الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُعَصِّبُهُنَّ إِلَّا أَخُوهُنَّ، وَالْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ يَرِثْنَ مَا فَضَلَ كَالْإِخْوَةِ، وَلَيْسَتْ لَهُنَّ مَعَهُنَّ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ.
فَصْلٌ وَلِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، فَلَهُمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْضِ الْأَخَوَاتِ شَيْءٌ (إِلَّا أَنَّهُنَّ لَا يُعَصِّبُهُنَّ إِلَّا أَخُوهُنَّ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، خِلَافًا لِابْنِ مَسْعُودٍ وَأَتْبَاعِهِ، فَقَالَ: إِذَا اسْتَكْمَلَ الْأَخَوَاتُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، فَالْبَاقِي لِلذُّكُورِ مِنْ وَلَدِ الْأَبِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَجَعَلَ لَهُنَّ الْأَضَرَّ بِهِنَّ مِنَ الْمُقَاسَمَةِ أَوِ السُّدُسَ، وَالْبَاقِي لِلذُّكُورِ كَمَا فَعَلَ فِي وَلَدِ الِابْنِ مَعَ الْبَنَاتِ، وَهُنَا لَا يُعَصِّبُهَا إِلَّا أَخُوهَا، فَلَوِ اسْتَكْمَلَ الْأَخَوَاتُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، وَثَمَّ أَخَوَاتٌ لِأَبٍ وَابْنُ أَخٍ لَهُنَّ، لَمْ يَكُنْ لِلْأَخَوَاتِ شَيْءٌ، وَكَانَ الْبَاقِي لِابْنِ أَخٍ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّ ابْنَ الِابْنِ ابْنٌ، وَإِنْ نَزَلَ، وَابْنُ الْأَخِ لَيْسَ بِأَخٍ، (وَالْأَخَوَاتُ) مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَوِ الْأَبِ (مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ يَرِثْنَ مَا فَضَلَ كَالْإِخْوَةِ) فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا شَيْءَ لِلْأَخَوَاتِ، وَقَالَ فِي بِنْتٍ وَأُخْتٍ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَضَى بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ؟ يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فَجَعَلَ لَهَا النِّصْفَ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُخْتَ لَا يُفْرَضُ لَهَا النِّصْفُ مَعَ الْوَلَدِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ بِالتَّعْصِيبِ، كَالْأَخِ (وَلَيْسَتْ لَهُنَّ مَعَهُنَّ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ) وَقَدْ وَافَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى ثُبُوتِ مِيرَاثِ الْأَخِ مَعَ الْوَلَدِ، مَعَ قَوْله تَعَالَى:{وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ الْأَخُ لِاشْتِرَاطِهِ فِي تَوْرِيثِهَا مِنْهَا عَدَمَ الْوَلَدِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَالْمُبَيِّنُ لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ جَعَلَ لِلْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ، وَبِنْتِ الِابْنِ الْبَاقِي عَنْ فَرْضِهِمَا، وَهُوَ الثُّلُثُ.
[أَحْوَالُ وَلَدِ الْأُمِّ]
فَصْلٌ (وَلِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12] وَالْمُرَادُ بِهِ وَلَدُ الْأُمِّ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعْدٍ:(وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ) ؛ (فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَلَهُمُ الثُّلُثُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12](بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ) إِذِ الشَّرِكَةُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ كَمَا لَوْ وَصَّى أَوْ أَقَرَّ لَهُمْ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَّا رِوَايَةً شَذَّتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَضَّلَ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً} [النساء: 176] الْآيَةَ.
وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ، أَوِ الْأَبُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ": وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلٍ شَاذٍّ.
تَنْبِيهٌ: الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ مَا عَدَا الْوَالِدِينَ وَالْمَوْلُودِينَ، نُصَّ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنِ الصِّدِّيقِ، وَقَالَهُ زَيْدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالْبَصْرَةِ، وَالْكُوفَةِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ:
وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمَجْدِ لَا عَنْ كَلَالَةٍ
…
عَنِ ابْنَيْ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ
وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْإِكْلِيلِ الَّذِي يُحِيطُ بِالرَّأْسِ، وَلَا يَعْلُو عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ الْوَرَثَةَ مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ، قَدْ أَحَاطُوا بِالْمَيِّتِ مِنْ حَوْلِهِ، لَا مِنْ طَرَفِهِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ، كَإِحَاطَةِ الْإِكْلِيلِ بِالرَّأْسِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ، فَهُمَا طَرَفَا الرَّجُلِ، فَإِذَا ذَهَبَا كَانَ بَقِيَّةُ النَّسَبِ كَلَالَةً، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْكَلَالَةُ الْمَيِّتُ نَفْسُهُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ، وَقِيلَ: الْكَلَالَةُ قَرَابَةُ الْأُمِّ، وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْمَيِّتُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ كَلَالَةٌ، وَيُسَمَّى وَارِثُهُ كَلَالَةً، وَلَا خِلَافَ أَنَّ اسْمَ الْكَلَالَةِ يَقَعُ عَلَى الْإِخْوَةِ مِنَ الْجِهَاتِ كُلِّهَا.