المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثها: القدح في صحة الإجماع بوجهين - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌أقولُ: هذه الحجةُ الثانيةُ من حُججِ السَّيِّد في هذه المسألةِ، والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّ المنقولَ في كتبِ الشافعيةِ نقيضُ ما ذكرتَه

- ‌النظرُ الأوَّلُ: مِن قَبِيلِ المعارضاتِ وهو أن نقولَ: إيرادُ مثلِ هذا الكلامِ مُمْكِنٌ في المجتهد والمقلد

- ‌النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة

- ‌النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلَاّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل

- ‌النظرُ الثَّامِنُ: أن نقولَ: المجتهدُ: هو المتمكِّنُ مِن معرفة الأحكام الشرعية

- ‌النظرُ التاسِعُ: أن الاجتهادَ وشرائِطَه مِن قواعدِ الإسلامِ

- ‌البحث الثاني: هذا تجريحٌ مِن السَّيِّدِ للغزالي، والتجريحُ له شرائطُ معروفة

- ‌البحث الرابع: احتج السَّيِّدُ على أن الغزالي يُعَسِّرُ الاجتهادَ

- ‌المرتبة الأولى: المنازعة في قِلَّة المجتهدين، ولنا فيها طرق:

- ‌الطريق الأولى: مِنْ أينَ للسَّيِّدِ ثبوتُ هذه الروايةِ عن الغزالي

- ‌الطريقُ الثانية: سلمنا صِحَّتَها عنه، فكيف استندَ السَّيِّدُ إلى تصديقِه في كلامه

- ‌الطريقُ الخامسة: أنا نُعارِضُ كلامَ الغزالي بما رواه مَنْ هُوَ أَرْجَحُ

- ‌الطريق السابعة: أن اجتهادَ أولئك الذينَ ذكرهم السَّيِّدُ يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد

- ‌وثانيهما: أنا نبَيِّنُ أن افتراقَنا في معرفة العربية ليس يقتضي تعسيرَ الاجتهاد على الإِطلاق لوجهين:

- ‌أحدُهما: أن أكثر آيات الأحكام، وأحاديثه لا تحتاج إلى قراءة العربية في فهم معناها، والدليل على ذلك حُجتانِ:

- ‌الحجة الثانية: على أنَّه لا يقتضي الافتراقُ في العربية تعسيرَ الاجتهاد

- ‌أقول: الجوابُ على ما ذكره من تجهيل هذا الصاحب الجليل من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أن الظاهرَ خلاف ما ذكر

- ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

- ‌الجوابُ عما نسب إلى أبي هريرة وأمثاله من أفاضل السلف المتواتر فضلُهم، وعلو مراتبهم مِن وجوه

- ‌الوجه الثاني: أنَّهُ قد تواتر عن أبي هُريرة أنَّه كان أرفعَ حالاً من هذه المنزله

- ‌الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة

- ‌الوجه الثاني: أنَّه قد ثبت في هذا الحديثِ من الاختلاف والاضطراب شيءٌ كثيرٌ

- ‌الوجه الثالث: أن أبا هريرة إِنما روى الحديثَ الذي احتجَّ بهِ

- ‌وثانيها: أن يكونَ أخذ الولاية على ذلك

- ‌وثالثُها: أنَّ مجرد الولاية إما أن تكون ظنيةً أو قطعية

- ‌المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقدٌ على اجتهادهما

- ‌الأول: إن هذا يحتاجُ إلى طريق صحيحة

- ‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

- ‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

- ‌المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر

- ‌أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد

- ‌الثالث: إن السيدَ ذكر في كتابه أنهما غيرُ محققين، ولا مُوَفَّقَيْنِ بهذا اللفظ، ثم احتج على تعسُّرِ الاجتهاد بجهلهما

- ‌المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي

- ‌الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة

- ‌الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه

- ‌الإشكال السابع: أنك قد حَكَيْتَ عن قاضي القضاة أنَّه يقبلُ فُسَّاقَ التأويل

- ‌الإشكال الثامن: أنك ساويتَ بين المتعمِّدِ للمعصية والمتأوِّلِ

- ‌الإشكالُ التاسع: أن السَّيد قد منعَ من الرواية عن العلماء إلا بعدَ تحصيلِ إسنادٍ صحيحٍ

- ‌الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها

- ‌الإشكال الثاني: أن السيد روى هذا الإجماعَ

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامِهِ هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ ابنَ الحاجب

- ‌الإشكال الثالث: أن السيد قد أقر -فيما تقدم- أن ابن الحاجب لم يرو الإجماعَ على ردِّ كفار التأويل

- ‌الإشكال الثاني. أن السَّيِّد توهم أن راوي الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ

- ‌الإشكال الرابع: أنَّه رَجَّح بمخالفة الأصل، والترجيحُ بها مختلف فيه

- ‌أقول: في كلامِه هذا إِشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّ السيدَ قال: فهو مروي مِن أئمتنا عن المؤيَّد

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ

- ‌الإِشكالُ الرابع: سلمنا أن تخريجَ القبول مساوٍ لتخريج الرَّدِّ غيرُ راجح عليه، فالقبولُ أولى

- ‌أقول: في كلامه هذا إشكالات:

- ‌تنبيه: غيرُ خافٍ على أهل النظر أن أهلَ العلوم العقلية

- ‌الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن

- ‌الطريق الأولى: أنَّه قد ورد في السمع ما يَدُلُّ على أن الفاسق كان في ذلك الزمان يُطلق على الكافر

