الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2659 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ. وَحَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ حَدَّثَنِى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ أَوْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِى إِهَابٍ قَالَ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْرَضَ عَنِّى، قَالَ فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ «وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا» . فَنَهَاهُ عَنْهَا. طرفه 88
14 - باب شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ
2660 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّى قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ دَعْهَا عَنْكَ» أَوْ نَحْوَهُ. طرفه 88
15 - باب تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا
2661 -
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَأَفْهَمَنِى بَعْضَهُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
ــ
2659 -
(أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (ابن جُريج) بضم الجيم مصغر (ابن أبي مليكة) بضم الميم: مصغر عبد الله بن عُبيد الله وأبو مليكة بضم الميم مصغر اسمه زهير (أم يحيى بنت أبي إهاب) بكسر الهمزة، واسمها: زينب. كذا في رواية النسائي وقيل: غَنِيَّة -ضد الفقيرة- ولعله لقب.
(فتنحيتُ عنه) أي: وقفتُ في ناحية وفي بعضها بتقديم الياء أي: طلبت حينًا آخر للسؤال لما لم يجب سؤالي.
باب تعديل النساء بعضهن بعضًا
2661 -
(أبو الربيع) ضد الخريف (وأفهمني بعضه أحمد) كذا وقع غير منسوب. قيل: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، وقيل: أحمد بن حنبل، والصواب هو الأول، وإنما قال: أفهمني لأنه رواه عنه بالمعنى (فُليح) بضم الفاء مصغر.
روى في الباب حديث أهل الإفك وهم الذين ذكروا أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق
وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِىِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ الزُّهْرِىُّ، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِى حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا. زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِى مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى، فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِى، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى فَرَحَلُوهُ عَلَى
ــ
بما كذّبهم الله فيه. وقد سَلَفَ بعضه، وسيأتي في مواضع مطولًا ومختصرًا. وموضع الدلالة هنا قول زينب:(أحمي سمعي وبصري، والله ما علمتُ عليها إلا خيرًا) فإن هذا تعديل منها لعائشة (قال الزهري: فكل حدثني طائفة من حديثها) ولا ضَرَرَ في ذلك، لأن كلهم عدول من كبار التابعين (وبعضهم أوعى من بعض) أي: أحفظ (وأثبتُ له اقتصاصًا) أي: تَبَعًا له. يقال: اقتصَّ أَثَره إذا تبعه (زعموا) الزعم هنا بمعنى الجزم واليقين (أقرع بيننا في غزاةٍ غزاها) اتفقوا على أنها غزوة المريسيع غزابني المصطلق سنة ست من الهجرة (وأنا أُحمل في هَوْدَج) محمَلٌ تكون فيها المرأة (وقفل) أي: رجع (آذن ليلة بالرحيل) بفتح الهمزة والمد، أي: أعلَمَ (فإذا عِقْد لي) بكسر العين وسكون القاف (من جزع أظفار) -بفتح الجيم- وهو الخرز اليماني، فيه البياض والسواد، وأظفار بفتح الهمزة كذا وقع، وفي بعضها ظفار على وزن فطام، وكذا رواه في كتاب المغازي وهو الصواب -بلدة من بلاد اليمن تحت ملوك حمير. وفي المثل: من دخل ظفار حَمَّرَ، أي: تكلم بلغة حِمْير (فأقبل الدين
بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِى عَيْنَاىَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِى، وَكَانَ يَرَانِى قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ
ــ
يرحلون) بفتح الياء، أي: الذين يشدون الرَّحْلَ. وفي رواية أبي ذر بضم الياء وتشديد الحاء وكذا: فرحلوه رُوي بالوجهين.
(وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يَثْقُلْنَ ولم يغشهُنَّ اللحم) وفي كتاب المغازي: لم يهبلن اللحم. موضع لم يغشهن -بضم الياء وتشديد الباء- من هبله إذا أكثر عليه (وإنما يأكلن العُلْقة من الطعام) -بضم العين- ما يسدّ الرمقَ، أصله: شجرة تعلق بها البعير. يأكل منه ويكتفي به إلى أوان الربيع (فوجدت عقدي بعدما استمرَّ الجيش) أي: ذهب. استفعال من المرور (فأممت منزلي) -بتخفيف الميم- أي: قصدتُ (فظننتُ أنهم سيفقدونني) أي: سيعلمون فقدي. يُروى بتشديد النون بإدغام نون المضارعة في نون الوقاية وحذفها (وكان صفوان بن المعطّل) بضم الميم وفتح الطاء المشددة (السُّلَمي ثم الذكواني) بضم السين وفتح الدال، قال الجوهري: ذكوان أبو قبيلة من أسلم (فاستيقظتُ باسترجاعه) أي: بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون. عد وقوع تلك القضيَّة من المصائب. وما يقال: إنما استرجع لأنه علم أنه سيقال في ذلك كلام فليس بشيء (فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا مُعَرِّسين في نَحْرِ الظهيرة) التعريسُ نزول المسافر آخر الليل. والجارّ في قولها في نحر الظهيرة يتعلق بـ: أتينا. أي كانوا نزلوا في آخر الليل ونحن أتينا في كمال الحر فإن النحر على الصدر استعارة له، ولا دلالة فيه على أن التعريس يطلق على أي وقتٍ كان كما ظن.
(فهلك مَنْ هَلَكَ) أي من ظن بها السوء (وكان الذي تولَّى الإفك عبد الله بن أبي
ابْنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْرًا، يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، وَيَرِيبُنِى فِي وَجَعِى أَنِّى لَا أَرَى مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ» . لَا أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ مُتَبَرَّزُنَا، لَا نَخْرُجُ إِلَاّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ أَوْ فِي التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِى رُهْمٍ نَمْشِى، فَعَثُرَتْ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَتْ يَا هَنْتَاهْ أَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالُوا فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ فَقَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ» . فَقُلْتُ ائْذَنْ لِى إِلَى
ــ
ابنُ سلول) بتنوين أبي لأن ابن سلول ليس صفة له، بل لعبد الله، فإن سلول اسم أم عبد الله. لعن الله الأصل والفرع (والناس يُفيضون من قول أصحاب الإفكِ) أي: يخوضون فيه ويشهرون ذلك، واللام في الناس للعهد، المنافقون وبعض المسلمين (ويَرِيبني في وجعي أني لا أَرَى من النبي صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض) يريب -بفتح الياء، ويجوز ضَمُّها- يقال: رابني وأرابني، أي: أقلقني وأوقعني في الوهم (إنما يدخل فيقول: كيف تيكم) بكسر التاء: من أسماء الإشارة. أي: كيف هذه (نَقَهْتُ) بفتح النون والقاف، يقال: نقه المريض إذا أفاق من مرضه، وترجَّحَ حاله. وعند الأطباء حالة بين الصحة والمرض (أم مسطح) هي سلمى بنت أبي رهم بن عبد المطلب بن عبد مناف، خالة أبي بكر. ومِسْطح -بكسر الميم- لقب، واسمه عامر (قِبل المناصع) -بكسر القاف وفتح الباء- الجهة. والمناصع بفتح الميم وصاد مهملة: موضع خارج المدينة (متبرزنا) بفتح التاء والراء، أي: موضع قضاء حاجتنا (وذلك قبل أن نتَّخذ الكُنف) -بضم الكاف والنون- جمع كنف وهو اشتقاقُهُ من الكنف على وزن الفرس، وهو الستر والحفظ (وأمرُنا أمر العرب الأول) -بضم الهمزة وفتح الواو- جمع أولى. صفة العرب ويروى بفتح الهمزة وتشديد الواو صفة الأمر أي: شأننا شأنهم في عدم اتخاذ الكنف (فعثرت) أي أم مسطح (في مرطها) -بكسر الميم- كساء تتزر بها نساء العرب (فقالت: تَعِسَ مِسْطَح) بفتح التاء والعين، والأكثر الكسر، من التعس وهو الهلاك. قال الله تعالى في شأن الكفار:{فَتَعْسًا لَهُمْ} [محمد: 8](يا هنتاه) بفتح الهاء والنون والإسكان أشهر، قيل: معناه: يا هذه، وقيل: يا بلهاء، أي: يا من لا تعرف مكائد الناس وشرورهم.
أَبَوَىَّ. قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَاّ أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِى يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلَاّ خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ فَقَالَ «يَا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ» . فَقَالَتْ بَرِيرَةُ لَا وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنِ الْعَجِينَ فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِي أَهْلِى، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلَاّ خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَاّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلَاّ مَعِى» .
ــ
(ما كانت قط امرأة وضيئة عند رجل) أي: جميلة من الوضاءة وهي الحُسْن والجمال (ولها ضرائر إلا أكثرْنَ عليها) أي: في القول والافتراء (قالت فبتُّ تلك الليلة لا يرقأ لي دمع) رقأ يرقأ، آخره همزة على وزن سأل يسأل أي: لا ينقطع. أصله السكون (أستلبثَ الوحي) أي: طال مدة لبثه بالرفع (فقال أسامة: أهلُكَ يا رسول الله ولا نعلم واللهِ إلا خيرًا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة [فقال: يا بريرة، هل رأيتِ فيها شيئًا يريبك؟) -بفتح الياء- من رابه أوقعه فيه الريب وهو الشك والشبهة (أن رأيت منها أمرًا أَغْمِصُهُ): بالغين المعجمة والصاد المهملة، أي: أستره أو أعيبُه. أن ما (أكثر من أنها جارية حديثة السنّ، تنام عن العجين، فتأتي الداجنُ فتأكله) الداجن -بالجيم- الشاة التي تألف البيت، هذا موضعُ الدلالة، فإنه تعديل النساء للنساء.
(فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومه فاستعذر من عبد الله بن أبيٍّ) طلب من الناس أن يقبلوا عُذْرَهُ إن قابله على إفكه وافترائه (مَنْ يعذرني) بفتح الياء، أي: يقبل عذري إن فعلت به نكالًا
فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، وَبَكَيْتُ يَوْمِى لَا يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِى أَبَوَاىَ، قَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى - قَالَتْ - فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مِنْ يَوْمِ قِيلَ فِىَّ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكُثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِى شَىْءٌ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً وَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
ــ
(فقام سعد بن معاذ) كذا وقع وفيه إشكال لأن سعدًا توفي بعد غزوة قريظة وكانت سنة أربع وأهل العقد لا يشكون في ذلك، وغزوة بني المصطلق في سنة ستٍ بلا خلاف أيضًا، وقال بعضُهم هو سعد بن عبادة. وهذا أيضًا غلط؛ وذلك أن سعد بن عبادة هو الذي أجاب هذا القائل. وأيضًا هو خزرجي من رهط ابن أبي، ولأنه أن يكون القائل الأول أوسيًّا. ويدل عليه قوله:(وإن كان من إخواننا من الخزرج)(احتملته الحمية) أي: بعثته على ذلك وهو قوله: (كذبت لعَمْر الله) حلف بصفة بقاء الله (لا تقتُلُه) ويروى بالجيم والهاء من الجهل أي: حملته على قول أهل الجهل. وصَوّبه القاضي (فقام أُسيد بن الحُضَير) بالحاء المهملة وضاد معجمة، وكلا الاسمين مصغر (فثار الحَيَّان) أي: أعزما، على الشر والقتال (فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم) (بذنب) أي: قارفت. ضُمِّن معنى الإتيان فعُدّي بالباء، أو من ألم أي: أتى باللمم وهو صغار الذنوب (قَلَص دمعي) أي: ارتفع، وانقطع (ما أُحِسُّ) بضم الهمزة وكسر
فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ. قَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ فَقُلْتُ إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّى لَبَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلَاّ أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَالَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِى اللَّهُ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِى وَحْيًا، وَلأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِى مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِى، وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِى «يَا عَائِشَةُ، احْمَدِى اللَّهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ» . فَقَالَتْ لِى أُمِّى قُومِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ، لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَاّ اللَّهَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) الآيَاتِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِى قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضى الله عنه - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ رَحِيمٌ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى، وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِى كَانَ يُجْرِى عَلَيْهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ «يَا زَيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ مَا رَأَيْتِ» . فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَاّ
ــ
الحاء (وَقَرَ في أنفسكم) أي: تَقَرَّر وثبت (ما رام من مجلسه) أي: ما زال، ولا فارق مكانه، يقال: رام يرم. قال ابن الأثير: وأكثر ما يستعمل في النفي (فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء) بضم الباء: على وزن العلماء: شدة الكرب، من ثقل الوحي (حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان) -بضم الجيم وتخفيف الميم- اللؤلؤ، وقيل: شيء على شكل اللؤلؤ، يتخذ من الفضة (فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضم السين وكسر الراء المشددة أي: كشف؛ من سروت الشيء وسريته: كشفته (قال أبو بكر -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة-) بضم الهمزة وثاءين مثلثتين (أحمي سمعي وبصري) أي: أحفظهما من أن أقول شيئًا ما رأيته