الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاطلاع، وذلك يقتضي أنَّهم ما ادَّعوا إجماعَ الأُمة حتى عَرَفُوا إجماعَ أهلِ البيت عليهم السلام أولاًً خاصة في ذلك العصرِ، فإن أهلَ البيت عليهم السلام في زمان (1) حدوث الفسق في المذاهب، لم يكونوا إلا ثلاثةً عليٌّ، وولده عليهم السلام، وإجماعُهُم حجة، ومعرفتُهُ متيسرة مستهلة (2) لانحصارهم واشتهارهم، فأقلُّ أحوال المنصورِ بالله والإِمامِ يحيى، عليهما السلام أنهما لا يَدَّعيان إجماعَ الصحابة ألا وهما يعرفان ما مذهَبُ علي وولديه عليهم السلام، فإنهما لو لم يعرفا مذهبهم، لكانا مجازفين بدعوى الإجماع، وهُما منزَّهان من ذلك باتفاق الجميعِ على أمانتهما وسَعة معرفتهما.
الحجة الثالثة: أن ذلك يقتضي أنَّهما عليهما السلام عرفا أن قبولَ المتأولين مذهبٌ علي عليه السلام، لأن أقلَّ أحوالهما حين ادَّعيا العلم بمذهب جميع الصحابة المشهور والمغمور أن يكونا قد عَرَفَا أن ذلك مذهبُ إمام الأئمة، وأفضل الأمة، وكفي به عليه السلام حجة (3) لمن أراد الهدى، وعِصمَةً لمن خاف الردى.
الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة
أجمعين، ولا الصدرَ الأول مِن أهل البيت الطاهرين إذا لم يُصَرِّحُوا بالسماعِ من النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنَّ هؤلاء الثقات من الأئمة وغيرهم قد رَوَوْا عنهم أنَّهم يقبلون الفاسقَ المتأول، فذلك لا بدَّ أن يفيد العلمَ، أو الظنّ بأنهم كانوا كذلك، أقصى ما في الباب أن ذلك يُفيد الشَّكَّ
(1) في (ب): وقت.
(2)
في (ب): سهلة.
(3)
ساقطة من (ب).
في قبولهم للفساق المتأولين، فلو كانوا مردودين بالقطع، وحصل الشكُّ في أن روايةَ العدولِ مستندةٌ إليهم لم يجز قبولُه إلا إذا حصلت تبرئة صحيحة يحصلُ معها الظَّنُّ الراجحُ أن روايتَه غير مستندة إلى من لا يقبل قطعاً، وقد ألزمنا السَّيِّد في رسالته مثل هذا، ومن التناصفِ بين المتناظرين أن يجري كُلُّ خصم على قياسه، ويبنيَ كُلُّ أحدٍ على أساسه.
الحجة الخامسة: هي الحجة العقلية التي عَوَّلَ عليها الإمامان: المنصورُ بالله والناطقُ بالحقِّ عليهما السلام، والشيخُ المحقِّقُ أبو الحسين البصري رحمه الله وهي أنَّ خبرهم يُفيدُ الظنَّ قطعاً، والعمل بالظن حسن عقلاً، وقد قررنا اتفاقَ العقلاء على حُسْنِ الخبر والاستخبار، واعتمادهم عند المهمات على إرسالِ الرسول، وكتابةِ الكتاب، وبعثِ النذير إلى من يخاف عليه منه (1) والطليعةِ إلى من يُخاف منه، وسفرِ التاجر على ظنِّ الربح، وزرع الزراع على ظنِّ التمام، وغزوِ الملوك على ظن الظَّفَرِ، وقراءة القرآن (2) على ظن الفائدة، وكذلك العملُ في ضِرَابِ الأنعام وتربية صغارها (3)، وجمعِ سمنها وألبانها، وسائرُ تصرفات العقلاء كُلُّها مبنية على ظن (4) المنفعة دون اليقين (5)، ولهذا فإن رسل (6) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لما كانت تأتي (7) العرب، تُخبرهم بالشريعة، وتُبلِّغهم الأحكامَ، امتثلوا ذلك، وَعَمِلُوا به بمقتضى فِطرة العقول من غير أن يقولَ لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذلك (8) جائز، ومن غير أن يسألوا عن ذلك، ولا
(1) ساقطة من (ج).
(2)
في (ج): القراءة.
(3)
في (ج): صغيرها.
(4)
ساقطة من (ج).
(5)
تحرفت في (ج) إلى: التعيين.
(6)
ساقطة من (ج).
(7)
ساقطة من (ج).
(8)
في (ج) و (ش): أن ذلك.