- ‌الإشكالُ الثاني: أنا نقول: قد ورد في اللغة ما يَدُلُّ على أن الفسق تعمدُ المعصية، وأن الفاسقَ المُتَعَمِّدُ

- ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

- ‌الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر

- ‌الإشكال السادس: أن الاستدلالَ بهذه الآية الكريمة من قبيل مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال السابع: أن الآية الكريمة نزلت في حقوق المخلوقين

- ‌الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر

- ‌الإشكالُ السادسَ عشر: أنَّ لهذه الآية معارضاتٍ كثيرة

- ‌الإشكال السابع عشر: أن لهذه الآيةِ مخصصاً

- ‌الأول: أجمع العقلاءُ من أهل الإِسلام وغيرِهِم على أن الإنسانَ يرجِعُ إلى تصديق عدوِّه وقبولِ كلامه

- ‌الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى

- ‌الخامس: أنَّ شهادة بعضهم على بعض مقبولةٌ

- ‌الإشكال الثاني: أن الاحتجاجَ بهذه الآية لا يَصِحُّ

- ‌الإشكال الثالث: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال السادس: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال السابع: أن الآيةَ مِن قبيل العموم

- ‌الإشكال الثامن: أن في العلماء من قال: العمومُ مشترك

- ‌الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع

- ‌الإِشكال الثاني عشر: أن المتأوِّل يُسَمَّى مسلماً بالنص

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن المتأوِّل يسَمَّى مؤمناً

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن السيدَ استدل على أن قبولَ قولهم ركونٌ إليهم

- ‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

- ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

- ‌الإِشكال التاسع عشر: أن لِهذه الآيةِ معارضاً يَدُلُّ على قبولِ المتأولين

- ‌الإِشكال الموفي عشرين: أن السَّيِّد قاس قبولَ تحريم المتأوِّلين فيما بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمِ قبول ثقيف في تبديل شريعةِ رسول الله

- ‌الإشكالُ الحادي والعشرون: أنَّه يَلْزَمُ من الاحتجاج بهذه الآية تفسيقُ مَنْ قَبِلَ المتأوِّلين

- ‌أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد بهذه الآية إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أنَّه ترك بيان وجه الاستدلال

- ‌الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ

- ‌الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق

- ‌الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين

- ‌الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر

- ‌الإِشكال التاسع: أن هارون عليه السلام نبيٌّ مرسل

- ‌الإشكال العاشر: أن الآية إما أن تَرِد على المعنى الذي ذكرنا مِن العُرف السَّابِق إلى الأفهام

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ

- ‌الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن المتأوَّلين من هذه الأمة ما كانوا موجودين في زمان هارون عليه السلام

- ‌الإِشكال السابع عشر: أنهم كانوا يُسَمَّوْنَ مسلمين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه كان يلزمُه إبطالُ القول بأن العمومَ مشترك

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أن لهذه الآية مخصصاتٍ

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: أن هذا العمومَ مخصوصٌ

- ‌أقول: أطلق السَّيِّد هذه الآيةَ، ولم يُبين وجهَ الاحتجاج بها

- ‌الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب

- ‌الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى

- ‌الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة

- ‌الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم

- ‌الإِشكال الثامن: كان يجب على السَّيِّدِ بيانُ أن الأمرَ للوجوب

- ‌الإِشكال التاسع: أن المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان

- ‌الإشكال العاشر والحادي عشر: أنهم كاْنوا يسمَّون مسلمين ومؤمنين

- ‌الإشكال الثالث عشر: أنَّه قد حرَّجَ في تفسير القرآن العظيم ثم فسَّرَ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن العلماء اختلفوا في عموم المنطوق:

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّا بَينَّا أن في قبول المتأولين دفع مضار العقاب

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أن الآية دليلٌ على وجوب قبول المتأوِّلين

- ‌الإشكال الحادي والعشرون: أن هذه الحجة لا تَصحُّ إلا بعدَ عدم المعارض

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: هو الإشكالُ الثاني في الآية التي قبل هذه الآية

- ‌أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث

- ‌الإشكالُ الثالث: سلَّمنا أن الحديثَ صحيح، لكنه آحادي ظني

- ‌الإشكال الرابع: أن السَّيِّد قد عَظَّمَ القولَ في تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الخامس: أن في هذا الحديث عموماً

- ‌الإِشكال السادس: أن ذلك المخصصَ موجود

- ‌الإشكال الثامن: أن ذلك المعارض موجودٌ

- ‌الإشكال التاسع: يحتمل أن يكونَ منسوخاً

- ‌الإشكال العاشر: أن هذا الحديثَ مِن العمومات الواردة في العمليات

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاحتجاجَ بالعُموم يحتاج إلى الاجتهاد

- ‌الإشكال الثاني عشر: أنَّه يحتمل أن هذا العمومَ ورد على سبب

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر

- ‌الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك

- ‌أقولُ: في الاحتجاج بهذا الحديث من الإشكالات الثلاثة عشر الذي في الحديثين الأول والثاني، ويختص بإشكالين بعدَها أولُهما

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد

- ‌أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات

- ‌أقول: لما فَرَغَ السَّيِّد من الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، عطف عليه الاستدلالَ بالقياس، وَيردُ على ذلك إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أن القياسَ لا يَصِحُّ الاستدلالُ به في المسائل القطعية

- ‌الإِشكال الثاني: أن الإجماعَ موجودٌ على خلافِ هذا القياسِ

- ‌الإِشكال الثالث: لا يَصِحُّ الاستدلالُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإِشكال الرابع: إذا سلَّمنا صحةَ القياس، فلا يصح الاحتجاجُ به في مسألتنا هذه

- ‌الإِشكال الخامس: أن المخصص لتلك العلة موجودٌ

- ‌الإِشكال السادس: أنَّه لا يصح الاجتهادُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإشكال السابع: أن المعلوم أن هذا القياسَ بعينه قياسٌ ظني

- ‌الإشكال الثامن: أن شرط الاحتجاج بالقياس عدمُ النصوص

- ‌الإشكال التاسع: أن الاحتجاجَ بالقياس من خواصِّ المجتهدين

- ‌الإشكال العاشر: احتج السيدُ على أن المنصب هو العلة، لعدم استحقاق المتأوِّلين له

- ‌الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا

- ‌الحجة الثامنة: ورد الشرعُ بشاهدٍ ويمينٍ

- ‌المسألة الثانية: أن يكونَ أحدُ الراويين مثبتاً، والآخرُ نافياً

- ‌المسألة الرابعة: أن يكونَ أحدُ الراويين لا يستجيز الروايةَ بالمعنى

- ‌المسألة الخامسة: أن يكون أحدُ الراويين أكثرَ ذكاءً وفِطنة

- ‌المسألة السادسة: قال العلماءُ: لا يَصِحُّ أن يشهد الشاهدُ لنفسه

- ‌المسألة السابعة: شهادةُ الوالد لأولاده وأحفادِه وشهادة الأولاد لآبائهم وأجدادهم

- ‌المسألة الثامنة: شهادةُ الصَّديق لصديقه

- ‌المسألة التاسعة: شهادةُ العدو على عدوِّه

- ‌المسألة العاشرة: شهادةُ أحدِ الزوجين للآخر

- ‌المسألة الثانية عشرة: تهمةُ الحاكم في إقراره بالحكم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حُكْمُ الحاكم لأولاده وأحفاده، وعلى أعدائه

- ‌المسألة الرابعة عشرة: طولُ العهد بالتعديل والتزكية

- ‌المسألة السادسة عشرة: لو شهد لعدوه على أبيه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته

- ‌المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق

- ‌المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية

- ‌الوجه الأول: أن قولَ السَّيِّد إنَّهم لا يرتدِعُونَ

- ‌الوجه الثاني: اعْلَمْ أن الحاملَ على المحافظة على الخيرات

- ‌الوجه السادس: أن اعتقادَهم لو كان حاملاً لهم على الكذب، لحملَهم على ترك الصلاة

- ‌الوجه الثامن: أن الملائكةَ والأنبياء قد أَمِنُوا مِن الموت على الكفر

- ‌الوجه الحادي عشر: أن الإرجاء ليس بكفرٍ ولا فسقٍ

- ‌الوجه الأول: أن السيدَ منازع في كون هذا مذهبهم

- ‌الوجه الثالث: أنهم لو ذهبوا

- ‌أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

- ‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

- ‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

- ‌الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة

- ‌الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية

- ‌الإشكال الثامن: قد بَيَّنَّا أن جماعةً ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على خلاف قولِ السيدِ

- ‌الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن الأمة أجمعت على عدم التأثيم لمن خالف العموم

- ‌الإشكال الرابع عشر: استدل بهذه الأدلة، وكلها ظني

- ‌الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين

- ‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

- ‌الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله

- ‌الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد

- ‌الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام

- ‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

- ‌الفائدة الثانية: في ذكر ما اعترض به على الإجماع

- ‌الفائدة الثالثة: في الإِشارةِ إلى شهرةِ الخلاف في هذه المسألة

- ‌الحجة الثانية: إجماعُ العِترة

- ‌الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة

- ‌الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة

- ‌الحجة التاسعة: أنَّه يحصل بخبرهم الظنُّ لثبوت النص الشرعي

- ‌الحجة الثانية عشرة: أنَّه ينتفي الإجمالُ في الاشتراك

- ‌الحجة الرابعة عشرة: أنَّه قد ثبت أنَّه مَنْ أكثرَ من ارتكاب المعاصي الملتبسة

- ‌الحجة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

- ‌الحجة السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ

- ‌الحجة السابعة عشرة: قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

- ‌الحجة الثامنة عشرة: قوله تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ

- ‌الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌الحجة الموفية عشرين: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ

- ‌الحجة الحادية والعشرون: قولُه تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ

- ‌الحجة الثانية والعشرون: قوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

الفصل: ‌ثالثها: القدح في صحة الإجماع بوجهين

لأنه ليس يُسمَّى في اللغة ظاهراً، فلا يكون في الحديث حجة. والله أعلم.

و‌

‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

، ولا معنى لذلك، لأنَّه لم يَصِحَّ الحديثُ في نفسه، ولا صح (1) الاستدلالُ به على تسليم ثبوته، والترجيحُ فرعٌ على الصحة، وأما احتجاجُه بالآية، فهو لا يصح لوجهين:

أحدهما: أنَّها لا تفيد المنعَ مِن قبول المتأولين، وقد مر تقريرُه، وبيانُ ما يَرِدُ على الاحتجاج بها من الإشكالات.

وثانيهما: أنا لو قدرنا صحةَ الاحتجاج بها بالنظر إلى عمومها، فإن الاستدلالَ به ممنوع، لوجود المخصص، والمعارِض الراجح، وبيانُهما يأتي في الفصل الثاني، إن شاء الله تعالى.

و‌

‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

(2):

الوجه الأولُ: قال: لعل بعضَهم لم يقبل، يعني لعلَّ بعضَ الصحابة لم يقبل المتأولين فلم يحصل إجماعٌ.

