الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالشعراء يسرقون من قديم. يقول الجاحظ: "نظرنا في الشعر القديم والحديث فوجدنا المعاني تقلب ويؤخذ بعضها من بعض"1. ويقول أيضًا: "ولا يعلم في الأرض شاعر تقدم في تشبيه مصيب تام، أو في معنى غريب عجيب، أو في معنى شريف كريم، أو في بديع مخترع، إلا وكل من جاء من الشعراء من بعده أو معه إن هو لم يَعْدُ على لفظه فيسرق بعضه أو يدعيه بأسره فإنه لا يدع أن يستعين بالمعنى، ويجعل نفسه شريكًا فيه"2.
وإذن فالسرقة قديمة في الشعر العربي؛ غير أنه يلاحظ أنها أصبحت شيئًا أساسيًّا في القرن الرابع فقد اهتم بها النقاد وفتحوا لها دراسات واسعة في كتبهم كما نجد في الصناعتين والوساطة والموازنة، وألِّفت فيها كتب خاصة، ألَّف مهلهل بن يموت كتابًا في سرقات أبي نواس، كما ألف كل من ابن أبي طاهر وابن عمار كتابًا في سرقات أبي تمام3. وعمت هذه الدراسة وشاعت في كتب النقد والبلاغة؛ لأنها كانت أهم جانب في صناعة النماذج الفنية. وليس من شك في أن هذا الصنيع إنما يعني الجمود والتحجر، فقد ارتبط الشعراء بمجموعة من الأفكار والمعاني والأخيلة وسجنوا شعرهم وأنفسهم فيها، وبذلك انحصروا داخل آماد ضيقة من التقليد والتلفيق.
1 معاهد التنصيص 2/ 122.
2 الحيوان 3/ 311.
3 الوساطة ص209.
6-
التَّحْوِيرُ:
يقسم نقاد العرب السرقات إلى قسمين: مستحبة ومنكرة؛ فالمستحبة هي التي يعمد فيها الشاعر إلى إضافة أشياء جديدة في الصور أو العبارة، وأما المنكرة فهي التي لا يستطيع فيها أن يضيف إليهما شيئًامن ذلك1. وهذا التقسيم لا يوضِّح
1 الصناعتين "ص196، 299 وما بعدها"، وانظر في الوساطة، باب السرقات.
-في رأينا- هذا الجانب من جوانب حرفة الشعر، بل لعله يضيف إليه غموضًا وإبهامًا؛ فقد اضطرب النقاد في بحث هذه الوسيلة ووقفوا يسمونها سرقة وغصبًا ونحو ذلك من أسماء لا تعبر تعبيرًا واضحًا عن حقيقتها، ومن أجل ذلك كنت أوثر أن ننحي التسمية القديمة ونضع مكانها اسم "التحوير"؛ إذ يأخذ الشاعر معنى مسبوقًا أو مطروقًا فيديره في ذهنه، وما يزال به يحور فيه حتى يظهر في هيئة جديدة كأنها تخالف الهيئة القديمة.
وليس الشعر بدعًا في هذه الظاهرة، بل لعلها أكثر وضوحًا في فن الرسم؛ إذ يعالج الرسامون موضوعات مشتركة، كل يرسمها رسمه الخاص الذي يعبر عن أسلوبه بما يختاره من وضع، وما يراه من طريقة في التلوين والتظليل وحشد الأجزاء في الصورة، أو نشر ضباب وغموض فيها، بحيث نرى المنظر في لمحة بدون حشده في أي جزء أو أي تفصيل، وبحيث يكون لكل رسام طريقته الخاصة ونماذجه الخاصة. والشعراء يعالجون موضوعات مشتركة ويعالجون أيضًا خواطر مشتركة؛ ولكنهم حين يعالجون هذه الخواطر يعمدون إلى التحوير فيها تحويرًا يغير من هيئتها القديمة، ويعطيها وضعًا جديدًا ولونًا جديدًا، ويخطئ من يتلومهم في ذلك ما داموا يخرجون أفكارهم إخراجًا تظهر فيه شخصياتهم؛ فكل منهم له طريقته في التلوين والتظليل، وكل منهم له أوضاعه ونماذجه، مثلهم في ذلك مثل المرايا تختلف فيها صور الأشياء باختلاف أنواعها، فالشكل في المرآة المحدبة غيره في المستوية، والخاطرة عند شاعر غيرها عند زميله لاختلافهما في مرايا الذهن والخيال، أو لاختلافهما في الوضوح والغموض، إذ الخواطر كأصحابها قد ترى غامضة في شكل أشباح بعيدة، وقد تقترب وتتضح على درجات مختلفة.
