المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجح منه في ذلك - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌أقولُ: هذه الحجةُ الثانيةُ من حُججِ السَّيِّد في هذه المسألةِ، والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّ المنقولَ في كتبِ الشافعيةِ نقيضُ ما ذكرتَه

- ‌النظرُ الأوَّلُ: مِن قَبِيلِ المعارضاتِ وهو أن نقولَ: إيرادُ مثلِ هذا الكلامِ مُمْكِنٌ في المجتهد والمقلد

- ‌النظر الخامس: مِن هذا القبيل أيضاًً وهو أن الله -تعالى- شرع الكتابةَ في الدَّيْن والشهادة، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أقومُ للشهادة

- ‌النظر السادس: أنَّ " السَّيِّد " قد حام على اختيار مذهب الأشعرية في أنَّه لا يشتق اسمُ الفاعل مِن شيء إلَاّ وذلك الشيء قائمٌ بالفاعل

- ‌النظرُ الثَّامِنُ: أن نقولَ: المجتهدُ: هو المتمكِّنُ مِن معرفة الأحكام الشرعية

- ‌النظرُ التاسِعُ: أن الاجتهادَ وشرائِطَه مِن قواعدِ الإسلامِ

- ‌البحث الثاني: هذا تجريحٌ مِن السَّيِّدِ للغزالي، والتجريحُ له شرائطُ معروفة

- ‌البحث الرابع: احتج السَّيِّدُ على أن الغزالي يُعَسِّرُ الاجتهادَ

- ‌المرتبة الأولى: المنازعة في قِلَّة المجتهدين، ولنا فيها طرق:

- ‌الطريق الأولى: مِنْ أينَ للسَّيِّدِ ثبوتُ هذه الروايةِ عن الغزالي

- ‌الطريقُ الثانية: سلمنا صِحَّتَها عنه، فكيف استندَ السَّيِّدُ إلى تصديقِه في كلامه

- ‌الطريقُ الخامسة: أنا نُعارِضُ كلامَ الغزالي بما رواه مَنْ هُوَ أَرْجَحُ

- ‌الطريق السابعة: أن اجتهادَ أولئك الذينَ ذكرهم السَّيِّدُ يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد

- ‌وثانيهما: أنا نبَيِّنُ أن افتراقَنا في معرفة العربية ليس يقتضي تعسيرَ الاجتهاد على الإِطلاق لوجهين:

- ‌أحدُهما: أن أكثر آيات الأحكام، وأحاديثه لا تحتاج إلى قراءة العربية في فهم معناها، والدليل على ذلك حُجتانِ:

- ‌الحجة الثانية: على أنَّه لا يقتضي الافتراقُ في العربية تعسيرَ الاجتهاد

- ‌أقول: الجوابُ على ما ذكره من تجهيل هذا الصاحب الجليل من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أن الظاهرَ خلاف ما ذكر

- ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

- ‌الجوابُ عما نسب إلى أبي هريرة وأمثاله من أفاضل السلف المتواتر فضلُهم، وعلو مراتبهم مِن وجوه

- ‌الوجه الثاني: أنَّهُ قد تواتر عن أبي هُريرة أنَّه كان أرفعَ حالاً من هذه المنزله

- ‌الوجه السادس: أن جميعَ الأكاذيب المروَيَّة أسندها الكذَّابُونَ إلى الصحابة

- ‌الوجه الثاني: أنَّه قد ثبت في هذا الحديثِ من الاختلاف والاضطراب شيءٌ كثيرٌ

- ‌الوجه الثالث: أن أبا هريرة إِنما روى الحديثَ الذي احتجَّ بهِ

- ‌وثانيها: أن يكونَ أخذ الولاية على ذلك

- ‌وثالثُها: أنَّ مجرد الولاية إما أن تكون ظنيةً أو قطعية

- ‌المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقدٌ على اجتهادهما

- ‌الأول: إن هذا يحتاجُ إلى طريق صحيحة

- ‌الثالث: أنا لو قدرنا أن ذلك صحَّ عنه بطريقٍ معلومة لم يَقْدَح به

- ‌الرابع: سَلَّمنا أن هذا لحنٌ لا وجه له، فإن كثيراً ممن يعرِف العربية قد يتعمد اللحن

- ‌المحمل الرابع: أن يكونَ ذلك على طريقه الحُفَّاظِ الكبارِ من أئمة الأثر

- ‌أقول: كلامُ السَّيِّدِ هذا يشتملُ على الاستدلال على صعوبةِ الاجتهاد بعدم اجتهاد الرّازي والغَزّالي.والجوابُ عليه من وجوه:

- ‌الثاني: أنَّه لا ملازمةَ بين دعواهما، لعدم الاجتهاد، وتعسُّرِ الاجتهاد

- ‌الثالث: إن السيدَ ذكر في كتابه أنهما غيرُ محققين، ولا مُوَفَّقَيْنِ بهذا اللفظ، ثم احتج على تعسُّرِ الاجتهاد بجهلهما

