الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ذكر مَا فِي هَذِه الْأَحَادِيث من الْغَرِيب:)
" الْوضُوء: بِالْفَتْح، المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ، وبالضم الْمصدر، والوضاءة: الْحسن والنظافة، تَقول: وضوء الرجل: أَي صَار وضيئا، وتوضأت للصَّلَاة، وَلَا تَقول توضيت. والوكاء: هُوَ الْخَيط الَّذِي يرْبط بِهِ فَم الرَّقَبَة، (والسه: حَلقَة الدبر) ".
(بَاب القهقهة تنقض الْوضُوء)
الدَّارَقُطْنِيّ: عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي: " أَن أعمى تردى فِي بِئْر وَالنَّبِيّ [صلى الله عليه وسلم] يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، فَضَحِك بعض من كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَأمر النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] من كَانَ ضحك مِنْهُم أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة جَمِيعًا ".
فَإِن قيل: هَذَا الحَدِيث مُرْسل، أرْسلهُ أَبُو الْعَالِيَة الريَاحي، وَقد قيل إِنَّه كَانَ لَا يُبَالِي من أَيْن كَانَ يَأْخُذ الحَدِيث، وَقَالَ ابْن عدي:" إِنَّمَا قيل فِي أبي الْعَالِيَة مَا قيل لهَذَا الحَدِيث وَإِلَّا فسائر أَحَادِيثه صَالِحَة ".
قيل لَهُ: روى الْبَيْهَقِيّ: عَن ابْن شهَاب أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أَمر رجلا ضحك فِي الصَّلَاة أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة ". قَالَ الشَّافِعِي رضي الله عنه: " لم نقبله لِأَنَّهُ مُرْسل " فَلم يذكر فِيهِ (عِلّة) سوى الْإِرْسَال، فَدلَّ على صِحَة إرْسَاله. وَأما أَبُو الْعَالِيَة
فَهُوَ عدل ثِقَة وَقد اتّفق على إرْسَال هَذَا الحَدِيث معمر، وَأَبُو عوَانَة، وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة، وَسَعِيد بن أبي بشير، فَرَوَوْه عَن قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة، وتابعهم عَلَيْهِ ابْن أبي الذَّيَّال، وَهَؤُلَاء خمس ثِقَات، فَإِن صَحَّ عَن أبي الْعَالِيَة أَنه كَانَ لَا يُبَالِي من أَيْن (أَخذ) الحَدِيث، قُلْنَا لكنه إِذا أرسل الحَدِيث لَا يُرْسِلهُ إِلَّا عَمَّن تقبل رِوَايَته، لِأَن الْمَقْصُود من رِوَايَة الحَدِيث لَيْسَ إِلَّا التَّبْلِيغ عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، وخاصة إِذا تضمن حكما شَرْعِيًّا، فَإِذا أرسل الحَدِيث وَلم يذكر من أرْسلهُ عَنهُ مَعَ علمه أَو ظَنّه بِعَدَمِ عَدَالَته، كَانَ غاشا للْمُسلمين، وتاركا لنصيحتهم، فَتسقط عَدَالَته، وَيدخل فِي قَوْله عليه السلام:" من غش فَلَيْسَ منا ". وَقد ثبتَتْ / عَدَالَته، وَرَوَاهُ الثِّقَات عَنهُ مُرْسلا فَدلَّ على أَنه أرْسلهُ عَن عدل، وَلِأَن الْمُرْسل شَاهد على الرَّسُول [صلى الله عليه وسلم] بِإِضَافَة الْخَبَر إِلَيْهِ، فَلَو لم يكن ثَابتا عَنهُ بطرِيق تقَارب الْعلم لما أرْسلهُ، ولكان أسْندهُ لتَكون الْعهْدَة على غَيره، وَهَذِه عَادَة غير مدفوعة أَن من قوي ظَنّه بِوُجُود شَيْء أعرض عَن إِسْنَاده. فَهَذِهِ مَسْأَلَة تفرد بهَا أَصْحَابنَا اتبَاعا لهَذَا الحَدِيث، وَتركُوا الْقيَاس من أَجله، وَهَذِه شَهَادَة ظَاهِرَة لَهُم أَنهم يقدمُونَ الحَدِيث على الْقيَاس، وهم أتبع للْحَدِيث من سَائِر النَّاس.