والجوابُ: أنَّه قد ثبت الإجماعُ برواية جماعةٍ من أئمة أهلِ البيت عليهم السلام وشيعتِهم، وكثيرٍ من العُلماء والثقات المطلعين على أخبار الصحابة، وأحوالِ السلف، وسيأتي بيان عشر طرق لهذا الإجماع، وموضعُ ذلك الفصل الثاني.

وأما ردُّه لرواية الثقات من الأئمةِ والعلماء بقوله: لعلَّ بعضَ الصحابة

(1) في (ب): ولا يصح.

(2)

في (ب) و (ش): لوجهين.

ص: 293

لم يقبل المتأولين لمثل هذا الكلامِ، فلا يصدر عن محصل، فإنَّ هذا مجرد تَرَجٍّ (1) صَدَرَ مِن صاحبه بعد نقلِ أهلِ العدالة والأمانة والاطلاع على العلوم والتواريخ، وأقوال الخلَف والسَّلَفِ للإِجماع، وجزمهم على أنَّهم قد علموا انعقادَه وإخبارهم لنا أنهم أخبروا بذلك عن علم يقين، لا عن مجازفةٍ وتبخيتٍ (2).

وحاصل هذا الاعتراضِ إن صاحبَه قال: لعل راوي الإجماعِ غيرُ صادق فيما رواه، ولا متحقق لما ادَّعاه، ولو كان مثلُ هذا يقدح في روايةِ الثقات، لبطلت الرواياتُ، فما مِن رواية تصدُرُ عن الثقة في الإجماع، أو في الحديث، أو في الشهادة إلا وهو يُمْكِنُ أن يُقَالَ لعل راويَها وَهِمَ فيها، وقالها بغيرِ علم يقين، وأصدرها إما بمجرد اعتقاد الصحة أو ظنها، أو نحو ذلك، مما لا يُلْتَفَتُ إليه من تطريق الشَّكّ إلى وهم الثقات بمجرد كونه يجوز على البشر، ولو كانت روايةُ العدول العلماء تُعارَضُ بمجردِ توخِّي كذبهم، وتمني صدور الدعوى منهم على سبيلِ التبخيت مِن غير تحقيق، لبطلت طرقُ النقل، وتعطلت فوائدُ الرواية.

الوجه الثاني: مما قدح به في صحة الإِجماعِ قال: سلمنا الإجماعَ، فلا نُسَلِّمُ أنَّ علةَ القبول واحدة. هذا كلام ابن الحاجب وقد أعاد السَّيِّد هذا الاعتراضَ، ولم يَزِدْ على ما أورده ابنُ الحاجب إلا أنَّه وسَّعَ دائرةَ العبارة، ونقله إلى الكلام في الخارجين على علي عليه السلام.

والجوابُ عنه: أن هذا الاعتراض ضعيف، لأنَّه لو كان حراماً -وقد

(1) في (ب) فوق كلمة " ترج ": قدح (خ).

(2)

من البخت: وهو الجد والحظ.

ص: 294

أجمعوا على جوازه- لكانُوا قد أجمعوا على ضلالة، وسواء اتَّفقُوا في العلة، أو اختلفوا فيها، فالمتفق عليه هو القبول للمتأولين، والخلافُ إنما وقع في العِلة، كما لو أجمعوا على جوازِ قتل رجل، واختلفوا في العِلة، فمنهم من قال: يجوز قتلُه، لأنَّه مرتد، ومنهم من قال: لأنَّه مفسد في الأرض، ومنهم مَنْ قال: لأنه قتل نفساً بغير نفس، فإنهم متى أجمعوا على جواز قتله، كان قتلُه حلالاً، سواء كان بالقصاص، أو الفساد في الأرض، أو الردة، أو الحد مثل ما أجمعوا على أن المجتهدَ غيرُ آثمٍ، ثم اختلفوا في العِلة، فمنهم من قال: لأنَّه مصيب، ومنهم من قال: لأنَّه معفوٌّ عنه وإن كان مخطئاً مع أن القائلينَ بالتصويب لو أقرُّوا بالخطأ، لم يُساعدوا إلى القول بالعفو، لأنَّه عند المعتزلة إغراءٌ بالقبيح، ولأن مشروعية الخطأ قبيحةٌ عقلاً، والاجتهاد مشروعٌ سمعاً، فلم يكن اختلافُهم في العلة المؤدي إلى الاختلاف في بيانِ ما أجمعوا عليه قادحاً في صحة الاحتجاج بإجماعهم حين إجمعوا إجماعاً متفرّعاً عن تلك العلة المختلَفِ فيها. وبيانُ هذه العلة أنَّه لو ثبت في نفس الأمرِ أن قبولَ المتأول حرام، وأجمعوا على قبوله، ولكن اختلفوا في علة القبول، لكانوا قد أجمعوا على قبول الباطل، واختلفوا في علة قبوله، وهذا غيرُ جائز على الأمة.

فإن قلتَ: من لم يعلم الفسق منهم، فهو معذور.

قلت: معنى كونه معذوراً أنَّه لا عقابَ عليه وإن أخطأ في نفس الأمر، وهذا إنما يقال به في حقِّ المجتهد على تقدير عدم تصويبِ الجميع أيضاً، وأما الأمَّةُ، فليس يجوز أن تُخطىء في نفس الأمر.

فإن قلت: لو علموا أنَّه فاسقُ تأويلٍ لم يُجمعوا.

قلت: لو جاز انعقادُ الإِجماع على قاعدة مجهولة لو علموا بها لم

ص: 295

يجمعوا عليها، أمكن تقديرُ مثل ذلك في كل إجماع، ولم يصح إجماع أبداً.