- ‌المعرفة الثانية: في ذكر بعض مَنْ كان بعدَ المتقدمين من أصحابِ الشافعي

- ‌الوجه الثالث: إذا ادَّعى جماعةٌ من أصحابِ الشافعي جهلَ الأمَّة

- ‌الوجه الرابع: الدليلُ قائم على غَلَطِ منْ قال بذلك ووهمه

- ‌الإشكال السابع: أنك قد حَكَيْتَ عن قاضي القضاة أنَّه يقبلُ فُسَّاقَ التأويل

- ‌الإشكال الثامن: أنك ساويتَ بين المتعمِّدِ للمعصية والمتأوِّلِ

- ‌الإشكالُ التاسع: أن السَّيد قد منعَ من الرواية عن العلماء إلا بعدَ تحصيلِ إسنادٍ صحيحٍ

- ‌الإشكال العاشر: أن رواية القاضي معارضَةٌ بأرجح منها

- ‌الإشكال الثاني: أن السيد روى هذا الإجماعَ

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامِهِ هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ ابنَ الحاجب

- ‌الإشكال الثالث: أن السيد قد أقر -فيما تقدم- أن ابن الحاجب لم يرو الإجماعَ على ردِّ كفار التأويل

- ‌الإشكال الثاني. أن السَّيِّد توهم أن راوي الإجماع مثبت، وراوي الخلاف نافٍ

- ‌الإشكال الرابع: أنَّه رَجَّح بمخالفة الأصل، والترجيحُ بها مختلف فيه

- ‌أقول: في كلامِه هذا إِشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّ السيدَ قال: فهو مروي مِن أئمتنا عن المؤيَّد

- ‌أقول: يَرِدُ على كلامه هذا إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: أنَّه احتج لرواية أبي جعفر بأنَّها تُوافِقُ

- ‌الإِشكالُ الرابع: سلمنا أن تخريجَ القبول مساوٍ لتخريج الرَّدِّ غيرُ راجح عليه، فالقبولُ أولى

- ‌أقول: في كلامه هذا إشكالات:

- ‌تنبيه: غيرُ خافٍ على أهل النظر أن أهلَ العلوم العقلية

- ‌الإشكال الرابع: أن العلمَ بتعمُّد الباطل والظن

- ‌الطريق الأولى: أنَّه قد ورد في السمع ما يَدُلُّ على أن الفاسق كان في ذلك الزمان يُطلق على الكافر

- ‌الإشكالُ الثاني: أنا نقول: قد ورد في اللغة ما يَدُلُّ على أن الفسق تعمدُ المعصية، وأن الفاسقَ المُتَعَمِّدُ

- ‌الإشكال الرابع: أنها جاءت أدلةٌ على أن المتأوِّل في الكبيرة التي ليست بكفرٍ يُسمَّى مسلماً

- ‌الإشكال الخامسُ: أن في هذه الأدلة ما يدل على أن المتأوِّل غيرَ الكافر

- ‌الإشكال السادس: أن الاستدلالَ بهذه الآية الكريمة من قبيل مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال السابع: أن الآية الكريمة نزلت في حقوق المخلوقين

- ‌الإِشكال الرابع عشر: أنَّ الآية وردت بلفظِ الأمر

- ‌الإشكالُ السادسَ عشر: أنَّ لهذه الآية معارضاتٍ كثيرة

- ‌الإشكال السابع عشر: أن لهذه الآيةِ مخصصاً

- ‌الأول: أجمع العقلاءُ من أهل الإِسلام وغيرِهِم على أن الإنسانَ يرجِعُ إلى تصديق عدوِّه وقبولِ كلامه

- ‌الثالث: أنَّه يجوزُ نكاح الفاسقة بغير الزنى

- ‌الخامس: أنَّ شهادة بعضهم على بعض مقبولةٌ

- ‌الإشكال الثاني: أن الاحتجاجَ بهذه الآية لا يَصِحُّ

- ‌الإشكال الثالث: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال السادس: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال السابع: أن الآيةَ مِن قبيل العموم

- ‌الإشكال الثامن: أن في العلماء من قال: العمومُ مشترك

- ‌الإِشكال التاسعُ: إن ظاهرَ الآية متروكٌ بالإجماع

- ‌الإِشكال الثاني عشر: أن المتأوِّل يُسَمَّى مسلماً بالنص

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن المتأوِّل يسَمَّى مؤمناً

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الآية عامَّةٌ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن السيدَ استدل على أن قبولَ قولهم ركونٌ إليهم

- ‌الإِشكال السادس عشر: أنا لو سلَّمنا أن اللغة تثبُتُ بالقياسِ لم نسَلِّمْ صحةَ هذَا القياسِ

- ‌الإشكال السابع عشر: أن ثقيفاً سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تغييرَ الشريعة

- ‌الإِشكال التاسع عشر: أن لِهذه الآيةِ معارضاً يَدُلُّ على قبولِ المتأولين

- ‌الإِشكال الموفي عشرين: أن السَّيِّد قاس قبولَ تحريم المتأوِّلين فيما بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريمِ قبول ثقيف في تبديل شريعةِ رسول الله

