الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب إِشْعَار الْبدن لَيْسَ بِسنة)
لما روى أَبُو دَاوُد: عَن الْهياج بن عمرَان: " أَن عمرَان أبق لَهُ غُلَام فَجعل لله عَلَيْهِ لَئِن قدر عَلَيْهِ ليقطعن يَده، فأرسلني لأسأل لَهُ، فَأتيت سَمُرَة بن جُنْدُب فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يحثنا على الصَّدَقَة، وينهانا عَن الْمثلَة.
قَالَ فَأتيت عمرَان بن الْحصين (فَسَأَلته) فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يحثنا على الصَّدَقَة وينهانا عَن الْمثلَة ". وَنهى رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان. وَهَذَا مَوْجُود فِي الْإِشْعَار.
فَإِن قيل: فقد صَحَّ أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أشعر بدنه عَام حجَّة الْوَدَاع.
قيل لَهُ: إِن كَانَ حَدِيث النَّهْي عَن الْمثلَة وتعذيب الْحَيَوَان واردا بعد فعله [صلى الله عليه وسلم] ، كَانَ نَاسِخا (لَهُ) وَإِن كَانَ فعله [صلى الله عليه وسلم] مُتَأَخِّرًا عَنهُ فَلَا (يَصح) أَن يكون / مُخَصّصا لَهُ فِي حَقنا، لجَوَاز أَن يكون (ذَلِك) مُخْتَصًّا بِهِ، أَو يكون فعله صِيَانة للهدي، فَإِن الْمُشْركين كَانُوا لَا يمتنعون عَنهُ إِلَّا بِهِ، وَلِأَن هَذَا فعل لَا يمكننا الْإِتْيَان بِهِ على الْوَجْه الَّذِي أَتَى بِهِ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، لِأَن مَحَله من صفحة السنام غير مَعْرُوف، وَطول الْجرْح وعمقه غير مَعْلُوم، فَإِذا طعن فِي صفحة السنام فَرُبمَا لَا يُوَافق الْمَكَان الَّذِي طعن فِيهِ
رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، وَرُبمَا زَاد على الْمِقْدَار الَّذِي فعله رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم](فَيكون مُخَالفا لَهُ ومخالفته [صلى الله عليه وسلم] محظورة، وَترك مَا فعله [صلى الله عليه وسلم] ) إِذا لم يُمكن امتثاله غير مَحْظُور.
فَإِن قيل: قَالَ التِّرْمِذِيّ: " وَسمعت أَبَا السَّائِب يَقُول: كُنَّا عِنْد وَكِيع فَقَالَ لرجل ينظر فِي الرَّأْي: أشعر رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَيَقُول أَبُو حنيفَة هُوَ مثلَة. قَالَ الرجل: فَإِنَّهُ قد رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ (أَن) الْإِشْعَار مثلَة، قَالَ فَرَأَيْت وكيعا غضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ: أَقُول لَك قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَتقول قَالَ إِبْرَاهِيم، مَا أحقك بِأَن تحبس ثمَّ لَا تخرج حَتَّى تنْزع عَن قَوْلك هَذَا.
قيل لَهُ: " غضب الْخَيل على اللجم " وَكَيف يسوغ لَهُ الْإِنْكَار على هَذَا الرجل كَونه أخبر أَن أَبَا حنيفَة رحمه الله لم يبتكر هَذَا القَوْل من عِنْد نَفسه بل قد سبقه بِهِ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَكَانَ من كبار التَّابِعين. قَالَ الشّعبِيّ يَوْم مَوته: " لَو قلت (أنعي) الْعلم مَا خلف بعده مثله، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَن ذَلِك إِنَّه نَشأ فِي (أهل) بَيت فقه، فَأخذ فقههم، ثمَّ جالسنا فَأخذ صفو حديثنا إِلَى فقه أهل بَيته، فَمن كَانَ مثله ". وَمن كَانَ بِهَذِهِ المثابة فَهُوَ أعرف بِحَدِيث رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَأَشد احتراما لحَدِيث رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] من وَكِيع وَأَمْثَاله، وَغَضب وَكِيع إِنَّمَا كَانَ لضيق مجاله وَقلة احتياله فِي التَّوْفِيق بَين الْأَخْبَار الْوَارِدَة عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] من أَقْوَاله وأفعاله. فَهَذَا أَبُو الطُّفَيْل يَقُول: " قلت لِابْنِ عَبَّاس يزْعم قَوْمك أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] رمل بِالْبَيْتِ وَأَن ذَلِك سنة، قَالَ: صدقُوا وكذبوا، قلت: مَا صدقُوا وَمَا كذبُوا؟ (قَالَ: صدقُوا) قد رمل رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ،