ويبني عليها حُكماً شرعياً. وليت شعري ما حدُّ مقاربة الإجماع، فهذه عبارة غريبة ما علمتُ ذكرها أحد من العلماء، ويُقوي ذلك أن السيدَ أبا طالب شَحَن كتابه " الأمالي " بالرواية عن أئمة الحديث المخالفين في الاعتقاد كالحافظِ أبي أحمد عبدِ الله بن عدي شيخِ أبي طالب روى عنه في " أماليه " مشافهةً قدرَ تسعين حديثاًً، وخرَّج فيه حديثَ أبي داود، وابنِ ماجة، وابنِ السُّني، وأحمدَ بنِ حنبل، وابنِهِ عبدِ الله بن أحمد بن حنبل، ومالكٍ، وعبدِ الرحمانِ بنِ أبي حاتِم، والحسنِ بن سفيان النَّسوي، والحارثِ بن محمد بن أبي أسامة، والأنباري وهو محمد ابن القاسم (1) كذا وجدته بخطي، قال ابن الأثير في " الجامع ": وهو
(1) هو الحافظ العلامة شيخ الأدب أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار النحوي صاحب التصانيف الكثيرة في علوم القرآن والغريب والمشكل والوقف والابتداء المتوفى سنة 328 هـ، وكان -كما وصفه الإمام الذهبي- من أفراد الدهر في سعة الحفظ والصدق والدين. " تذكرة الحفاط " 3/ 842 - 844 وهو مترجم في " سير أعلام النبلاء " 15/ 274 - 279.