الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُلَاعَنَةُ عَصَبَةً لَهُمْ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ مَاتَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ، وَخَلَّفَ ابْنَهُ، وَإِنْ نَزَلَ وَأُمُّهُ، فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلِابْنِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا.
[أَحْوَالُ الْجَدَّاتِ]
فَصْلٌ (وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ) وَقَدْ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا، وَحَكَى غَيْرُهُ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِهَا فَقَامَتْ مَقَامَهَا، عِنْدَ عَدَمِهَا كَالْجَدِّ، وَأُجِيبُ بِمَا رَوَى قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ قَالَ:«جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ، وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ، فَسَأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، فَشَهِدَ مِثْلَهُ فَأَنْفَذَهُ لَهَا، ثُمَّ جَاءَتِ الثَّانِيَةُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَأَلَتْهُ مِيرَاثَهَا، فَقَالَ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ، لَكِنْ هُوَ ذَاكَ السُّدُسُ، فَإِذَا اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا، وَأَيُّكُمَا خَلَتْ بِهِ، فَهُوَ لَهَا» ، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُنَّ لَا يَزِدْنَ عَلَى السُّدُسِ فَرْضًا، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ: ثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَعْطَى أُمَّ الْأُمِّ دُونَ الْأَبِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ - وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا - يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَعْطَيْتَ الَّتِي إِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا، وَمَنَعْتَ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَرِثَهَا، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا إِجْمَاعٌ، وَشَرْطُهُ إِذَا تَحَاذَيْنَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ كَانَ الْمِيرَاثُ لَهَا، وَلَا خِلَافَ فِي تَوْرِيثِ جَدَّتَيْنِ: أُمِّ الْأُمِّ، وَأُمِّ الْأَبِ، وَكَذَا إِنْ عَلَتَا، وَكَانَتَا فِي الْقُرْبِ سَوَاءً، كَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمِّ أُمِّ أَبٍ.
(فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ، فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ) سَوَاءً كَانَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَهُوَ لِلْقُرْبَى إِجْمَاعًا، وَكَذَا إِنْ كَانَا مِنْ جِهَتَيْنِ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، فَبِالِاتِّفَاقِ أَنَّ
فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ، وَعَنْهُ: أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَلَا يَرِثُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ: أُمُّ الْأُمِّ، وَأُمُّ الْأَبِ، وَأُمُّ الْجَدِّ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِهِنَّ، وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهُنَّ، فَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ، وَأُمُّ أَبِي الْجَدِّ، فَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمِيرَاثَ لَهَا دُونَ الْبُعْدَى، إِذِ الْأَقْرَبُ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ كَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَنَصَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ (وَعَنْهُ أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) بَلْ تُشَارِكُهَا، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَهِيَ الْمَنْصُوصَةُ حَتَّى إِنَّ الْقَاضِيَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ لَمْ يَحْكِ الْأُولَى إِلَّا عَنِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ الَّتِي تُدْلِي بِهِ الْجَدَّةُ لَا يَحْجُبُ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، فَالَّتِي تُدْلِي بِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَحْجُبَهَا، وَبِهَذَا فَارَقَتِ الْقُرْبَى مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، فَإِنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ، وَهِيَ تَحْجُبُ جَمِيعَ الْجَدَّاتِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَوْلَهُمُ: الْأَبُ لَا يُسْقِطُهَا، قُلْنَا: لِأَنَّهُنَّ لَا يَرِثْنَ مِيرَاثَهُ، وَإِنَّمَا يَرِثْنَ بِمِيرَاثِ الْأُمَّهَاتِ لِكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتٍ، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَتْهُنَّ الْأُمُّ، أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، الْمِيرَاثُ لِلْأُولَى بِلَا نِزَاعٍ. أُمُّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أُمٍّ، الْمِيرَاثُ لِلْأُولَى عَلَى الْأَوْلَى، وَعَلَى الثَّانِيَةِ، هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا.
