الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّمْس بازغة حَتَّى ترْتَفع، وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تميل الشَّمْس، وَحين تضيف للغروب حَتَّى تغرب ".
(ذكر مَا فِيهِ من الْغَرِيب:)
(الظهيرة) : الهاجرة وَهُوَ نصف النَّهَار، نقبر: ندفن، يُقَال قَبره إِذا دَفنه، وأقبره إِذا جعل لَهُ قبرا يوارى فِيهِ. قَالَ الله تَعَالَى:{ثمَّ أَمَاتَهُ فأقبره} ، هَذَا هُوَ الأَصْل، وَقد حمل أَصْحَابنَا قبر الْأَمْوَات على الصَّلَاة عَلَيْهِم. وَإِلَى (هَذَا) الْحمل ذهب ابْن الْمُبَارك رحمه الله.
(بَاب يكره التَّنَفُّل بعد الْفجْر وَبعد الْعَصْر)
البُخَارِيّ: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: " شهد عِنْدِي رجال مرضيون، وأرضاهم عِنْدِي عمر، أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] نهى عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تشرق الشَّمْس، وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس ".
فَإِن قيل: روى التِّرْمِذِيّ وَغَيره، عَن جَابر بن يزِيد بن الْأسود، عَن أَبِيه رضي الله عنه قَالَ:" شهِدت مَعَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] حجَّته، فَصليت مَعَه صَلَاة الْفجْر فِي مَسْجِد الْخيف وَأَنا غُلَام شَاب، فَلَمَّا قضى صلَاته (إِذا) هُوَ برجلَيْن فِي (آخر) الْقَوْم لم يصليا مَعَه، فَقَالَ (رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ) : عَليّ بهما، (فَأتي) بهما ترْعد فرائصهما فَقَالَ: مَا منعكما أَن تصليا مَعنا (قَالَا) : يَا رَسُول الله قد صلينَا فِي رحالنا، قَالَ: (لَا) تفعلا إِذا صليتما فِي رحالكما ثمَّ أتيتما مَسْجِد جمَاعَة فَصَليَا مَعَهم فَإِنَّهَا لَكمَا نَافِلَة ". قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وروى الدَّارَقُطْنِيّ: عَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]
يَقُول: " لَا يصلين أحد بعد الصُّبْح إِلَى طُلُوع الشَّمْس، وَلَا بعد الْعَصْر إِلَى أَن تغرب (الشَّمْس) إِلَّا بِمَكَّة ".
قيل لَهُ: أما الحَدِيث الأول: فَهُوَ أَمر، وَمَا روينَاهُ من الحَدِيث (فَهُوَ) نهي، وَالنَّهْي مقدم على الْأَمر لِأَنَّهُ أحوط.
وَيحْتَمل النّسخ أَيْضا لما روى الطَّحَاوِيّ: عَن نَافِع عَن ابْن عمر رضي الله عنهما: قَالَ: " إِن صليت فِي أهلك ثمَّ أدْركْت الصَّلَاة فصلها إِلَّا الصُّبْح وَالْمغْرب، فَإِنَّهُمَا لَا يعادان فِي يَوْم ".
فَهَذَا ابْن عمر رضي الله عنه أخبر أَن الصُّبْح لَا يُعَاد، فلولا علمه بنسخ حَدِيث الرجلَيْن، (أَو أَن) النَّهْي مقدم على الْأَمر، وَإِلَّا لما قَالَ ذَلِك. وَحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ لَا يَصح.
فَإِن قيل: روى أَبُو دَاوُد: عَن مُجَاهِد، عَن أبي الْخَلِيل، عَن أبي قَتَادَة رضي الله عنه، عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] :" أَنه كره / الصَّلَاة نصف النَّهَار إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة، وَقَالَ: إِن جَهَنَّم تسجر إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة ".
قيل لَهُ: هَذَا حَدِيث مُنْقَطع، لِأَن أَبَا الْخَلِيل لم يسمع من أبي قَتَادَة، فَلَا يُعَارض الْمسند الْمُتَّصِل.
فَإِن قيل: فقد روى البُخَارِيّ: عَن هِشَام قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: (ابْن أُخْتِي) مَا ترك نَبِي الله [صلى الله عليه وسلم] السَّجْدَتَيْنِ بعد الْعَصْر عِنْدِي قطّ ".
وَعنهُ: عَنْهَا قَالَت: " رَكْعَتَانِ لم يكن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يدعهما سرا (وَلَا عَلَانيَة) رَكْعَتَانِ قبل (صَلَاة) الصُّبْح، وركعتان بعد الْعَصْر ".
قيل: فقد روى البُخَارِيّ: عَن أبي التياح قَالَ: سَمِعت حمْرَان بن أبان يحدث عَن مُعَاوِيَة رضي الله عنه قَالَ: " إِنَّكُم (لتصلون) صَلَاة لقد صَحِبنَا رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصليهَا، وَلَقَد نهى عَنْهَا، يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر ". فقد تعَارض فعله وَنَهْيه عَاما وخاصا، فَيحْتَمل أَنه عليه السلام كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ، كَمَا أَنه كَانَ يواصل وَنهى عَن الْوِصَال شَفَقَة على أمته.
يُؤَيّد ذَلِك مَا روى البُخَارِيّ عَنْهَا قَالَت: " وَكَانَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] (يُصَلِّيهمَا، وَلَا يُصَلِّيهمَا) فِي الْمَسْجِد مَخَافَة أَن يثقل على أمته، وَكَانَ يحب أَن يُخَفف عَنْهُم ".
وَيُؤَيّد مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مَا روى التِّرْمِذِيّ: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه قَالَ: " إِنَّمَا صلى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، لِأَنَّهُ أَتَاهُ مَال فَشَغلهُ عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الظّهْر (فصلاهما) بعد الْعَصْر، (ثمَّ لم يعد لَهما) ".