الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعنهُ: أَن أَبَا ذَر كَانَ يَقُول فِيمَن حج ثمَّ فَسخهَا بِعُمْرَة: " لم يكن ذَلِك إِلَّا للركب الَّذين كَانُوا مَعَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ".
وَقَوله تَعَالَى: {ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} ، فَهَذَا فِي الْبدن لَيْسَ فِي الْحَاج. وَمعنى الْبَيْت الْعَتِيق هَهُنَا هُوَ الْحرم كُله، كَمَا (قَالَ) فِي الْآيَة الْأُخْرَى:{حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} (فالحرم هُوَ مَحل الْهَدْي لِأَنَّهُ ينْحَر فِيهِ) فَأَما بَنو آدم فَإِنَّمَا محلهم فِي حجهم يَوْم النَّحْر.
(بَاب يطوف الْقَارِن طوافين وَيسْعَى سعيين)
الطَّحَاوِيّ عَن أبي النَّضر قَالَ: " أَهلَلْت بِالْحَجِّ فأدركت عليا فَقلت لَهُ: إِنِّي أَهلَلْت بِالْحَجِّ أفأستطيع أَن أضيف إِلَيْهِ عمْرَة؟ قَالَ: لَا، لَو كنت أَهلَلْت بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أردْت أَن تضم إِلَيْهَا الْحَج ضممته، قَالَ: قلت: كَيفَ أصنع إِذا أردْت ذَلِك؟ قَالَ: تصب عَلَيْك إداوة (من) مَاء ثمَّ تحرم بهما جَمِيعًا، وَتَطوف لكل وَاحِدَة (مِنْهُمَا) طَوافا ".
وَعنهُ: عَن عَليّ وَعبد الله رضي الله عنهما قَالَا: " الْقَارِن يطوف طوافين وَيسْعَى سعيين ".
الدَّارَقُطْنِيّ: عَن عَليّ رضي الله عنه: " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كَانَ قَارنا فَطَافَ طوافين وسعى سعيين ".
وَعنهُ: عَن عمرَان بن الْحصين رضي الله عنه: " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] طَاف طوافين وسعى سعيين ".
فَإِن قيل: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " الحَدِيث الأول يرويهِ حَفْص بن أبي دَاوُد (وَهُوَ ضَعِيف) وَيدل عَلَيْهِ أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كَانَ مُفردا بِالْحَجِّ. وَقَالَ فِي الحَدِيث الثَّانِي: إِن مُحَمَّد بن يحيى الْأَزْدِيّ حدث بِهَذَا من حفظه / فَوَهم، وَقد حدث بِهِ مرَارًا على الصَّوَاب، وَيُقَال إِنَّه رَجَعَ عَن ذكر الطّواف وَالسَّعْي وَلم يذكر سوى هَذَا ".
قيل لَهُ: الحَدِيث لَا يبطل بِمثل هَذَا قد بَينا من قبل أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كَانَ قَارنا.
فَإِن قيل: صَحَّ أَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي حجَّة الْوَدَاع، فأهللنا بِعُمْرَة، ثمَّ قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : من كَانَ مَعَه هدي فليهل (بِالْحَجِّ مَعَ) الْعمرَة، ثمَّ لَا يحل حَتَّى يحل مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَقدمت مَكَّة وَأَنا حَائِض، فَلم أطف بِالْبَيْتِ، وَلَا بَين الصَّفَا والمروة، فشكوت ذَلِك إِلَى رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَقَالَ: انقضي رَأسك وامتشطي وَأَهلي بِالْحَجِّ ودعي الْعمرَة، فَلَمَّا قضيت الْحَج أَرْسلنِي رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] مَعَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر إِلَى التَّنْعِيم فاعتمرت، فَقَالَ: هَذَا
مَكَان عمرتك (فَقَالَت) : فَطَافَ الَّذين أهلوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة، ثمَّ حلوا، ثمَّ طافوا طَوافا آخر بعد أَن رجعُوا من منى لحجهم، وَأما الَّذين جمعُوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَإِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا، وهم كَانُوا مَعَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وبأمره كَانُوا يعْملُونَ ".
قيل لَهُ: فقد رُوِيَ عَن عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَائِشَة رضي الله عنها:" أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] تمتّع فِي حجَّة الْوَدَاع، وتمتع النَّاس مَعَه، وَعلمنَا أَنه الَّذِي يهل لحجته بعد طَوَافه للْعُمْرَة، ثمَّ قَالَت فِي هَذَا الحَدِيث أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قَالَ: من كَانَ مَعَه هدي فليهل بِالْحَجِّ مَعَ الْعمرَة (ثمَّ) لَا يحل (حَتَّى يحل) مِنْهُمَا جَمِيعًا ". وَلم يبين (لَهُم) الْموضع الَّذِي قَالَ لَهُم (فِيهِ) هَذَا القَوْل، فقد يجوز أَن يكون قَالَه قبل دُخُول مَكَّة (أَو بعد دُخُول مَكَّة) قبل الطّواف، فيكونون قارنين بِتِلْكَ الْحجَّة وَالْعمْرَة الَّتِي كَانُوا أَحْرمُوا بهَا قبلهَا، وَيجوز أَن يكون قَالَ لَهُم ذَلِك بعد طوافهم للْعُمْرَة، فيكونون متمتعين بِتِلْكَ الْحجَّة الَّتِي أَمرهم بِالْإِحْرَامِ بهَا.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: " فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَوَجَدنَا جَابر بن عبد الله وَأَبا سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنهما أخبرا فِي حديثيهما أَن ذَلِك القَوْل من رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي آخر طواف الْعمرَة، فَعلمنَا أَن قَول عَائِشَة رضي الله عنها فِي هَذَا الحَدِيث: " وَأما الَّذين جمعُوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة " إِنَّمَا تَعْنِي جمع مُتْعَة لَا جمع قرَان، قَالَت: " فَإِنَّمَا طافوا (طَوافا) وَاحِدًا " بعد جمعهم بَين الْحَج وَالْعمْرَة الَّتِي كَانُوا طافوا لَهَا طَوافا وَاحِدًا، لِأَن حجتهم تِلْكَ الْمَضْمُونَة مَعَ الْعمرَة كَانَت مَكِّيَّة، / وَالْحجّة المكية لَا يُطَاف لَهَا قبل عَرَفَة إِنَّمَا يُطَاف لَهَا بعد عَرَفَة ".
فَإِن قيل: فقد روى جَابر بن عبد الله رضي الله عنه: " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قرن بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَطَافَ لَهما طَوافا وَاحِدًا ".
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ: " من أحرم بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة أَجزَأَهُ طواف وَاحِد وسعي وَاحِد، وَلَا يحل (من) وَاحِد مِنْهُمَا حَتَّى يحل مِنْهُمَا ".
قيل لَهُ: أما الحَدِيث الأول فَفِي سَنَده حجاج بن أَرْطَاة وَهُوَ ضَعِيف، مَعَ أَنكُمْ (رويتم) أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كَانَ مُفردا بِالْحَجِّ.
فَإِن قيل: فقد رُوِيَ عَن جَابر رضي الله عنه أَنه قَالَ: " إِن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] لم يطف
هُوَ وَأَصْحَابه بَين الصَّفَا والمروة إِلَّا طَوافا وَاحِدًا لحجتهم وعمرتهم ".
قيل لَهُ: فِيهِ (اللَّيْث بن أبي سليم) وَهُوَ ضَعِيف، وَإِن صَحَّ قُلْنَا: إِنَّمَا يَعْنِي جَابر مَا بَينه عَنهُ أَبُو الزبير.
