الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِى كَانَ بَلَغَ مِنِّى، فَنَزَلَ الْبِئْرَ، فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لأَجْرًا فَقَالَ «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» . طرفه 173
24 - باب إِمَاطَةِ الأَذَى
وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «يُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» .
25 - باب الْغُرْفَةِ وَالْعُلِّيَّةِ الْمُشْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمُشْرِفَةِ فِي السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا
ــ
فنزل في بئر على الطريق، ثم رأى كلبًا يأكل الثرى من العطش، فسقاه (فشكر الله له) أي: قبل عمله ذلك، فغفر له، وقد سلف الحديث بشرحه في كتاب الإحياء، وموضع الدلالة هنا كون البئر على الطريق، فدل على جواز حفر الآبار على الطرق إن لم يضر بالمارة.
باب إماطة الأذى
روى الحديث عن همام عن أبي هريرة تعليقًا، وقد أسنده في باب الأخذ بالركاب.
قال ابن بطال: هذا القول ليس من أبي هريرة؛ لأنّ الفضائل تؤخذ توقيفًا. وهذا الكلام منه يدل على أنه لم يكن في نسخته ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإلا فعلى ما وقفنا عليه من النسخ، فلا وجه له؛ لأنه رفع الحديث.
باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها
العلية بضم العين وكسرها، قال ابن الأثير والجوهري: هي الغرفة. وظاهر الترجمة المغايرة.
والمشرفة: العلية ومحصل الترجمة جواز اتخاذها على أي وجه كان.
2467 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - قَالَ أَشْرَفَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّى أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ» . طرفه 1878
2468 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ - رضى الله عنه - عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) فَحَجَجْتُ مَعَهُ فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ، فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَانِ قَالَ لَهُمَا (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) فَقَالَ وَاعَجَبِى لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ
ــ
2467 -
(أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة) -بضم الهمزة والطاء - شبه القصر (فقال: هل ترون ما أرى؟) من رؤية البصر؛ بقرينة قوله: "ترون"، وكونه على أطم (خلال بيوتكم) بكسر الخاء، أي: وسطها، هي فتنة ابن مسلم بن عقبة عليه من الله ما يستحق، قتل فيها عشرة آلاف، وأباحها ثلاثة أيام لم يذكر في الإسلام قضية مثل قضية الحرة.
2468 -
(بكير) بضم الباء وكذا (عقيل).
روى في الباب عن ابن عباس أنه كان حريصًا على أن يسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين قال الله فيهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] وكان عمر مهيبًا، فلم يقدر على ذلك حتى حج معه فتمكن من ذلك، فقال:"هما حفصة وعائشة" ثم ذكر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه من شدة موجدته على نسائه. هذا محصل الحديث، ونشير إلى مواضع من ألفاظه:
(الإداوة) ركوة صغيرة من الجلد (فتبرز) أي: خرج إلى البزار؛ وهو الفضاء لقضاء حاجة الإنسان (واعجبًا لك)! بالتنوين نصبًا على المصدر، ويروى بياء الإضافة،
اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ، فَقَالَ إِنِّى كُنْتُ وَجَارٌ لِى مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِى أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهْىَ مِنْ عَوَالِى الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِى، فَرَاجَعَتْنِى، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِى، فَقَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ. فَأَفْزَعَنِى، فَقُلْتُ خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ. ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَىْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَقَالَتْ نَعَمْ. فَقُلْتُ خَابَتْ وَخَسِرَتْ، أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَتَهْلِكِينَ لَا تَسْتَكْثِرِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَىْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ، وَاسْأَلِينِى مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عَائِشَةَ - وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِى يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِى ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ أَنَائِمٌ
ــ
وبالألف من غير تنوين عوضًا عن ياء الإضافة. قيل: إنما تعجب من خوفه من عمر مع قربه منه، وعظم قدره عنده، والذي يدل عليه ما صرح به في بعض طرقه أنه قال: وكان رجلًا مهيبًا فذكرت له فقال: لا تفعل إذا علمت عندي شيئًا من العلم فاسأل (استقبل الحديث) أي: شرع في ذكره من أوّله (إني كنت وجار لي) عطف على اسم كان، ويجوز النصب على أنه مفعول معه (في بني أمية بن زيد) طائفة من الأنصار كانوا يسكنون العوالي (فطفق نساؤنا يأخذن من آداب نساء الأنصار) أي: شرعن في ذلك (فصحت على امرأتي) بكسر الصاد، أي: رفعت صوتي عليها (فراجعتني) أي: ردَّت عليَّ ولم تمتثل أمري (إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقلت: خابت من فعل منهن) ذكّر الفعل باعتبار لفظ من (بعظيم) أي: ملتبسة بإثم عظيم، وفي رواية: جاءت، فالجار يتعلق به (ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوضأ منك) من الوضاءة؛ وهو الحسن والجمال، يريد أن عائشة تُدل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسنها وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها وأنت خالية من الأمرين (وكنا تحدثنا) بفتح التاء (أن غسان تنعل الخيل) -بضم التاء- من الإنعال. وغسان: طائفة من بني قحطان، نزلوا على ماء في ناحية الشام تسمى غسان فسموا باسم ذلك الماء.
هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ. وَقَالَ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ قَالَ لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ. قَالَ قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِىَ تَبْكِى. قُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ لَا أَدْرِى هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ. فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِى بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِى هُوَ فِيهَا فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ، فَكَلَّمَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلَامَ. فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِى قَالَ أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَىَّ، فَقَالَ «لَا» . ثُمَّ قُلْتُ - وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِى، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قُلْتُ لَوْ رَأَيْتَنِى، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِى فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ. فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ
ــ
(فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الفجر، فدخل مشربته) -بفتح الميم وضم الراء- هي الغرفة. وهذا موضع الدلالة على الترجمة (فقلت لغلام أسود) اسمه: رباح (استأذن لعمر، فدخلت عليه، فإذا هو على رمال حصير) ضبطوه بضم الراء، وكلام الزمخشري يدل على أنه بكسر الراء، فإنه قال: الرمال كالخطام فعال بمعنى المفعول، يقال: رمل الحصير إذا نسج. وغرض عمر أنه لم يكن على الحصير فراش (فقلت وأنا قائم أستأنس) أي: أطلب أُنسه، وأشغله بالكلام، لعل أن يزول عنه الوحشة؛ ولهذا شرع يتكلم فيما يضحك على طريق الندماء (أهبة) -بثلاث فتحات- جمع إهاب -بالكسر- هو الجلد قبل الدباغ
فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَالَ «أَوَفِى شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِى. فَاعْتَزَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا» . مِنْ شِدَّةِ مَوْجَدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ. فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَعُدُّهَا عَدًّا. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ» . وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِى أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ» . قَالَتْ قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِكَ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ) إِلَى قَوْلِهِ (عَظِيمًا)» . قُلْتُ أَفِى هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. طرفه 89
2469 -
حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ حَدَّثَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَجَلَسَ فِي عِلِّيَّةٍ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ «لَا، وَلَكِنِّى آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا» . فَمَكُثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ. طرفه 378
ــ
(أوفي شك أنت يا بن الخطاب؟) ليس غرضه الاستفهام؛ فإنه قاطع بأن لا شك منه؛ إلا أن كلامه لما كان يشبه كلام الشاكّ ساقه مساقه (من أجل ذلك الحديث) يشرب العسل، وسيأتي ذلك مفصلًا (من شدة موجدته) -بفتح الميم وكسر الجيم- الغضب حين عاتبه الله بقوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1](الشهر تسع وعشرون) أي: جنس الشهر قد يكون تسعًا وعشرين، وحذف التاء من تسع لكونه وصفًا لليالي؛ فإنها غرر الأَيام (إني ذاكر لك [أمرًا] ولا عليك ألا تعجلي) أي: لا بأس عليك في عدم التعجيل (تستأمري أبويك) أي: تستشيري؛ كأنها تطلب منهما ما يأمران به.
2469 -
(الفزاري) هو مروان بن معاوية (انفكت قدمه) أي: خرج مفصله من مكانه.