ومن الواجب أن نعرف دائمًا أن العبرة في الفن بجمال الإخراج وجمال الأوضاع والهيئات، لا بالإبداع المطلق فقد يبعد تحقيقه، وما لنا نذهب بعيدًا. ورب فكرة موروثة تفوق فكرة مبتكرة، فالابتكار من حيث هو ليس صفة فنية بديعة، إنما البدع هو إخراج الفكرة في وضع جديد يلفت
الأنظار، بل ربما لم يظهر بدع الشاعر إلا حينما يتناول خاطرة موروثة أو مطروقة؛ فإذا هو يستخرج منها العجب لجودة إخراجها، وحسن عرضها.
وإذن ينبغي أن ننفي عن هذا الجانب من العمل الفني ما علق به من أوهام بعض النقاد الذين لم يتصوروه على حقيقته، وأن نقرر أنه جانب أساسي في الفن؛ إذ يعدل الشعراء إلى التحوير في المعاني القديمة تحويرًا يجعلنا ننسى الأصل. والأدب الغربي يصور هذا الجانب بأوضح مما يصوره الأدب العربي، فإن تعدد أنواع الشعر عند الغربيين من قصصي إلى غنائي وتمثيلي أتاح لهذا الجانب تنوعًا لم يُتِحْ له في الشعر العربي؛ إذ نرى الشارع القصصي يعرض أسطورة، ثم يأتي الشاعر الغنائي فيحولها إلى مقطوعة غنائية، ثم يأتي الشاعر التمثيلي فيحولها إلى رواية تمثيلية، وبذلك يأخذ الموضوع بواسطة هذا التحوير الفني شكلًا جديدًا في كل نوع من أنواع الفن، فالأسطورة توجد في الشعر القصصي عند هوميروس، ثم يأخذها سوفوكليس وأوريبيديس، ويحولانها إلى راوية تمثيلية كل يعرضها بطريقته الخاصة. ونفس اتساع الأنواع يعطي فرصة أوسع عندهم في هذا التحوير، فالشعر التمثيلي يتيح للشعراء من التحوير ما لا يتيحه الشعر الغنائي، ولذلك كنت ترى "أندروماك" عند "أوريبيديس" غيرها عند "راسين" فإذا عرضت لموضوع تناولته أنواع الشعر المختلفة هناك وجدت التحوير أوسع وأعظم. وانظر إلى إيفيجيني"IPHIGENIE" تجدها في أسطورة "أجا ممنون"، ثم يأخذها "أوريبيديس" فيحولها إلى رواية تمثيلية، ثم يتناولها "راسين" فيكتب فيها رواية أخرى، وكذلك يصنع صنيعه "جيته".
وهذا التحوير الواسع الذي نلاحظه عند الغربيين لم يوجد عند العرب؛ لأن شعرهم انحاز إلى نوع واحد هو الشعر الغنائي لا يتجاوزه، ولذلك ظل التحوير عندهم محدودًا في آماد ضيقة؛ فهو لا يظهر إلا في الصورة والفكرة المحصورة. على أن هذا التحوير الضيق يمكن أن يقسم إلى قسمين متمايزين: قسم تظهر فيه أصالة الشاعر، إذ يعدِّل في العناصر القديمة تعديلا يجعلنا نراها، وكأنما تغيرت وجوهها وصورها، وقسم آخر يحس الإنسان إزاءه كأن الشاعر لا يصنع
شيئًا أكثر من التلفيق؛ فهو يحاول أن يحاكي الأصل محاكاة تامة، بل لعله لا يستطيع أن يصل إلى عرضه بصورته القديمة، إنما يعرضه في صورة ملفقة، شوهت أجزاؤها، وخلطت جوانبها خلطًا قبيحًا.
التَّحْويرُ الفَنِّيُّ:
هناك نوعان من التحوير إذن نجدهما في الشعر العربي، نوع يمكن أن نُبقي له الاسم العام ونضيف إليه وصفًا يميزه فنسميه باسم "التحوير الفني" ونوع آخر يمكن أن نسميه باسم: التحوير الملفق، أو باسم: التلفيق؛ إذ يجمع الشاعر خواطر مضطربة يأخذها من هنا وهناك ويعرضها عرضًا مشوهًا، لا تلبث أن تقتحمه أذهاننا وتزدريه عقولنا. أما النوع الأول فكان يشيع في القرنين الثاني والثالث، ونحن نذكر بالإعجاب ما قام به أبو تمام في هذا الباب، واقرأ هذا البيت لزهير الذي مر بنا في غير هذا الموضع:
أثافيّ سُفْعًا في معرَّس مرجلٍ
…
ونُؤيًا كجذمِ الحوضِ لم يتثلَّمِ
ثم انظر ما انتهت إليه هذه الأثافي وهذا النؤي عند أبي تمام؛ إذ يقول:
أثافٍ كالخدود لطمن حُزْنًا
…
ونؤيٌ مثلما انفصمَ السِّوارُ
فإنك لا شك تُراع روعة شديدة فهو لا يسرق بل هو يحور تحويرًا يجعلك تنسى الأصل، وكأنه خلق الصورة خلق وابتكرها ابتكارا، واقرأ هذا البيت الذي سبق أن أنشدناه لطفيل:
وجعلت كُوري فوق ناجيةٍ
…
يقتاتُ لحمَ سنامِها الرَّحلُ
ثم اقرأ ما انتهى إليه عند أبي تمام؛ إذ يقول:
رعته الفيافي بعد ما كان حقبةً
…
رعاها وماءُ الرَّوضِ ينهلُّ ساكبُهْ
فليس من شك في أن هذه الصورة للبعير يرعى ويُرعى رعيًا غريبًا تستولي على أذهاننا، وتجعلنا نؤمن بمقدرة العقل الإنساني على التجديد والابتكار، ومن يستطيع أن يدعي على أبي تمام بأن هذه الصورة قديمة؟! لقد أضاف إليها فلسفة
وبدعًا من نوافر أضداده وأخرجها في صورة جديدة، يكاد الإنسان ينسى أصلها، ولا يذكر بذورها التي تفرعت منها؛ فقد غيرتها المدنية والحضارة، وحورتها الفلسفة والثقافة.
كان الشعراء يستمدون من القدماء في القرنين الثاني والثالث، ولكنهم استطاعوا بمواهبهم الفنية أن يغيروا في صور ما استمدوه وكأنهم حرفوه عن أوضاعه، فغدا يختال في شكل حضري مونق، كهذه الأثافي التي تشبه -بما عليها من حمرة في سواد- الخدود وقد اضطرب فيها اللونان، ولا تنسى النَّؤْي فإنه استحال إلى سوار غريب طال عليه العهد بصاحبته، وتكسر في غير موضع منه؛ ولكنه لا يزال كأنما تركته بالأمس. وقد رجع أو تمام فوصف هذا النؤي مرة أخرى وصفًا معجبًا؛ إذ يقول:
والنؤيُ أهمِدَ شطره فكأنَّه
…
تحتَ الحوادثِ حاجبٌ مقرونُ
وارجع إلى صورة هذه الدابة التي كانت ترعى في الصحراء، وقد أصبحت ترعاها هذه الصحراء رعيًا لا يستطيع ذهن أن يجمع في لفظ ما يعبر به عن جمال هذا التصوير وما يطوي من الإبداع في العرض، فبعيره لا يذوب سنامه فقط بل هو يرعى ويُرعى رعيًا غريبًا، وأي فنان يرى هذه الصورة ولا يقيدها في لوحته أو على تمثاله أوفي قصيدته؟ لتكن الفكرة في أصلها قديمة ولكن قد استوى لها من ذهن أبي تمام وفلسفته ما أكسبها شيئًامن الإنسانية فإذا هي تخرج من الصحراء والفيافي إلى محيط أوسع من الفكر والفلسفة والخيال والعمق.