فإن قلتَ: مرادي بكونه معذوراً أنَّه بنى على ظاهر العدالة، ولم يتحقق ما يرفعُها، فهو مصيبٌ مستحقٌّ للثواب، لا مخطىء معفو عنه، وذلك كما لو قبلت الأمةُ مَنْ ظاهِرُهُ العدالةُ، وهو كاذب في نفس الأمر.

قلتُ: الجوابُ من وجهين.

الوجه الأول: الفرقُ بينَ الصورتين، فإنهما ليستا سواءً، لأن قبولهم لمن حارب عثمان، ومن حارب عليّاً عليه السلام بعدَ علمهم الجميع بأنَّه حارب وفسق، فمتى كانت روايتُهم مردودة، لم يجز على الأمة قبولُها بعدَ العلم بالموجب لردها لا ظاهراً ولا باطناً، وإلا لَزِمَ أن يجوزَ استنادُ الأمة إلى دليل باطل غير صحيح بعدَ العلم بالسبب الذي أوجب بطلانه، وهذا لا نعلم أحداً قال به ممن يقول: بأن الإجماعَ حُجَّةٌ مطلقاً، وإنما تكونُ الرواية عنهم مثل الرواية عمن ظاهرُه العدالة لو أمكن القولُ بأن جماعةً من الصحابة لم يعلموا بوقوعِ الفتن، ولا بدخولِ الداخلين فيها، فقبلوهم مع الجهل بذلك.

الوجه الثاني: أن العلماءَ مختلفون في المسألة المقيسِ عليها وهي: هل يجوزُ قبولُ الأمة لخبرٍ ظاهرُه الصحة وهو في الباطن باطل؟ والمذهبُ أنَّ ذلك لا يجوز، ذكره الإِمامُ المنصورُ بالله في كتاب " الصفوة ".

وقال الإمام يحيى بنُ حمزة في " المعيار": خبر الأمة يُفيدُ العلمَ يعني لو قدرنا أنهم نَقَصُوا عن عددِ التواترِ، أو أخبروا كلُّهم، وكان عددهم بالغاً حدَّ التواتر، ولكن في الوسط دونَ الطرف الذي قبلَه.

ص: 296

وإنما قلنا: إنَّه أراد ذلك، لأنَّه جعله قسماً غيرَ المتواتر، وهذا يُشبِهُ كلامَ المنصور بالله في مسألتنا، وهو قوي عند جماعة، لأنَّه يلزم من تجويز ذلك استنادُ الأمة إلى حُجَّةٍ باطلة في نفس الأمر، والأمة معصومةٌ من الخطأ في نفس الأمر، فلهذا كان الإجماعُ حجة، وأما لو لم تكن معصومة إلا من الخطأ في الظاهر، فذلك لا يُوجبُ أن إجماعها حجة، لأن ذلك حكم المجتهد عند المعتزلةِ والشيعةِ غالباً متى وَفَّى الاجتهادَ حَقَّهُ، فكما إنَّه لا يكون قولُ المجتهد حجةً لكونه مصيباً، فكذلك كان يلزم أن لا يكون إِجماعُ الأمة حجةً لكونهم مصيبين.

فإن قلتَ: إنما يُقال: المجتهدُ مصيب لما أراد اللهُ منه.

قلت: وكذلك يلزمُ أن يقال: إِن أهل العصر إذا أجمعوا فإنما أصابوا مرادَ الله منهم، فثبت أن الفرقَ بينَ إصابةِ الأمة وإصابة المجتهد أنَّ المجتهدَ مصيب لما أراد الله منه في الظاهر، ويجوزُ أن يتعلَّق مرادُ الله من غيره بغير ما أراد منه لانكشاف أمرٍ خَفِيَ عليه، وبان لغيره، فلخفائه عليه لم يتَعَبَّدْ به، ولبيانه لغيره تَعَبَّدَ به. وأما الأمةُ، فإنها معصومة باطناً وظاهراً قطعاً بحيث نَعلم أنَّه ليس لله مرادٌ في خلاف قولها، بل نعلمُ أن خلافَ قولها حرام، ونعلم أنَّه لم يخفَ عليهم دليل بحيث إنَّه إذا ظهر لغيرهم تعبّد ذلك الغير بالعمل به، وقد احتج العلماء على (1) صحةِ أحاديثَ بتلقي الأُمَّةِ لها بالقبول (2) بناءً منهم على ما ذكرت مِنْ عِصمة الأُمَّة عن تلقي الباطل في

(1) في (ب): في.

(2)

نقل الحافظ السيوطي في " تدريب الراوي " ص 67 في التنبيه الخامس عند قوله: قال بعضهم: يحكم للحديث بالصحة إذا تلقاه الناس بالقبول وإن لم يكن له إسناد صحيح قول ابن عبد البر في "الاستذكار" لما حكى عن الترمذي أن البخاري صحح حديث البحر " هو الطهور ماؤه ": وأهل الحديث لا يصححون مثل إسناده، لكن الحديث عندي صحيح، لأن =

ص: 297

نفس الأمر بالقبول والاعتقاد لصحته، وكذلك تمسَّكَ أصحابُنا به في بعض الأحاديث الدالةِ على صحة إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام بتلقي

= العلماء تلقوه بالقبول، وقوله في " التمهيد " بعد إيراده حديث جابر مرفوعاً "الدينار أربعة وعشرون قيراطاً": وفي قول جماعة العلماء وإجماع الناس على معناه غنى عن الإسناد فيه.

