الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ
إِذَا أَقَرَّ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ، فَصَدَّقَهُمْ أَوْ كَانَ صَغِيرًا، ثَبَتَ نَسَبُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِلْمَنْكُوحَةِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ، صَحَّ نِكَاحُهَا، وَهَلْ تَرِثُ الْمُطَلَّقَةُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: عَدَمُ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَوْرِيثُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ، أَوْ أُخْتَانِ، أَوْ حِرْمَانُ الزَّوْجَاتِ الْمَنْصُوصُ عَلَى مِيرَاثِهِنَّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ دُونَ الْمُطَلَّقَةِ، وَالثَّانِيَةُ: تَرِثُ الْمُطَلَّقَةُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْخَمْسِ، وَالثَّانِي: يَكُونُ لِلْمُطَلَّقَةِ وَالْمَنْكُوحَاتِ الْأَوَائِلِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَحْرِمَهُنَّ مِيرَاثَهُنَّ بِالطَّلَاقِ، فَكَذَا يُمْنَعُ مِنْ تَنْقِيصِهِنَّ مِنْهُ، وَرَدَّ الْمُؤَلِّفُ كِلَا الْوَجْهَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا، فَرَدَّهُ نَصُّ الْكِتَابِ عَلَى تَوْرِيثِ الزَّوْجَاتِ، فَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ؛ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُبِحْ نِكَاحَهُنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَلَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعْنَ فِي مِيرَاثِهِ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا فِي مَرَضِهِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وَنَكَحَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ، ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ فَعَلَى الْمُخْتَارِ تَرِثُهُ الْمَنْكُوحَاتُ خَاصَّةً، وَعَلَى الثَّانِي فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَيْنَ الثَّمَانِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِلْمُطَلَّقَاتِ، وَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ، فَالْمِيرَاثُ لَهُنَّ فِي قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُطَلَّقَاتِ.
فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ طَلَاقًا يَقْطَعُ الْمِيرَاثَ، فَأَنْكَرَ، لَمْ تَرِثْهُ إِنْ مَاتَ إِذَا كَانَتْ مُقِيمَةً عَلَى قَوْلِهَا، ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَ " الْفُرُوعِ ".
[بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ]
الْإِقْرَارُ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ (إِذَا أَقَرَّ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ) وَلَوْ مَعَ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ أَنَّهُ وَاحِدٌ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ، فَصَدَّقَهُمْ أَوْ كَانَ صَغِيرًا) أَوْ مَجْنُونًا، وَسَوَاءً كَانَ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ (ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ)«لِأَنَّهُ عليه السلام قَبِلَ قَوْلَ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، لَمَّا ادَّعَى نَسَبَ وَلِيدَةِ أَبِيهِ، وَقَالَ: هَذَا أَخِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي، فَأَثْبَتَ نَسَبَهُ مِنْهُ» ، وَلِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فِي مِيرَاثِهِ وَدُيُونِهِ وَسَائِرِ حُقُوقِهِ، فَكَذَا فِي النَّسَبِ، وَإِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ ثَبَتَ
وَإِرْثُهُ، سَوَاءً كَانُوا جَمَاعَةً أَوْ وَاحِدًا، وَسَوَاءً كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ يَحْجُبُ الْمُقِرَّ أَوْ لَا يَحْجُبُهُ كَأَخٍ يُقِرُّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ، وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ مِنْهُمْ عَدْلَانِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، أَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ بِهِ وَعَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ فَضْلَ مَا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْإِرْثُ، وَاشْتَرَطَ فِي الْبَالِغِ الْعَاقِلِ التَّصْدِيقَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ إِقْرَارٌ، فَاشْتَرَطَ تَصْدِيقَ الْمُقَرِّ لَهُ كَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ، وَفِي الصَّغِيرِ يُكْتَفَى بِصِغَرِهِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ، فَقَبِلَ الْإِقْرَارَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ كَالْمَالِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالنَّسَبِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُنْكِرٍ لَا يَرِثُ لِمَانِعِ رِقٍّ وَنَحْوِهِ، إِنْ كَانَ مَجْهُولَ النِّسَبِ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْإِرْثُ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَانِعٌ (سَوَاءً كَانُوا) أَيْ: الْمُقِرِّينَ (جَمَاعَةً أَوْ وَاحِدًا) لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ، فَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ بِغَيْرِهِ (وَسَوَاءً كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ يَحْجُبُ الْمُقِرَّ، أَوْ لَا يَحْجُبُهُ كَأَخٍ يُقِرُّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ) أَوِ ابْنُ ابْنٍ يُقِرُّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ، وَيَسْقُطُ الْمُقِرُّ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَالَهُ شُرَيْحٌ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتُ النَّسَبِ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ مَانِعٌ مِنَ الْإِرْثِ، فَدَخَلَ فِي عُمُومِ النَّصِّ، وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ وَارِثًا حَالَةَ الْإِقْرَارِ، وَقِيلَ: لَا يَرِثُ مُسْقَطٌ، اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ سِوَى الْقَاضِي، وَأَنَّهُ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَهُ يُفْضِي إِلَى إِسْقَاطِ تَوْرِيثِهِ فَسَقَطَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ، لَخَرَجَ الْمُقِرُّ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا، فَيَبْطُلُ إِقْرَارُهُ، فَعَلَيْهِ نَصِيبُهُ بِيَدِ الْمُقِرِّ، وَقِيلَ: بِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ، وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ، فَصَدَّقَا الْمُقِرَّ، يَثْبُتُ إِرْثُهُمَا مِنَ الْمُقِرِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْتَبَرُ إِقْرَارُ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى الْمُعْتِقُ إِذَا كَانَا مِنَ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتًا، صَحَّ لِإِرْثِهَا بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ.
فَرْعٌ: إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِابْنٍ لِلْآخَرِ مِنْ غَيْرِهِ، فَصَدَّقَهُ نَائِبُ الْإِمَامِ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ مَنْصِبُ الْوَرَثَةِ، قَالَ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ لَهُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ، لَا وَارِثَ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ أَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ) لِوَارِثٍ مُشَارِكٍ لَهُمْ فِي الْمِيرَاثِ (لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) بِالْإِجْمَاعِ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَتَبَعَّضُ، فَلَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ، دُونَ الْمُنْكِرِ، وَلَا إِثْبَاتُهُ فِي حَقِّهِمَا؛ لِأَنَّ الْآخَرَ مُنْكِرٌ، فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ تُوجَدْ شَهَادَةٌ يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ، وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ مِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ، وَعَنْهُ: إِنْ أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى أَبِيهِمَا بِدَيْنٍ أَوْ نَسَبٍ، ثَبَتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ إِعْطَاءٌ لَهُ حُكْمُ شَهَادَةٍ وَإِقْرَارٍ، وَفِي اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ مِنْهُمَا رِوَايَتَانِ (إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ مِنْهُمْ) أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ (عَدْلَانِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ) أَوْ
يَدِهِ عَنْ مِيرَاثِهِ، فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأَخٍ، فَلَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ، فَلَهَا خُمْسُ مَا فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَضْلٌ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَدَهُ (أَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ بِهِ) ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنَ الْمُقِرِّينَ الْوَارِثِينَ، وَيُشَارِكُهُمْ فِي الْإِرْثِ؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، فَثَبَتَ النَّسَبُ بِهَا كَالْأَجَانِبِ، وَلِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى غَيْرِ مُوَرِّثِهِمَا لَقُبِلَ، فَكَذَا إِذَا شَهِدَا عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا، جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَخًا، وَمَاتَ الْمُقِرُّ عَنِ ابْنِ عَمٍّ وَرِثُوهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ وَيَرِثُهُ الْأَخُ، وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَلَدِ الْمُقِرِّ الْمُنْكِرِ لَهُ تَبَعًا، فَتَثْبُتُ الْعُمُومَةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " خِلَافٌ مَعَ كَوْنِهِ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ أَبِي الْمُقِرِّ أَوْ مَعْرُوفَ النِّسَبِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ، وَخَلَفُهُ وَالْمُنْكِرُ، فَإِرْثُهُ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ خَلَفُهُ فَقَطْ، وَرِثَهُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إِقْرَارَهُ كَوَصِيَّةٍ، فَيَأْخُذُ الْمَالَ فِي وَجْهٍ، وَثُلُثَهُ فِي آخَرَ، وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ (وَعَلَى الْمُقِرِّ) إِذَا لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ (أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ فَضْلَ مَا فِي يَدِهِ عَنْ مِيرَاثِهِ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ (فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأَخٍ، فَلَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ) ، نَقَلَهُ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ فِي يَدِهِ النِّصْفَ، وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا الثُّلُثَ، فَالسُّدُسُ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُقَرِّ بِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ النِّصْفِ (وَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ، فَلَهَا خُمْسُ مَا فِي يَدِهِ) لِأَنَّ فِي يَدِهِ النِّصْفَ، وَهُوَ يَسْتَحِقُّ خُمْسَيْنِ، فَنِصْفُ الْخُمْسِ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُقَرِّ بِهَا، وَهُوَ خُمْسُ مَا فِي يَدِهِ، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادٌ: يُقَاسِمُهُ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا وَأَنْتَ سَوَاءٌ فِي مِيرَاثِ أَبِينَا، وَمَا أَخَذَهُ الْمُنْكِرُ بِمَنْزِلَةِ التَّالِفِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ: إِنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِالْفَاضِلِ عَنْ مِيرَاثِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمُعَيَّنٍ، وَكَإِقْرَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ، وَالتَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، فَلَا يَسْتَحِقُّ مَا فِي يَدِهِ إِلَّا الثُّلُثَ، كَمَا لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِبَيِّنَةٍ.
فَرْعٌ: خَلَّفَ ابْنًا، فَأَقَرَّ بِأَخٍ، ثُمَّ جَحَدَهُ، لَمْ يُقْبَلْ جَحْدُهُ، وَلَزِمَهُ أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ بِهِ، فَوَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ جَحْدِهِ بِآخَرَ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْ إِلَى الْأَوَّلِ شَيْئًا، لَزِمَهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ دَفْعُ النِّصْفِ كُلِّهِ إِلَى الثَّانِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ لِلثَّانِي، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالثَّانِي مِنْ غَيْرِ جَحْدِ
وَإِذَا خَلَّفَ أَخًا مِنْ أَبٍ وَأَخًا مِنْ أُمٍّ، فَأَقَرَّا بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ، ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَأَخَذَ مَا فِي يَدِ الْأَخِ مِنَ الْأَبِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ مِنَ الْأَبِ وَحْدَهُ أَخَذَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ مِنَ الْأُمِّ وَحْدَهُ، أَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ سِوَاهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَطَرِيقُ الْعِلْمِ أَنْ تَضْرِبَ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ، وَتَدْفَعَ إِلَى الْمُقِرِّ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ، وَإِلَى الْمُنْكِرِ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ، وَمَا فَضَلَ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ. فَلَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخَوَيْنِ، فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَوَّلِ، فَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ، ثُمَّ جَحَدَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلثَّانِي شَيْءٌ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي: يُدْفَعُ إِلَيْهِ نِصْفُ مَا فِي يَدِهِ، وَعَلَى الثَّالِثِ: يَلْزَمُهُ دَفْعُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، وَلَا يَثْبُتُ نَسَبٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، دُونَ الثَّانِي (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ) لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى غَيْرِهِ.
1 -
(وَإِذَا خَلَّفَ أَخًا مِنْ أَبٍ، وَأَخًا مِنْ أُمٍّ، فَأَقَرَّا بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُ) لِإِقْرَارِ كُلِّ الْوَرَثَةِ بِهِ (وَأَخَذَ مَا فِي يَدِ الْأَخِ مِنَ الْأَبِ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُقَرِّ بِهِ، إِذْ هُوَ مَحْجُوبٌ بِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ مِنَ الْأَبِ وَحْدَهُ أَخَذَ مَا فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ يُسْقِطُهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ سَهْوٌ (وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) لِأَنَّ كُلَّ الْوَرَثَةِ لَمْ يُقِرُّوا بِهِ، وَإِقْرَارُهُمْ شَرْطٌ فِي ثُبُوتِهِ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ مِنَ الْأُمِّ وَحْدَهُ، أَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ سِوَاهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي يَدِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا أَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ مِنْ أُمٍّ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إِلَيْهِمَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ فِي يَدِهِ السُّدُسَ، وَبِإِقْرَارِهِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الْمِيرَاثِ إِلَّا التُّسْعَ، فَيَبْقَى فِي يَدِهِ نِصْفُ التُّسْعِ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ (وَطَرِيقُ الْعَمَلِ) فِي هَذَا الْبَابِ (أَنْ تَضْرِبَ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ) لِأَنَّ بِهِ يَظْهَرُ مَا لِلْمُقِرِّ وَمَا لِلْمُنْكِرِ، وَمَا يَفْضُلُ، وَتُرَاعَى الْمُوَافَقَةُ (وَتَدْفَعُ إِلَى الْمُقِرِّ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ، وَإِلَى الْمُنْكِرِ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ، وَمَا فَضُلَ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ) فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأَخٍ، فَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالْإِنْكَارُ مِنِ اثْنَيْنِ، فَاضْرِبْ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى لِتَبَايُنِهِمَا، تَكُنْ سِتَّةً: لِلْمُقِرِّ سَهْمٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ بِاثْنَيْنِ، وَلِلْمُنْكِرِ سَهْمٌ مِنَ الْإِنْكَارِ فِي الْإِقْرَارِ بِثَلَاثَةٍ، يَبْقَى سَهْمٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْفَاضِلُ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ فِي يَدِهِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ.