(وَلَا يَرِثُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ) قَالَهُ أَحْمَدُ فِي غَيْرِ زِيَادَةٍ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدٍ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ: ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ» وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَشَارَ إِلَيْهِمُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ:(أُمُّ الْأُمِّ، وَأُمُّ الْأَبِ، وَأُمُّ الْجَدِّ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِهِنَّ، وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهُنَّ) يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانُوا يُوَرِّثُونَ مِنَ الْجَدَّاتِ ثَلَاثًا: ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَوَاحِدَةٌ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لَا يَرِثُ أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ، وَحَكَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّاتِ وَإِنْ كَثُرْنَ، إِذَا كُنَّ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، إِلَّا مَنْ أَدْلَتْ بِأَبٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ، قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ: وَبِهَذَا قَالَ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ يَرِثْنَ، وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً، وَقِيلَ: وَأُبُوَّةً.
وَالْجَدَّاتُ الْمُتَحَاذِيَاتُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أَبِي أَبٍ، وَتَرِثُ الْجَدَّةُ، وَابْنُهَا حَيٌّ، وَعَنْهُ: لَا تَرِثُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(فَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ، وَأُمُّ أَبِي الْجَدِّ، فَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا) وَكَذَا كُلُّ جَدَّةٍ تُدْلِي بِغَيْرِ وَارِثٍ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَمُجَاهِدٍ وَابْنِ سِيرِينَ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: تَرِثُ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِغَيْرِ وَارِثٍ، فَلَمْ تَرِثْ كَالْأَجَانِبِ، وَلِأَنَّهُمَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَالْمُرَادُ نَفْيُ مِيرَاثِ الْجَدَّةِ الْمُسْتَحِقَّةِ بِنَفْسِهَا، لَا بِسَبَبٍ آخَرَ (وَالْجَدَّاتُ الْمُتَحَاذِيَاتُ) أَيِ: الْمُتَسَاوِيَاتُ فِي الدَّرَجَةِ بِحَيْثُ لَا تَكُونُ وَاحِدَةٌ أَعْلَى مِنَ الْأُخْرَى، وَلَا أَنْزَلَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْجَدَّاتِ إِنَّمَا يَرِثْنَ كُلُّهُنَّ إِذَا كُنَّ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَتَى كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ كَانَ الْمِيرَاثُ لَهَا، ثُمَّ مَثَّلَ الْمُتَحَاذِيَاتِ (أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أَبِي أَبٍ) فَهُمْ مُتَسَاوُونَ فِي الدَّرَجَةِ، وَهُوَ مُتَصَوَّرٌ فِي الثَّلَاثِ، وَأَمَّا فِي الْأَرْبَعِ، فَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبٍ، وَأُمُّ أَبِي أَبِي أَبٍ، وَفِي الْخَامِسَةِ خَمْسًا، وَفِي السَّادِسَةِ سِتًّا، فَإِذَا أَرَدْتَ تَنْزِيلَ الْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وَغَيْرِهِنَّ، فَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى جَدَّتَيْنِ: أُمَّ أُمِّهِ، وَأُمَّ أَبِيهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ جَدَّتَيْنِ، فَهُمَا أَرْبَعٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ أَرْبَعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَيَكُونُ لِوَالِدِهِمَا ثَمَانٍ، وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا عَلَوْنَ تَضَاعَفَ عَدَدُهُنَّ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ كَثُرْنَ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَزِيدَ فَرْضُهُنَّ عَلَى السُّدُسِ (وَتَرِثُ الْجَدَّةُ وَابْنُهَا حَيٌّ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ:«أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا، وَابْنُهَا حَيٌّ» ، رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثَ الْأُمِّ لَا مِيرَاثَ الْأَبِ، فَلَا يُحْجَبْنَ بِهِ كَأُمَّهَاتِ الْأُمِّ (وَعَنْهُ: لَا تَرِثُ) بَلْ هِيَ مَحْجُوبَةٌ بِابْنِهَا، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِهِ، فَلَا تَرِثُ مَعَهُ كَالْجَدِّ مَعَ الْأَبِ، وَأُمِّ الْأُمِّ مَعَ الِابْنِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا كَانَتْ أُمَّ الْأَبِ أَوِ الْجَدِّ، أَمَّا لَوْ كَانَ ابْنُهَا عَمًّا لِلْمَيِّتِ أَوْ عَمَّ أَبٍ، فَلَا خِلَافَ فِي تَوْرِيثِهَا، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَتَبِعَهُ فِي " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهَا لَا تُدْلِي بِهِ.