الطَّحَاوِيّ: عَن أبي الزبير أَنه سمع جَابِرا يَقُول: " لم يطف النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] و (لَا) أَصْحَابه بَين الصَّفَا والمروة إِلَّا طَوافا وَاحِدًا ". وَإِنَّمَا أَرَادَ جَابر بِهَذَا أَن يُخْبِرهُمْ أَن السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة لَا يفعل فِي طواف يَوْم النَّحْر، وَلَا فِي طواف الصَّدْر كَمَا يفعل فِي طواف الْقدوم.
وَأما الحَدِيث الثَّانِي فرفعه إِلَى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] خطأ، وَإِنَّمَا أَصله عَن ابْن عمر نَفسه، هَكَذَا رَوَاهُ الْحفاظ.
فَإِن قيل: رُوِيَ عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ لَهَا: " إِذا رجعت إِلَى مَكَّة فَإِن طوافك يَكْفِيك بحجك وعمرتك ".
قيل لَهُ: لَيْسَ هَذَا لفظ الحَدِيث، إِنَّمَا لَفظه أَنه قَالَ:" طوافك لحجك (يجْزِيك لحجك) وعمرتك "، فَأخْبر أَن الطّواف الْمَفْعُول لِلْحَجِّ يُجزئ عَن الْحَج وَالْعمْرَة،
وَأَنْتُم لَا تَقولُونَ هَذَا، إِنَّمَا تَقولُونَ إِن طواف الْقَارِن طواف لقرانه، لَا لحجته دون عمرته، وَلَا لعمرته دون حجَّته.
ثمَّ هَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ على غير هَذَا الْمَعْنى.
الطَّحَاوِيّ: عَن عَطاء عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت (قلت) يَا رَسُول الله: " أكل أهلك يرجع بِحجَّة وَعمرَة غَيْرِي، فَقَالَ: انفري فَإِنَّهُ يَكْفِيك ". قَالَ حجاج فِي حَدِيثه عَن عَطاء، عَن عَائِشَة:" إِنَّهَا ألطت على رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَأمرهَا أَن تخرج إِلَى التَّنْعِيم فتهل مِنْهُ بِعُمْرَة، وَبعث مَعهَا أخاها عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، فأهلت مِنْهُ بِعُمْرَة ثمَّ قدمت فطافت وسعت وَقصرت وَذبح عَنْهَا / رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ". قَالَ عبد الْملك عَن عَطاء: ذبح عَنْهَا بقرة.
فَأخْبر عبد الْملك عَن عَطاء بِقِصَّتِهَا (بطوافها) وَأَنَّهَا إِنَّمَا أَحرمت بِالْعُمْرَةِ فِي وَقت مَا كَانَ لَهَا أَن تنفر بعد فراغها من الْحجَّة وَأَن الَّذِي ذكر أَنه يكفيها هُوَ الْحَج من الْحجَّة لَا الطّواف فقد بَطل أَن يكون فِي حَدِيث عَطاء هَذَا حجَّة فِي حكم طواف الْقَارِن كَيفَ هُوَ.
فَإِن قيل: رُوِيَ أَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " دخل النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] على عَائِشَة رضي الله عنها وَهِي تبْكي فَقَالَ: مَا لَك تبكين؟ فَقَالَت: أبْكِي لِأَن النَّاس حلوا وَلم أحلل، فطافوا بِالْبَيْتِ وَلم أطف، وَهَذَا الْحَج قد حضر كَمَا ترى، فَقَالَ: هَذَا أَمر كتبه الله على بَنَات آدم فاغتسلي وَأَهلي بِالْحَجِّ ثمَّ حجي واقضي مَا يقْضِي الْحَاج، غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ وَلَا تصلي، قَالَت: فَفعلت ذَلِك، فَلَمَّا طهرت قَالَ: طوفي بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة ثمَّ قد حللت من حجك وعمرتك، فَقلت يَا رَسُول الله: إِنِّي أجد