وقال الحافظ ابن حجر في " النكت " 1/ 494 - 495: من جملة صفات القبول التي لم يتعرض لها شيخنا -يعني الحافظ العراقي- أن يتفق العلماء على العمل بمدلول حديث فإنه يقبل حتى يجب العمل به، وقد صرح بذلك جماعة من أئمة الأصول، ومن أمثلته قول الشافعي رضي الله عنه: وما قلت من أنَّه إذا غير طعم الماء وريحه ولونه يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله، ولكنه قول العامة لا أعلم بينهم خلافاً، وقال في حديث:" لا وصية لوارث ": لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولكن العامة تلقته بالقبول، وعملوا به حتى جعلوه ناسخاً لآية الوصية للوارث.

وقال الحافظ السيوطي في " التعقبات على الموضوعات " ص 12 بعد أن ذكر حديث حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر ": أخرجه الترمذي، وقال: العمل على هذا عند أهل العلم. فأشار بذلك إلى أن الحديث اعتضد بقول أهل العلم، وقد صرح غير واحد بأن من دليل صحة الحديث قول أهل العلم به وإن لم يكن له إسناد يعتمد على مثله.

وقال الحافظ السخاوي في " فتح المغيث " ص 120 - 121: وكذا إذا تلقت الأمة الضعيف بالقبول يعمل به على الصحيح حتى إنَّه ينزل منزلة المتواتر في أنَّه ينسخ المقطوع به، ولهذا قال الشافعي رحمه الله تعالى في حديث " لا وصية لوارث " إنَّه لا يثبته أهل الحديث، ولكن العامة تلقته بالقبول، وعملوا به حتى جعلوه ناسخاً لآية الوصية.

وقال العلامة الكمال بن الهمام في " فتح القدير " 3/ 143: ومما يصحح الحديث أيضاً عمل العلماء على وفقه، وقاله الترمذي عقيب روايته حديث " طلاق الأمة ثنتان

": حديث غريب، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وفي سنن الدارقطني 4/ 40: قال القاسم وسالم: عمل به المسلمون، وقال مالك: شهرة الحديث بالمدينة تغني عن صحة سنده.

وذكر القاضي أبو يعلى الفراء في " العدة " 3/ 938 - 939: عن مهنا: قال أحمد: الناسُ كلهم أكفاء إلا الحائك والحجام، والكسَّاح. فقيل له: تأخذ بحديث " كُلُّ الناس أكفاء إلا حائكاً أو حجاماً " وأنت تُضَعِّفهُ؟ فقال: إنما نضعف إسناده لكن العمل عليه.

وقال مهنا أيضاًً: سألتُ أحمد رحمه الله عن حديث معمرٍ، عن الزهري، عن سالم، عن ابنِ عُمَرَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة. قال: ليس بصحيح، والعمل عليه، كان عبد الرزاق يقول عن معمر، عن الزهري مرسلاً.

ص: 298

الأمَة لها بالقبول.

فإِن قلتَ: فقد جاز على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَحْكُمَ في ما بين الناس، وإن كان خطأ في الباطن، ألا ترى إلى قولِه عليه السلام:" لعَلَّ بَعْضَكُم أنْ يَكونَ ألْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بعْضٍ، فَإذا حَكَمْت لأِحَدِكم بِمَالِ أخِيه فَإنَّما أَقْطَع لهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ "(1) فإذا جاز ذلك على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأولى وأحرى أن يجوزَ على الأمة.

قلت: الجوابُ من وجهين.

الأول: معارضة وهي أن نقولَ: يلزم على هذا تجويزُ الخطأ في التحليلِ والتحريمِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ممنوع بالإجماعِ، سواء قلنا: إنَّه متعبّد بالاجتهاد أو لا.

الثاني: تحقيقٌ، وهو أن نقول: فرق بينَ الصورتين، فإن الدعاوي في الحقوق لا تزالُ مستمرةً في زمانه عليه السلام وبعدَه، وقد عَلِمَ الله تعالى أن الوحي غيرُ مستمر بعدَه عليه السلام، ولم يكن لنا مصلحة في بناء الحكم بينَ الناسِ على العلم واليقين، فشرع تعالى الرجوعَ فيها إلى الظواهر من الشهادات والبيناتِ، وجعل الحكمَ فيها مستوياً في زمانه عليه السلام وفيما بعده من الأزمان؛ إذ يمتنِعُ نزولُ الوحي كلما ادَّعى مدعٍ بعدَه عليه السلام، ولم تعلق بذلك المصلحة في زمانه عليه السلام، وكذلك سائرُ الأمور المتكررة لم يشرع فيها العملُ باليقين، والرجوع إلى نصوص الشريعة كرؤية الهلال في شهر رمضان، وأشهرِ الحج، ودخول أوقات الصلوات، فإن ذلك لما كان مستمرّاً جعل عليه أماراتٍ ظنية، وجعل

(1) متفق عليه، وقد تقدم في الصفحة 291.

ص: 299

تكليفَه عليه السلام في ذلك كتكليف أُمته من غيرِ فرق.

وأما الشرائعُ التي تثبُتُ بالوحي، وتقرَّرَتْ قواعدُها، فلا تكونُ إلا بالوحي في حقِّه عليه السلام، وباتباع الأدلةِ الصحيحة التي لا باطلَ فيها، ولا في قواعدها باطناً ولا ظاهراً في حقِّ أمته المعصومة، والله عز وجل أعلَمُ.

وتلخيص المسألة: هل يجوزُ على المعصوم أن يخطىء ظنُّهُ؟ قال ابن الصلاح: لا يجوزُ، وسبقه إلى ذلك محمدُ بنُ طاهر المقدسي، وأبو نصر عبدُ الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف.

