الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصلح
1 - باب مَا جَاءَ فِي الإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) وَخُرُوجِ الإِمَامِ إِلَى الْمَوَاضِعِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَصْحَابِهِ.
2690 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَىْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ بِلَالٌ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ
ــ
كتاب الصلح
باب ما جاء في الإصلاح بين الناس
(وقول الله عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} [النساء: 114] موضع الدلالة في الآية قوله: {أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114] فإنه يدل على أنه خير؛ لأنه استثناء من نفي الخير.
(وخروج الإمام إلى المواضع ليصلح بين الناس بأصحابه) هذا من تمام ترجمة الباب.
2690 -
(أبو غسان) -بالغين المعجمة وسين مهملة مشددة- المسمى مالك بن عبد الواحد (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار.
روى عن سهل بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب يصلح بين بني عمرو بن عوف. وهم أهل قباء، والحديث سلف في أبواب الصلاة في باب من دخل ليؤم بالناس. والحديث ظاهر الدلالة على الشق الثاني من الترجمة، وإذا دل على الشق الثاني، فقد دل على الشق الأول أيضًا لاشتمال كل منهما على الإصلاح بين الناس.
هذا ونشير إلى كلمات منه: (كان بينهم شيء) من النزاع (فأذّن بلال) بتشديد الذال.
فَقَالَ إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم حُبِسَ، وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ فَقَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَمْشِى فِي الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ حَتَّى أَكْثَرُوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَأَمَرَهُ يُصَلِّى كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ إِذَا نَابَكُمْ شَىْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ، إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَىْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَاّ الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُصَلِّ بِالنَّاسِ» . فَقَالَ مَا كَانَ يَنْبَغِى لاِبْنِ أَبِى قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّىَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. طرفه 684
2691 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ. فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَرَكِبَ حِمَارًا،
ــ
(ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف حتى قام في الصف الأول) لأن ذلك الموضع كان خاليًا (فأخذ الناس في التصفيح) ضرب اليد على اليد (رجع القهقرى) أي: على خلفه؛ لئلا يصرف وجهه عن القبلة (إذا نابكم شيء) أي: أصابكم، ومنه نوائب الدهر لمصائبها.
(ما منعك حين أشير) وفي بعضها: "أشرت"(ما كان لابن أبي قحافة) بضم القاف كنية أبيه، واسمه عثمان.
2691 -
(مُعْتمِر) بضم الميم وفتح التاء (قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أتيت عبد الله بن أبي؟) وكان إذ ذاك لم يظهر الإيمان، وسيأتي في كتاب الاستئذان أنّ ركوبه لم يكن لذلك بل ركوبه كان لعيادة سعد بن عبادة سيد الخزرج، واتفق أن كان ابن أبي في طريقه، فسأله أصحابه أن يذهب إليه ويدعوه ومن معه إلى الله.
فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ، وَهْىَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِلَيْكَ عَنِّى، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِى نَتْنُ حِمَارِكَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْهُمْ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ. فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَا، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِى وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا).
ــ
(وهي أرض سبخة) -بكسر الباء الموحدة وفتح الخاء المعجمة- الأرض التي تعلوها الملوحة لا تنبت شيئًا، وغرضه من ذكرها أنّ الحمار غبر عليهم؛ كما جاء في الرواية الأخرى. فقال رجل من الأنصار (والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب منك ريحًا) هذا حماره المسمى: يعفور، والرجل الذي قال هذا الكلام عبد الله بن رواحة (فغضب لعبد الله) ابن أبي (رجل من قومه) أي: من الخزرج، صرح به في تفسير سورة آل عمران، وليس كذلك؛ بل هو خزرجي أيضًا؛ إلا أنه كان مؤمنًا حقًّا (فكان بينهما) أي: بين الطائفتين (ضرب بالجريد) -بالجيم- غصن النخل الذي جرد عن خوصه، ورواه بعضهم بالحاء والدال المهملتين (والأيدي والنعال، فبلغنا أنها) الضمير للشأن، أو للآية المذكورة (نزلت:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]) قال ابن بطّال: هذا لا يمكن؛ لأنّ ابن أبي لم يكن أظهر الإيمان بعد، وأصحابه كانوا كفارًا. واستحسن كلامه بعض الشارحين، وليس بشيء؛ لأنه سيأتي أن المجلس كان فيه أخلاط من المسلمين، فلا يلزم أن يكون بين الكفار بل بعض المسلمين حمية لعبد الله؛ فإنه وإن كان كافرًا إلا أنهم كانوا يحامون عن العشيرة ألا ترى ما تقدم في قضية الإفك أن سعد بن عبادة كيف تعصّب لابن أُبي؛ مع كونه من الإيمان والإخلاص بالمحل الأعلى، قالت عائشة: ولكن احتملته الحمية.