الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصحاب الشافعيِّ، وقد أجمع أئمة العِترة عليهم السلام وشيعتُهم على أنه لا يجوز خُلُوُّ عصرٍ من الأعصارِ إلى يومِ القيامة من عالمٍ مجتهدٍ مِن أهل البيت عليهم السلام، فكيف يسوغُ القولُ بخلوِّ هذه الأعصارِ كُلِّها عن ذلك، من رأسِ مئتي سنةٍ إلى هذه الساعة، بل إلى قيامِ الساعة، وما المُوجِبُ لهذا القولِ؟ وما المُلْجِىء إلى هذا الاختيار؟ كل هذا حتى لا يُسَلَّمَ لمحمدِ بنِ إبراهيم أنَّه قد عرف أدِلَّةَ التأمينِ، وإمساك الشمالِ باليمين، وكأنَّ توجيه التجهيل إلى محمد بن إبراهيم بالنصِّ دونَ التلويح أقل ذنباً وأحمدُ عُقبى من نسبة الجهلِ إلى جميع ذوي القربى.
المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي
من العلماء الجِلّة، وكان أئمةُ الملة من غير أهلِ البيت عليهم السلام مثل عبدِ الملك بن حبيب، وقتيبة، وسُحنونَ، وأبي ثور، وأحمدَ، وإسحاق، ومحمد بن إسماعيل البخاري، والزعْفَراني، ومسلمِ بنِ الحجاج القُشيْرِيِّ، وداودَ بنِ علي الفقيه، وبقيِّ بن مَخْلَدٍ الكبير العلامة صاحب المسند، والتفسيرِ اللذَيْنِ لم يُصَنَّفْ مثلُهما، وأبي قِلابَةَ، والتِّرْمذيِّ، وأبي القاسم عثمانَ بن سعد بن سيّار (1) الفقيه، ومن لا يُحصى مِن أهل هذه الطبقة، وبعدَهم في الطبقة الثانية خلائق أيضاً لا يأتي عليهم العَدُّ بذكر اليسير مِن عيونهم على جهة التمثيل دون التفصيل مثل الشيخ أبي علي الجُبائي شيخ الاعتزال، وابن سُرَيْج، وابن سفيان (2) الفقيه، ومحمدِ بن جريرٍ الطبَرِيّ العلامة، وإمامِ الأئمة ابنِ خُزَيْمة، وإمامِ الحنفية الطحاوي، وإمامِ الكلام أبي هاشم بن أبي علي، والفقيه
(1) في (ج): يسار، وهو تحريف.
(2)
هو الحسن بن سفيان النسوي المتوفى سنة 303 هـ، مترجم في " السير " 14/ 157.
أبي إسحاق المرْوَزِي، والعلامة قاسم بن أصبغ، وشيخ الحنفية أبي الحسن الكَرْخي، وأبي علي بنِ أبي هُريرهَ الفقيه، وأبي بكر عبد العزيز الفقيه، وأبي الحسن محمد بن علي الماسَرْجِسي الفقيه، والحافظِ الدارقطني، والعلامة أبي سليمان الخطابي، وعلي بن عمر بن القَصار المالِكي.
ثم بعدَ أربع المئة أبو بكر محمد بن موسى الخُوارزْمي شيخ الحنفية، وأبو حامد شيخ الحنابلة، وأبو علي الدقاقُ، وعبدُ الغني الحافظ، والعلامة قاضي القضاة عبدُ الجبار، والعلامةُ شيخُ الاعتزال أبو الحسين البَصري، وأبو محمد علي بنُ أحمد الفارسي المعروف بابن حَزْم، والحافظ البيهقي، وأبو القاسم بن فُوران (1) الفقيه، والحافظ أبو بكر الخطيب، وأبو نصر بن الصَّباغ، وأبو علي بن الوليد المغربي، وشيخ الإسلام أبو إسماعيلَ، وأبو بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه، وشيخ الإسلام أبو الحسن الهَكَّاري، والحافظُ الكبير الحُمَيْدي، ونصرٌ الفقيه، ومَنْ لا يأتي عليه العدُّ مِن أهل هذه الطبقة.
ثم بعد خمس المئة العلامةُ البحر شيخُ الحنابلة أولاً، ثم شيخُ الاعتزال (2) آخراً ابنُ عَقيلٍ المعتزلي صاحب كتاب " الفنون " الذي يأتي في
(1) هو عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فوران المروزي المتوفى سنة 461 هـ، له المصنفات الكثيرة، وطبق الأرض بالتلامذة، له وجوه جيدة، مترجم في " سير أعلام النبلاء " 18/ 264 - 265 رقم الترجمة 133.
(2)
في وصفه بشيخ الاعتزال آخراً نظرٌ ظاهر، فقد قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " 4/ 243: وهذا الرجل من كبار الأئمة " نعم كان معتزلياً، ثم أشهد على نفسه أنه تاب عن ذلك، وصحت توبته، ثم صنف في الرد عليهم.
قلت: وفي " ذيل طبقات الحنابلة " 1/ 144 أن ابن عقيل مضى إلى بيت الشريف أبي جعفر، وصالحه وكتب بخطه ما نصه: إني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعة الاعتزال وغيره، ومن صحبه أربابه، وتعظيم أصحابه، والترحم على أسلافهم والتكثر =
أزيدَ من أربع مئة مجلد كبار، ومحيي السنة البغَوِي، والعلامةُ الزمَخشري، والعلامةُ عِياضُ اليَحْصُبي القاضي المالكي، وأبو بكر بن العربي، وأبو سعد محمد بن يحيى الفقيه، وطبقتهم.
ثم بعدَ الخمسين وخمسِ المئة العلامة ابنُ ناصر (1)، وأبو الحسنُ الفقيه العلامة، وأبو سعد السمعانِي، والحافظُ الكبير ابنُ عساكر، والحافظُ السلَفي، والفقيهُ يونسُ بنُ محمد، والحافظ أبو موسى المدِيني، والحافظُ النقَاد أبو بكر الحازمي، والعلامةُ ابنُ الجوْزي، وطبقتهُم.
ثم بعدَ ست المئةِ الحافظ عبد الغني، والعلامةُ عبد الحق (2)، وعالم الشام ابنُ الصَّلاح.
ثم بعدَ خمسينَ وست المئة العلامةُ ابن تَيمية (3)، وأبو بكر ابنُ سيد الناس (4)، وابنُ عبد السلام، والعلامة النواوِيْ، والمحبُّ الطبَريْ وطبقتُهم.
= بأخلاقهم، وما كنت علقته، ووجد بخطي من مذاهبهم وضلالاتهم، فأنا تائب إلى الله تعالى من كتابته، ولا تحل كتابته، ولا قراءته، ولا اعتقاده.
وأنظر لزاماً ترجمته في " السير" 19/ 443 رقم الترجمة (259) وتعليقاتنا عليها.
(1)
هو أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي الدار، الفارسي الأصل المتوفى سنة 550 هـ مترجم في " مشيخة ابن الجوزي، ص 126 - 129.
(2)
من يسمى عبد الحق اثنان، وليسا من هذه الطبقة، الأول عبد الحق بن عبد الرحمن ابن عبد الله الأزدي الإشبيلي صاحب " الأحكام الكبرى " المتوفى 581 هـ، والثاني: عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية صاحب "المحرر" في التفسير المتوفى سنة 541 هـ انظر " السير " 19/ 586 و21/ 198.
(3)
الذي يندرج في هذه الطبقة من آل تيمية اثنان الأول صاحب " المنتقى " محب الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر المتوفى سنة 652 هـ، والثاني ولده الشيخ الإمام العلامة المفتي شهاب الدين أبو المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام المتوفى سنة 682 هـ.
(4)
هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيد الناس اليعمري الأندلسي الحافظ المتوفى سنة 661 هـ، وهو غير الحافظ ابن سيد الناس صاحب " عيون الأثر " فهذا وفاته سنة 734 هـ، وسيذكره المصنف في من هو بعد السبع مئة.
ثم بعدَ سبع المئة الشيْخُ العلامة أبو الفتح محمدُ بن علي بن وهب القُشيري إمامُ المعقول والمنقول، وشمسُ الدين السُروجي عالم الحنفية، وأبو الوليد (1) إمام المالكية، وشيخ الحِلَّة العلامةُ الكبيرُ جمال الدين حسنُ ابن المطهر (2) المعتزِلي، وشيخُ الشافعية برهان الدين ابن التاج (3)، وشيخا الحنابلة مجدُ الدين (4)، وتقي الدين (5)، وشيخ بلد الخليل البرهان الجعبْري المقرىء (6)، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة الكناني (7)، والعلامةُ الحافظُ ابن سيدِ الناس، والعلامةُ زينُ الدين عمر الكتاني (8)
(1) المعروف من شيوخ المالكية ممن يكنى بأبي الوليد ثلاثة، وليس واحد منهم يندرج في هذه الطبقة، فالأول: صاحب " المنتقى " شرح الموطأ أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي المتوفى سنة 474 هـ، والثاني: صاحب " المقدمات والممهدات " قاضي الجماعة أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد المتوفى سنة 520 هـ، والثالث: صاحب " بداية المجتهد " محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد المتوفى سنة 595 هـ.
(2)
توفي سنة 726 هـ مترجم في " الدرر الكامنة " 2/ 71، و" لسان الميزان " 2/ 317، و" البداية " 14/ 125 وهو صاحب كتاب " منهاج الكرامة " الذي رد علي فيه شيخ الإسلام بكتابه العظيم " منهاج السنة ".
(3)
توفي سنة 728 هـ مترجم في " طبقات الشافعية " لابن شهبة 2/ 317.
(4)
هو إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن الفراء الحراني " ثم الدمشقي الفقيه الإمام الزاهد مجد الدين أبو الفداء شيخ المذهب المتوفى سنة 729 هـ " ذيل الطبقات " 2/ 408.
(5)
هو عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن أبي البركات البغدادي فقيه العراق، ومفتي الآفاق تقي الدين أبو بكر المتوفى 729 هـ " ذيل الطبقات " 2/ 410.
(6)
وفاته سنة 732 هـ مترجم في " البداية " 14/ 160، و" الدرر الكامنة " 1/ 50، و" الأنس الجليل " 2/ 496، و" طبقات السبكي " 9/ 398.
(7)
هو بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الشافعي المتوفى سنة 733 هـ انظر ترجمته في " البداية " 14/ 163، و" الدرر الكامنة " 3/ 280، و" شذرات الذهب " 6/ 105.
(8)
في الأصول: " الكناني " بالنون، وهو تصحيف، قال الحافظ في " تبصير المنتبه " 3/ 1208، والعلامة زين الدين عمر بن أبي الحرم الكتاني، ويعرف بالكتناني بزيادة نون، أخذ عنه جماعة من شيوخنا. قلت: له ترجمة في " الدرر الكامنة " 3/ 961، و" طبقات الشافعية " للسبكي 10/ 377، و" حسن المحاضرة " 1/ 425، و" ذيول العبر " 23، توفي سنة 738 هـ.
وطبقتهم.
وبعدَ هؤلاءِ على رأسِ ثماني مئة سنة شيخُ الإسلام البلقيني، والعلامة سِراج الدين ابنُ النحوي الأنصاري، وحافظُ العصرِ زينُ الدينِ العراقي العلامة، وطبقتُهم.
فهؤلاءِ وأضعافُهم مِن أهل هذه الطبقاتِ، ومنْ هو أَجَلُّ منهم ممن لم نذْكُرْهُ مِن الأئمة والسادات كُلُّهُمَ قد غَمَصهُمْ السَيدُ -أيدَهُ اللهُ- تصديقاً لبعض الشافعية، وحرصاً على توعير المسالك العلمية.
والعجبُ أنَّ السَّيِّدَ منع الاجتهاد بعدَ مئتي سنةٍ من الهِجرة، وإنما تمهدَت قواعد الاجتهاد، واشتهر التحقيقُ والانتقادُ بعدَ هذا التاريخ، فإنها تمكنتْ بعدَ ذلك مملكة الإسلام، ونشأ فيها العلماءُ الأعلام حتى كان المجلسُ الواحدُ بعدَ خمسين ومئتين من الهجرة يَجتَمِع فيه قدرُ مئتي إمام قد بَرَزوا، وتأهلُوا للفُتيا، هكذا نقلَه أهلُ المعرفة بعلم الرِّجال والدِّرية في التاريخ، ولقد صنَّفَ الحافظُ المِزِّي كتابه " تهذيب الكمال " في مئتي جزء، وخمسين جزءاً (1)، وصنَّفَ الفَلَكِيُّ (2) في هذا العلم ألف جزءٍ، وصنف غير واحد من الحفاظ ما لا يأتي عليه العَد من المصنفاتِ البسيطةِ والمختصرة في نقدِ الرجال، والتعريفِ بأحوالهم، وتفاوتهم في مراتب العلم، والفضل، لئلا يلتبِسَ الفاضلُ بالمفضول، ويختلِطَ الخبيثُ
(1) وقد باشرت مؤسسة الرسالة نشرة نشرة علمية محررة بتحقيق د. بشار عواد، وبمراجعتي وتخريج أحاديثه انتهي منه إلى القراء سبع مجلدات، والثامن في الطريق إليهم إن شاء الله. وسيقع في أربعين مجلداً أو أقل بقليل، يسر الله إتمامه.
(2)
هو الحافظ البارع أبو الفضل علي بن الحسين بن أحمد بن الحسن الهمذاني المشهور بالفلكي المتوفى سنة 427 هـ مترجم في " السير " 17/ 502 - 503 رقم الترجمة (325) وفيه: صنف الكتب منها الطبقات الملقب بـ " المنتهي في معرفة الرِّجال " ألف جزء.
بالطيب، والذُّنابى بالقَوادمِ، والأئمة بالعامة.
فمن طالع كُتُبَ الانتقاد، وَأنِسَ بعلم الرجالِ، عَلِمَ أن الله تعالى لم يُخْلِ العبادَ والبلاد من حُجَةٍ لله تعالى من العِترة الطاهرةِ، وأشياعِهم نجوم العلم الزاهرة، وسائر العلماء الأعلام في جميع مملكة الإسلام.
الوجه الثاني: مِن الجواب على توعير السيد -أيَّدهُ الله- لمسالك العلم بقول بعض أصحاب الشافعي أن نقول: إما أن يكونَ الذي حمل هؤلاء على هذا القول هو أنَّهم نظروا إلى ما اختُص به الإمامُ الشافعي من التبحُّر في الفقه، والتضلُّع في العلم، وسائر ما وهب الله له مِن الكثيرِ الطيب من المناقبِ العزيزةِ، والمعارف الغزيرة، وهذا مُسلَّم لهم، فإنَّ الشافعي رحمه الله إمامُ الإسلام بلا مُدافعةٍ، وَحَبْر الأمة بلا منازعةٍ، لكنهم لما رأوْا كثيراً ممن بعدَه مِن الفقهاء، أو ظنُوا أن جميعُ منْ بعده من العلماء لا يلحقون بشأوه في سَعَة العلم، وحُسن الفهم، قضَوْا بتعذُّرِ الاجتهاد بعده ظناً منهم أن من لم يَكُنْ مثلَه رحمه الله، فليس بمجتهد، فهذا غلطٌ عظيم، ووَهْمٌ فاحش، فإنه لا يلزمُ -إذا فضل اللهُ الشافعي على كثير من خلقه، وأعطاه من العلم أكثر من القدر الواجب في حقِّ المجتهد- أن يُحَرم الاجتهادُ على العلماء من بعده، ألا ترى أنا نقول: إنَّ عليّاً عليه السلام أعلمُ الأمة على الإِطلاق، ولم يلزم أنَّه لا مجتهدَ بعده.
وتلخيصُ هذا الوجه: أن للعلم شروطاً محصورةً، ورسوماً معروفة، من جمعها كان عالماً، ومن حازها، صار مجتهداً، وإن كان علي عليه السلام، والهادي عليه السلام، والقاسم أعلم منه، والشافعي، ومالكٌ، وأبو حنيفه أفقه منه. وإنما يَصحُّ كلامُهم لو قد ورد نص شرعي، أو إجماعٌ قطعي أن شرط الاجتهاد أن يكونَ المجتهدُ مثل
الشافعي في علمه وفِطنته، ونظيرَه في مهارته، وبراعته، وهذا ما لا يقولُ به منصِفٌ، ولا يَرْتَضي عاقلٌ أن يُنْسَبَ إِليه، وقد أجاد من قال في هذا المعنى:
كُنْ عَيْنَ عَصْرِكَ أَو كُنْ مِنْ عُيُونِهُم
…
وَعَدِّ عَنْ زَمَنٍ بالأمْسِ مَطْمُوسِ
وَمَا عَلَيْكَ إِذَا لَمْ تَرْقَ مَرْتَبتَيْ
…
أَبي حنيفة والحبر ابنِ إدرِيْس
وأما إن قالوا: إن ذلك متعذِّر لمثل ما قاله السَّيِّد مِن تهويل شأنِ الاجتهاد، والاستنكارِ لحصوله، والاستبعادِ، فإنا نقول لهم: بَيَنُوا لنا هذا الأمرَ العظيمَ الذي تعذَّرَ بعدَ الشافعي على جميع أمةِ الرسول عليه السلام مِن جميع طوائف الإسلام من العلماءِ الأعلام، وشُعَلِ الذكاءِ المتَّقدة، وَنُقَّادِ النظار مِن كل فِرقة في مقدارِ ستة قرون، وهل شرائط الاجتهادِ بعدَ صِحة الإسلام إلاّ قراءة ثلاثةِ فنون: اللغة العربية لفظاً وإعراباً ومعانيَ، والأصولِ، والحديثِ، وجمعُ قدرِ مئتي آية، ومسائلِ الإجماع في كُرّاس أو اثنتين، فإن عَرَضَتْ مسألةٌ دقيقة، وحادثةٌ عويصة راجع المجتهدُ فيها المبرِّزينَ من العلماء، والكُتُبَ الحافِلة من المصنَّفات، كما لم يَزَلْ أهل العلم يفعلون، فإن عَرَفَها، وإلا توقَّفَ فيها كما توقَّف خلق من العلماء (1) في كثيرٍ من المسائل، ولا بُد مِن قراءةِ كتابٍ حافل في كُلِّ فَنٍ من هذه الفنونِ قراءةَ بحثٍ وإتقانٍ، وأصعبُها علمُ العربية، وقد تقدَّمَ بيانُ المحتاج إليه منه، والاستدلالُ على ذلك، وبقيةُ الفنون بعدَه في غاية السُّهُولَةِ على أهل الفِطنة والرغبة، وما أعلم أنَّ أحداً مِن جماهير العلماء نصَّ على أكثر من هذا في شرائط الاجتهاد، لا مِن المتقدمين، ولا مِن المتأخرين، ولا مِن المُيَسيرينَ، ولا مِن المعسِّرينَ. وهذه مصنفاتُ
(1) في (ب): من المتقدمين العلماء.