الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غسالة أَعْضَاء رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، والأغلب أَنَّهَا كَانَت غسالة أَعْضَائِهِ وَإِلَّا لما فعل بهَا الصَّحَابَة (مَا فعلوا، لِأَن) مَا يفضل من وضوئِهِ فِي الْإِنَاء مثل مَا يفضل من وضوئِهِ من الْبِئْر، فلولا كَانَ الَّذِي أخرجه بِلَال فضل وضوئِهِ لما فعلوا بِهِ مَا فعلوا، وَمَا ثَبت فِي حق النَّبِي [صلى الله عليه وسلم](يثبت) فِي حق غَيره إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على تَخْصِيصه بِهِ.
وَأما مَا يدل على أَنه غير طهُور، خلافًا لمَالِك وَالشَّافِعِيّ فِي قَوْله الْقَدِيم فَذَلِك ترك الْأَوَّلين بجمعه ليتوضأ بِهِ مرّة بعد أُخْرَى عِنْد فقد المَاء مَعَ قلَّة الْمِيَاه فِي الْحجاز، وَاخْتِلَافهمْ فِيمَا إِذا وجد (مَا لَا يَكْفِيهِ) من المَاء لحدثه هَل يجب اسْتِعْمَاله أم لَا؟ على قَوْلَيْنِ.
(بَاب (الْوضُوء بالنبيذ))
كَانَ أَبُو حنيفَة رضي الله عنه يَقُول: إِذا ألقِي فِي المَاء تُمَيْرَات تستحلب (عذوبة) المَاء حَتَّى صَار حلوا رَقِيقا (يسيل على الْأَعْضَاء) جَازَ الْوضُوء بِهِ عِنْد عدم المَاء محتجا فِي ذَلِك بِمَا روى:
التِّرْمِذِيّ عَن أبي فَزَارَة رَاشد بن كيسَان، عَن أبي زيد مولى عَمْرو بن حُرَيْث، عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ:" سَأَلَني النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] . وَمن طَرِيق أبي دَاوُد أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ لَهُ لَيْلَة الْجِنّ: " مَا فِي إداوتك، قلت: نَبِيذ، قَالَ: تَمْرَة طيبَة وَمَاء طهُور، قَالَ: فَتَوَضَّأ مِنْهُ ".
فَإِن قيل: قَالَ التِّرْمِذِيّ: " أَبُو زيد رجل مَجْهُول عِنْد أهل الْعلم ".
قيل لَهُ: قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ: أَبُو زيد مولى عَمْرو بن حُرَيْث
روى عَنهُ رَاشد بن كيسَان وَأَبُو روق وَهَذَا يُخرجهُ عَن حد الْجَهَالَة، وَأما اسْمه فَلم يعرف، فَيجوز أَن يكون أَرَادَ التِّرْمِذِيّ أَنه مَجْهُول الِاسْم.
فَإِن قيل: قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: أَبُو فَزَارَة فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود رجل مَجْهُول، وَذكر البُخَارِيّ أَبَا فَزَارَة الْعَبْسِي رَاشد بن كيسَان، وَأَبا فَزَارَة الْعَبْسِي غير مُسَمّى، فجعلهما اثْنَيْنِ.
قيل لَهُ: قد صرح التِّرْمِذِيّ بِأَنَّهُ رَاشد بن كيسَان، وَأخْبر أَن أَبَا زيد رجل مَجْهُول، فَلَو كَانَ أَبُو فَزَارَة مَجْهُولا لذكره، وَقد وَافق تَصْرِيح التِّرْمِذِيّ بِالتَّسْمِيَةِ تَصْرِيح البُخَارِيّ، فَثَبت أَنه رَاشد بن كيسَان الْعَبْسِي (الْكُوفِي وانتفى أَن يكون غَيره وَرَاشِد بن كيسَان (الْعَبْسِي)) / (ثِقَة) روى عَنهُ الثَّوْريّ وجعفر بن برْقَان وَجَرِير بن حَازِم وَإِسْرَائِيل وَشريك. هَكَذَا ذكر ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ.
فَإِن قيل: " صَحَّ عَن عبد الله أَنه قَالَ (لم) أكن مَعَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] لَيْلَة الْجِنّ ".
قيل لَهُ: يجوز أَن يكون صَحبه فِي بعض اللَّيْلَة واستوقفه فِي الْبَاقِي.
وروى الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه أَنه قَالَ:" لَا بَأْس بِالْوضُوءِ بالنبيذ ".
وَعنهُ، عَن (يحيى بن أبي كثير)، عَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ:" النَّبِيذ وضوء من لم يجد غَيره " فَهَذِهِ الْمَسْأَلَة قد اسْتدلَّ فِيهَا بِهَذَا الحَدِيث الَّذِي قد أَكثر النَّاس الطعْن فِيهِ وَترك الْقيَاس من أَجله وَوَافَقَهُ على ذَلِك سُفْيَان الثَّوْريّ. هَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَوَافَقَهُ أَيْضا عِكْرِمَة وسبقهم بِهَذَا القَوْل عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه، فَمن أتبع لحَدِيث رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] من هَذَا الإِمَام، ثمَّ إِنَّه رَجَعَ عَن هَذَا القَوْل إِلَى مَا رَآهُ الْأَكْثَرُونَ، وَهَذَا دَلِيل على أَنه كَانَ رضي الله عنه لَا يَقُول قولا بِرَأْي نَفسه بل يتبع الدَّلِيل حَيْثُ كَانَ.