واترك أصحاب التصنيع إلى غيرهم من الصانعين كالبحتري فإنك ستذكر ما كان يضيفه إلى خواطره من تحوير في الأصوات، يلذُّنا، ويمتعنا متعة تخلق في أذهاننا هذا الجو الموسيقى الخاص به، والذي تنطق فيه مزاميره؛ فإذا هي تؤثر في أعصابنا تأثيرًا حادًّا، ونحسن كأننا نحلم حلمًا سارًّا في جو موسيقي، لا عهد لنا بسحره وفتنته.
كان التحوير عند هؤلاء الشعراء عملًا فنيًّا طريفًا؛ غير أنا لا نتقدم إلى
القرن الرابع حتى نحس بتحول في هذا التحوير؛ إذ يصبح نوعًا من التلفيق، فالشعراء لا يضيفون إلى الأفكار عناصر جديدة من زخرف أو حضارة أو ثقافة، وبذلك أصبحت تشبه "الصور الفوتوغرافية" فهي تحافظ على الأصل بأشكاله وأوضاعه، وهذا كل ما تستطيع آلة المصوَّر أن تقدمه، ومع ذلك فلا بد لها من صلاحية في استعمالها واستخدامها؛ ولكن ليس للمصور عمل في صوره، إنما هي أشياء آلية، هي آلة تُخرج، وعليه أن يرصد ما تخرج.
التَّلْفيقُ:
ومهما يكن فقد أصبح مثل الشاعر العربي بعد القرن الثالث غالبًا مثل المصور "الفوتوغرافي"؛ إذ لم يعد رسامًا يحوِّر في الخواطر تحويرًا يظهر شخصيته وأسلوبه وما يستخدمه من ألوان وأصباغ، بل أخذ يلفق أفكاره وألفاظه، وأصبح هذا التلفيق أكثر ما بيده من صناعته، ودخله من طرق كثيرة، وكلما سلك طريقًا أمعن فيه واستخرج منه كل ما يمكن أن يكون به من ذهب أو خزف؛ فظهر الاقتباس1 وظهر التضمين2 وحلَّ الأدباء الشعر ونظموا النثر3، وهي اتجاهات لا تفصح عن مقدرات فنية، إنما تفصح عن تلفيق غريب، وانظر إلى هذا البيت للمتنبي:
أعدى الزمانَ سخاؤه فسخا به
…
ولقد يكونُ به الزمانُ بخيلا
ثم انظر إلى أصله عند أبي تمام:
هيهات أن يأتي الزمان بمثلِهِ
…
إن الزمانَ بمثله لبخيلُ
فإنك تحس أن المتنبي لم يصطنع شيئًاأكثر من التشويه؛ فبيت أبي تمام أجود سبكًا وأجمل لفظًا؛ ولكنه تعثر الحضارة العربية، بل هو تعثر الفن العربي؛ إذ لم يحدث فيه جديد واسع إلا هذا التقليد الذي كاد يقضي على الابتكار والأصالة في الشعر والشعراء، ولعل النقل والنقض أهم وسيلتين كان يلجأ إليهما الشعراء
1 اليتيمة 2/ 189.
