الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب زَكَاة الْإِبِل السَّائِمَة)
(الطَّحَاوِيّ)، عَن حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: قلت لقيس بن سعد: اكْتُبْ إِلَيّ كتاب أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، فَكَتبهُ لي فِي ورقة ثمَّ جَاءَ يَوْمًا وَأخْبر أَنه أَخذه من كتاب أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، وَأَخْبرنِي أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] كتبه لجده عَمْرو بن حزم فِي ذكر مَا يخرج من فَرَائض الْإِبِل، فَكَانَ فِيهِ:" إِذا بلغت تسعين فَفِيهَا حقتان إِلَى أَن تبلغ عشْرين وَمِائَة، فَإِذا كَانَت أَكثر من ذَلِك فَفِي كل خمسين حقة، (وَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون) ، / فَمَا فضل فَإِنَّهُ يُعَاد إِلَى أول فَرَائض الْإِبِل، فَمَا كَانَ أقل من خمس وَعشْرين فَفِيهِ الْغنم فِي كل خمس ذود شَاة ".
فَإِن قيل: روى حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: " أخذت من ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس (كتابا) زعم أَن أَبَا بكر كتبه لأنس وَعَلِيهِ خَاتم رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] حِين بَعثه مُصدقا، وَكتب (لَهُ) فِيهِ: " هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة وَفِيه: فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة فَفِي كل
أَرْبَعِينَ بنت لبون، وَفِي كل خمسين حقة ". وَهَكَذَا حَدِيث سَالم عَن أَبِيه
قيل لَهُ: قَالَ الطَّحَاوِيّ: " حَدِيث ثُمَامَة بن عبد الله إِنَّمَا وَصله عبد الله بن الْمثنى، لَا نعلم أحدا وَصله غَيره،، وَقد رَوَاهُ حَمَّاد مُنْقَطِعًا، وَهُوَ أجل قدرا من ابْن الْمثنى، وَهُوَ مِمَّن يحْتَج بحَديثه دون ابْن الْمثنى، فَيجب على أصل هَذَا الْقَائِل أَن يدْخل هَذَا الحَدِيث فِي حد الْمُنْقَطع، لِأَن الرّفْع زِيَادَة وَزِيَادَة غير الْحَافِظ (على الْحَافِظ) غير مَقْبُولَة ".
وَأما الحَدِيث الثَّانِي فقد قَالَ التِّرْمِذِيّ: " لم يرفعهُ أحد من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، وَإِنَّمَا رَفعه سُفْيَان بن حُسَيْن ".
فَإِن قيل: سُفْيَان بن حُسَيْن ثِقَة، أخرج لَهُ مُسلم، وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ.
قيل لَهُ: إِلَّا أَن فِي حَدِيثه عَن (الزُّهْرِيّ) مقَالا، قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل:" سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: أَرْجُو أَن يكون مَحْفُوظًا "، فَلم يجْزم بحفظه فضلا عَن صِحَّته.
فَإِن قيل: رُوِيَ أَيْضا: " إِذا كَانَت إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة فَفِيهَا ثَلَاث بَنَات لبون ".
قيل لَهُ: هُوَ مُرْسل وَلم يسلم عَن الْمعَارض.
فَإِن قيل: حَدِيث عَمْرو بن حزم مُضْطَرب.
قيل لَهُ: من أَيْن اضْطربَ، قد رَوَاهُ قيس بن سعد، عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، وَقيس حجَّة حَافظ. وَقد قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ:" قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل رحمه الله: حَدِيث عَمْرو بن حزم فِي كتاب الصَّدقَات صَحِيح ".
ويعضده مَا روى الطَّحَاوِيّ: عَن أبي عُبَيْدَة وَزِيَاد بن أبي مَرْيَم، عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَنه قَالَ فِي فَرَائض الْإِبِل:" فَإِذا زَادَت على تسعين فَفِيهَا حقتان إِلَى عشْرين وَمِائَة، فَإِذا بلغت الْعشْرين وَالْمِائَة اسْتقْبلت الْفَرِيضَة بالغنم فِي كل خمس شَاة، فَإِذا بلغت خمْسا وَعشْرين ففرائض الْإِبِل، فَإِذا كثرت فَفِي كل خمسين حقة " /.
وَعنهُ: عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: " إِذا زَادَت الْإِبِل على عشْرين وَمِائَة ردَّتْ إِلَى أول الْفَرْض " فَهَذَا عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه من أكبر الصَّحَابَة وأعلمهم، وَمن التَّابِعين إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ يذهبون إِلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ، وهم أهل علم وَحَدِيث كثير.
ثمَّ نقُول حَدِيث ابْن شهَاب الْمُرْسل قد جَاءَ مُخَالف الْأُصُول، ومخالف الرِّوَايَات، فَلَا يجوز الْقَضَاء بِهِ، وَذَلِكَ أَن الْأَحَادِيث وَردت وفيهَا:" فَإِذا زَادَت فَفِي كل خمسين حقة وَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون ". فَلم يتَغَيَّر الْفَرْض إِلَّا بِزِيَادَة تحْتَمل بعد الْمِائَة وَالْعِشْرين الأربعينات والخمسينات، فَلَا شَيْء (يَتَجَدَّد) فِيهَا حَتَّى تبلغ مائَة وَخمسين، لِأَن الْفَرْض من تسعين إِلَى مائَة وَعشْرين يتَغَيَّر بِثَلَاثِينَ، فَلَا يتَغَيَّر (إِلَّا)
بِمِثْلِهَا كَالَّذي قبله، فَلَمَّا تغير الْفَرْض بِوَاحِدَة، وَلم يكن ذَلِك (فِي أوقاص) الْإِبِل ابْتِدَاء وَهِي فِي حد الْقَلِيل، فَكيف يكون وقصا وَهِي فِي حد الْكثير. هَذَا قَول ابْن الْعَرَبِيّ. وَأما الطَّحَاوِيّ فَقَالَ: " رأيناهم جعلُوا الْمِائَة وَالْعِشْرين نِهَايَة لما وَجب فِيمَا زَاد على التسعين، وَمَا جعل نِهَايَة قبل ذَلِك إِذا زَادَت الْإِبِل شَيْئا وَجب بِزِيَادَتِهِ فرض غير الأول أَو زِيَادَة عَلَيْهِ، (وَكَانَت) الْمِائَة وَالْعِشْرين نِهَايَة لما أوجبوه فِي الزِّيَادَة على التسعين، فَثَبت بِهَذَا أَن مَا زَاد على الْمِائَة وَالْعِشْرين يجب بِهِ شَيْء إِمَّا زِيَادَة على الْفَرْض الأول وَإِمَّا غير ذَلِك، ففسد بذلك قَول مَالك رحمه الله.
ونظرنا فِيمَا بَين قَوْلنَا وَقَول الشَّافِعِي فوجدناهم يوجبون بِزِيَادَة الْبَعِير الْوَاحِد على الْعشْرين وَالْمِائَة رد (حكم) جَمِيع الْإِبِل إِلَى مَا يجب فِيهِ الْبَنَات اللَّبُون، وَهُوَ مَا ذكر عَنهُ أَن فِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون، فَكَانَ من الْحجَّة عَلَيْهِ أَنا رَأينَا جَمِيع مَا يزِيد على النهايات الْمُسَمَّاة (فِي) فَرَائض الْإِبِل، فِيمَا دون الْعشْرين وَالْمِائَة، أَن تِلْكَ الزِّيَادَة الْمُغيرَة لَهَا حِصَّة فِيمَا وَجب بهَا من ذَلِك، وَكَانَت الْإِبِل إِذا زَادَت (بَعِيرًا) وَاحِدًا على الْمِائَة وَالْعِشْرين، فَكل قد أجمع أَن لَا شَيْء فِي هَذَا (الْبَعِير) ، لِأَن من أوجب