الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاة وَمَا يتَعَلَّق بهَا، وَقد قَالَ [صلى الله عليه وسلم] :" صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " وَإِذا ثَبت وُجُوبه بِفِعْلِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَة خطابه " افعلوا كَذَا " فَلَمَّا أَقَامَ الرجل عَن يَمِينه وَالْمَرْأَة خَلفه وَأقَام أنسا واليتيم وَرَاءه والعجوز وراءهما، صَار كَأَنَّهُ قَالَ للرجل تقدم على الْمَرْأَة وأخرها عَنْك، ثمَّ رَأينَا الرجل إِذا صلى مَعَ (إِنْسَان) قَامَ عَن يَمِينه، وَإِذا صلى مَعَه آخر قاما متحاذيين (خَلفه) ، / ورأينا الصَّبِي إِذا صلى مَعَ إِنْسَان قَامَ أَيْضا محاذيا للرجل، وَإِذا صلى مَعَ صبي غَيره فِي جمَاعَة صلى خَلفهم، ورأينا الْمَرْأَة لَيست كَذَلِك. وأجمعنا أَن الرجل لَو اقْتدى بهَا فَسدتْ صلَاته دون صلَاتهَا، لِأَنَّهُ مَأْمُور بالتقدم عَلَيْهَا، فَإِذا حاذته وَجب أَن تفْسد صلَاته دون صلَاتهَا، وَكَذَا الْمَأْمُوم إِذا تقدم على إِمَامه فَسدتْ صلَاته دون صَلَاة الإِمَام لتَركه فرض الْمقَام كَذَا هَذَا.
(بَاب يُصَلِّي الْقَائِم خلف الْقَاعِد)
مُسلم: عَن الْأسود، عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: " لما ثقل رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] جَاءَ بِلَال يُؤذنهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ، فَقلت لحفصة: قولي لَهُ إِن أَبَا بكر رجل أسيف، وَأَنه مَتى يقم مقامك لَا يسمع النَّاس، فَلَو أمرت عمر، فَقَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ، فَقلت لحفصة: قولي لَهُ أَن أَبَا بكر رجل أسيف وَأَنه مَتى يقم مقامك لَا يسمع النَّاس، فَلَو أمرت (عمر)، فَقَالَت لَهُ: فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : إنكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف، مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ، فَأمروا أَبَا بكر فصلى، قَالَت: فَلَمَّا دخل فِي الصَّلَاة وجد رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي
نَفسه خفَّة، فَقَامَ يهادي بَين رجلَيْنِ وَرجلَاهُ تخطان فِي الأَرْض، قَالَت: فَلَمَّا دخل الْمَسْجِد سمع أَبُو بكر حسه، ذهب يتَأَخَّر فَأَوْمأ إِلَيْهِ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم](أَن قُم) مَكَانك، فجَاء رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] حَتَّى جلس عَن يسَار أبي بكر، فَكَانَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسا وَأَبُو بكر قَائِما، يَقْتَدِي (أَبُو بكر) بِصَلَاة النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ويقتدي النَّاس بِصَلَاة أبي بكر ". وَفِي لفظ لأبي دَاوُد:" فَقعدَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَكبر بِالنَّاسِ وَجعل أَبُو بكر يكبر بتكبيره وَجعل النَّاس يكبرُونَ بتكبير أبي بكر ". فَفِي إِقَامَة رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم](أَبَا بكر) عَن يَمِينه، وَهُوَ مقَام الْمَأْمُوم، وَفِي تكبيره بِالنَّاسِ وتكبير أبي بكر بتكبيره (بَيَان) وَاضح أَن الإِمَام فِي هَذِه الصَّلَاة رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، وَقد صلى بِالنَّاسِ قَاعِدا وَالنَّاس خَلفه قيام، وَهِي آخر صَلَاة صلاهَا بِالنَّاسِ. / فَدلَّ على أَن مَا رُوِيَ خلاف هَذَا مَنْسُوخ.
فَإِن قيل: قَالَ الْخطابِيّ: " فِي هَذَا الحَدِيث فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهمَا: (أَنه يدل على أَنه) تجوز الصَّلَاة بإمامين أَحدهمَا بعد الآخر من غير حدث يحدث بِالْإِمَامِ الأول. وَالثَّانيَِة: أَنه (يدل) على (جَوَاز) تَقْدِيم بعض صَلَاة الْمَأْمُوم على صَلَاة الإِمَام ".
قيل لَهُ: لَيْسَ كَذَلِك بل إِنَّه يدل على جَوَاز اسْتِخْلَاف من عجز عَن الْمُضِيّ فِي صلَاته وَأَن من اسْتخْلف يعود مَأْمُوما بعد أَن كَانَ إِمَامًا، لِأَنَّهُ رُوِيَ من طَرِيق أبي دَاوُد وَغَيره أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ذهب إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف ليصلح بَينهم،