الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التِّرْمِذِيّ: / " كَأَنَّهُ لم ير فِي الصَّحرَاء وَلَا فِي (الكنف) أَن يسْتَقْبل الْقبْلَة ".
(بَاب اسْتِعْمَال المَاء أَو التُّرَاب للمحدث شَرط فِي صِحَة الصَّلَاة)
لما روى مُسلم: عَن مُصعب بن سعد، قَالَ:" دخل عبد الله بن عمر على ابْن عَامر يعودهُ، وَهُوَ مَرِيض، فَقَالَ: أَلا تَدْعُو لي يَا ابْن عمر، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يَقُول: لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور وَلَا صَدَقَة من غلُول ".
فَإِن قيل: فقد قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : " إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فاتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم ".
قيل لَهُ: (وَلَو كَانَت الصَّلَاة بِغَيْر طَهَارَة وَاجِبَة على فَاقِد الطّهُور فَإِذا صلى) فقد أَتَى بِمَا وَجب عَلَيْهِ الْإِتْيَان بِهِ، فَلَا تجب عَلَيْهِ الْإِعَادَة، وَلَكِن هَذَا (الحَدِيث)
مَحْمُول على مَا إِذا كَانَ المستطاع قربَة، (والقربة) مَا يرضاها الله ويقبلها، وَقد أخبر أَنه لَا يقبل الصَّلَاة بِغَيْر طهُور.
فَإِن قيل: " وَقد أخبر رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] أَن الله لَا يقبل صَلَاة حَائِض بِغَيْر خمار ". وَقد جوزتم الصَّلَاة مَعَ كشف الْعَوْرَة عِنْد الْعَجز عَن السّتْر وأوجبتموها، وأوجبتم على الْمُسَافِر الْإِمْسَاك إِذا قدم فِي أثْنَاء النَّهَار فِي رَمَضَان.
قيل لَهُ: الْحَدث معنى قَائِم بِذَات الْمَرْء، يحصل لَهُ بِهِ نقص يخرج بِهِ من أَن يكون صَالحا لخدمة الرب، فَإِنَّهُ إِذا أحدث صدق عَلَيْهِ أَنه لَيْسَ بطاهر، وَعدم طَهَارَة الْمَرْء نقص فِي ذَاته، وَهَذَا وصف لَا يَزُول إِلَّا بِاسْتِعْمَال المَاء أَو التُّرَاب، وَعدم السّتْر لَا يُوجب نقصا فِي الذَّات بِالنّظرِ إِلَى الله تَعَالَى، فَإِن الله تَعَالَى لَا يحجبنا عَنهُ شَيْء، فَعلمنَا أَن السّتْر إِنَّمَا وَجب لأجل عباد الله تَعَالَى، والتطهير وَجب ليَكُون العَبْد فِي حَال الْخدمَة على: أكمل الْأَحْوَال، إِذْ لَا فرق بَين الْمُحدث والمتوضئ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعباد، فَلَا يلْزم من تَجْوِيز الصَّلَاة مَعَ الْكَشْف تجويزها مَعَ الْحَدث، والإمساك إِنَّمَا وَجب على القادم من السّفر مُرَاعَاة لحُرْمَة الشَّهْر، وَلِهَذَا قَالُوا (يسْتَحبّ) للحائض أَن تَأْكُل فِي خُفْيَة.
واستفدنا من قَوْله عليه السلام: " لَا يقبل الله صَلَاة حَائِض إِلَّا بخمار " أَن رَأس الْمَرْأَة عَورَة دون وَجههَا، وَالْمرَاد بالحائض الْبَالِغ، وَالله أعلم.