الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّرْطُ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، وَتَكُونُ لِلْمُعْمَرِ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدُ.
فَصْلٌ وَالْمَشْرُوعُ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ، فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عُودُهَا إِلَى الْمَرْقَبِ إِنْ مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَهُ (وَتَكُونُ لِلْمُعْمَرِ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ) ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ» ، وَعَنْهُ: بُطْلَانُهُمَا كَالْبَيْعِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: سَكَّنَّاهُ لَكَ عُمْرَكَ، أَوْ غَلَّتُهُ، أَوْ خِدْمَتُهُ لَكَ، أَوْ مَنَحْتُكَهُ - فَهُوَ عَارِيَةٌ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ هِبَةُ الْمَنَافِعِ، وَالْمَنَافِعُ إِنَّمَا تُسْتَوْفَى بِمُضِيِّ الزَّمَانِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا.
تَنْبِيهٌ: إِذَا وَهَبَ أَوْ بَاعَ فَاسِدًا ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي الْعَيْنِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ مَعَ عِلْمِهِ بِفَسَادِ الْأَوَّلِ صَحَّ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ عَالِمًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَإِنِ اعْتَقَدَ صِحَّةَ الْأَوَّلِ فَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي عَيْنٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا لِأَبِيهِ فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ وَمَلَكَهَا. قَالَ الْقَاضِي: أَصْلُهُمَا: مَنْ بَاشَرَ بِالطَّلَاقِ امْرَأَةً يَعْتَقِدُهَا أَجْنَبِيَّةً فَبَانَتِ امْرَأَتُهُ، أَوْ بَاشَرَ بِالْعِتْقِ مَنْ يَعْتَقِدُهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَتُهُ، فَفِي وُقُوعِهِمَا رِوَايَتَانِ.
[فَصْلٌ: الْمَشْرُوعُ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ: الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ]
فَصْلٌ (وَالْمَشْرُوعُ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ) أَيْ يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ اقْتِدَاءً بِقِسْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيَاسًا لِحَالِ الْحَيَاةِ عَلَى حَالِ الْمَوْتِ، قَالَ عَطَاءٌ: مَا كَانُوا يَقْتَسِمُونَ إِلَّا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَهُ عَطَاءٌ، وَشُرَيْحٌ، وَإِسْحَاقُ، وَقِيلَ: لِصُلْبِهِ، وَذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ، لَا وَلَدَ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ لِلْحَقِيقَةِ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ ذَكَرٌ كَأُنْثَى، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِبَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ:«سَوِّ بَيْنَهُمْ» ، وَكَالنَّفَقَةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الذَّكَرَ أَحْوَجُ مِنْهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّدَاقَ وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهَا، وَحَدِيثُ بَشِيرٍ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، وَحِكَايَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ لَهَا إِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي مِثْلِهَا، وَلَا يُعْلَمُ حَالُ أَوْلَادِ بَشِيرٍ هَلْ كَانَ فِيهِمْ أُنْثَى أَوْ لَا، ثُمَّ تُحْمَلُ التَّسْوِيَةُ عَلَى الْقِسْمَةِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ
أَوْ فَضَّلَهُ فَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بِالرُّجُوعِ أَوْ إِعْطَاءِ الْآخَرِ حَتَّى يَسْتَوُوا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَعَالَى، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّسْوِيَةَ فِي أَصْلِ الْعَطَاءِ، وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي النَّفَقَةِ كَشَيْءٍ تَافِهٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: كَشَيْءٍ يَسِيرٍ، وَعَنْهُ: بَلَى، مَعَ تَسَاوِي فَقْرٍ أَوْ غِنًى، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى فِي الْقُبَلِ، فَدَخَلَ فِيهِ نَظَرُ وَقْفٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْدِيلُ بَيْنَ غَيْرِهِمْ، بَلْ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْأَوْلَادِ فَقَطْ، جَزَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي كُتُبِهِ، وَزَعَمَ الْحَارِثِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّ عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَهُوَ سَهْوٌ؛ إِذِ الْأَصْلُ تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ فِي مَالِهِ كَيْفَ شَاءَ، خَرَجَ مِنْهُ الْأَوْلَادُ لِلْخَبَرِ، مَعَ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَسْأَلْ بَشِيرًا هَلْ لَكَ وَارِثٌ غَيْرُ وَلَدِكَ أَمْ لَا؟ وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَقَارِبِ كَالْأَوْلَادِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ خَوْفُ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالتَّبَاغُضِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأَقَارِبِ، وَالْأُمُّ كَالْأَبِ فِيمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ أَشْبَهَتِ الْأَبَ، وَلِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْمَنْعِ (فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ أَوْ فَضَّلَهُ فَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بِالرُّجُوعِ أَوْ إِعْطَاءِ الْآخَرِ حَتَّى يَسْتَوُوا) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ؛ لِمَا «رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: تَصَدَّقَ عَلِيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ عَلَيْهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَهُ، فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ، قَالَ: فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ، وَفِي لَفْظٍ: فَارْدُدْهُ، وَفِي لَفْظٍ: فَأَرْجِعُهُ، وَفِي لَفْظٍ: لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ، وَفِي لَفْظٍ: فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، وَفِي لَفْظٍ: سَوِّ بَيْنَهُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ جَوْرًا أَوْ أَمَرَ بَرَدِّهِ، وَامْتَنَعَ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَوْرَ حَرَامٌ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَهُوَ يُورِثُ الْعَدَاوَةَ، وَالْبَغْضَاءَ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، فَمَنَعَ مِنْهُ، كَتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ تَفْضِيلُ أَحَدِهِمْ، وَاخْتِصَاصُهُ لِمَعْنًى فِيهِ، وَيُكْرَهُ إِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْأَثَرَةِ، اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَقَالَ اللَّيْثُ وَالثَّلَاثَةُ: يَجُوزُ ذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَحَلَ عَائِشَةَ جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ: أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، فَأَمَرَهُ بِتَأْكِيدِهَا دُونَ الرُّجُوعِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ تَلْزَمُ بِمَوْتِ الْمُعْطِي كَالتَّسْوِيَةِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ فِعْلَ أَبِي بَكْرٍ لَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ، وَبِأَنَّهُ نَحَلَهَا لِمَعْنًى فِيهَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا مِنْ أَوْلَادِهِ، أَوْ كَانَ
ذَلِكَ ثَبَتَ لِلْمُعْطَى، وَعَنْهُ: لَا يَثْبُتُ، وَلِلْبَاقِينَ الرُّجُوعُ، اخْتَارَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَاصِدًا بِأَنْ يَنْحَلَّ غَيْرَهَا فَأَدْرَكَتْهُ الْوَفَاةُ، وَبِأَنَّ قَوْلَهُ: أَشْهِدْ، إِلَى آخِرِهِ لَيْسَ بِأَمْرٍ؛ لِأَنَّ أَدْنَى أَحْوَالِهِ الِاسْتِحْبَابُ، وَلَا خِلَافَ فِي كَرَاهَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمْرًا لَبَادَرَ إِلَى امْتِثَالِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَهْدِيدٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا خَصَّ بَعْضَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِي، أَوْ كَانَ لِمَعْنًى كَزَمَانَةٍ، أَوْ عَمًى، أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ - جَازَ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَعَنْهُ: لَا يُنَفَّذُ فِي مَرَضِهِ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ مَعْنَاهُ.
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ (فَإِنْ مَاتَ) الْوَاهِبُ (قَبْلَ ذَلِكَ ثَبَتَ لِلْمُعْطِي) وَلَزِمَ، وَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَالْخِرَقِيُّ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِعَائِشَةِ رضي الله عنها: وَدِدْتُ أَنَّكِ حُزْتِيهِ، فَدَلَّ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَازَتْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلِقَوْلِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لِوَلَدِهِ، فَلَزِمَتْ بِالْمَوْتِ كَمَا لَوِ انْفَرَدَ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ فَقَدْ خَالَفَ، وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، لَكِنْ إِنْ كَانَتْ الْعَطِيَّةُ فِي الْمَرَضِ لِيُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ، وَالْأَشْهَرُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِفِعْلِ الْوَاجِبِ، (وَعَنْهُ: لَا يَثْبُتُ وَلِلْبَاقِينَ الرُّجُوعُ، اخْتَارَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ) وَأَبُو حَفْصٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
قَالَ أَحْمَدُ: عُرْوَةُ قَدْ رَوَى حَدِيثَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ وَتَرَكَهَا، وَذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«تُرَدُّ فِي حَيَاةِ الرَّجُلِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ» ، وَلِأَنَّهُ عليه السلام سَمَّى ذَلِكَ جَوْرًا، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:«إِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ» ، وَغَيْرُ الْحَقِّ لَا يَجُوزُ، وَالْجَوْرُ لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ، وَلَا يَخْتَلِفُ بِالْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَلَا يَطِيبُ أَكْلُهُ، وَيَتَعَيَّنُ رَدُّهُ، وَعَنْهُ: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَاخْتَارَهَا الْحَارِثِيُّ وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: قَوْلُهُمْ لَوْ حَرُمَ لَفَسَدَ، وَالتَّحْرِيمُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ فِي رِوَايَةٍ لَا فِي أُخْرَى، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي دَارِ غَصْبٍ، فَدَلَّ عَلَى الْخِلَافِ.
أَصْلٌ: لَا يُكْرَهُ لِلْحَيِّ قَسْمُ مَالِهِ بَيْنَ أَوْلَادِهِ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا يُعْجِبُنِي، فَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَارِثٌ سَوَّى نَدْبًا، قَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: وُجُوبًا،
وَإِنْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْوَقْفِ أَوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ أَحْمَدُ: أَعْجَبُ إِلَيَّ يُسَوِّيَ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُغْنِي ".
(وَإِنْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْوَقْفِ) ذَكَرٌ كَأُنْثَى، جَازَ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ، وَقَدِ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ، قِيلَ: فَإِنْ فَضَّلَ، قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي عَلَى وَجْهِ الْأَثَرَةِ إِلَّا لِعَيَّالٍ بِقَدْرِهِمْ أَوْ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ خَصَّ الْمَرْدُودَةَ مِنْ بَنَاتِهِ دُونَ الْمُسْتَغْنِيَةِ مِنْهُنَّ بِصَدَقَتِهِ، وَاخْتَارَ الْمُؤَلَّفُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ كَقِسْمَةِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ إِيصَالُ الْمَالِ إِلَيْهِمْ، فَيَكُونُ عَلَى حَسَبِ الْمِيرَاثِ، وَذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي لَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مُلْغًى بِالْعَطِيَّةِ وَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَنْقُلُ الرَّقَبَةَ، أَوْ يَنْقُلُهَا عَلَى وَجْهٍ مِنَ الْقُصُورِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ (أَوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ) أَوْ وَصَّى بِوَقْفِهِ (عَلَى بَعْضِهِمْ - جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ، وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ بِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ أَمْرَ وَقْفِهِ إِلَى حَفْصَةَ تَأْكُلُ مِنْهُ وَتَشْتَرِي رَقِيقًا، وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَالِ فَهُوَ كَعِتْقِ الْوَارِثِ وَكَالْوَقْفِ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَعَلَّلَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِأَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُورَثُ، وَلَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ يَنْتَفِعُونَ بِغَلَّتِهَا (وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: لَا يَجُوزُ) ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهَا عَنِ الْإِمَامِ، لَكِنْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فِيمَنْ وَصَّى لِأَوْلَادِ بِنْتِهِ بِأَرْضٍ تُوقَفُ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَرِثُوهُ فَجَائِزٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى وَارِثٍ فِي الْمَرَضِ، اخْتَارَهَا أَبُو حَفْصٍ وَابْنُ عَقِيلٍ، ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ، وَرَجَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِمَالِهِ فِي مَرَضِهِ، فَمَنَعَ مِنْهُ كَالْوَصِيَّةِ، وَإِلْحَاقًا لَهُ بِالْهِبَةِ، وَحَدِيثُ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ بِالْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إِلَيْهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَيْهَا، وَكَوْنُهُ انْتِفَاعًا بِالْغَلَّةِ لَا يَقْتَضِي جَوَازَ التَّخْصِيصِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِوَارِثٍ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ، وَحَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَعَنْهُ: كَهِبَةٍ، فَتَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ، وَعَنْهُ: لَا إِنْ قِيلَ هِبَةٌ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ فِي ثُلُثِهِ، وَهِيَ أَشْهَرُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا وَقَفَ دَارَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَلَى ابْنِهِ وَبِنْتِهِ نِصْفَيْنِ جَازَ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَلَزِمَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ تَخْصِيصُ الْبِنْتِ بِهَا فَبِنِصْفِهَا أَوْلَى، وَعَلَى