الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب لَا تُقَام الْجُمُعَة إِلَّا فِي مصر فِيهِ قَاض ووال يقيمان الْحُدُود وينفذان الْأَحْكَام)
لِأَن فِي زمن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] لم تقم الْجُمُعَة بقرية.
فَإِن قيل: روى البُخَارِيّ (وَغَيره) : عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: " إِن أول جُمُعَة جمعت بعد جُمُعَة فِي مَسْجِد رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي مَسْجِد عبد الْقَيْس بجواثاء من الْبَحْرين ". وَفِي لفظ غَيره: " بجواثاء قَرْيَة من قرى الْبَحْرين ". وروى ابْن مَاجَه وَأَبُو دَاوُد: عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك - وَكَانَ قَائِد أَبِيه بَعْدَمَا ذهب بَصَره - عَن أَبِيه كَعْب بن مَالك: " أَنه كَانَ إِذا سمع النداء يَوْم الْجُمُعَة ترحم (لأسعد بن زُرَارَة)، فَقلت لَهُ: إِذا سَمِعت النداء ترحمت لأسعد بن زُرَارَة، قَالَ:
لِأَنَّهُ أول من جمع بِنَا فِي هزم النبيت من حرَّة بني بياضة فِي نَقِيع (الْخضمات)، قلت: كم أَنْتُم يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ ".
قيل لَهُ: جواثاء يحْتَمل أَنَّهَا كَانَت مَدِينَة وتسميتها قَرْيَة لَا يُخرجهَا عَن كَونهَا مَدِينَة، فَإِن الْمَدِينَة تسمى قَرْيَة، قَالَ الله تَعَالَى:{أم الْقرى} و {لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} . وهما مَكَّة والطائف، وَهزمَ النبيت وَإِن كَانَ قَرْيَة لَكِن الظَّاهِر أَن أسعد بن زُرَارَة لم يجمع بهم إِلَّا بعد رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، وَأما فِي زمَان النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَلم تقم جُمُعَة إِلَّا فِي مَسْجده [صلى الله عليه وسلم] .
يُؤَيّد هَذَا أَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ النَّاس ينتابون الْجُمُعَة من مَنَازِلهمْ وَمن العوالي " وَأقرب العوالي من الْمَدِينَة على ثَلَاثَة أَمْيَال، وَهزمَ النبيت على ميل، فَإِذا جَاءُوا من العوالي فمجيئهم من هزم النبيت أولى.
(فَإِن قلت) : إِنَّمَا لم تقم فِي قرب الْمَدِينَة لينالوا فَضِيلَة الصَّلَاة مَعَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] /.
قلت: كَانَ أَمر بهَا فِي الْقرى النائية عَن الْمَدِينَة، لِأَنَّهُ يشق عَلَيْهِم الْحُضُور ويتعذر عَلَيْهِم إِدْرَاك الْفَضِيلَة، فَلَمَّا لم يَأْمر بهَا دلّ على عدم الْجَوَاز إِذْ لَو جَازَ لأمر بهَا وَفعلت، كَمَا أَمر بِإِقَامَة الْجَمَاعَة فِي مَسَاجِد الْمَدِينَة، وَصلي فِيهَا مَعَ فَوَات فَضِيلَة الصَّلَاة مَعَه [صلى الله عليه وسلم] . وَإِلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ ذهب سَحْنُون من أَصْحَاب مَالك رحمه الله.