الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَإِنْ نَقَصَ لَزِمَهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ بِقِيمَتِهِ رَقِيقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَعَنْهُ: إِنَّ الرَّقِيقَ يُضْمَنُ بِمَا يُضْمَنُ بِهِ فِي الْإِتْلَافِ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ غَصَبَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ إِذَا قَصَّرَ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ، سَاوَى ذَلِكَ حُكْمًا.
فَرْعٌ: إِذَا صَارَ الرُّطَبُ تَمْرًا، أَوِ السِّمْسِمُ شَيْرَجًا، أَوِ الْعِنَبُ عَصِيرًا أَخَذَ رَبُّهُ مِثْلَ أَيِّهِمَا شَاءَ.
[ضَمَانُ الْمَغْصُوبِ]
[نَقْصُ الْمَغْصُوبِ لَزِمَهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ]
فَصْلٌ (وَإِنْ نَقَصَ لَزِمَهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ) وَلَوْ بِنَبَاتِ لِحْيَةِ أَمْرَدَ، وَقَطْعِ ذَنَبِ حِمَارِ الْقَاضِي (بِقِيمَتِهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَالٍ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ، فَكَانَ الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ كَالْبَهِيمَةِ، إِذِ الْقَصْدُ بِالضَّمَانِ جَبْرُ حَقِّ الْمَالِكِ بِإِيجَابِ قَدْرِ مَا فُوِّتَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ الْجَمِيعُ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ، فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ قَدْرُهُ مِنَ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ الْحَيَوَانِ (رَقِيقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّلَفِ (وَعَنْهُ: إِنَّ الرَّقِيقَ يُضْمَنُ بِمَا يُضْمَنُ بِهِ فِي الْإِتْلَافِ) فَيَجِبُ فِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَفِي مُوَضِّحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ لِأَبْعَاضِهِ، فَكَانَ مُقَدَّرًا مِنْ قِيمَتِهِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَالْمَذْهَبُ يُضَمِّنُهُ مُطْلَقًا بِقِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَبْلُغُ بِهَا دِيَةَ حُرٍّ (وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ) لِأَنَّ سَبَبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ وُجِدَ، فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَهُ بِأَكْثَرِهِمَا، كَمَا لَوْ غَصَبَهُ وَجَنَى عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَ النَّقْصُ فِي الرَّقِيقِ مِمَّا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ كَنَقْصِهِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مَعَ الرَّدِّ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، فَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِغَيْرِ انْتِفَاعٍ وَاسْتِعْمَالٍ أَوْ عَابٍ، وَجَبَ أَرْشُهُ، وَفِي أُجْرَتِهِ وَجْهَانِ، فَإِنْ نَقَصَ بِاسْتِعْمَالِهِ فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْأَكْثَرُ مِنْ أُجْرَتِهِ، وَأَرْشُ نَقْصِهِ، وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ وَأَبْلَاهُ، فَنَقَصَ نِصْفُ قِيمَتِهِ، ثُمَّ غَلَتِ الثِّيَابُ فَعَادَتْ قِيمَتُهُ رَدَّهُ وَأَرْشَ نَقْصِهِ.
(وَإِنْ غَصَبَهُ وَجَنَى عَلَيْهِ ضَمِنَهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ) هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ
وَجَنَى عَلَيْهِ ضَمِنَهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ غَيْرُ الْغَاصِبِ فَلَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَلَهُ تَضْمِينُ الْجَانِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَتَضْمِينُ الْغَاصِبِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّقْصِ، وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَخَصَاهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَرَدُّ قِيمَتِهِ، وَعَنْهُ فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ: رُبْعُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
غَيْرُ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وُجِدَ، فَوَجَبَ أَكْثَرُهُمَا، وَدَخَلَ الْآخَرُ فِيهِ، وَإِنْ قُلْنَا: ضَمَانُ الْغَصْبِ ضَمَانُ الْجِنَايَةِ، كَانَ الْوَاجِبُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ (وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ غَيْرُ الْغَاصِبِ) بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا (فَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَطَعَ يَدَهُ، وَالْغَاصِبَ حَصَلَ النَّقْصُ فِي يَدِهِ (تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ) إِذَا قُلْنَا: إِنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ مَا نَقَصَ (وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ) وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا أَرْشُ جِنَايَةٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْهَا، (وَلَهُ تَضْمِينُ الْجَانِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ) وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ لَا غَيْرَ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَمِّنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ (وَتَضْمِينُ الْغَاصِبِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّقْصِ) أَيْ: إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ قُلْنَا: ضَمَانُ الْغَصْبِ ضَمَانُ الْجِنَايَةِ، أَوْ لَمْ تَنْقُصْ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنِ الْغَاصِبُ هَاهُنَا شَيْئًا، وَإِنِ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ، وَقُلْنَا: إِنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ كَضَمَانِ الْجِنَايَةِ ضَمَّنَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَرَجَعَ بِهَا الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ.
(وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَخَصَاهُ) أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ، أَوْ مَا تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ مِنَ الْحُرِّ (لَزِمَهُ رَدُّهُ وَرَدُّ قِيمَتِهِ) نُصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُتْلَفَ الْبَعْضُ فَلَا يَقِفُ ضَمَانُهُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ كَقَطْعِ خُصْيَتَيْ ذَكَرِ الْمُدَبَّرِ، وَلِأَنَّ الْخُصْيَتَيْنِ تَجِبُ فِيهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ، كَمَا تَجِبُ فِيهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ مِنَ الْحُرِّ (وَعَنْهُ فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ رُبْعُ قِيمَتِهَا) نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ قِيمَتِهَا» ، وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى شُرَيْحٍ لَمَّا كَتَبَ يَسْأَلُهُ عَنْ عَيْنِ الدَّابَّةِ: إِنَّا كُنَّا نُنْزِلُهَا مَنْزِلَةَ الْآدَمِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ أَجْمَعَ رَأَيُنَا أَنَّ قِيمَتَهَا رُبُعُ الثَّمَنِ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ فَقُدِّمَ عَلَى الْقِيَاسِ،
قِيمَتِهَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَإِنْ نَقَصَتِ الْعَيْنُ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ لَمْ يُضْمَنْ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ عَادَتْ بِبُرْئِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ زَادَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى مِثْلَ أَنْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً، فَعَادَتِ الْقِيمَةُ ضَمِنَ النَّقْصَ، وَإِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ لِسِمَنٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ نَقَصَتْ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ عَادَ مِثْلَ الزِّيَادَةِ الْأُولَى مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَخُصَّ فِي " الرَّوْضَةِ " هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِعَيْنِ الْفَرَسِ، وَإِنَّ عَيْنَ غَيْرِهَا بِمَا نَقَصَ، لَكِنْ قَالَ: أَحْمَدُ قَالَهُ فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ كَقَوْلِ عُمَرَ (وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) أَيْ أَنَّهُ يُضْمَنُ نَقْصُهُ بِالْقِيمَةِ رَقِيقًا كَانَ أَوْ غَيْرُهُ، وَحَدِيثُ زَيْدٍ لَا نَعْرِفُ صِحَّتَهُ بِدَلِيلِ احْتِجَاجِ أَحْمَدَ بِقَوْلِ عُمَرَ دُونَهُ مَعَ أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَدْرَ نَقْصِهَا، كَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ بِخَمْسِينَ دِينَارًا، وَلَوْ كَانَ تَقْدِيرُ الْوَاجِبِ فِي الْعَيْنِ نِصْفَ الدِّيَةِ كَعَيْنِ الْآدَمِيِّ.
(وَإِنْ نَقَصَتِ الْعَيْنُ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ لَمْ يُضْمَنْ، نَصَّ عَلَيْهِ) وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ بِحَالِهَا، لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا عَيْنٌ وَلَا صِفَةٌ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَسَمِينٍ هُزِلَ، فَزَادَتْ، وَعَنْهُ: بَلَى، ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ كَعَبْدٍ خَصَاهُ، فَزَادَتْ قِيمَتُهُ، وَقِيلَ: مَعَ تَلَفِهِ (وَإِنْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ عَادَتْ بِبُرْئِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) إِلَّا رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ مَا لَهُ قِيمَةٌ، وَالْعَيْبُ الَّذِي أَوْجَبَ الضَّمَانَ زَالَ فِي يَدِهِ، وَكَمَا لَوِ انْقَلَعَ سِنُّهُ ثُمَّ عَادَ، وَنَصُّهُ يَضْمَنُ النَّقْصَ كَزِيَادَةٍ فِي يَدِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ رُدَّ الْمَغْصُوبُ مَعِيبًا، وَزَالَ عَيْبُهُ فِي يَدِ مَالِكِهِ، وَكَانَ أَخَذَ الْأَرْشَ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ لِذَلِكَ.
(وَإِنْ زَادَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى مِثْلَ أَنْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً، فَعَادَتِ الْقِيمَةُ ضُمِنَ النَّقْصُ) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأُولَى، فَلَمْ يَنْجَبِرْ بِهَا (وَإِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ لِسِمَنٍ أَوْ نَحْوِهِ) مِنْ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ كَغَصْبِهِ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ، فَزَادَتْ قِيمَتُهُ بِمَا ذُكِرَ حَتَّى صَارَتْ مِائَتَيْنِ (ثُمَّ نَقَصَتِ) الْقِيمَةُ بِنُقْصَانِ بَدَنِهِ، أَوْ نِسْيَانِ مَا تَعَلَّمَهُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً (ضِمْنَ الزِّيَادَةِ) مَعَ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي نَفْسِ الْمَغْصُوبِ، فَلَزِمَ الْغَاصِبَ ضَمَانُهَا، كَمَا لَوْ طَالَبَهُ بِرَدِّهَا فَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَمَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ الْغَصْبِ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُهَا، ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى؛ لِأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ كَمَا أَخَذَهَا (وَإِنْ عَادَ مِثْلَ الزِّيَادَةِ الْأُولَى مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ذُكِرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ مَا ذَهَبَ عَادَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ مَرِضَ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ بَرَأَ فَعَادَتْ، وَالثَّانِي يَضْمَنُهَا، صَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، كَمَا لَوْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ،
جِنْسِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأُولَى لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهَا. وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا مُفْرِطًا فِي السِّمَنِ، فَهَزُلَ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ، رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ نَقْصًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ، كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وَعَفِنَتْ، خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ مِثْلِهَا وَبَيْنَ تَرْكِهَا، حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهَا، وَيَأْخُذَهَا وَأَرْشَ نَقْصِهَا.
وَإِنْ جَنَى الْمَغْصُوبُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى، فَعَلَى هَذَا لَوْ هُزِلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً بِأَنْ كَانَ قِيمَتُهَا مِائَةً يَوْمَ الْغَصْبِ، فَسَمِنَتْ فَبَلَغَتْ أَلْفًا ثُمَّ هُزِلَتْ فَعَادَتْ إِلَى مِائَةٍ، ثُمَّ سَمِنَتْ فَعَادَتْ إِلَى أَلْفٍ، ثُمَّ هُزِلَتْ فَعَادَتْ إِلَى مِائَةٍ ضَمِنَ النَّقْصَيْنِ بِأَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ أَكْثَرَ السِّمَنَيْنِ قِيمَةً، جُزِمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "(وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأُولَى لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهَا) جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: مَتَى زَادَتْ ثُمَّ نَقَصَتْ ثُمَّ زَادَ مِثْلَ الزِّيَادَةِ الْأُولَى فَوَجْهَانِ، سَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَالسِّمَنِ وَالتَّعَلُّمِ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ كَسِمَنٍ مَرَّتَيْنِ (وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا مُفْرِطًا فِي السِّمَنِ فَهُزِلَ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ) أَوْ لَمْ تَنْقُصِ الْقِيمَةُ (رَدَّهُ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِ غَيْرِهِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ تَنْقُصْ فَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ.
فَرْعٌ: إِذَا غَصَبَ دَارًا فَنَقَضَهَا وَلَمْ يَبْنِهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا إِلَى حِينِ نَقْضِهَا، وَأَجْرُهَا مَهْدُومَةً مِنْ حِينِ نَقْضِهَا إِلَى حِينِ رَدِّهَا، وَإِنْ بَنَاهَا بِآلَةٍ مِنْ عِنْدِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِآلَتِهَا أَوْ آلَةٍ مِنْ تُرَابِهَا، أَوْ مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا عَرْصَةً مُنْذُ نَقَضَهَا إِلَى أَنْ بَنَاهَا، وَأُجْرَتُهَا دَارًا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ (وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ نَقْصًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وَعَفِنَتْ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ مِثْلِهَا) أَيْ أَخْذِ بَدَلِهَا (وَبَيْنَ تَرْكِهَا حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهَا وَيَأْخُذَهَا وَأَرْشَ نَقْصِهَا) كَذَا قَالَهُ فِي " الْهِدَايَةِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَفِي " الْمُغْنِي " أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمِثْلُ لِوُجُودِ عَيْنِ مَالِهِ، وَلَا يَجِبُ أَرْشُ الْعَيْبِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَا ضَبْطُهُ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ بَقِيَتِ الْخِيَرَةُ إِلَيْهِ بَيْنَ أَخْذِ الْبَدَلِ لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنَ الضَّرَرِ، وَبَيْنَ الصَّبْرِ حَتَّى يَسْتَقِرَّ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِالتَّأْخِيرِ سَقَطَ فَيَأْخُذُ الْعَيْنَ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَيَأْخُذُ أَرْشَ النَّقْصِ مِنَ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِجِنَايَتِهِ، أَشْبَهَ تَلَفَ الْحُرِّ الْمَغْصُوبِ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْأَرْشُ مُطْلَقًا، وَقَالَ الْقَاضِي: عَلَيْهِ بَدَلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ قَدْرُ نَقْصِهِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي " الْفُرُوعِ " شَيْئا.
1 -