المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوجه الثاني: مما يدل على صحة دعوى الإجماع - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌أقولُ: هذه الحجةُ الثانيةُ من حُججِ السَّيِّد في هذه المسألةِ، والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّ المنقولَ في كتبِ الشافعيةِ نقيضُ ما ذكرتَه

- ‌النظرُ الأوَّلُ: مِن قَبِيلِ المعارضاتِ وهو أن نقولَ: إيرادُ مثلِ هذا الكلامِ مُمْكِنٌ في المجتهد والمقلد

- ‌النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة

- ‌النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلَاّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل

- ‌النظرُ الثَّامِنُ: أن نقولَ: المجتهدُ: هو المتمكِّنُ مِن معرفة الأحكام الشرعية

- ‌النظرُ التاسِعُ: أن الاجتهادَ وشرائِطَه مِن قواعدِ الإسلامِ

- ‌البحث الثاني: هذا تجريحٌ مِن السَّيِّدِ للغزالي، والتجريحُ له شرائطُ معروفة

- ‌البحث الرابع: احتج السَّيِّدُ على أن الغزالي يُعَسِّرُ الاجتهادَ

- ‌المرتبة الأولى: المنازعة في قِلَّة المجتهدين، ولنا فيها طرق:

- ‌الطريق الأولى: مِنْ أينَ للسَّيِّدِ ثبوتُ هذه الروايةِ عن الغزالي

- ‌الطريقُ الثانية: سلمنا صِحَّتَها عنه، فكيف استندَ السَّيِّدُ إلى تصديقِه في كلامه

- ‌الطريقُ الخامسة: أنا نُعارِضُ كلامَ الغزالي بما رواه مَنْ هُوَ أَرْجَحُ

- ‌الطريق السابعة: أن اجتهادَ أولئك الذينَ ذكرهم السَّيِّدُ يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد

- ‌وثانيهما: أنا نبَيِّنُ أن افتراقَنا في معرفة العربية ليس يقتضي تعسيرَ الاجتهاد على الإِطلاق لوجهين:

- ‌أحدُهما: أن أكثر آيات الأحكام، وأحاديثه لا تحتاج إلى قراءة العربية في فهم معناها، والدليل على ذلك حُجتانِ:

- ‌الحجة الثانية: على أنَّه لا يقتضي الافتراقُ في العربية تعسيرَ الاجتهاد

- ‌أقول: الجوابُ على ما ذكره من تجهيل هذا الصاحب الجليل من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أن الظاهرَ خلاف ما ذكر

- ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

- ‌الجوابُ عما نسب إلى أبي هريرة وأمثاله من أفاضل السلف المتواتر فضلُهم، وعلو مراتبهم مِن وجوه

- ‌الوجه الثاني: أنَّهُ قد تواتر عن أبي هُريرة أنَّه كان أرفعَ حالاً من هذه المنزله

- ‌الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة

- ‌الوجه الثاني: أنَّه قد ثبت في هذا الحديثِ من الاختلاف والاضطراب شيءٌ كثيرٌ

- ‌الوجه الثالث: أن أبا هريرة إِنما روى الحديثَ الذي احتجَّ بهِ

- ‌وثانيها: أن يكونَ أخذ الولاية على ذلك

- ‌وثالثُها: أنَّ مجرد الولاية إما أن تكون ظنيةً أو قطعية

- ‌المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقدٌ على اجتهادهما

- ‌الأول: إن هذا يحتاجُ إلى طريق صحيحة

- ‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

- ‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

- ‌المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر

- ‌أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد

- ‌الثالث: إن السيدَ ذكر في كتابه أنهما غيرُ محققين، ولا مُوَفَّقَيْنِ بهذا اللفظ، ثم احتج على تعسُّرِ الاجتهاد بجهلهما

- ‌المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي

- ‌الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة

- ‌الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه

- ‌الإشكال السابع: أنك قد حَكَيْتَ عن قاضي القضاة أنَّه يقبلُ فُسَّاقَ التأويل

- ‌الإشكال الثامن: أنك ساويتَ بين المتعمِّدِ للمعصية والمتأوِّلِ

- ‌الإشكالُ التاسع: أن السَّيد قد منعَ من الرواية عن العلماء إلا بعدَ تحصيلِ إسنادٍ صحيحٍ

- ‌الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها

- ‌الإشكال الثاني: أن السيد روى هذا الإجماعَ

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامِهِ هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ ابنَ الحاجب

- ‌الإشكال الثالث: أن السيد قد أقر -فيما تقدم- أن ابن الحاجب لم يرو الإجماعَ على ردِّ كفار التأويل

- ‌الإشكال الثاني. أن السَّيِّد توهم أن راوي الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ

- ‌الإشكال الرابع: أنَّه رَجَّح بمخالفة الأصل، والترجيحُ بها مختلف فيه

- ‌أقول: في كلامِه هذا إِشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّ السيدَ قال: فهو مروي مِن أئمتنا عن المؤيَّد

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ

- ‌الإِشكالُ الرابع: سلمنا أن تخريجَ القبول مساوٍ لتخريج الرَّدِّ غيرُ راجح عليه، فالقبولُ أولى

- ‌أقول: في كلامه هذا إشكالات:

- ‌تنبيه: غيرُ خافٍ على أهل النظر أن أهلَ العلوم العقلية

- ‌الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن

- ‌الطريق الأولى: أنَّه قد ورد في السمع ما يَدُلُّ على أن الفاسق كان في ذلك الزمان يُطلق على الكافر

- ‌الإشكالُ الثاني: أنا نقول: قد ورد في اللغة ما يَدُلُّ على أن الفسق تعمدُ المعصية، وأن الفاسقَ المُتَعَمِّدُ

- ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

- ‌الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر

- ‌الإشكال السادس: أن الاستدلالَ بهذه الآية الكريمة من قبيل مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال السابع: أن الآية الكريمة نزلت في حقوق المخلوقين

- ‌الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر

- ‌الإشكالُ السادسَ عشر: أنَّ لهذه الآية معارضاتٍ كثيرة

- ‌الإشكال السابع عشر: أن لهذه الآيةِ مخصصاً

- ‌الأول: أجمع العقلاءُ من أهل الإِسلام وغيرِهِم على أن الإنسانَ يرجِعُ إلى تصديق عدوِّه وقبولِ كلامه

- ‌الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى

- ‌الخامس: أنَّ شهادة بعضهم على بعض مقبولةٌ

- ‌الإشكال الثاني: أن الاحتجاجَ بهذه الآية لا يَصِحُّ

- ‌الإشكال الثالث: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال السادس: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال السابع: أن الآيةَ مِن قبيل العموم

- ‌الإشكال الثامن: أن في العلماء من قال: العمومُ مشترك

- ‌الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع

- ‌الإِشكال الثاني عشر: أن المتأوِّل يُسَمَّى مسلماً بالنص

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن المتأوِّل يسَمَّى مؤمناً

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن السيدَ استدل على أن قبولَ قولهم ركونٌ إليهم

- ‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

- ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

- ‌الإِشكال التاسع عشر: أن لِهذه الآيةِ معارضاً يَدُلُّ على قبولِ المتأولين

- ‌الإِشكال الموفي عشرين: أن السَّيِّد قاس قبولَ تحريم المتأوِّلين فيما بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمِ قبول ثقيف في تبديل شريعةِ رسول الله

- ‌الإشكالُ الحادي والعشرون: أنَّه يَلْزَمُ من الاحتجاج بهذه الآية تفسيقُ مَنْ قَبِلَ المتأوِّلين

- ‌أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد بهذه الآية إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أنَّه ترك بيان وجه الاستدلال

- ‌الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ

- ‌الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق

- ‌الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين

- ‌الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر

- ‌الإِشكال التاسع: أن هارون عليه السلام نبيٌّ مرسل

- ‌الإشكال العاشر: أن الآية إما أن تَرِد على المعنى الذي ذكرنا مِن العُرف السَّابِق إلى الأفهام

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ

- ‌الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن المتأوَّلين من هذه الأمة ما كانوا موجودين في زمان هارون عليه السلام

- ‌الإِشكال السابع عشر: أنهم كانوا يُسَمَّوْنَ مسلمين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه كان يلزمُه إبطالُ القول بأن العمومَ مشترك

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أن لهذه الآية مخصصاتٍ

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: أن هذا العمومَ مخصوصٌ

- ‌أقول: أطلق السَّيِّد هذه الآيةَ، ولم يُبين وجهَ الاحتجاج بها

- ‌الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب

- ‌الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى

- ‌الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة

- ‌الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم

- ‌الإِشكال الثامن: كان يجب على السَّيِّدِ بيانُ أن الأمرَ للوجوب

- ‌الإِشكال التاسع: أن المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان

- ‌الإشكال العاشر والحادي عشر: أنهم كاْنوا يسمَّون مسلمين ومؤمنين

- ‌الإشكال الثالث عشر: أنَّه قد حرَّجَ في تفسير القرآن العظيم ثم فسَّرَ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن العلماء اختلفوا في عموم المنطوق:

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّا بَينَّا أن في قبول المتأولين دفع مضار العقاب

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أن الآية دليلٌ على وجوب قبول المتأوِّلين

- ‌الإشكال الحادي والعشرون: أن هذه الحجة لا تَصحُّ إلا بعدَ عدم المعارض

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: هو الإشكالُ الثاني في الآية التي قبل هذه الآية

- ‌أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث

- ‌الإشكالُ الثالث: سلَّمنا أن الحديثَ صحيح، لكنه آحادي ظني

- ‌الإشكال الرابع: أن السَّيِّد قد عَظَّمَ القولَ في تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الخامس: أن في هذا الحديث عموماً

- ‌الإِشكال السادس: أن ذلك المخصصَ موجود

- ‌الإشكال الثامن: أن ذلك المعارض موجودٌ

- ‌الإشكال التاسع: يحتمل أن يكونَ منسوخاً

- ‌الإشكال العاشر: أن هذا الحديثَ مِن العمومات الواردة في العمليات

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاحتجاجَ بالعُموم يحتاج إلى الاجتهاد

- ‌الإشكال الثاني عشر: أنَّه يحتمل أن هذا العمومَ ورد على سبب

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر

- ‌الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك

- ‌أقولُ: في الاحتجاج بهذا الحديث من الإشكالات الثلاثة عشر الذي في الحديثين الأول والثاني، ويختص بإشكالين بعدَها أولُهما

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد

- ‌أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات

- ‌أقول: لما فَرَغَ السَّيِّد من الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، عطف عليه الاستدلالَ بالقياس، وَيردُ على ذلك إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أن القياسَ لا يَصِحُّ الاستدلالُ به في المسائل القطعية

- ‌الإِشكال الثاني: أن الإجماعَ موجودٌ على خلافِ هذا القياسِ

- ‌الإِشكال الثالث: لا يَصِحُّ الاستدلالُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإِشكال الرابع: إذا سلَّمنا صحةَ القياس، فلا يصح الاحتجاجُ به في مسألتنا هذه

- ‌الإِشكال الخامس: أن المخصص لتلك العلة موجودٌ

- ‌الإِشكال السادس: أنَّه لا يصح الاجتهادُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإشكال السابع: أن المعلوم أن هذا القياسَ بعينه قياسٌ ظني

- ‌الإشكال الثامن: أن شرط الاحتجاج بالقياس عدمُ النصوص

- ‌الإشكال التاسع: أن الاحتجاجَ بالقياس من خواصِّ المجتهدين

- ‌الإشكال العاشر: احتج السيدُ على أن المنصب هو العلة، لعدم استحقاق المتأوِّلين له

- ‌الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا

- ‌الحجة الثامنة: ورد الشرعُ بشاهدٍ ويمينٍ

- ‌المسألة الثانية: أن يكونَ أحدُ الراويين مثبتاً، والآخرُ نافياً

- ‌المسألة الرابعة: أن يكونَ أحدُ الراويين لا يستجيز الروايةَ بالمعنى

- ‌المسألة الخامسة: أن يكون أحدُ الراويين أكثرَ ذكاءً وفِطنة

- ‌المسألة السادسة: قال العلماءُ: لا يَصِحُّ أن يشهد الشاهدُ لنفسه

- ‌المسألة السابعة: شهادةُ الوالد لأولاده وأحفادِه وشهادة الأولاد لآبائهم وأجدادهم

- ‌المسألة الثامنة: شهادةُ الصَّديق لصديقه

- ‌المسألة التاسعة: شهادةُ العدو على عدوِّه

- ‌المسألة العاشرة: شهادةُ أحدِ الزوجين للآخر

- ‌المسألة الثانية عشرة: تهمةُ الحاكم في إقراره بالحكم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حُكْمُ الحاكم لأولاده وأحفاده، وعلى أعدائه

- ‌المسألة الرابعة عشرة: طولُ العهد بالتعديل والتزكية

- ‌المسألة السادسة عشرة: لو شهد لعدوه على أبيه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته

- ‌المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق

- ‌المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية

- ‌الوجه الأول: أن قولَ السَّيِّد إنَّهم لا يرتدِعُونَ

- ‌الوجه الثاني: اعْلَمْ أن الحاملَ على المحافظة على الخيرات

- ‌الوجه السادس: أن اعتقادَهم لو كان حاملاً لهم على الكذب، لحملَهم على ترك الصلاة

- ‌الوجه الثامن: أن الملائكةَ والأنبياء قد أَمِنُوا مِن الموت على الكفر

- ‌الوجه الحادي عشر: أن الإرجاء ليس بكفرٍ ولا فسقٍ

- ‌الوجه الأول: أن السيدَ منازع في كون هذا مذهبهم

- ‌الوجه الثالث: أنهم لو ذهبوا

- ‌أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

- ‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

- ‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

- ‌الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة

- ‌الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية

- ‌الإشكال الثامن: قد بَيَّنَّا أن جماعةً ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على خلاف قولِ السيدِ

- ‌الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن الأمة أجمعت على عدم التأثيم لمن خالف العموم

- ‌الإشكال الرابع عشر: استدل بهذه الأدلة، وكلها ظني

- ‌الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين

- ‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

- ‌الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله

- ‌الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد

- ‌الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام

- ‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

- ‌الفائدة الثانية: في ذكر ما اعترض به على الإجماع

- ‌الفائدة الثالثة: في الإِشارةِ إلى شهرةِ الخلاف في هذه المسألة

- ‌الحجة الثانية: إجماعُ العِترة

- ‌الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة

- ‌الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة

- ‌الحجة التاسعة: أنَّه يحصل بخبرهم الظنُّ لثبوت النص الشرعي

- ‌الحجة الثانية عشرة: أنَّه ينتفي الإجمالُ في الاشتراك

- ‌الحجة الرابعة عشرة: أنَّه قد ثبت أنَّه مَنْ أكثرَ من ارتكاب المعاصي الملتبسة

- ‌الحجة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

- ‌الحجة السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ

- ‌الحجة السابعة عشرة: قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

- ‌الحجة الثامنة عشرة: قوله تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ

- ‌الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌الحجة الموفية عشرين: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ

- ‌الحجة الحادية والعشرون: قولُه تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ

- ‌الحجة الثانية والعشرون: قوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

الفصل: ‌الوجه الثاني: مما يدل على صحة دعوى الإجماع

اعترضها، وقد مَرَّ جوابُ اعتراضه.

‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

هذه أنَّها دعوى صدرت مع القرائن الشاهدة بصدقها، وقد ذكر العلماءُ أن خبرَ الواحد مع القرائن يُفيدُ العلم، فكيف بخبر الجمِّ الغفيرِ من الأئمة الأعلامِ، وجميعِ فقهاء الإسلام إذا انضمَّ إلى القرائن العظيمة.

فإن قلتَ: وما تلك القرائنُ؟

قلتُ: اشتهارُ الرواية عن المتأولين قديِماً وحديثاً مع الموافق والمخالف من غير نكير، أما قديماً، ففي عصر الصحابة وهذا هو الإجماعُ الذي ادَّعاه هؤلاء الثقاتُ، وقد مَرَّ تقريرُه، وأما حديثاً -وهو الذي أردنا تأكيدَ ذلك الإجماع به- فإنَّ الناسَ ما زالوا يقرؤون كتبَ المخالفين، ويروون منها (1) في شرق الأرضِ وغربها (2)، فالزيديةُ يروون عن المخالفين في تصانيفهم، ويدرسون كتبَ المخالفين في مدارسهم، ألا ترى أن المعتمد في الحديث في التحليل والتحريم في كتب الزيدية هو " أصولُ الأحكام "(3) للإمام المتوكِّل على الله أحمد بن سليمان (4) عليه

(1) في (ب): عنها.

(2)

في (ب): ومغاربها.

(3)

واسمه الكامل: " أصول الأحكام في الحلال والحرام وما تبعها من الأحكام ". منه عدة نسخ في المكتبة الغربية بالجامع الكبير، انظر وصفها في " الفهرس " ص 50، ومن مؤلفاته أيضاً: كتاب " الزاهر " في أصول الفقه، و"حقائق المعرفة" في الأصول والفروع.

(4)

هو أحمد بن سليمان بن محمد بن المطهر، شمس الدين، الإمام المتوكل على الله ابن الهادي عليه السلام، ظهر في أيام حاتم بن عمران سنة (532) هـ، ودعا الناس إلى بيعته بالإمامة، فبايعه خلق كثير، وملك صعدة ونجران وزبيد، ومواضع أخرى من الديار اليمنية، ونشبت بينه وبين حاتم حروب، ثم تمَّ الصلحُ بينهما على أن يكون لكل منهما ما في يده من بلاد وحصون، وكانت له مع الباطنية حروب، وأضرَّ بأخرة، وتُوفِّي بحيدان من بلاد خولان. " بلوغ المرام " ص 39 و406، و" تراجم الرِّجال " ص 4.

ص: 332

السلام وقد ذكر في خطبته أنَّه نقل فيهِ من كتاب البخاري، وكتاب المزني، وكتاب الطحاوي ولم يُبين فيه ما نقله في هذه الكتب عمَّا نقله عن غيرها، وعلماءُ الزيدية وأئمتُهم معتمدون في التحليل والتحريم على الرجوع إلى هذا الكتاب منذ سنين كثيرةٍ، وقرونٍ عديدة، وكذلك " شفاءُ الأوام " صرَّح فيه بالنقل عنهم في غيرِ موضع، وكذلك محمد بن منصور الكوفي مصنف كتاب " علوم آل محمد " الذي يُعرف " بأمالي أحمد بن عيسى بن زيد " فنقل عنهم، وفيه مِن ذلك شيء كثير، لأنَّه يُسند، وفيه روايتُه عن البخاري نفسِه وصاحب " أصول الأحكام " وصاحب " شفاء الأوام " ينقلان عنه، بل هو مادتُهما وعُمْدَتُهما، والزيدية مطبقون على الأخذ منها، وكذلك " الكشافُ " فإن صاحبَه رحمه الله ممن يستحِلُّ النقلَ عنهم في " كشافه " ولا يُعلم في الزيدية من يتحرى عن النقل عن " الكشاف " وكذلك الحاكمُ (1) قد صرَّح بجواز النقلِ عنهم، واحتجَّ على ذلك بالإجماع، والزيدية مطبقون على الرجوع إلى كتبه مثل تفسيره " التهذيب "، وكتاب (2)" السفينة " وغيرهما، وكذلك المؤيد بالله، والمنصورُ بالله قد صرَّحا بجوازِ الرواية عنهم، ولا يُوجد في الزيدية من لا يقبلُ مرسلَ المؤيَّدِ والمنصور لجواز أن يكونا استندا في الرواية إليهم. فهذا في كتب الحديث والتفسير.

وأما كتبُ الأصول، فالزيدية معتمدون فيها على كتاب أبي الحسين (3) مع أنَّه يقبل فساقَ التأويلِ وكُفَّارَة، وعلى كلام الحاكم في

(1) هو الحاكم الجشمي محسن بن محمد بن كرامة، شيخ الزمخشري، المتوفَّى سنة (494) هـ.

(2)

في (ب): وكتابه.

(3)

محمد بن علي البصري المعتزلي، المتوفَّى سنة (436) هـ، واسم كتابه " المعتمد ".

ص: 333

أصول الفقه، ومُعتَمَدُهم في هذه الأزمان الأخيرة كتابُ الشيخ أحمد " الجوهرة "(1) مع شهرة بغيه على الإِمام الشهيد أحمد بن الحسين، وكتاب " منتهي السول " لأبي عمرو بن الحاجب، فإنه معتمد عليه في هذه الأعصارِ في بلاد الزيدية. وكتبُ الأصولِ، وإن كانت نظريةً، فإن فيها آثاراً كثيرة لا بُدَّ فيها من عدالة الرواةِ، وكذلك ما يتعلق برواية الإجماع الآحادي والألفاظ اللغوية.

وأما كتبُ القراءات فما زال الناس معتمدين على كتاب " الشاطبية "(2) آخذين بما وجدوا فيها ممَّا ليس بمتواترٍ. وأما كتبُ العربية، فلم يزل النحاة من الزيدية يقرؤون مقدمة طاهر وشرحه، وكذلك كتبُ ابن الحاجب في النحو والتصريف (3) مع ما اشتملت عليه من رواية

(1) اسمه الكامل: " جوهرة الأصول وتذكرة الفحول ". منه نسخة في المكتبة الغربية تقع في 81 ورقة كتبت سنة (389) هـ. انظر " الفهرس " ص 328.

(2)

نسبة إلى مؤلفها الإمام أبي محمد القاسم بن فيرة الرعيني الشاطبي المقرىء الضرير، المتوفَّى سنة (590). والشاطبية: قصيدة لامية من بحر الطويل في القراءات السبع، سماها " حرز الأماني ووجه التهاني "، وعدة أبياتها ألف ومئة وثلاثة وسبعون بيتاً، ومطلعها:

بدأتُ ببسمِ اللهِ في النظم أوَّلا

تباركَ رحماناً رحيماً وموْئلا

ولها شروح كثيرة، من أحسنها شرح أبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي المتوفَّى سنة (665) هـ، المسمى " إبراز المعاني من حرز الأماني "، وهو مطبوع. انظر " معرفة القراء " 2/ 573 رقم الترجمة (531).

(3)

وهما " الكافية " في النحو، و" الشافية " في الصرف، وقد تولى شرحهما أفضلُ المحققين العالم العلامة محمد رضي الدين بن الحسن الاستراباذي، وقد قال السيوطي عن " شرح الكافية ": لم يؤلف عليها، بل ولا في غالب كتب النحو مثله جمعاً وتحقيقاً وحسن تعليل، وقد أكبَّ الناس عليه، وتداولوه، واعتمده شيوخ العصر فمن قبلهم في مصنفاتهم ودروسهم.

وقد خرَّج شواهدَهما، وشرحها شرحاً وافياً بحيث لم يدع زيادة لمستزيد العالمُ الأديبُ عبد القادر بن عمر البغدادي المتوفَّى سنة (1093) هـ، سمى الأول مهما " خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب "، وقد طبع أخيراً في أحد عشر جزءاً بتحقيق عبد السلام هارون، والثاني -ويقع في مجلد- قد تم طبعه بتحقيق الأساتذة محمد نور الحسن، ومحمد الزفاف، ومحمد محيي الدين عبد الحميد.

ص: 334

اللغة والإعراب.

وأما المعاني والبيان، فالمعتمدُ عليه في هذه الأزمان الأخيرة كتاب " التلخيص "(1) في ديار الزيدية " وغيرها وهو من رواية الأشعرية.

وبعدُ، فهذه خزائنُ الأئمة مشحونة بكتب المخالفين في الحديث والفقه والتفسير والسِّيرِ والتواريخ، مشيرة إلى نقلهم عنها، واستنادهم إليها، فمنهم مصرحٌ بذلك في مصنفاته، وتكرر منه كالمنصور بالله عليه السلام، والسيد أبي طالب، والمؤيَّد باللهِ، فإنَّ أبا طالب يروي في " أماليه " عن شيخه في الحديثِ الحافظِ الكبير أبي أحمد عبدِ الله بن عدي (2) يُعرف بابن عدي وبابنِ القطان أيضاًً وهو صاحبُ كتاب " الكامل " في الجرح والتعديل، وأحد أئمة الحديث في الاعتقاد والانتقاد، وتراه إذا روى عنه، وصفه بالحافظ دونَ غيره، ومِنْ طريقه روى حديثَ النعمان بن بشير في الحلال والحرام والمتشابه (3) وهو الحديث الجليل الذي وصف

(1) لمؤلفه محمد بن عبد الرحمن بن عمر القزويني، المعروف بخطيب دمشق من أحفاد أبي دُلَف العجلي المتوفَّى سنة (739) هـ، وكتابه مشهور متداول، وقد لخصه من " مفتاح العلوم " للإمام أبي يعقوب بن أبي بكر محمد بن علي السكاكي المتوفَّى سنة (626) هـ. وهو من أجل المختصرات فيه. مترجم في " طبقات الشافعية " 9/ 158.

(2)

هو الإمام الحافظ الناقد الجوّال أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك الجرجاني المتوفَّى سنة (365) هـ، مترجم في " سير أعلام النبلاء "16/ 154 - 156، وقال السخاوي في " الإعلان بالتوبيخ " ص 586: كامله أكمل الكتب المصنفة قبله وأجلها، ولكن توسع لذكره كل من تُكُلِّمَ فيه؛ وإن كان ثقة، مع أنَّه لا يحسن أن يقال: الكامل للناقصين. ومما يؤخذ به ابن عدي طعنه في الرجل بحديث مع أن آفته الراوي عن الرجل دون الرجل نفسه، وقد أقرَّ بذلك الإمام الذهبي في مواضع من "الميزان". قلت: وكان -مع حفظه وإتقانه- كثير اللحن يظهر ذلك جليّاً في كتابه " الكامل "، وقد طُبع أخيراً في سبعة أجزاء طبعة غير محررة.

(3)

ونصه بتمامه: " إن الحلال بين، وإن الحرامَ بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام؛ =

ص: 335

بأنه ربع الإسلام مع أن النعمان من أشهر البُغاة على أمير المؤمنين وأهلِ بيته عليهم السلام، وكذا حديث " إنَّ هذا العِلْمَ دينٌ فانظروا عمن تأخذون دينَكم "(1)، وكذلك شيخُ المؤيَّدِ بالله (2) في الحديث هو الحافظُ الكبير محمد بن إبراهيم الشهير بابن المقرىء (3) وعامةُ رواية المؤيَّد بالله للحديث في " شرح التجريد " عنه عن الطحاوي الحنفي، وكذلك أبو العباس الحسني قد روى عن إمامِ المحدثين وابن (4) إمامهم صاحب " الجرح والتعديل " عبد الرحمان بن أبي حاتم (5) عن داود الثقفي (6) هو ابن يزيد أحد المجاهيل عن أبي داود الطيالسي أحد أئمة الحديث على كثرة أوهامه (7) عن

= كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حِمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ". أخرجه أحمد 4/ 267 و269 و270 و271، والبخاري (52) و (3051)، ومسلم (1599)، وأبو داود (3329) و (3330)، والنسائي 7/ 241، وابن ماجة (3984)، والترمذي (1205)، والبغوي، في " شرح السنة " (2031)، وأبو نعيم في " الحلية " 4/ 270 و336، و5/ 105، وابن المستوفي في " تاريخ اربل " 1/ 147 و204، كلهم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، وقد توسع الإمام الشوكاني في شرح هذا الحديث في رسالة سماها " تنبيه الأعلام على تفسير المشتبهات بين الحلال والحرام "، وهي مطبوعة في مصر باسم " كشف الشبهات عن المشتبهات ".

(1)

تقدم في الصفحة 234 من هذا الجزء أنَّه ليس بحديث، وأنه من كلام محمد بن سيرين.

(2)

هو أحمد بن الحسين بن هارون المتوفَّى سنة (421) هـ.

(3)

المتوفَّى سنة (381) هـ، مترجم في " السير " 16/ 398 رقم الترجمة (288).

(4)

سقطت من (أ).

(5)

انظر ترجمته مع أبيه في " السير " 13/ 247 - 263.

(6)

ترجمه ابن أبي حاتم 3/ 428، ونقل عن أبيه قوله فيه: شيخ مجهول.

(7)

هذه مبالغة من المؤلف، فأبو داود الطيالسي -واسمه سليمان بن داود- حافظ كبير، وصاحب مسند، وقد أثنى عليه غير واحد من الأئمة، ووثقوه، واحتجوا بحديثه، إلا أنه -كما يقول الذهبي-: أخطأ في عدة أحاديث؛ لكونه كان يتكل على حفظه، ولا يروي من أصله، وقال ابن سعد في " الطبقات " 7/ 298: ثقة كثير الحديث ربما غلط، تُوفي بالبصرة سنة ثلاث ومئتين، وهو يومئذ ابن ثنتين وسبعين سنة. انظر ترجمته في " السير " 9/ 378 - 384.

ص: 336

سهل بن شعيب، عن عبد الأعلى، عن نوفٍ هو البكالي ابن امرأة كعب (1).

وخرَّجه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام بحديثه الطويل، وخرجه أبو عبد الله السَّيِّد الجرجاني من طريق أبي داود الطيالسي عن سهل بن شعيب به.

وأما أحمد بن عيسى بن زيد، فعامة حديثه في " أماليه " عن حسين ابن علوان، عن أبي خالد الواسطي، عن زيد، فإن كان حسين بن علوان هو الكلبي -وهو الظاهر- فهو متكلم عليه كثيراً (2)، وكذلك أبو خالد.

وأما السَّيِّد أبو عبد الله الجرجاني، فروى عن محمد بن عمر الجِعابي (3) من غير واسطة، وعن الطيالسي بواسطة كما مر في حديث نوف البكالي وهو كثيرُ التسامح في الراوية حتى إنَّه روى في " سلوة العارفين " عن أبي الدنيا (4) الأشج المشهور بالكذب على أمير المؤمنين فإنه

(1) هو نوف بن فضالة الحميري البكالي ابن امرأة كعب الأحبار، ذكره خليفة بن خياط في الطبقة الأولى من الشاميين، وقع ذكره في حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أُبي بن كعب في قصة موسى والخضر عند البخاري (122)، ومسلم (2380).

وذكره ابن حبان في " الثقات " 5/ 483، وقال: كان يروي القصص، وأورده ابن أبي حاتم 8/ 505، ولم يِذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

(2)

في " ميزان الاعتدال " 1/ 542: قال يحيى: كذاب، وقال علي: ضعيف جدّاً، وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني: متروك الحديث، وقال ابن حِبَّان: كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعاً، لا يحل كَتْبُ حديثه إلا على جهة التعجب، وأبو خالد الواسطي، يقال: اسمه عمرو، ضعفه أبو حاتم.

(3)

هو الحافظ البارع العلاّمة، قاضي المَوْصِل، أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي البغدادي الجعابي المتوفَّى سنة (355) هـ، مترجم في " سير أعلام النبلاء " 16/ 88 - 92.

(4)

واسمه: عثمان بن خطاب أبو عمر البلوي المغربي، أبو الدنيا الأشج، ويقال: ابن أبي الدنيا، قال الذهبي في " الميزان " 3/ 33: طيرٌ طرأ على أهل بغداد، وحدَّث بقلَّةِ حياء بعد الثلاث مئة عن علي بن أبي طالب، فافتضح بذلك، وكذَّبه النقَّاد. قال الخطيب: =

ص: 337

ادعى بعد ثلاث مئة سنة أنَّه من أصحابه، وروى عن شيخين عنه.

وروى المؤيَّدُ بالله في " أماليه " عن شيخ، عن عبد السلام عبد الله بن محمد النحوي أحد أئمة السنة، وروى فيها عن شيخين عن يَغْنَمَ (1) بن سالم بن قنبر وضُعّف بل كذبه الأكثرُ، وما وثقه أحد، ومن طريقه روى حديث ركعتي الفرقان.

ودع عنك الأئمةَ المتأخرين كثيراً، فإنَّ قدماء الأئمة (2) ما رَوَوْا إلا عن رجالِ الفقهاء غالباً، فعامةُ أسانيد القاسم عليه السلام في كتاب " الأحكام " تدور على الأخوين إسماعيل وعبد الحميد أبي (3) بكر ابني

= علماء النقل لا يثبتون قوله، ومات سنة سبع وعشرين وثلاث مئة. قال المفيد: سمعته يقول: ولدت في خلافة الصديق، وأخذت لعلي بركاب بغلته أيام صفين، وذكر قصة طويلة، أوردها بتمامها ابن حجر في " اللسان " 4/ 135 - 136 من رواية أبي نُعيم الأصبهاني وغيره، عن المفيد- وهو محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب.

(1)

بفتح أوله، وسكون المعجمة، وفتح النون كما في كتب المشتبه، وقد تصحف في (ج) إلى " نعيم "، وقال الذهبي: أتى عن أنس بعجائب، وبقي إلى زمان مالك

وقال أبو حاتم: مجهول ضعيف الحديث، وقال ابن حبان: كان يضع على أنس بن مالك، وقال ابن يونس: حدث عن أنس، فكذب، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة. انظر " الكامل " 7/ 2738، و" المجروحين والضعفاء " 3/ 145، و" الميزان " 4/ 459، و" لسان الميزان " 6/ 315.

(2)

في (ب): الأمة.

(3)

تحرف في (ب) إلى ابن، وأبو بكر كنية عبد الحميد، وقد أثبت فوق إسماعيل خ م ت د ق، وفوق عبد الحميد خ م د س ق، وهي رموز تشير إلى من خرج حديثهما من أصحاب الكتب الستة.

وإسماعيل بن أبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ابن أخت مالك بن أنس، احتج به الشيخان، إلا أنهما لم يكثرا من تخريح حديثه، ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين، وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج البخاري، وروى له الباقون سوى النسائي، فإنه أطلق القول بضعفه، وروى عن سلمة بن شبيب ما يوجب طرح روايته، واختلف فيه قول ابن معين، فقال مرة: لا بأس به، وقال مرة: ضعيف، وقال مرة: =

ص: 338

عبد الله بن أبي أويس عن حسين بن عبد الله (1) بن ضميرة بن أبي ضميرة (2) عن أبيه عن جده.

وعامة رواية أحمد بن عيسى بن زيد عن حسين بن علوان هو الكلبي، عن أبي خالد الواسطي.

وعامة أسانيد الهادي في " الأحكام " عن أبيه عن جده عمن تقدم في

= كان يسرق الحديث هو وأبوه، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وكان مغفلاً، وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به، وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح. قلت: وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقيَ منها، وأن يعلِّمَ له على ما يحدث به ليحدث به، ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنَّه كتب من أصوله، وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره؛ إلا أن شاركه فيه غيره فيعتبر فيه. انظر " مقدمة الفتح " ص 391.

وعبد الحميد بن أبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي أبو بكر الأعشى أخو إسماعيل، وكان الأكبر، وثقه ابن معين، وأبو داود، وابن حبان، والدارقطني، وضعفه النسائي، وقال الأزدي في " ضعفائه ": أبو بكر الأعشى يضع الحديث، فكأنه ظن أنَّه آخر غير هذا، وقد بالغ أبو عمر بن عبد البر في الرد على الأزدي، فقال: هذا رجم بالظن الفاسد، وكذب محض إلى آخر كلامه. قلت: احتج به الجماعة إلا ابن ماجة.

(1)

كذبه مالك، وقال أحمد: لا يساوي شيئاً، متروك الحديث كذاب، وعجب من الإمام أحمد يكذبه، ثم يخرج حديثه في " مسنده "، وقال ابن معين: ليس بثقة ولا مأمون، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: روى عن أبيه، عن جده نسخة موضوعة، وقال أبو زرعة. ليس بشيء أضرب على حديثه، وقال البخاري في " التاريخ الأوسط ": تركه علي، وأحمد، وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو داود: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. انظر " التاريخ الكبير " 2/ 387، و" الجرح والتعديل " 3/ 57 - 58، و" الضعفاء " للعقيلي 1/ 246 - 247، و" المجروحين " 1/ 244، و" الكامل " 2/ 766 - 769، و" الميزان " 1/ 538، و" تعجيل المنفعة " ص 96.

(2)

ابن أبي ضميرة ساقطة من (ب). وأبو ضميرة ذكره ابن مندة في الكنى، وسبقه البغوي، ومِنْ قبله محمد بن سعد، ووصفوه بأنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قيل: اسمه سعد، وقيل: روح، وقد كتب له النبي صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته كتاباًً أوصى المسلمين بهم خيراً. " أسد الغابة " 6/ 177، و" الإصابة " 4/ 111.

ص: 339

أسانيد القاسم وربما روى عن (1) ....

وعن أبي الزبير (2) عن جابر، وعن عمرو بنِ شعيب، عن أبيه، عن جَدِّه (3) كُلُّه في " المنتخب "، وروى في

(1) بياض في الأصول كلها قدر نصف سطر.

(2)

هو محمد بن مسلم بن تدرس الإمام الحافظ الصدوق، أبو الزبير القرشي المكي مولى حكيم بن حزام المتوفَّى سنة (128) هـ، أخرج حديثه مسلم في "صحيحه"، وأصحاب السنن، وأخرج له البخاري متابعة، وهو ثقة ثبت، إلا أنَّه مدلس، فيُرَدُّ من حديثه ما يقول فيه " عن " أو" قال " ونحو ذلك، سواء كان حديثه في الصحيح أو غيره، فإذا قال:" سمعت " و " أخبرنا " احتج به، ويحتج بحديثه أيضاً إذا قال:" عن "، مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة، لأن الليث جاء أبا الزبير حين قدم مكة، فدفع إليه أبو الزبير كتابين، فسأله الليث: هل سمعت هذا كله من جابر؟ فقال: منه ما سمعت منه، ومنه ما حدثت عنه، فقال له الليث: أعلم لي على ما سمعت، فأعلم لي على هذا الذي عندي.

(3)

هو عمرو بن شعيب بن محمد بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل الإمام المحدث الثقة، أبو إبراهيم، وأبو عبد الله القرشي السهمي الحجازي، فقيه أهل الطائف ومحدثهم، وكان يتردد كثيراً إلى مكة، وينشر العلم، وقد أكثر من رواية الأحاديث بهذا السند، وهو قوي يحتج به إذا كان الإسناد إليه صحيحاً، فقد نقل الترمذي، عن الإمام البخاري قوله: رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأبا عبيد القاسم بن سلام، وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ما تركه أحد من المسلمين، فمن الناس بعدَهم؟! والمراد بجده هنا: هو عبد الله بن عمرو جده الأعلى، لا محمد بن عبد الله كما توهمه البعض، فحكم على هذا السند بالإرسال، فقد ورد التصريح بتسمية جده عبد الله في غير ما حديث ذكر بعضها الإمام الذهبي في " السير " 5/ 170 - 173، وقال: وعندي عدة أحاديث سوى ما مر يقول: عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، فالمطلق محمول على المقيد المفسر بعبد الله. وكان شعيب صغيراً حين مات أبوه محمد بن عبد الله بن عمرو، فرباه جده عبد الله بن عمرو، وكثيراً ما كان يعبر عن عبد الله بن عمرو بأنه أبوه، والجد أب لا شك فيه، فقد روى البيهقي في " سننه " 5/ 92 عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، قال: كنت أطوف مع أبي عبد الله بن عمرو بن العاص، وثمت خبر مطول ساقه الحاكم في " المستدرك " 2/ 65 وصححه هو والذهبي، وفيه التصريح بصحة سماع شعيب من جده عبد الله، وروى الحاكم في " المستدرك " 2/ 47 بإسناده عن محمد بن علي بن حمدان الوراق، قال: قلت لأحمد بن حنبل: عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئاً؟ فقال: هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وقد صح سماع عمرو بن =

ص: 340

" المنتخب "(1) عن أبي بكر بن أبي شيبة (2)، وعن عبد الرزاق اليماني (3)،

= شعيب من أبيه، وصح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو. وروى الدارقطني عنه 3/ 50 نحو هذا، وروى أيضاً عقب ذلك عن أبي بكر النيسابوري، قال: هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد صح سماع عمرو بن شعبب، عن أبيه شعيب، وصح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، ثم روى عن محمد بن الحسن النقاش، عن أحمد بن تميم، قال: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: شعيب والد عمرو بن شعيب سمع من عبد الله بن عمرو؟ قال: نعم. قلت له: فعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده يتكلم الناس فيه، قال: رأيت علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والحميدي، وإسحاق بن راهويه يحتجون به ....

وقال ابن عبد البر في " التقصي " ص 255: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مقبول عند أكثر أهل العلم بالنقل، ثم روى بإسناده عن علي بن المديني، قال: عمرو بن شعيب: هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، سمع عمرو بن شعيب من أبيه، وسمع أبوه من عبد الله بن عمرو بن العاص.

وقال البيهقي في " السنن " 7/ 397: وسماع شعيب بن محمد بن عبد الله صحيح من جده عبد الله، لكن يجب أن يكون الإسناد إلى عمرو صحيحاً.

وقد عد الإمام الذهبي في " الميزان " 3/ 268: روايته عن أبيه، عن جده من قبيل الحسن.

(1)

جملة " وروى في المنتخب " ساقطة من (ب).

(2)

هو الإمام العلم سيد الحفاظ، عبد الله بن محمد بن القاضي أبي شيبة صاحب " المصنف "، و" المسند "، و" التفسير " المتوفَّى سنة (235) هـ. وكتابه " المصنف " طبع في الهند في خمسة عشر مجلداً، مترجم في " السير" 11/ 122 - 127.

(3)

هو عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر الحميري مولاهم، الصنعاني، أحد الحفاظ الأثبات، صاحب التصانيف، وثقه الأئمة كلهم إلا العباس بن عبد العظيم العنبري وحده، فتكلم بكلام أفرط فيه، ولم يوافقه عليه أحد، وقد قال أبو زرعة الدمشقي: قيل لأحمد: من أثبت في ابن جريج عبد الرزاق أو محمد بن بكر البرساني؟ ففال: عبد الرزاق، وقال عباس الدوري، عن ابن معين: كان عبد الرزاق أثبت في حديث معمر من هشام بن يوسف، وقال يعقوب بن شيبة، عن علي بن المديني، قال لي هشام بن يوسف: كان عبد الرزاق أعلمنا وأحفظنا، قال يعقوب: كلاهما ثقة ثبت، وقال الذهلي: كان أيقظهم في الحديث، وكان يحفظ، وقال ابن عدي: رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم، وكتبوا عنه، ولم يروا بحديثه بأساً، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وهو أعظم ما ذموه به، وأما في باب الصدق، فأرجو أنَّه لا بأس به، وقال النسائي: فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة كتبوا عنه أحاديث مناكير، وقال الأثرم: عن أحمد: من سمع منه بعد ما عمي، فليس بشيء، وما كان في =

ص: 341

وعن كادح بن جعفر (1)، وعن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس (2) حديث الجمع في السفر.

وروى المؤيَّد بالله في " الأمالي " عن النقاش (3)، عن الناصر الحسنِ بنِ علي، عن محمدِ بنِ منصور، عن الحكمِ، عن سُليمان، عن عمرو بنِ حفص، عن أبي غالب، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً في فضل الوضوء، وذكر الدعاء فيه حتى قال في آخره: ثم مسح قدميه، فقال: اللَّهُمَّ ثَبّتْ قَدَمَيَّ على الصِّرَاطِ.

وروى أبو طالب في " أماليه " عن الناصر، عن الكلبي منقطعاً في موضعين.

ويُسند عن الناصر، عن عباد بن يعقوب، عن إبراهيم بنِ أبي يحيى (4) يعني شيخ الشافعي المتكلم فيه حديثين حديثاً في وعيدِ مدمن

= كتبه، فهو صحيح، وما ليس في كتبه، فإنه كان يلقن فيتلقن. " سير أعلام النبلاء " 9/ 563 - 580، " الكامل " 5/ 1948 - 1952، " مقدمة الفتح " ص 419.

(1)

ترجمه ابن أبي حاتم 7/ 176، وكناه بأبي عبد الله، وقال: سألت أبي عنه، فقال: كان من العباد، وكان كوفياً، فوقع إلى مصر، فسمع من ابن لهيعة وهو صدوق، وقال أحمد: ليس به بأس.

(2)

من رجال " التهذيب " وقد ضعفه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، والعقيلي، وابن حبان، وأبو أحمد الحاكم، وقال ابن عدي في " الكامل " 2/ 761: أحاديثه يُشبه بعضها بعضاً، وهو ممن يكتب حديثه (أي للمتابعة والاستشهاد)، فإني لم أجد في أحاديثه منكراً قد جاوز المقدار والحدّ.

(3)

هو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد المَوْصلي ثم البغدادي، أبو بكر النقاش المقرىء المفسر المتوفَّى سنة (351) هـ، قال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص، وقال البرقاني: كل حديث النقاش منكر، وقال الخطيب: في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة. مترجم في " السير " 15/ 573 - 576.

(4)

هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي مولاهم المدني الفقيه المتوفَّى سنة (184) هـ، اتفقوا على ضعفه إلا الشافعي، فقد كان حسن الرأي فيه، ومع ذلك فإنه إذا روى عنه ربما دلسه، ويقول: أخبرني من لا أتهم. مترجم في " السير " 8/ 450 - 454.

ص: 342

الخمرِ، وحديثاً في حكم آخر.

وكذلك عامةُ أسانيدهم متى ذكروها لم يذكروا إلا رجال العامة من الثقات والضعفاء ولا أعلمهم سلسلوا إسناداً بأهل البيت في الحلال والحرام لا يخلطهم أحدٌ من الفقهاء إلَاّ النادرَ الذي لا يُجتزأ به وتأمَّل ذلك، وذلك يقتضي أن مرسلَهم كذلك، إذ لا يُظن أنهم يُسقطونَ مِن سندهم أصحَّ الأسانيد، ولا يُظن ذلك بعاقل دائماً.

ومنهم من صرَّحَ بجواز الأخذ عنهم، ولم يُصرِّحْ بالنقل عنهم مشافهةً وإن أسند إلى من يُسند إليهم كالهادي عليه السلام.

ومنهم مَنْ يرى ذلك ويعلمه، ولا ينهي عنه ولا يُنْكِرُه.

والسيد -أيده الله تعالى- ممن شَدَّدَ في المنع من قبولهم، وغلا في ذلك غلواً منكراً حتى ادَّعى أنَّه حرام على جهة القطع بحيث لا يُعذر مَنْ قبلهم، وإن اجتهد وبذل (1) الوُسع في معرفة الصواب، هذا مع أن السيد -أيده الله- مِنْ أكثرِ الناس روايةً عنهم، واعتماداً على كتبهم، فهو في الحديث يقرأ كتبَهم التي حرم النقلَ عنها، واستدل على أنَّه لا طريقَ إلى صحتها، وزاد على الناس المنع عن عاريتها من الثقات صيانةً لصحتها من تجويز التغيير المستبعد، وهو في تفسيره ناقل مِن تفاسيرهم، راجع إلى تصانيفهم، ولشدة تولُّعِهِ بذلك وحِرْصِه عليه اختصر من " مفاتح الغيب " للرازي تفسيراً للقرآن العظيم، ثم ادخله في تفسيره " تجريد الكشاف "، مع زيادةِ نكت لطاف، وكذلك أدخل تفاسيرَ ابنِ الجوزي الحنبلي (2) وغيرِه من

(1) في (ب): وبلغ.

(2)

للإمام العلاّمة جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، عبد الرَّحمن بن علي البغدادي الحنبلي المتوفى سنة (597) هـ ثلاثة تفاسير:" المغني " وهو أكبرها، و" زاد المسير " وهو =

ص: 343

المخالفين في الاعتقاد مع أنَّه قد قرر في كتابه أن الرازي من كفارِ التصريح دعَ عنك التأويلَ.

فهذا من أعظم دليل على أن السَّيِّد سلك في كتابه مسلكَ التعنت والتشديد، وقال بما لم يَعْمَلْ به، فإن كان يعتقد أن الرازي كما قال، فكان ينبغي أن يختصِرَ من تفاسير الباطنية تفسيراً للقرآن العظيم، وأن ينقل خلافَهم في تفسيره كما نقل أقوالَ الأشعرية، وكذلك كان ينبغي أن ينقل خلافَهم في الفقه والفرائض، وقولهم: إن للأنثى مثلَ حظ الذكر. وإن كان لا يعتقد ما قرَّره في كتابه من نسبته للرازي إلى الكفر الصريح، فما ينبغي منه أن يقول ما لا يَعْتَقِدُ، وينهي عما هو عليه معتمد، وإن كان إنما اختصر كتابَ الرازي لغرض غيرِ هذا فكان ينبغي منه أن يُنبه (1) لئلا يغترَّ بذلك مَنْ يراه من المسلمين، فإنه -أيده الله- في محل القدوة، لأنَّه شيبةُ العِترة في هذا الزمان، وكبيرُ علمائهم المتصدر للتعليم (2) في هذه الديار.

وأما كتُبهم في العربية وغيرها، فالسيد لا يزال مُكِبَّاً عليها ملقياً لها كـ " الحاجبية " وشروحها وهو من جملة من شرحها، وكتاب " التذييل والتكميل في شرح التسهيل " لأبي حيان (3)، وكتاب " التلخيص "،

= أوسطها، و" تيسير البيان " وهو أصغرها، والمطبوع منها " زاد المسير "، وقد يسر الله لنا تحقيقه وضبط نصه، والتعليق عليه بمشاركة الأستاذ عبد القادر الأرنؤوط، وقد تم نشره سنة (138) هـ في دمشق الشام المحروسة. وانظر ترجمة ابن الجوزي في " السير " 21/ 365 - 384.

(1)

في (ش): يبينه.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

" التسهيل " للإمام محمد جمال الدين بن عبد الله بن مالك، المتوفى سنة (672) هـ، وهو كتاب جامع لمسائل النحو، لا يند عنه مسألة من مسائله وقواعده، وقد تصدَّى لشرحه غير واحدٍ من أئمة النحو، ومن أجود شروحه " التذييل والتكملة " لمؤلفه نحوي عصره ولغويه ومفسره ومحدثه ومقرئه وأديبه، أبي حيان محمد بن يوسف بن علي الأندلسي الغرناطي =

ص: 344

وكتاب " المنتهى " وشروحه، وكتاب " الجوهرة " وغير ذلك، فدل ذلك على صحة إجماع الأمة على الاعتماد على كتب المخالفين مِن الموافق على قبولهم والمخالف. ولم نذكر فعل السَّيِّد للاحتجاج به في الإجماع، فإنَّه لا يصح الاحتجاج بفعلِ منْ صرح بما يُخالف فعله، وإنما يحتج بالفعل إذا لم يُناقضه القولُ كأفعال الأئمة عليهم السلام، وسائِرِ العلماء الأعلام، ولم نذكر فعله في ذلك لبيان المناقضة بين فعله وقوله.

وإنما أحببنا أن نُريه حاجةَ الجميع إلى الرواية عن المتأولين، وأن كلاًّ معتمد عليها محتاج (1) إليها، ألا ترى أنها في خزائن أئمة الزيدية وعلمائهم وعليها خطوطُهم بالسماع أو الإجازة أو (2) نحو ذلك، ومن ملك شيئاً منها منهم، اغتبط به، وصانه، وحَفِظَه، وربما سمعه، كما سمعها المنصورُ بالله عبد الله بن حمزة، وذكر أسانيدَه فيها في كتابه " الشافعي "، وسمعها الإمامُ الناصر محمد بن الإمام المهدي عليهما السلام، والمصنفون من الزيدية ينقلون منها كالمتوكل في " أصول الأحكام " والأمير الحسين في " شفاء الأوام " و" سنن أبي داود "(3) كانت

= المتوفى سنة (745) هـ، صاحب " البحر المحيط " في التفسير، وغيره من المؤلفات. انظر " كشف الظنون " 1/ 405، و" بغية الوعاة " 1/ 280 - 285، و" الوافي بالوفيات " 5/ 267.

(1)

في (ب): ومحتاج.

(2)

في (ب): و.

(3)

لمؤلفه شيخ السنة، مقدم الحفاظ الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، المتوفَّى سنة (275) هـ، وكتاب " السنن " كتاب حافل عظيم، مشتمل على معظم أحاديث الأحكام التي يُحتج بها مع سهولة تناوله، وتلخيص أحاديثه، وبراعة مصنفه، واعتنائه بتهذيبه، وقد رزق القبول من كافة أهل العلم في مختلف الأمصار. قال أبو بكر ابن داسة راوي السنن عن أبي داود: سمعت أبا داود يقول: ذكرت في " السنن " الصحيح وما يقاربه، فإن كان فيه وهن شديد بينته. وقد علق الإمام الذهبي في " السير " 13/ 214 على كلمة أبي داود =

ص: 345

عمدةَ الإمامِ يحيى بنِ حمزة وأمر مَن سمعها له، وهي نسخةٌ مسموعة بعناية الإمام المهدي محمد بن المطهر، وهي في خزانة كتبه مما وقفه لله تعالى، وفيها كان سماعي. وكان اللائقُ على كلامك ودعواك على أهل البيت أَن يشتهِرَ في بلادهم وممالكهم تحريقُ هذه الكتب، والضرب الشديد والتعزير لمن قرأ فيها، وإظهار أنها إنما تترك في الخزائن ليعلم كفرُ

= هذه، فقال: فقد وفى رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده، وبيَّن ما ضعفُه شديدٌ، ووهنُهُ غير محتمل، وكاسَرَ عن ما ضعفُهُ خفيف محتمل، فلا يلزم من سُكوته -والحالة هذه- عن الحديث أن يكون حسناً عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الحادث، الذي هو في عُرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح، الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء، أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاري، ويمشيه مسلم، وبالعكس، فهو داخل في أداني مراتب الصحة، فإنه لو انحطَّ عن ذلك لخرج عن الاحتجاج، ولبقي متجاذباً بين الضعف والحسن، فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان، وذلك نحوٌ من شطر الكتاب، ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين، ورغب عنه الآخر، ثم يليه ما رغبا عنه، وكان إسناده جيداً، سالماً من علة وشذوذ، ثم ما كان إسناده صالحاً، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعداً، يعضد كل إسنادٍ منهما الآخر، ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه، فمثل هذا يمشيه أبو داود، ويسكت عنه غالباً، ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه، فهذا لا يسكت عنه، بل يوهنه غالباً، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته، والله أعلم.

وقال الحافظ ابن حجر: إن قول أبي داود: " فإن كان فيه وهن شديد بينته " يُفهم أن الذي يكون فيه وهن غير شديد أنَّه لا يبينه، ومن هنا يتبين أن جميع ما سكت عنه أبو داود لا يكون من قبيل الحسن إذا اعتضد، وهذان القسمان كثير في كتابه جداً، ومنه ما هو ضعيف، لكن من رواته من لم يجمع على تركه غالباً، وكل من هذه الأقسام عنده تصلح للاحتجاج بها كما نقل ابن مندة عنه أنَّه يُخرِّج الحديث الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، وأنه أقوى من رأي الرجال.

وقال الإمام النووي: في " سنن أبي داود" أحاديث ظاهرة الضعف لم يبينها مع أنَّه متفق على ضعفها، والحق أن ما وجدناه في سننه مما لم يبينه، ولم ينص على صحته أو حسنه أحد ممن يعتمد، فهو حسن، وإن نص على ضعفه من يعتمد، أو رأى العارف في سنده ما يقتضي الضعف ولا جابر له، حُكم بضعفه، ولا يلتفت إلى سكوت أبي داود.

وإنما ذكرت هذه النقول لدحض ما شاع وذاع بين من لا تحقيق عنده من أن ما سكت عنه أبو داود من الحديث، فهو حسن عنده صالح للاحتجاج.

ص: 346