2 اليتيمة 4/ 199
3 انظر كتاب "نثر النظم وحلّ العقد" للثعالبي، وانظر: حل الصاحب وغيره نظم المتنبي في اليتيمة 1/ 101.
في عمل هذا التلفيق. أما النقل فهو أن ينقل الشاعر المعنى من موضوع إلى موضوع كقول المتنبي1:
والطَّعنُ شزرٌ والأرض واجفةٌ
…
كأنما في فؤادها وَهَلُ2
قد صبغت خدَّها الدماءُ كما
…
يصبغ خدَّ الخريدةِ الخجلُ
والخيلُ تبكي جلودها عرقًا
…
بأدمعٍ ما تسحُّها مقلُ
فقد نقل المتنبي أفكار الغزل وصوره إلى الحرب؛ ولكن بدا عليها التلفيق في وضوح، ومن يستطيع أن يفهم هذا البكاء من جلود الخيل أو يقرن البكاء إلى العرق؟ إن تكلفًا يؤذي أذواقنا ينفذ إلينا من هذا الشعر. وعلى هذه الشاكلة تذهب غالبًا الصور الأخرى من النقل. أما النقض فهو أن يعمد الشاعر إلى فكرة قديمة فينقضها كقول أبي الشيص:
أجدُ الملامةَ في هواك لذيذةً
…
حبًّا لذكرك فليلمني اللُّوَّمُ
فقد نقض المتنبي هذه الفكرة وعكسها؛ إذ يقول:
أأحبه وأحب فيه ملامةً
…
إن الملامةَ فيه من أعدائِهِ3
وعلى هذا النمط أخذ الشعراء يلفقون قصائدهم من الأفكار الموروثة والخواطر المطروقة. وفي هذا التلفيق تستقر المحاولات الأخرى التي كان يحاول بها الشعراء في هذه العصور أن يجددوا في الشعر باستعاراتهم لمراسيم الرسائل في نحو ما سنفصله في الفصل الثالث من هذا الكتاب.
ومهما يكن فإن الناقد لا يحس إزاء شعراء القرن الرابع وما بعده من قرون بالإعجاب الذي كان يحسه إزاء أسلافهم من شعراء القرنين الثاني والثالث؛ فقد شمل الحياة الفنية غير قليل من الركود والجمود؛ فالماء ساكن وليس عليه أمواج ولا رياح. وكأني بالحضارة العربية قد ضلت طريقها؛ فوقفت عند تقليد الأوضاع القديمة، وقلما ظهر جديد في الشعر والفن إلا هذا التلفيق الواسع للماضي وأفكاره وصوره.
1 التبيان 3/ 214.
2 شزر: شديد. واجفة: مضطربة. الوهل: الفزع
3 الوساطة ص206.
وعلى هذا النحو تصبح صفة التلفيق أهم شيء يميز التفكير الفني، وقلما دخل جديد في الفن إلا تحويرًا من نوع هذا التلفيق الذي رأيناه في الشعر، وقلما أضيفت طرافة عقلية إلى الفن إلا ما قد يأتي به الشعراء من التصنع للثقافة أو محاولة هذا التعقيد الذي رأيناه -في أول هذا الفصل- عند الصاحب في قصائده، والثعالبي في رسائله، والمعري في لزومياته. وسنحاول في الفصول التالية أن نبسط ما أجملناه في هذا الفصل من وجوه ذلك التصنع؛ سواء ما كان من تصنع الشعراء للثقافة أم من تلفيقهم للخواطر والأفكار، أم من تعقيدهم للألفاظ والقوافي. وقد اخترنا المتنبي ومهيار والمعري لندرسهم دراسة مفصلة، حتى نطَّلع من خلال قصائدهم على ما أصاب الشعر من فنون هذا التصنع، ولعلهم أكثر الشعراء الذين حاولوا التجديد بعد القرن الثالث، ولذلك كان الباحث يجد عندهم مادة وافرة لدراسة مذهب التصنع في الشعر العربي وبيان طرائفه ونماذجه.