- ‌الإشكالُ الحادي والعشرون: أنَّه يَلْزَمُ من الاحتجاج بهذه الآية تفسيقُ مَنْ قَبِلَ المتأوِّلين

- ‌أقول: يَرِدُ على كلام السَّيِّد بهذه الآية إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أنَّه ترك بيان وجه الاستدلال

- ‌الإشكال الثالث: أن قولَه: {سبيل المفسدين} يقتضي العمومَ

- ‌الإِشكال الرابع: أنا إذا سَمِعْنَا خبراً، وظننا أنَّه صادق

- ‌الإشكال الخامس: أنَّ العملَ بما يظن الإِنسانُ وجوبَه، وترك ما يظن حرمتَه ليس سبيلَ المفسدين

- ‌الإشكال السابع: أنَّه معلومٌ بالتواتر

- ‌الإِشكال التاسع: أن هارون عليه السلام نبيٌّ مرسل

- ‌الإشكال العاشر: أن الآية إما أن تَرِد على المعنى الذي ذكرنا مِن العُرف السَّابِق إلى الأفهام

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاستدلال بهذه الآية لا يَصحُّ إِلا من مجتهدٍ

- ‌الإشكال الثاني عشر: أن السيدَ قد سَدَّ الطريقَ في كتابه إلى معرفة تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن المتأوَّلين من هذه الأمة ما كانوا موجودين في زمان هارون عليه السلام

- ‌الإِشكال السابع عشر: أنهم كانوا يُسَمَّوْنَ مسلمين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه كان يلزمُه إبطالُ القول بأن العمومَ مشترك

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أن لهذه الآية مخصصاتٍ

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: أن هذا العمومَ مخصوصٌ

- ‌أقول: أطلق السَّيِّد هذه الآيةَ، ولم يُبين وجهَ الاحتجاج بها

- ‌الإشكال الثاني: أن هذه الآية نزلت على سبب

- ‌الإشكال الثالث: أن الحجةَ في هذه الآيةِ من قَبِيلِ مفهومِ المخالفة

- ‌الإشكال الرابعُ: أنا بَيَّنَّا أن هذه الآيةَ نزلت لأجل ما جرى

- ‌الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة

- ‌الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم

- ‌الإِشكال الثامن: كان يجب على السَّيِّدِ بيانُ أن الأمرَ للوجوب

- ‌الإِشكال التاسع: أن المتأوِّلين كانوا غيرَ موجودين في ذلك الزمان

- ‌الإشكال العاشر والحادي عشر: أنهم كاْنوا يسمَّون مسلمين ومؤمنين

- ‌الإشكال الثالث عشر: أنَّه قد حرَّجَ في تفسير القرآن العظيم ثم فسَّرَ

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن العلماء اختلفوا في عموم المنطوق:

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّا بَينَّا أن في قبول المتأولين دفع مضار العقاب

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أن الآية دليلٌ على وجوب قبول المتأوِّلين

- ‌الإشكال الحادي والعشرون: أن هذه الحجة لا تَصحُّ إلا بعدَ عدم المعارض

- ‌الإشكال الثاني والعشرون: هو الإشكالُ الثاني في الآية التي قبل هذه الآية

- ‌أقول: في احتجاج السَّيِّد بهذا الحديث إشكالات:

- ‌الإشكال الثاني: سلمنا أنَّ كلام السَّيِّد غيرُ متناقض، وأنه يُمكن معرفةُ الحديث

- ‌الإشكالُ الثالث: سلَّمنا أن الحديثَ صحيح، لكنه آحادي ظني

- ‌الإشكال الرابع: أن السَّيِّد قد عَظَّمَ القولَ في تفسير القرآن العظيم

- ‌الإشكال الخامس: أن في هذا الحديث عموماً

- ‌الإِشكال السادس: أن ذلك المخصصَ موجود

- ‌الإشكال الثامن: أن ذلك المعارض موجودٌ

- ‌الإشكال التاسع: يحتمل أن يكونَ منسوخاً

- ‌الإشكال العاشر: أن هذا الحديثَ مِن العمومات الواردة في العمليات

- ‌الإشكال الحادي عشر: أن الاحتجاجَ بالعُموم يحتاج إلى الاجتهاد

- ‌الإشكال الثاني عشر: أنَّه يحتمل أن هذا العمومَ ورد على سبب

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن هذا العمومَ مخصوص

- ‌الإشكال الرابع عشر: أن الحديثَ ورد بلفظ الأمر

- ‌الإشكال الخامس عشر: أنَّه لا حجة في هذا الحديث لك، بل هي عليك

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك

- ‌أقولُ: في الاحتجاج بهذا الحديث من الإشكالات الثلاثة عشر الذي في الحديثين الأول والثاني، ويختص بإشكالين بعدَها أولُهما