أَحَدِهِمَا، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، فَصَارُوا ثَلَاثَةً، ثُمَّ تَضْرِبُ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ، تَكُنِ اثْنَيْ عَشَرَ، لِلْمُنْكِرِ سَهْمٌ مِنَ الْإِنْكَارِ فِي الْإِقْرَارِ أَرْبَعَةً، وَلِلْمُقِرِّ سَهْمٌ مِنَ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةً، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إِنْ صَدَقَ الْمُقِرُّ مِثْلُ سَهْمِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ مِثْلُ سَهْمِ الْمُنْكِرِ، وَمَا فَضَلَ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهُوَ سَهْمَانِ فِي حَالِ التَّصْدِيقِ، وَسَهْمٌ فِي حَالِ الْإِنْكَارِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُنْكِرِ فِي حَالِ التَّصْدِيقِ إِلَّا رُبُعَ مَا فِي يَدِهِ، وَصَحَّحَهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ: لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ سَهْمٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَخَوَيْنِ سَهْمَانِ وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ بِكَلَامٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(فَلَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخَوَيْنِ، فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِي أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ) لِإِقْرَارِ كُلِّ الْوَرَثَةِ بِهِ (فَصَارُوا ثَلَاثَةً ثُمَّ تَضْرِبُ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ (فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ (تَكُنِ اثْنَيْ عَشَرَ) لِمَا ذَكَرْنَا (لِلْمُنْكِرِ سَهْمٌ مِنَ الْإِنْكَارِ فِي الْإِقْرَارِ أَرْبَعَةً، وَلِلْمُقِرِّ سَهْمٌ مِنَ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةً، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إِنْ صَدَّقَ الْمُقِرَّ مِثْلُ سَهْمِهِ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ (وَإِنْ أَنْكَرَهُ مِثْلُ سَهْمِ الْمُنْكِرِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (وَمَا فَضَلَ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهُوَ سَهْمَانِ فِي حَالِ التَّصْدِيقِ، وَسَهْمٌ فِي حَالِ الْإِنْكَارِ) لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَاضِلُ، وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُنْكِرِ فِي حَالِ التَّصْدِيقِ إِلَّا رُبُعَ مَا فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهُمْ أَرْبَعَةٌ، (وَصَحَّحَهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ) ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ مِنِ اثْنَيْنِ، وَالْمُقَرُّ بِهِ يَسْتَحِقُّ رُبُعَ مَا فِي يَدِ الْمُنْكِرِ، فَاضْرِبْ أَرْبَعَةً فِي اثْنَيْنِ بِثَمَانِيَةٍ (لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ أَرْبَعَةً، أَخَذَ مِنْهَا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ رُبُعَهَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ (وَلِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ سَهْمٌ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ رُبُعَ مَا فِي يَدِ الْمُقَرِّ بِهِمَا (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَخَوَيْنِ سَهْمَانِ) لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ أَرْبَعَةً خَرَجَ مِنْهَا سَهْمٌ لِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَسَهْمٌ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ، بَقِيَ اثْنَانِ لِلْآخَرِ، وَذَكَرَ ابْنُ اللَّبَّانِ أَنَّ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يُقِرُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا الثُّلُثَ، وَقَدْ حَضَرَ مَنْ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ، فَوَجَبَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ، وَنَظِيرُهُ لَوِ ادَّعَى إِنْسَانٌ دَارًا فِي يَدِ آخَرَ، فَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: إِنَّمَا هِيَ لِلْمُدَّعِي، فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ إِلَيْهِ، وَقَدْ رَدَّ الْخَبْرِيُّ عَلَى ابْنِ اللَّبَّانِ قَوْلَهُ، وَقَالَ: يَبْقَى مَعَ الْمُنْكِرِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ، وَهُوَ لَا يَدَّعِي إِلَّا الثُّلُثَ، وَقَدْ حَضَرَ مَنْ يَدَّعِي هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهَا، فَيَجِبُ دَفْعُهَا إِلَيْهِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنْ يَضُمَّ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ السُّدُسَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنَ الْمُقِرِّ
مُتَّصِلٍ، ثَبَتَ نَسَبُهُمَا سَوَاءً اتَّفَقَا أَوِ اخْتَلَفَا، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَثْبُتَ نَسَبُهُمَا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا، فَإِنْ أُقِرَّ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ، أُعْطِيَ الْأَوَّلُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَالثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِهِ، فَيَضُمَّهُ إِلَى النِّصْفِ الَّذِي هُوَ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُمَا فَيُقَسِّمَانِهِ أَثْلَاثًا، فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ، لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْآخَرَيْنِ سَهْمَانِ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَلَا يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُلْزِمُ الْمُقِرَّ أَكْثَرَ مِنَ الْفَضْلِ عَنْ مِيرَاثِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِمَا، وَالْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ لَا يَنْقُصُ مِيرَاثُهُ عَنِ الرُّبُعِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِلَّا التُّسْعَانِ، وَقِيلَ فِي حَالِ الْإِنْكَارِ: يَدْفَعُ الْمُقِرُّ بِهِمَا إِلَيْهِمَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَيَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُنْكِرِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، فَيَحْصُلُ لِلْمُنْكِرِ الثُّلُثُ، وَلِلْمُقِرِّ الرُّبُعُ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ السُّدُسُ وَالثُّمُنُ، وَلِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ الثُّمُنُ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، لِلْمُنْكِرِ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ، وَلِلْمُقِرِّ سِتَّةٌ، وَلِلْمُخْتَلِفِ ثَلَاثَةٌ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَهُوَ أَصَحُّ.
(وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ، ثَبَتَ نَسَبُهُمَا) مُطْلَقًا (سَوَاءٌ اتَّفَقَا) مَعَ إِقْرَارِ الِابْنِ بِهِمَا أَوِ اخْتَلَفَا، أَيْ: تَجَاحَدَا؛ لِأَنَّ نَسَبَهُمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ كُلٍّ مِنَ الْوَرَثَةِ قَبْلَهُمَا، فَلَمْ تُعْتَبَرْ مُوَافَقَةُ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ (وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَثْبُتَ نَسَبُهُمَا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا) لَأَنَّ الْإِقْرَارَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ كُلِّ الْوَرَثَةِ، وَيَدْفَعُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فَإِنْ صُدِّقَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ، وَجَحَدَهُ الْآخَرُ، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَفِي الْآخَرِ وَجْهَانِ: فَإِنْ كَانَا تَوْءَمَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا، وَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى إِنْكَارِ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ تَجَاحَدَا مَعًا أَوْ جَحَدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَمَتَى أَقَرَّ الْوَارِثُ بِأَحَدِهِمَا، ثَبَتَ نَسَبُ الْآخَرِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبِ صَغِيرَيْنِ مَعًا، ثَبَتَ نَسَبُهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي فِيهِ احْتِمَالَانِ.
(فَإِنْ أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ أُعْطِيَ الْأَوَّلُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِأُخُوَّتِهِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ إِرْثُهُ، فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ مَقْسُومَةً عَلَى اثْنَيْنِ (وَالثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ) وَهُوَ السُّدُسُ؛ لِأَنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْأَوْلَادَ ثَلَاثَةٌ، فَأَحَدُهُمْ يَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ فَقَطْ (وَثَبَتَ نَسَبُ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ كُلُّ الْوَرَثَةِ، (وَيَقِفُ نَسَبُ الثَّانِي عَلَى
يَدِهِ، وَثبت نسب الْأَوَّلِ، وَيَقِفُ نَسَبُ الثَّانِي عَلَى تَصْدِيقِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ، لَزِمَهُ مِنْ إِرْثِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ: مَاتَ أَبِي وَأَنْتَ أَخِي،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَصْدِيقِهِ) لِأَنَّهُ صَارَ مِنَ الْوَرَثَةِ، وَكَذَا إِنْ كَانَا تَوْءَمَيْنِ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ "، وَإِنْ كُذِّبَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ مُصَدِّقٌ بِهِ ثَبَتَ نَسَبُ الثَّلَاثَةِ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ نَسَبُ الْأَوَّلِ، وَيَأْخُذُ الثَّانِي ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهِ، وَثُلُثَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ، لَزِمَهُ مِنْ إِرْثِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) أَيْ يَلْزَمُهُ مَا يَفْضُلُ فِي يَدِهِ لَهَا عَنْ حَقِّهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِابْنٍ، وَفِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا كُلُّهُمْ، أَوْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ اثْنَانِ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، ثَبَتَ كُلُّ إِرْثِهَا، فَإِنْ مَاتَ الْمُنْكَرُ، فَأَقَرَّ بِهِ ابْنُهُ، فَهَلْ يَكْمُلُ إِرْثُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِأَخٍ وَأُخْتٍ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فِي الْأَخِ، وَالْآخَرُ فِي الْأُخْتِ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُمَا، وَيَدْفَعُ الْمُقِرُّ بِهِمَا إِلَيْهِمَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، وَيَدْفَعُ الْمُقِرُّ بِالْأَخِ إِلَيْهِ رُبُعَ مَا فِي يَدِهِ، وَيَدْفَعُ الْمُقِرَّ بِالْأُخْتِ إِلَيْهَا سُبُعَ مَا فِي يَدِهِ، فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ: سَهْمُ الْمُقِرِّ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ عَلَى تِسْعَةٍ: لَهُ سِتَّةٌ، وَلَهُمَا ثَلَاثَةٌ، وَسَهْمُ الْمُقِرِّ بِالْأَخِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ: لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِأُخْتِهِ سَهْمٌ، وَسَهْمُ الْمُقِرِّ بِالْأُخْتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَلَى سَبْعَةٍ: لَهُ سِتَّةٌ، وَلَهَا سَهْمٌ، وَكُلُّهَا مُتَبَايِنَةٌ، فَاضْرِبْ أَرْبَعَةً فِي سَبْعَةٍ فِي تِسْعَةٍ، ثُمَّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَكُنْ سَبْعَمِائَةٍ وَسِتَّةً وَخَمْسِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ، لِلْمُقِرِّ بِهِمَا سِتَّةٌ فِي أَرْبَعَةٍ فِي سَبْعَةٍ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَسِتِّينَ، وَلِلْمُقِرِّ بِالْأُخْتِ سِتَّةٌ فِي أَرْبَعَةٍ فِي تِسْعَةٍ بِمِائَتَيْنِ وَسِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْمُقِرِّ بِالْأَخِ ثَلَاثَةٌ فِي سَبْعَةٍ فِي تِسْعَةٍ بِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَثَمَانِينَ، وَلِلْأَخِ الْمُقَرِّ بِهِ سَهْمَانِ فِي أَرْبَعَةٍ فِي سَبْعَةٍ سِتَّةً وَخَمْسِينَ، وَسَهْمٌ فِي سَبْعَةٍ فِي تِسْعَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ، فَيَجْتَمِعُ لَهُ مِائَةٌ وَتِسْعَةَ عَشَرَ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ فِي أَرْبَعَةٍ فِي سَبْعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ، وَسَهْمٌ فِي أَرْبَعَةٍ فِي تِسْعَةٍ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، يَجْتَمِعُ لَهَا أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَصَادُقِهِمَا وَتَجَاحُدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا عَنْ مِيرَاثِهِ.
وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ: مَاتَ أَبِي وَأَنْتَ أَخِي، أَوْ مَاتَ أَبُونَا وَنَحْنُ ابْنَاهُ (فَقَالَ: هُوَ أَبِي،