الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِن قيل: فقد روى أَبُو دَاوُد: عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه، عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" لَيْسَ فِي الْخَيل وَالرَّقِيق زَكَاة، إِلَّا زَكَاة الْفطر فِي الرَّقِيق ".
قيل لَهُ: فِي إِسْنَاده رجل مَجْهُول، وَأَنت لَا تقبل رِوَايَته، هَذَا من جِهَة الْآثَار، وَأما من جِهَة النّظر: فَإِنَّهُ حَيَوَان يسام فِي أغلب الْبلدَانِ، فَتجب فِيهِ الزَّكَاة، إِلَّا أَن الْآثَار فِيهَا لم تشتهر لعزة الْخَيل فِي ذَلِك الْوَقْت، وَمَا كَانَت معدة إِلَّا للْجِهَاد، وَإِنَّمَا لم تثبت ولَايَة الْأَخْذ للْإِمَام، لِأَن الْخَيل مطمع كل طامع، فَإِنَّهَا سلَاح، وَالظَّاهِر أَنهم إِذا علمُوا بِهِ لم يَتْرُكُوهُ، وَإِنَّمَا لم تُؤْخَذ الزَّكَاة من عينهَا لِأَن مَقْصُود الْفَقِير لَا يحصل بِهِ، إِذْ عينه عندنَا غير مَأْكُول، وَلَا يشبه هَذَا البغال وَالْحمير وَإِن كَانَت ذَا حافر، لِأَنَّهُ [صلى الله عليه وسلم] قيل لَهُ: " يَا رَسُول الله فالحمر؟ قَالَ: مَا أنزل عَليّ فِي الْحمر شَيْء إِلَّا هَذِه الْآيَة الجامعة الفاذة: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} . وَفِي الْكَلَام دلَالَة ظَاهِرَة أَنه قد أنزل عَلَيْهِ فِي الْخَيل شَيْء.
(ذكر الْغَرِيب:)
إِنَّمَا سَمَّاهَا جَامِعَة لاشتمال اسْم الْخَيْر على جَمِيع أَنْوَاع الطَّاعَات، فرائضها وسننها، والفذ: الْوَاحِد الْفَرد، يُقَال مِنْهُ فذ الرجل عَن أَصْحَابه، إِذا انْفَرد عَنْهُم وَبَقِي وَحده، وَلما خلت هَذِه الْآيَة عَن تَفْصِيل مَا تحتهَا وَبَيَان أَنْوَاعه سَمَّاهَا فاذة. وَقَالَ فِي الْمطَالع:" معنى الفاذة: المنفردة، القليلة الْمثل فِي بَابهَا، قَالَ: ويروى الفذة والشاذة، وَكله بِمَعْنى الْمُنْفَرد، وَمَعْنَاهَا: الْمُبَالغَة فِي مَعْنَاهَا " ذكر ذَلِك فِي بَاب الْفَاء والذال الْمُعْجَمَة.