قال النواوي: وخالف ابنَ الصلاحَ المحققون والأكثرون، فقالوا: يُفِيدُ الظن ما لم يتواتر.

قلت: مِن أدلة الجمهور {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَان} [الأنبياء: 79] وحديثُ " إِنَّما أقْطَعُ لَهُ قِطْعةً مِنْ نَارٍ "، وحديثُ " حكم داود بينَ المرأتين في الولد الذي تنازعاه، فإنه حَكَمَ به للكُبرى، ثم تحاكما إلى سُليمان، فحكم بقطعه نصفين بينهما، فقالت الصُّغرى: لا، فحكم به لها "(1).

ويُمْكنُ الجوابُ عن هذا كله أن الحديثَ وارد في القضاء بينَ الناس، والآية محتملة لذلك غيرُ ظاهرة في خلافه، وقد بينا الفرقَ بينَ القضاء وغيره، ولو جاز تخطئةُ المعصومِ في كل ظنٍّ، لزم أن لا يكون

(1) أخرجه أحمد 2/ 322 و340، والبخاري (3427) و (6769)، ومسلم (1720) والنسائي 8/ 235 من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" كانت أمرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب، فذهب بابن إحداهما، فقالت صاحبتها: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود، فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقُّه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها، فقضى به للصغرى ".

ص: 300

الإجماعُ حجةً في المسائل الظنية، وهو إلزامُ حسن فتأمَّلْهُ، ويمكن التزامه، لأن الأمة إنما عُصِمتْ عن الضلالة وهي منتفية على قول المصوِّبَةِ عُرفاً ولغة، وعلى قولِ المخطئة عرفاً، والعرف مُقدَّمٌ على اللغة إذا اختلفا.

وأما ما تقدم مِن الفرق بينَ القضاء من النبي صلى الله عليه وسلم فيما بين الناس وبينَ التحليل والتحريم، فالجوابُ عنه أنَّه مما لا يمنع مِن تجويز الخطأ في ظَنِّ المعصوم، بل هو مما يَدُلُّ على جوازه، لأنَّه عليه السلام إنما لم يجز أن يُخطِىءَ في التبليغ، لأنَّه لم يستند فيه إلى الظن.

قولهم: يجوز أن يكونَ متعبداً بالاجتهاد.

قلنا: هذا التجويز لا ينتهض حجةً، فإن انتهض، فحجة ظنية مختصة به، وبمن يذهبُ إلى القول بذلك، والمقطوعُ به هو إصابة ظنه على تقدير اجتهاده، لكنه لا يقطعُ باجتهاده، وعلى تقدير القطع به، فليس معللاً بعصمته، إذ الخطأُ في المعصية لا يُناقِضُ العصمةَ إجماعاً كيف فيما لا يُسمى معصيةً؟ فمن أين يلزمُ إصابةُ ظَنِّ كل معصومٍ، وأحسنُ ما يُجابُ به عن هذا أنَّه لا مانع مِن القول بأنا متعبدون بمتابعة الأمة، وملازمةِ الجماعة وإن جوَّزنا عليهم الخطأَ في الظنيات، كما أنَّا متعبدون بالعمل بخبر الثقة وإن جوزنا ذلك عليه، وممن قال بذلك عبدُ الله بن زيد، ويدل على هذا ما ورد من الأمر المطلق بملازمة الجماعة مثل " يَدُ اللهِ عَلَى الجَمَاعَةِ، ومنْ شَذَّ شَذَّ إلى النَّارِ " رواه الترمذي (1) عن ابن عمر.

(1) رقم (2167) وفي سنده سليمان بن سفيان المدني وهو ضعيف، وهو في " المستدرك " 1/ 115 - 116 و" السنة " لابن أبي عاصم (80)، و" الأسماء والصفات " للبيهقي ص 322.

ص: 301

والذي يجمع بينَ هذه الأدلة أن متابعةَ الأمة واجبةٌ في الأصول والفروع، ودليلهم الظني في الفروع لا يَخْرُجُ عن كونه ظنيّاً، فيكون متعلقَ الظن دليلُ الحكم وطريقُه، ومتعلقَ العلم وجوبُ العمل، ولا تناقضَ في ذلك، وقد قال الفقهاء بمثل ذلك في تسمية الفقه علماً، وقالوا: إنَّ الظن في طريقه، ومتى حصل، عَلِمَ المجتهدُ وجوبَ اتباع ظَنِّه، والله سبحانه أعلم.

وحاصِلُ المسألة: أنَّه يجوزُ الخطأُ في ظنِّ المعصوم لمطلوبه، لا لمطلوبِ الله منه، ولا يُناقِضُ العصمةَ بدليل العقل والسمع، أما العقل، فلأن معنى الظن يستلزِمُ تجويزَ الخطأ، فلو امتنعَ الخطأ في ظَنِّ المعصومِ، لم يكن ظنّاً، والفرضُ أنَّه ظن، وأما السمعُ، فلقول يعقوب في قصة يامين:{بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يوسف: 18] وقوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَان} [الأنبياء: 79] ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سها في صلاته وهو يظنُّها تامة (1)، ولقوله:" فمَنْ حَكمْتُ لَهُ بِمَالِ أخِيهِ، فَإنَّما أقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ " ولأن هذا بمنزلة الخطأ في رمي الكفار.

قال: وقد ثَبتَ بهذا بطلانُ حجة القابلين لفاسقِ التأويل، وإنما الكلامُ: هل: هذه المسألة قطعية أم لا؟ أعني أنهم لا يقبلون، وعلى طريقةِ القاضي الباقلاني أنها قطعية، لأن القطعي عنده ما كان ظنُّ صحته

= وأخرجه الطبراني في " الكبير "(13623) من طريق آخر صحيح عن ابن عمر. وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي (2166)، وسنده قوي.

(1)

أخرجه من حديث أبي هريرة، مالك في " الموطأ " 1/ 93 - 94، والبخاري (482) و (714) و (715) و (1227) و (1228) و (1229) و (6051) و (7250)، ومسلم (573)، وأبو داود (1008) و (1009) و (1010) و (1011) و (1012)، والنسائي 3/ 30 - 31، والترمذي (394) وانظر رواياته في " جامع الأصول " 5/ 537 - 540 الطبقة الشامية.

ص: 302

أقوى، لأنَّه يجب العملُ بالظن الأقوى قطعاً، فيكون رد روايتِهم مقطوعاً به، ولا يَصِحُّ الاجتهادُ فيه، وهذا صحيحٌ في الأمارة الظاهرة التي تَقَعُ لِكُلِّ أحدٍ عندها الظن، وهذه المسألة من هذا القبيل، فثبت بذلك ما ذكرنا في هذه المسألة.

أقول: يرِدُ على كلامِه -أيَّدَهُ الله- في دعواه أنها قطعية إشكالات:

الإشكال الأول: أن السَّيد -أيده الله- قد سَلَّمَ أن الدليل على ردَّ المتأولين ظني، لكنه ادَّعى أنَّه ظن ظاهر لا يخفي على أحد، وادَّعى أن ما كان هكذا، فهو قطعي فجمع بين الدليل الظني والمدلول القطعي، وهذا لا يصِحُّ، لأن تسليمَك أن الدليل ظني يقتضي قطعاً تجويز أن يكون الحق في المرجوح، وتجويز ذلك يستلزم قطعاً تجويز أن يكونَ على ذلك الحق أمارات راجحة على هذا الأمر المظنون أنَّه حق ولكن المترجح له أن هذا المفروضَ أنه راجح، ما عرف تلك الأماراتِ، ولو عرفها لكانت أرجح عنده.

الإشكال الثاني: أن قولَه: إن رد روايتهم يكون مقطوعاً يستلزم كون الحقيَّة في المظنون الراجح قطعاً، ونفي الحَقِّيَّةِ عن الموهوم المرجوح قطعاً أيضاًً، وهذا يقتضي أن الدليلَ يُفِيدُ العلمَ لا الظن؛ لأنَّه لا يَحْصُلُ بالعلم أكثر من القطع بأن الحق هو ما ذهبت إليه باطناً وظاهراً، وأن ما ذهب إليه الخصمُ باطلٌ باطناً وظاهراً، ولكن السَّيدَ -أيده الله- أقرَّ أن الدليل أمارة، وأنه يَحْصُلُ عندها الظن، فإن قال: مراده: أن العمل بتلك الأمارة الظاهرة التي لا تخفي على أحد واجب قطعاً على كل أحد، لا أنَّ (1) ما دلت عليه حق قطعاً، فلا يجوز القطعُ بالاعتقاد على حقِّيَّةِ مدلولها،

(1) في (ب): لأن.

ص: 303

ويجب العمل قطعاً بظاهر الظن المستفاد بها.

قلنا: هذا لا يَصحُّ، لأنَّه يستلزم أن يَنْصِب اللهُ على الباطل أمارة ظاهرة لكل أحد، ويوجب على كُلِّ أحد العمل بها، ويترك الحق بغير أمارة، وهذا لا يجوز على الله تعالى، وقد منع العلماء مِن أهون من هذا، فقالوا في الدليل على أن كل مجتهد مصيب: إنَّه لو لم يكن كذلك لكان قد كلَّفَهُ اللهُ بالحق، ولم يَنْصِبْ عليه دليلاً، وذلك يستلزم التكليف بما لا يَعْلَمُ، وهو لا يجوز على الله، أو كلَّفه بالخطأ الذي أدى إليه نظرُهُ، ولا يجوز على الله تعالى التكليفُ بالخطأ، هذا على القول بأن الحقَّ مع واحد، وعلى القول بتصويب الجميع يلزم تجويز أن يتْرُكَ الله الحق بغير دلالة ولا أمارة، ولا يُكلف به أحداً، وهذا يناقض كونه حقاً، والفرض أنه حق هذا خُلف.

الإشكال الثالث: أن نقول: هل كونُهُ راجحاً معلومٌ بالضرورة أو بالدلالة؟ وكلاهما باطل، فما استلزمهما، فهو باطل، وبيانُ الملازمة ظاهر، وبيان بطلان القسمين أن نقول: لا يجوز أن يكونَ رجحانُ ردِّ المتأولين معلوماً بالضرورة، لأن العقلاء مشتركون في العلم بالضروريات، والمجيزون لقبول المتأولين خلقٌ كثير من الأئمة والعلماء والفقهاء لا يجوز تواطُؤُهُم على محض البَهْتِ، وصريحِ المعاندة، وهم منكرون للعلم برُجحان ردِّ المتأولين، فثبت أنَّه لو كان ضرورياًً، لعلموه، لكنه قد ثبت أنهم لم يعلموه، فثبت أنَّه غيرُ ضروري، وأما أنَّه لا يجوز أن يكون الرجحان معلوماً بالدلالة، فلأنَّ الرجحان هو الظن، وثبوت الظن في القلوب، وانتفاؤه عنها من الأمور الوجدانية كالجوع والألم وغير ذلك، وليس في الأدلة ما يُوجب العلمَ الاستدلالي بالأمور الوجدانية، وإنما يصِحُّ

ص: 304