الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يُجْزِئَهُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَلَا يُدْفَعُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِنَ الْقَدْرِ الَّذِي يُدْفَعُ إِلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ، وَالْوَصِيَّةُ كَالْوَقْفِ فِي هَذَا الْفَصْلِ.
فَصْلٌ وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ
، وَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِإِقَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلَّا أَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِنْ كَانَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِمْ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَلَا اسْتِيعَابُهُمْ كَالْمَسَاكِينِ.
(وَلَا يُدْفَعُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِنَ الْقَدْرِ الَّذِي يُدْفَعُ إِلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ) ، أَيْ إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْأَصْنَافِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الصَّدَقَاتِ أَوْ بَعْضَهُمْ صُرِفَ إِلَيْهِمْ وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنَ الْوَقْفِ مِثْلَ الْقَدْرِ الَّذِي يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ، فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْفُقَرَاءَ لَمْ يُدْفَعْ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْغِنَى، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ زِيَادَةَ الْمِسْكِينِ عَلَى الْخَمْسِينَ، وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقِيلَ: لِكُلِّ صِنْفٍ ثَمَنٌ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ أُعْطِيَ الْآخَرُ، وَفِيهِ وَجْهٌ (وَالْوَصِيَّةُ كَالْوَقْفِ فِي هَذَا الْفَصْلِ) ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى لَفْظِ الْمُوصِي أَشْبَهَتِ الْوَقْفَ، فَإِنْ وَصَّى أَنْ يُفَرَّقَ فِي فُقَرَاءِ مَكَّةَ فَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ هَلْ يُفَرَّقُ عَلَى قَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ؟ فَقَالَ: يُنْظَرُ إِلَى أَحْوَجِهِمْ. قَالَ الْقَاضِي: فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ.
تَذْنِيبٌ: إِذَا وَقَفَ مَدْرَسَةً أَوْ رِبَاطًا أَوْ خَانِقَاهَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ عَلَى طَائِفَةٍ، اخْتُصَّتْ بِهِمْ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً فَوَجْهَانِ، وَالْأَشْبَهُ اخْتِصَاصُ مَنْ عَيَّنَهُمْ، وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ بِالصَّلَاةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ عَيَّنَ إِمَامًا أَوْ نَاظِرًا تَعَيَّنَ، وَقِيلَ: إِنْ وَقَفَ مَسْجِدًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَشَرَطَهُ لَهُمْ اخْتُصُّوا بِهِ إِمَامَةً وَنَظَرًا، وَعَنْهُ: عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَكَذَا إِنْ وَقَفَهُ عَلَى أَهْلِ مَذْهَبٍ فِي الْأَشْبَهِ.
[فَصْلٌ: وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ]
ٌ) أَيْ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ، فَلَزِمَ
تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ، فَيُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ الْحَبِيسُ إِذَا لَمْ يَصْلُحْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِمُجَرَّدِهِ كَالْعِتْقِ، وَقَالَ فِي " التَّلْخِيصِ " وَغَيْرِهِ: وَحُكْمُهُ اللُّزُومُ فِي الْحَالِ، أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ، حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ أَوْ لَا؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ يَلْزَمُ بِالْوَصِيَّةِ، فَإِذَا نَجَزَهُ فِي الْحَيَاةِ لَزِمَ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ كَالْعِتْقِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِهِ، وَلِلْوَاقِفِ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ يَحْكُمَ بِلُزُومِهِ حَاكِمٌ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ الْمَحَامِلِيُّ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ صَاحِبِ الْأَذَانِ أَنَّهُ جَعَلَ حَائِطَهُ صَدَقَةً، وَجَعَلَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ أَبَوَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَا: لَمْ يَكُنْ لَنَا عَيْشٌ إِلَّا هَذَا الْحَائِطُ، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ مَاتَا فَوَرِثَهُمَا» ؛ وَلِأَنَّهُ إِخْرَاجُ مَالٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَلَمْ يَلْزَمْ بِمُجَرَّدِهِ كَالصَّدَقَةِ، وَجَوَابُهُ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ، مَعَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْوَقْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَعَلَهُ صَدَقَةً غَيْرَ مَوْقُوفٍ، فَرَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالِدَيْهِ أَحَقَّ بِصَرْفِهَا إِلَيْهِمَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْحَائِطَ كَانَ لَهُمَا، وَتَصَرُّفُهُ فِيهِ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنْهُمَا، وَلَمْ يُجِيزَاهُ، ثُمَّ الْقِيَاسُ عَلَى الصَّدَقَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُ فِي الْحَيَاةِ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، وَإِنَّمَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ، وَالْوَقْفُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ، فَافْتَرَقَا، (وَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِإِقَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْعُقُودِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّأْبِيدِ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) وَلَا الْمُنَاقَلَةُ بِهِ (إِلَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ) بِالْكُلِّيَّةِ، كَدَارٍ انْهَدَمَتْ، أَوْ أَرْضٍ خَرِبَتْ، وَعَادَتْ مَوَاتًا، وَلَمْ تُمْكِنْ عِمَارَتُهَا، نَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ: لَا يَسْتَبْدِلُ بِهِ وَلَا يَبِيعُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ، وَلَا يُبَاعُ إِلَّا أَنْ لَا يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " إِلَّا أَنْ يَقِلَّ فَلَا يُعَدُّ نَفْعًا، وَنَقَلَ مُهَنَّا: أَوْ ذَهَبَ أَكْثَرُ نَفْعِهِ (فَيُبَاعُ) ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى سَعْدٍ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ الَّذِي بِالْكُوفَةِ نُقِبَ: أَنِ انْقُلِ الْمَسْجِدَ الَّذِي بِالتَّمَارِينِ، وَاجْعَلْ بَيْتَ الْمَالِ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ فِي الْمَسْجِدِ مُصَلٍّ، وَكَانَ هَذَا بِمَشْهَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَحُكِيَ فِي " التَّلْخِيصِ " عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ لَا يُعْرَفُ فِي كُتُبِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ بَقَاءِ مَنَافِعِهِ لَا يَجُوزُ مَعَ تَعَطُّلِهَا، كَالْعِتْقِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ اسْتِبْقَاءً لِلْوَقْفِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إِبْقَائِهِ بِصُورَتِهِ، فَوَجَبَ ذَلِكَ كَمَا لَوِ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ، أَوْ قَتَلَهَا، أَوْ قَتَلَهَا غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْوَقْفُ مُؤَبَّدٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَأْبِيدُهُ عَلَى وَجْهِ تَخْصِيصِهِ اسْتَبْقَيْنَا الْغَرَضَ، وَهُوَ الِانْتِفَاعُ عَلَى الدَّوَامِ فِي عَيْنٍ أُخْرَى، وَاتِّصَالُ الْأَبْدَالِ جَرَى مَجْرَى الْأَعْيَانِ، وَجُمُودُنَا عَلَى الْعَيْنِ مَعَ تَعَطُّلِهَا تَضْيِيعٌ لِلْغَرَضِ. قَوْلُهُمْ: يُبَاعُ، أَيْ يَجُوزُ بَيْعُهُ، نَقَلَهُ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْمَصْلَحَةِ؛ وَلِأَنَّهُ اسْتِبْقَاءٌ لِلْوَقْفِ بِمَعْنَاهُ، فَوَجَبَ كَإِيلَادِ أَمَةٍ مَوْقُوفَةٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَعَ الْحَاجَةِ تَجِبُ بِالْمِثْلِ، وَبِلَا حَاجَةٍ يَجُوزُ بِخَيْرٍ مِنْهُ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَا يَجُوزُ بِمِثْلِهِ لِفَوَاتِ التَّعْيِينِ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِهِ لِيَعْمُرَ بِهِ الْبَاقِي جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِيعَ جَمِيعُهُ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَالْمُرَادُ مَعَ اتِّحَادِ الْوَاقِفِ كَالْجِهَةِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ عَيْنَيْنِ كَدَارَيْنِ فَظَاهِرٌ، وَكَذَا عَيْنًا وَاحِدَةً، وَلَمْ تَنْقُصِ الْقِيمَةُ بِالتَّشْقِيصِ، فَإِنْ نَقَصَتْ تَوَجَّهَ الْبَيْعُ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، كَبَيْعِ وَصِيٍّ لِدَيْنٍ أَوْ حَاجَةِ صَغِيرٍ، بَلْ هَذَا أَسْهَلُ لِجَوَازِ تَغْيِيرِ صِفَاتِهِ لِمَصْلَحَةٍ. وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ أَنَّ عُبَادَةَ - مِنْ أَصْحَابِنَا - أَفْتَى فِي أَوْقَافٍ وَقَفَهَا جَمَاعَةٌ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْبِرِّ إِذَا خَرِبَ بَعْضُهَا لِلْمُبَاشِرِ أَنْ يُعَمِّرَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ، وَوَافَقَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.
تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِلْمُتَوَلِّي لِبَيْعِهِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ الْحَاكِمُ، قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَفِي " التَّلْخِيصِ " وَيَكُونُ الْبَائِعُ الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الشِّرَاءُ بِثَمَنِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِعَقْدٍ لَازِمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا، فَيَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَى الْحَاكِمِ كَمَا قِيلَ فِي الْفُسُوخِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، وَلِكَوْنِهِ بَيْعًا عَلَى الْغَائِبِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَهُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمَوْجُودِينَ، وَجَزَمَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الرِّعَايَةِ "
لِلْغَزْوِ بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مَا يَصْلُحُ لِلْجِهَادِ، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ إِذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَ " الْفَائِقِ " أَنَّهُ نَاظَرَهُ، وَقِيلَ: بَلْ يَفْعَلُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ.
فَرْعٌ: لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ فَخَرِبَ، يُبَاعُ وَشَرْطُهُ إِذَنْ فَاسِدٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ حَرْبٌ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً فَخَرِبَتْ، وَقَالَ فِي الشَّرْطِ: لَا يُبَاعُ، فَبَاعُوا مِنْهَا سَهْمًا وَأَنْفَقُوهُ عَلَى الْبَقِيَّةِ لِيَعْمُرُوهَا، قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اضْطِرَارٌ وَمَنْفَعَةٌ لَهُمْ.
(وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَ " الْفُرُوعِ "، وَزَادَ: أَوْ بَعْضِ مِثْلِهِ، قَالَهُ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ وَكَجِهَتِهِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْمِثْلُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " إِذِ الْقَصْدُ النَّفْعُ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ صَرْفُ الْمَنْفَعَةِ فِي الْمَصْلَحَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَوْلَى تُصْرَفُ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّ تَغْيِيرَ الْمَصْرِفِ مَعَ إِمْكَانِ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَا يُغَيَّرُ الْوَقْفُ بِالْبَيْعِ مَعَ إِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَقُوَّةِ كَلَامِهِ - وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ - أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِيقَافِ النَّاظِرِ لَهُ، وَصَرَّحَ فِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَجَوَّزَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِمَصْلَحَةٍ، وَأَنَّهُ قِيَاسُ الْهُدَى، وَذَكَرَهُ وَجْهًا فِي الْمُنَاقَلَةِ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، (وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ الْحَبِيسُ إِذَا لَمْ يَصْلُحْ لِلْغَزْوِ) بِأَنْ يَنْحَطِمَ (بِيعَ) كَالْوَقْفِ إِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ (وَاشْتُرِي بِثَمَنِهِ مَا يَصْلُحُ لِلْجِهَادِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ مُحَافَظَةً عَلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ، وَعَنْهُ: يَصْرِفُهُ عَلَى الدَّوَابِّ الْحُبَّسِ، أَوْ يُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ، وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَنُهُ ثَمَنَ فَرَسٍ أُخْرَى أُعِينَ بِهِ فِي شِرَاءِ فَرَسٍ حَبِيسٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ الْمُمْكِنِ اسْتِيفَاؤُهُ وَصِيَانَتُهَا عَنِ الضَّيَاعِ، (وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ إِذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ) فَإِنَّهُ يُبَاعُ إِذَا خَرِبَتْ مَحِلَّتُهُ، نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ صَالِحٍ يُحَوَّلُ الْمَسْجِدُ خَوْفًا مِنَ اللُّصُوصِ، وَإِذَا كَانَ فِي مَوْضِعِهِ قُدِّرَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَعْنِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ. وَنَصَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