- ‌الإشكال الخامس عشر: أن الحديث حجة لنا على السيد

- ‌أقول: جوابُ هذا لا يخفي على من له أدنى معرفة بعلم العقليات

- ‌أقول: لما فَرَغَ السَّيِّد من الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول، عطف عليه الاستدلالَ بالقياس، وَيردُ على ذلك إشكالات:

- ‌الإشكال الأول: أن القياسَ لا يَصِحُّ الاستدلالُ به في المسائل القطعية

- ‌الإِشكال الثاني: أن الإجماعَ موجودٌ على خلافِ هذا القياسِ

- ‌الإِشكال الثالث: لا يَصِحُّ الاستدلالُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإِشكال الرابع: إذا سلَّمنا صحةَ القياس، فلا يصح الاحتجاجُ به في مسألتنا هذه

- ‌الإِشكال الخامس: أن المخصص لتلك العلة موجودٌ

- ‌الإِشكال السادس: أنَّه لا يصح الاجتهادُ بالقياس في مسألة قطعية

- ‌الإشكال السابع: أن المعلوم أن هذا القياسَ بعينه قياسٌ ظني

- ‌الإشكال الثامن: أن شرط الاحتجاج بالقياس عدمُ النصوص

- ‌الإشكال التاسع: أن الاحتجاجَ بالقياس من خواصِّ المجتهدين

- ‌الإشكال العاشر: احتج السيدُ على أن المنصب هو العلة، لعدم استحقاق المتأوِّلين له

- ‌الحجة الخامسة: قولُه تعالى في هذه الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا

- ‌الحجة الثامنة: ورد الشرعُ بشاهدٍ ويمينٍ

- ‌المسألة الثانية: أن يكونَ أحدُ الراويين مثبتاً، والآخرُ نافياً

- ‌المسألة الرابعة: أن يكونَ أحدُ الراويين لا يستجيز الروايةَ بالمعنى

- ‌المسألة الخامسة: أن يكون أحدُ الراويين أكثرَ ذكاءً وفِطنة

- ‌المسألة السادسة: قال العلماءُ: لا يَصِحُّ أن يشهد الشاهدُ لنفسه

- ‌المسألة السابعة: شهادةُ الوالد لأولاده وأحفادِه وشهادة الأولاد لآبائهم وأجدادهم

- ‌المسألة الثامنة: شهادةُ الصَّديق لصديقه

- ‌المسألة التاسعة: شهادةُ العدو على عدوِّه

- ‌المسألة العاشرة: شهادةُ أحدِ الزوجين للآخر

- ‌المسألة الثانية عشرة: تهمةُ الحاكم في إقراره بالحكم

- ‌المسألة الثالثة عشرة: حُكْمُ الحاكم لأولاده وأحفاده، وعلى أعدائه

- ‌المسألة الرابعة عشرة: طولُ العهد بالتعديل والتزكية

- ‌المسألة السادسة عشرة: لو شهد لعدوه على أبيه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التائبُ من الفسق الصريح لا تُقْبَلُ شهادتُه

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أن الفاسقَ المتأوِّل إذا تاب مِن فسقه لم يختبر، وقبلت شهادته

- ‌المسألة الموفية عشرين: اختلف العلماءُ في الفاسق المصرِّح إذا كان معروفاً بالصدق

- ‌المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تقديمُ البينة المثبتة على النافية

- ‌الوجه الأول: أن قولَ السَّيِّد إنَّهم لا يرتدِعُونَ

- ‌الوجه الثاني: اعْلَمْ أن الحاملَ على المحافظة على الخيرات

- ‌الوجه السادس: أن اعتقادَهم لو كان حاملاً لهم على الكذب، لحملَهم على ترك الصلاة

- ‌الوجه الثامن: أن الملائكةَ والأنبياء قد أَمِنُوا مِن الموت على الكفر

- ‌الوجه الحادي عشر: أن الإرجاء ليس بكفرٍ ولا فسقٍ

- ‌الوجه الأول: أن السيدَ منازع في كون هذا مذهبهم

- ‌الوجه الثالث: أنهم لو ذهبوا

- ‌أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

- ‌ثانيها: ترجيحُ الآيةِ على الحديث

- ‌ثالثها: القدح في صحة الإِجماع بوجهين

- ‌الإشكال الرابع: قد ثبت أنا لا نَعْلَمُ في الأدلة العلمية غير الضرورة

- ‌الإشكال الخامس: نص علماءُ المنطِق والمعقولاتِ على أنّه ليس بين الأمارة ومدلولِها رابطةٌ عقلية

- ‌الإشكال الثامن: قد بَيَّنَّا أن جماعةً ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على خلاف قولِ السيدِ

- ‌الإِشكال التاسع: أنَّه قد ثبت الخلافُ في هذه المسألةِ بإقرار السيد

- ‌الإشكال الثالث عشر: أن الأمة أجمعت على عدم التأثيم لمن خالف العموم

- ‌الإشكال الرابع عشر: استدل بهذه الأدلة، وكلها ظني

- ‌الإشكال السادس عشر: أنا قد بيّنّا غير مرة أن جماعةً من الأئمة والعلماء ادَّعَوْا إجماعَ الأمة على قبول المتأولين

- ‌الإشكال التاسع عشر: أنَّه يلزمُ تحريمُ نصبِ الحكام الذين يستحِلُّونَ الحكم بشهادة المتأولين

- ‌الإشكال الموفي عشرين: أنَّه يلزم من هذا تحريم نصب الأئمة الذين يستحِلُّونَ قبولَ المتأولين

- ‌الإِشكال الحادي والعشرون: أنَّه يلزم القطعُ ببطلان إمامةِ مَنْ صح عنه قبولُ المتأولين

- ‌الإِشكال الثالث والعشرون: أنَّه قد ثبت أن المخالفة في القطعيات معصية

- ‌الطريق الثالثة: طريقُ المؤيَّد بالله

- ‌الطريق الخامسة: طريقُ القاضي زيد

- ‌الطريق التاسعة: ما ذكره صاحبُ " شفاء الأوام

- ‌الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ

- ‌الفائدة الثانية: في ذكر ما اعترض به على الإجماع

- ‌الفائدة الثالثة: في الإِشارةِ إلى شهرةِ الخلاف في هذه المسألة

- ‌الحجة الثانية: إجماعُ العِترة

- ‌الحجة الرابعة: أنا لو لم نقبل المتأوِّلين، لوجب أن لا نقبلَ الصحابة

- ‌الحجة السادسة: أن في مخالفتهم مضرةً مظنونة

- ‌الحجة التاسعة: أنَّه يحصل بخبرهم الظنُّ لثبوت النص الشرعي

- ‌الحجة الثانية عشرة: أنَّه ينتفي الإجمالُ في الاشتراك

- ‌الحجة الرابعة عشرة: أنَّه قد ثبت أنَّه مَنْ أكثرَ من ارتكاب المعاصي الملتبسة

- ‌الحجة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ

- ‌الحجة السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ

- ‌الحجة السابعة عشرة: قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

- ‌الحجة الثامنة عشرة: قوله تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ

- ‌الحجة التاسعة عشرة: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

- ‌الحجة الموفية عشرين: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ

- ‌الحجة الحادية والعشرون: قولُه تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ

- ‌الحجة الثانية والعشرون: قوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

- ‌الخصيصة الثانية: تقديمُ كلامِ أهل كُلِّ فَنٍّ على كلام غيرهم في ذلك الفن الذي اختصُّوا به

الفصل: ‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجح منه في ذلك

أَمنك أنَّك من قراء آخر الزمان الذين لا فِقْهَ لهم، وأنَّك لِهذه العِلَّةِ نسبت أبا هُريرة الفقيهَ إلى صِفَتِك لِقُصورك أنتَ لا هُوَ.

الوجه الثالث: أنه ممن نُقِلَتْ عنه الفتيا من الصحابة رضي الله عنهم فيما رواه الحافظ أبو محمد أحمد بن علي الفارسي، والشيخ أحمد بن محمد بن الحسن الرّصاص، وذلك يُفيدُ أنَّه مجتهد، لأن مَنْ أفتى من أهل العدالة، وادَّعى الاجتهادَ، وذلك مُجوّز فيه غيرُ مقطوع ببطلانه، قُبِلَتْ فتواه بلا خلافٍ يُعْلَمُ في ذلك، واختلف العلماءُ في قبول الفتيا ممن لم يُعرف بالعدالة ذكره المنصور بالله عليه السلام، بل ذكر الذهبي في " طبقات القراء " بسنده أن ابن عباس، وابن عمر، وأبا هريرة، وأبا سعيد، وجابراً وَغيرهم كانوا يُفتون في المدينة، وُيحدِّثون منذ توفي عثمانُ إلى أن تفرقوا، وإلى هؤلاء الخمسة صارت الفتوى انتهى.

وهذه حجة واضحة على اجتهاده لتقريرِ أهل ذلك العصر له على الفتوى وهم مِن خيرِ القُرون أو خيرُها بالنص ذكره في ترجمة أبي هريرة (1).

‌الوجه الرابع: معارضة الغزالي بقول من هو أرجحُ منه في ذلك

، وهو الحافظُ المؤرخ الذَّهبي، فإنه قال في وصف أبي هريرة: الفقيه المجتهد بهذا اللفظ. فنصَّ على اجتهاده وفقهه ذكره في " النبلاء "(2).

(1)" معرفه القراء " 1/ 44 نشر مؤسسة الرسالة، وأصل الخبر في " طبقات ابن سعد " 2/ 372 من طريق الواقدي، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن ميناء، قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر ابن عبد الله، ورافع بن خديج، وسلمة بن الأكوع، وأبو واقد الليثي، وعبد الله بن بحينة مع أشباه لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتون بالمدينة، ويحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا، والذين صارت إليهم الفتوى منهم ابن عباس، وابنُ عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله.

(2)

2/ 578، ونصه: الإمام الفقيه المجتهد الحافظ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة =

ص: 37

وذكر في " الميزان " في ترجمة إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي (1) أنهم قَدَحُوا عليه بكونِه قال: إن أبا هريرة ليس بمجتهدٍ (2)، فَجَعلَ العلماءُ هذا قدحاً وعيباً في مَنْ قاله.

وإنما كان أرجحَ لوجوه:

منها أنَّه مثبت والغزالي نافٍ.

ومنها أنَّه أعرفُ بعلمِ الرِّجال، وأكثرُ تصرفاً في هذه المحال.

ومنها أنَّه في ترجيح كلامه حملاً لأبي هريرة رضي الله عنه على السلامة، لأن خلاف ذلك يُؤدِّي إلى القول بأنه أفتى بغير علم، وتأهَّل لما ليسَ مِن أهله، والخطأ في العفو خيرٌ من الخطأ في العقوبة.

وقال الحافظ ابن حجر في " التلخيص ": روى ابنُ أبي شيبة من طريق الأعمش عن المسيَّب بن رافع، عن ابن عباس أنَّه أرسل إلى أبي هُريرة، وعائشةَ وغيرِهما، يعني يستفتيهم في قصة مداواته لعينيه، فلم يُرخِّصُوا له فترك ذلك.

= الدوسي اليماني، سيد الحفاظ الأثبات.

(1)

هذا وهم من المؤلف رحمه الله، فإن الذي نُقِمَ عليه ذلك هو إبراهيم بن يزيد النخعي المترجم في الميزان 1/ 74 بعد إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي مباشرة، وكلاهما ثقة، روى لهما الجماعة. والمنقول عنه في ذلك قوله: كانوا يتركون أشياء من حديث أبي هريرة. انظر " سير أعلام النبلاء " 2/ 608، وتاريخ دمشق لابن عساكر 19/ 122/4.

(2)

انظر " السير " 2/ 619 - 621 وفي " الموطأ " 2/ 571 من طريق يحيى بن سعيد، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري أنه كان جالساً مع عبد الله بن الزبير، فجاء محمد بن إياس بن البكير، فسأل عن رجل طلق ثلاثاً قبل الدخول، فبعثه إلى أبي هريرة، وابن عباس، وكانا عند عائشة، فذهب فسألهما، فقال ابن عباس لأبي هريرة: أفته يا أبا هريرة، فقد جاءتك معضلة، فقال: الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره، وقال ابن عباس مثل ذلك وهو في " مسند الشافعي " 2/ 375، وإسناده صحيح.

ص: 38

قال ابنُ حجر: وفي هذا إنكارٌ على النواوي في إنكاره على الغزالي ذكر أبي هريرة في هذا.

قلتُ: فيه أنَّ أبا هريرة مجتهد عندَ ابن عباس، وذكر هذه القصة ابنُ حجر في موضع آخر، ونسب ذكر أبي هُريرة فيها إلى ابن المنذر.

الوجه الخامس: أن كلامَ السَّيِّد إنما هو في تعسيرِ الاجتهاد، فلو صحّ ما لا طريق إليه من تجهيل هذا الصاحبِ رضي الله عنه لم يلزم من ذلك القولُ بتعسير الاجتهاد، فإنَّه يمكن قطعاً أن يكون الاجتهادُ سهلاً، ويكون أبو هريرة غيرَ مجتهد، لأنَّه ليس في العقل، ولا في الشرع رابطةٌ قطعية بينَ سهولةِ الاجتِهاد، وأبي هُريرة رضي الله عنه.

ويلتحِق بهذا فائدتان:

الفائدة الأولى: أن أبا هُريرة رضي الله عنه ثقة مقبول لا مطعنَ في قبول روايته عندَ أهلِ التحقيق، وقد أشار الإمامُ المنصورُ بالله عليه السلام إلى ذلك، وقد كان عابداً صوَّاماً قوَّاماً قانتاً لله، خاشعاً متواضعاً، حسنَ الأخلاق، رفيقاً، كان لا ينامُ حتى يُسَبِّحَ ألف تسبيحة، وكان يقوم ثُلُثَ الليل، ثم كان يقوم ثلثيه، ثم كان يقومُ اللَّيْلَ كُلَّه، وكان أميراً في المدينة، وكان في أيام إمارته يحمل الحطب على ظهره، ويمضي في السوق، ويقول: الطريقَ مِن الأمير، الطريقَ من الأمير، وكان ممن يسقط مغشياً عليه مِن خوفِ الله جل جلاله، وكان مِن نبلاء المهاجرين، ومِن الصابرين على الشِّدَّةِ مع سيِّد المرسلين، كان رضي الله عنه يُصْرَعُ بَيْنَ الروضة والمنبرِ من الجوع، وربما يُظن أنه مجنون، فيأتي الرجل، فيجلس على صدره، فيُشيرُ إليه: ليس هو ما تظن إنما هو الجوعُ، ومع ذلك لم يتضجَّرْ من الإسلام، ولا تكلم في أحد من أهل الغِنَى من الصحابة رضي الله عنهم، كما هو عادةُ كثيرٍ من الفقهاء

ص: 39

المتساهلين، وقد اشتد فرَحُهُ بالإِسلام، ولما رأى الوجهَ الكريم النبوي عليه السلام، عَظُمَت مسرَّتُهُ بذلك، فأعتق عبداً له لم يكن يملِكُ سِواه.

وقد روى الذهبيُّ أن رجلين اختلفا في مسألة، فاحتج أحدُهما بحديثِ أبي هُريرة، فقال الآخر ما معناه: إنَّه لا يحتج بحديث أبي هريرة، فخرجت عليه حيَّةٌ عظيمة، فهرب منها، وهي تتبعُه فقالت له الجماعة: اسْتَغْفِر اللهَ وتُب إليه، فاستغفر الله من كلامه في أبي هريرة، فانْصَرَفَتْ عنه. إسنادها أئمة (1)، وهذا معنى لفظِه، ولم يَحْضُرْنِي كتابُه، فأنقلَ لفظه إلى ذلك.

قال الذهبي: وقد اعتمدَتِ الصحابةُ على حديث أبي هُريرة في تحريم الجمع بين المرأة وعمتها (2).

قلتُ: من أراد معرفة هذا الصاحب فلُيطالع سيرته في كتاب " النبلاءِ "(3) وغيره من كتب الصحابة التي قدمت ذكرَها، وإنما ذكرتُ هذه النكتة، لأنَّه قد ذكر في ذلك خلافٌ لا يلتفت إليه، ولا يُعَوَّلُ عليه.

فإن قيل: قد اتُّهِم أبو هريرة بكثرة الرواية حتى قال له عمر: لئن لم تُقْلِلْ مِن الرِّوايةِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لألْحِقَنَّك بجبالِ دوسٍ.

قلنا: هذا لا يصح (4)، ولو صح لم يكن فيه حُجَّةٌ على جرح أبي

(1)" سير أعلام النبلاء " 2/ 618 - 619.

(2)

" السير " 2/ 620، وحديثه في " الموطأ " 2/ 532، والبخاري (5109) ومسلم (1408) وسيأتي في الصفحة 54.

(3)

2/ 578 - 632.

(4)

بل قد صح، فقد رواه أبو زرعة الدمشقي في " تاريخه "(1475) من طريق محمد ابن زرعة الرعيني، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن السائب بن يزيد، سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة: لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لألحقنك بأرض دوس، وقال لكعب: لتتركن الأحاديث أو لألحقنك =

ص: 40

هريرة، لأنُّه سوء ظن مستندُه إكثارُ أبي هريرة مِن الرواية، والإكثارُ دليلُ الحفظ لا دليلُ الكذب، وقد قال أبو هريرة: وما ذنبي إن حفظتُ ونَسُوا (1).

وقد طوَّل الحاكم في " المستدرك "(2) في الردِّ على من ضعف حديث أبي هريرة، وجوَّدَ الذهبي في " النبلاء " ترجمته رضي الله عنه، وخرج الحاكم في " المستدرك "، ومسلم في " صحيحه "(3) دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة وأمه حين أسلمت أن يُحبِّبَهما الله تعالى إلى المؤمنين، ويحبب المؤمنين إليهما. فما على وجه الأرض مؤمن إلَاّ وهو يُحِبُّ أبا هريرة. ذكره الحاكم في معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم وآيات نبوته، ومسلمٌ في الفضائل، فأرجو أن يكونَ حُبِّي له، وللذَّب عنه من ذلك إن شاء الله تعالى.

وقد كانت لإكثار أبي هريرة مِن الرواية أسبابٌ واضحة قد أجاب بها على من اعترضه في إكثاره.

= بأرض القردة. وهذا إسناد صحيح. محمد بن زرعة، قال أبو زرعة في " تاريخه " 1/ 286: ثقة حافظ، من أصحاب الوليد بن مسلم، مات سنة ست عشرة ومئتين، ومروان بن محمد هو الطاطري ثقة كما في " التقريب " وباقي السند من رجال الصحيح، وذكره ابن كثير في " البداية " 8/ 106 من طريق أبي زرعة به، وقال: وهذا محمول من عمر، على أنَّه خشي من الأحاديث التي تضعها الناس على غير مواضعها، وأنهم يتكلمون على ما فيها من أحاديث الرخص، وأن الرجل إذا أكثر من الحديث، ربما وقع في أحاديثه بعض الغلط أو الخطأ، فيحملها الناس عنه أو نحو ذلك.

وفي " المحدث الفاصل " ص 554 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن محمد قال: أظنه ابن يوسف، قال: سمعت السائب بن يزيد يحدث قال: أرسلني عثمان بن عفان إلى أبي هريرة

فذكره بنحوه.

(1)

انظر السير 2/ 607 - 608.

(2)

3/ 508 - 512.

(3)

برقم (2491) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه.

ص: 41

أحدها: أنَّه كان فقيراً لا مالَ له، ولا أهلَ، وكان يُلازِم النبي صلى الله عليه وسلم على الدوام، ولا يَشْغلُه عنه شاغِلٌ مِن مال ولا أهل ولا تجارة، وربما لازمه لِيأكل معه مما أكل، ولغير ذلك من خدمته ونحوها.

وثانيها: أنَّه طال عُمُرُه، فإنه تُوفي سنةَ تسع وخمسين في قول جماعة، وأقلُّ ما قيل: إنَّه تُوفي سنة سبع وخمسين، وقد كانت تَقِلُّ الرواية وتكثر بحسب طُولِ المدة بَعْدَ النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك كانت روايةُ عمر أكثرَ مِن رواية أبي بكر.

وثالثُها: أنَّه كان فارغاً لطلب العلم، قريباً لطيفاً، حسن الأخلاق غيرَ مهيب ولا بعيد.

ورابعها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالحفظ وأمره أن يبسطَ رداءه فقرأ له فيه، وأمره أن يلفَّه عليه، ففعل، فما نسي شيئاً بَعْدُ (1) رواه البخاري، ومسلم، والترمذي من حديث أبي هريرة.

وروى النسائي، والحاكم (2) نحوه من حديث زيد بن ثابت ذكره صاحبُ كتاب " سلاح المؤمن "(3) في آداب الدعاء. فلم يبق في صحته شبهة والله أعلم.

(1) أخرجه البخاري (118) و (119) و (2047) و (2350) و (3648) و (7354) ومسلم (2294) والترمذي (3834) و (3835) وابن سعد 4/ 330.

(2)

في " المستدرك " 3/ 508 من طريق حماد بن شعيب، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن قيس بن مخرمة، عن زيد بن ثابت

وقال: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: حماد ضعيف وانظر " السير " 2/ 600 و616.

(3)

لمؤلفه الإمام المحدث تقي الدين أبي الفتح محمد بن محمد بن علي بن همام العسقلاني الأصل، المصري المولد والدار الشافعي المتوفى سنة 745 هـ، وكتابه هذا في الدعاء، ولم يطبع، منه نسخة في المكتبة الخديوية، انظر فهرسها 1/ 349، قال صاحب =

ص: 42

وذكر المحققون أنَّ الكذبَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَكُنْ في زمنِ الصحابة، ولا في زمنِ التابعين، لا مِن بَرِّهم، ولا مِنْ فاجرهم، وإنما كان ذلك في أيامِ بني العباسِ، وَمَنْ نظر فيما رواه أهلُ المعاصي في هذا الوقتِ القديم، عَرفَ صحةَ قولِ المحققين.

فأما أبو هريرة، فإليه المنتهي في مراقبة الله وخوفه، وقد كان ممن يُغْشَى عليه من خوف الله تعالى، ثبت ذلك في صحيح مسلم (1) في حديث رواه في الرياء بالمثناة مِن تحتُ، وله شاهد في ترجمة سمرة.

ثم إني وجدتُ في " شرح النهج "(2) للشيخ العلامة عبدِ الحميد بن أبي الحديد كلاماً في جماعة من السَّلَف لا يليقُ بمنصبه المنيف في العلم، والإنصاف، وحمله على السلامة يُوجبُ تنزيهه عنه، والقول بأن بعضُ أعدائه زاده في كتابه، فإنُّه ينبغي من العاقل العملُ بالقرائنِ القوية في تصحيح الأخبار، وتزييفها، ألا ترى أن فيه نسبة أبي هُريرة إلى بُغْضِ علي وتعمُّدِ

= " كشف الظنون " 2/ 995: بوبه على أحد وعشرين باباً، وقد اختصره الذهبي محمد بن أحمد الحافظ المتوفى سنة 748. انظر ترجمته في " وفيات ابن رافع " 1/ 487، نشر مؤسسة الرسالة، وقد ذكرت مصادر ترجمته فيه.

(1)

رقم (1905) وانظر " المسند " 2/ 321 - 322، و" سنن الترمذي "(2382) والنسائي 6/ 23 - 24، وابن حبان (2502) و" شرح السنة "(4143).

(2)

4/ 62 - 69، وقد صرح ابن أبي الحديد أنَّه نقل ذلك كله عن كتاب " المعارف " لابن قتيبة، وانظر ص 121 من المعارف، وقال ابن كثير في " البداية " 13/ 199: عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين أبو حامد بن أبي الحديد عز الدين المدائني الكاتب الشاعر المطبق الشيعي الغالي، ولد بالمدائن سنة ست وثمانين وخمس مئة، ثم صار إلى بغداد، فكان أحد الكتاب والشعراء بالديوان الخليفتي، وكان حظياً عند الوزير ابن العلقمي لما بينهما من المناسبة والمقاربة والمشابهة في التشيع والأدب والفضيلة، وقد أورد له ابن الساعي أشياء كثيرة من مدائحه وأشعاره الفائقة الرائقة، وكان أكثر فضيلة وأدباً من أخيه أبي المعالى موفق الدين بن هبة الله، وإن كان الآخر فاضلاً بارعاً أيضاً، وقد ماتا في هذه السنة رحمهما الله أي في سنة 655 هـ.

ص: 43