وَإِذَا اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ مَعَ أُخْرَى، فَلَهَا ثُلُثَا السُّدُسِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ، وَلِلْأُخْرَى ثُلُثُهُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسَائِلُ: أُمُّ أَبٍ وَأَبٌ، لَهَا السُّدُسُ عَلَى الْأُولَى، وَالْبَاقِي لَهُ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ الْكُلُّ لَهُ. أُمُّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، فَعَلَى الْأُولَى السُّدُسُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ هُوَ لِأُمِّ الْأُمِّ، وَقِيلَ: نِصْفُهُ مُعَادَةً، وَالْبَاقِي لَهُ. أُمُّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأَبٌ. السُّدُسُ لِأُمِّ الْأَبِ، وَمَنْ حَجَبَ الْجَدَّةَ بِابْنِهَا، أَسْقَطَ أُمَّ الْأَبِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ، فَقِيلَ: السُّدُسُ كُلُّهُ لِأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الَّتِي كَانَتْ تَحْجُبُهَا أَوْ تُزَاحِمُهَا قَدْ سَقَطَ حُكْمُهَا، فَصَارَتْ كَالْمُعْدَمَةِ، وَقِيلَ: بَلْ لَهَا نِصْفُ السُّدُسِ، وَقِيلَ: لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا انْحَجَبَتْ بِأُمِّ الْأَبِ، ثُمَّ انْحَجَبَتْ أُمُّ الْأَبِ بِالْأَبِ، فَصَارَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْأَبِ.
(وَإِذَا اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ ابْنُ ابْنِ الْمَرْأَةِ بِنْتَ بِنْتِهَا، فَيُولَدُ لَهُمَا وَلَدٌ، فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ أُمَّ أَبٍ وَأُمَّ أَبِي أَبِيهِ (مَعَ أُخْرَى، فَلَهَا) أَيْ: فِلِذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ (ثُلُثَا السُّدُسِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ) أَيْ: قَوْلِ أَحْمَدَ (وَلِلْأُخْرَى ثُلُثُهُ) كَذَلِكَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَنِيُّ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا أَخَذَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَجُوسِ، أَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِجَمِيعِ قَرَابَتِهِمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا أَرَادَا بِذَلِكَ قِيَاسَهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي ابْنِ الْعَمِّ إِذَا كَانَ زَوْجًا أَوْ أَخًا لِأُمٍّ؛ لِأَنَّهَا شَخْصٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ تَرِثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً، فَوَجَبَ أَنْ يَرِثَ بِهِمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَتَيْنِ إِذَا كَانَتَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، لَمْ تَرِثْ بِهِمَا جَمِيعًا، كَالْأَخِ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ، فَإِنَّ الْأَخَ مِنَ الْأَبَوَيْنِ تَرَجَّحَ بِقَرَابَتِهِ عَلَى الْأَخِ مِنَ الْأَبِ، وَعَنْهُ: بِأَقْوَاهُمَا، فَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمَّتِهِ فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدِهِمَا، وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ. بِنْتُ خَالَتِهِ فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، فَإِنْ أَدْلَتِ الْجَدَّةُ بِثَلَاثِ جِهَاتٍ، تَرِثُ بِهَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تُجْمَعَ مَعَهَا جَدَّةٌ أُخْرَى وَارِثَةٌ عِنْدَ مَنْ لَا يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ.