الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب وَاجِبَة وَلَيْسَ بفريضة)
قَالَ الله تَعَالَى: {فاقرؤا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} .
البُخَارِيّ وَمُسلم: وَغَيرهمَا عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه:" أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] دخل الْمَسْجِد فَدخل (رجل) فصلى، ثمَّ جَاءَ فَسلم على رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، فَرد رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] عليه السلام ، وَقَالَ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل، فَرجع (الرجل) فصلى كَمَا كَانَ يُصَلِّي، ثمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : وَعَلَيْك السَّلَام، ثمَّ قَالَ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل، حَتَّى فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، فَقَالَ الرجل: وَالَّذِي بَعثك (بِالْحَقِّ) مَا أحسن غير هَذَا فعلمني، فَقَالَ: إِذا قُمْت فِي الصَّلَاة فَكبر، ثمَّ اقْرَأ (بِمَا تيَسّر) مَعَك من الْقُرْآن، ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ اجْلِسْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا ".
أَبُو دَاوُد: عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: " قَالَ (لي) رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : اخْرُج فَنَادِ فِي الْمَدِينَة أَنه لَا صَلَاة إِلَّا بقرآن وَلَو بِفَاتِحَة الْكتاب ".
فَإِن قيل: (المُرَاد) بالمتيسر مَا زَاد على (الْفَاتِحَة)، بِدَلِيل مَا روى أَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ:" أَمرنِي رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] أَن أنادي (أَنه) لَا صَلَاة إِلَّا (بِقِرَاءَة) فَاتِحَة الْكتاب فَمَا زَاد ".
وروى ابْن مَاجَه: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : " لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ فِي كل رَكْعَة الْحَمد لله وَسورَة فِي فَرِيضَة أَو غَيرهَا ".
وروى أَبُو دَاوُد: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: " أمرنَا أَن نَقْرَأ / بِفَاتِحَة الْكتاب وَمَا تيَسّر ".
قيل لَهُ: لَو حملنَا الْآيَة الَّتِي تلونا (هَا) والْحَدِيث الَّذِي روينَاهُ على المتيسر بعد الْفَاتِحَة لزم أَن تكون قِرَاءَة مَا تيَسّر بعد الْفَاتِحَة فرضا أَيْضا، لثُبُوته بِمَا تلوناه من الْكتاب، وَبِمَا روينَاهُ من الحَدِيث، فَلَمَّا لم تكن السُّورَة وَلَا مَا تيَسّر بعد الْفَاتِحَة فرضا معينا كَذَلِك الْفَاتِحَة. ثمَّ نقُول هَذَا الحديثان يؤيدان مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ، فَإنَّا نوجب الْفَاتِحَة ونوجب شَيْئا من الْقُرْآن بعْدهَا حسب وجوب الْفَاتِحَة، (وَصَارَ) قَوْله عليه السلام:
" لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكِتَابَة ". نَظِير قَوْله عليه السلام: " لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد ". أخرجه أَبُو دَاوُد، وَصَححهُ أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق. وَالْمرَاد نفي الْفَضِيلَة كَذَا هَذَا.
وَيُؤَيّد هَذَا التَّأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهُم لَا أَيْمَان لَهُم} ، مَعْنَاهُ: أَنه لَا أَيْمَان لَهُم وافية موثوق بهَا، وَلم ينف وجود الْأَيْمَان مِنْهُم رَأْسا، لِأَنَّهُ قد قَالَ (بدءا) :{وَإِن نكثوا أَيْمَانهم من بعد عَهدهم} ، وَعطف على ذَلِك أَيْضا:{أَلا تقاتلون قوما نكثوا أَيْمَانهم} ، فَثَبت أَنه لم يرد بقوله لَا أَيْمَان لَهُم، نفي الْأَيْمَان أصلا، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَا ذكرنَا. وَهَذَا يدل على جَوَاز إِطْلَاق لَفْظَة " لَا " وَالْمرَاد بهَا نفي الْفَضِيلَة دون الأَصْل، كَمَا ذكرنَا من النظير.