الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَنَاحًا أَوْ مِيزَابًا إِلَى الطَرِيقِ فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ.
وَ
مَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِلَى دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَالْحَقُّ لِأَهْلِ الدَّرْبِ، وَالْمُطَالَبَةُ لَهُمْ، فَإِنْ تَشَقَّقَ الْحَائِطُ وَلَمْ يَمِلْ، فَإِنْ كَانَ طُولًا فَهُوَ كَالصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ عَرْضًا فَهُوَ كَالْمَائِلِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا بَنَى حَائِطًا فِي مِلْكِهِ مُسْتَوِيًا أَوْ مَائِلًا إِلَى مِلْكِهِ فَسَقَطَ فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَهَدَرٌ، وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ أَوِ الطَّرِيقِ وَخِيفَ ضَرَرُهُ نَقَضَهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ فَسَقَطَ فَأَتْلَفَ نَفْسًا أَوْ مَالًا، ضَمِنَ الْمَالَ وَالْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ. وَقِيلَ: هُوَ كَمَا لَوْ مَالَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ حَائِطِهِ السَّاقِطِ فِي فِنَائِهِ أَوْ طَرِيقٍ، فَهَلَكَ بِهِ أَحَدٌ فَهَلْ يَضْمَنُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
أَصْلٌ: إِذَا تَقَدَّمَ إِلَى مَالِكِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ فَبَاعَهُ، ثُمَّ سَقَطَ فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكِهِ، وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَالَبْ بِنَقْضِهِ، وَإِذَا قِيلَ بِالضَّمَانِ وَالْمُتْلِفُ آدَمِيٌّ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ أَنَّ الْحَائِطَ لِصَاحِبِهِمْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ وَالْحَقُّ لَهُ فَلَا ضَمَانَ.
[مَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ]
(وَمَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا) إِذَا لَمْ تَكُنْ يَدُ أَحَدٍ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» أَيْ: هَدَرٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلَفُ صَيْدَ حَرَمٍ أَوْ غَيْرَهُ، أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا، وَمُرَادُهُمْ إِلَّا الضَّارِيَةَ وَالْجَوَارِحَ وَشَبَهَهَا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِإِمْسَاكِهَا: ضَمِنَهُ إِذَا لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا. وَفِي " الْفُصُولِ " مَنْ أَطْلَقَ كَلْبًا عَقُورًا، أَوْ دَابَّةً رَفُوسًا، أَوْ عَضُوضًا عَلَى النَّاسِ، وَخَلَّاهُ فِي طُرُقِهِمْ وَرِحَابِهِمْ، فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ لِتَفْرِيطِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً عَادَةً، ضَمِنُوا فِي الْأَشْهَرِ، وَإِنْ أَطَارَتِ الرِّيحُ إِلَى دَارِهِ ثَوْبًا لَزِمَهُ حِفْظُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ
فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ مَالَ حَائِطُهُ وَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَوْمَأَ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ إِنْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِنَقْضِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ إِنْسَانٍ كَالرَّاكِبِ، وَالسَّائِقِ، وَالْقَائِدِ، فَيَضْمَنُ مَا جَنَتْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
صَاحِبَهُ، فَلُقَطَةٌ، وَإِنْ عَرِفَهُ لَزِمَهُ إِعْلَامُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ، وَإِنْ دَخَلَهَا طَائِرُ غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ حِفْظُهُ، وَلَا إِعْلَامُهُ بِهِ. وَقِيلَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَيَكُونَ كَالثَّوْبِ، وَإِنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ لِيُمْسِكَهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ مَالَ حَائِطُهُ) إِلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَعَلِمَ بِهِ، وَأَسْقَطَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "(وَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْمَيْلَ حَادِثٌ، وَالسُّقُوطُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَ قَبْلَ مَيْلِهِ، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ نَقْضُهُ أَوْ طُولِبَ بِهِ أَوْ لَا (وَأَوْمَأَ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ إِنْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِنَقْضِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَ الْإِتْلَافَ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْهُ، فَفِي رِوَايَةٍ: إِنْ طَالَبَهُ مُسْتَحِقٌّ بِنَقْضِهِ وَأَمْكَنَهُ ضَمِنَ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ إِذَا كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ ضَمِنَ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقَ كَبِنَائِهِ مَائِلًا، وَأَمَّا إِنْ طُولِبَ بِالنَّقْضِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي الْجَوَابِ فِيهَا، وَحُكِيَ فِي " الشَّرْحِ " الضَّمَانَ عَنِ الْأَصْحَابِ، فَعَلَى هَذَا الْمُطَالَبَةُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِشَرْطِهِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ بِخِلَافٍ مُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَالِكُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَنَحْوِهِ فَطُولِبَ لَمْ يَلْزَمْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، وَإِنْ طُولِبَ وَلِيُّهُ أَوِ الْوَصِيُّ فَلَمْ يَفْعَلْ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ طُولِبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَفِي حِصَّتِهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ بِدُونِ إِذْنٍ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنَ النَّقْضِ بِمُطَالَبَةِ شَرِيكِهِ وَإِلْزَامِهِ فَصَارَ مُفَرِّطًا لِأَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ مِنَ الْمَالِكِ، وَلَا ذِمَّةَ لَهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهَا، وَلَا قَصْدَ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالطِّفْلِ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ إِنْسَانٍ كَالرَّاكِبِ، وَالسَّائِقِ، وَالْقَائِدِ، فَيَضْمَنُ مَا جَنَتْ يَدُهَا، وَفَمُهَا دُونَ مَا جَنَتْ رِجْلُهَا) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ مَرْفُوعًا «الرِّجْلُ جُبَارٌ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ «رِجْلُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» ، فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ فِي جِنَايَةِ غَيْرِهَا، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا
يَدُهَا وَفَمُهَا دُونَ مَا جَنَتْ رِجْلُهَا، وَيَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ مِنَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ لَيْلًا، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْ ذَلِكَ نَهَارًا
وَمَنْ صَالَ عَلَيْهِ آدَمِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنَ الْجِنَايَةِ بِهَا بِخِلَافِ الرِّجْلِ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ مَا جَنَتْ بِرِجْلِهَا كَكَبْحِهَا وَنَحْوِهِ، وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ وَكَوَطْئِهِ بِهَا، وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ هَانِئٍ فِيهِ لَا، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ بِرِجْلِهَا، أَوْ نَفَحَتْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى حَبْسِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ سَائِقٌ جِنَايَةَ رِجْلِهَا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ كَانَ السَّبَبُ مِنْ غَيْرِهِمْ ضَمِنَ فَاعِلٌ كَنَخْسِهَا، وَتَنْفِيرِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِي الرَّكْبِ أَنْ يَكُونَ مُتَصَرِّفًا فِيهَا، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا اثْنَانِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كَفِّهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا، أَوْ مَرِيضًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُتَوَلِّيًا تَدْبِيرَهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِنِ اشْتَرَكَا فِي التَّصَرُّفِ، أَوْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا رَاكِبٌ، شَارَكَ، وَقِيلَ: رَاكِبٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى. وَقِيلَ: قَائِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلرَّاكِبِ مَعَهُ، وَلَا ضَمَانَ بِذَنْبِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَيَضْمَنُ جِنَايَةَ وَلَدِهَا.
فَرْعٌ: الْإِبِلُ وَالْبِغَالُ الْمُقْطَرَةُ كَالْوَاحْدَةِ، عَلَى قَائِدِهَا الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ شَارَكَهُ فِي ضَمَانِ الْأَخِيرِ فَقَطْ إِنْ كَانَ فِي آخِرِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهَا شَارَكَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ شَارَكَ فِي ضَمَانِ مَا بَاشَرَ سَوْقَهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَشَارَكَ فِيمَا بَعْدُ، وَإِنِ انْفَرَدَ رَاكِبٌ بِالْقِطَارِ وَكَانَ عَلَى أَوَّلِهِ ضَمِنَ جِنَايَةَ الْجَمِيعِ، قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
(وَيَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ مِنَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ لَيْلًا، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْ ذَلِكَ نَهَارًا) فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ لِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ،