الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْدَعَهُ اثْنَانِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ؛ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ، وَإِنْ غُصِبَتِ الْوَدِيعَةُ، فَهَلْ لِلْمُودِعِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ
وَهِيَ الْأَرْضُ الدَّاثِرَةُ الَّتِي لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مُلِكَتْ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا آثَارُ الْمِلْكِ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
صُرِّحَ بِهِ فِي " النِّهَايَةِ " وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ غَيْرِ ذَلِكَ بَيْعٌ، وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يَبِيعَ عَلَى الْمُودَعِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ ذَلِكَ لَا يُؤْمَنُ فِيهَا الْحَيْفُ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى التَّقْوِيمِ، وَذَلِكَ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ.
(وَإِنْ غُصِبَتِ الْوَدِيعَةُ، فَهَلْ لِلْمُودِعِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا وَذَلِكَ مِنْهُ، وَعَبَّرَ فِي " الْفُرُوعِ " بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ وَكِيلًا لِلْمَالِكِ، وَمِثْلُهُ مُرْتَهِنٌ، وَمُسْتَأْجِرٌ، وَمُضَارِبٌ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَعَ حُضُورِ الْمَالِكِ لَا يَلْزَمُهُ. وَعَلَى الثَّانِي: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أُخِذَتْ مِنْهُ قَهْرًا، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عُذْرٌ يُبِيحُ دَفْعَهَا، فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَوْ أُخِذَتْ مِنْهُ قَهْرًا، وَإِنْ صَادَرَهُ سُلْطَانٌ لَمْ يَضْمَنْ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَضَمَّنَهُ أَبُو الْوَفَاءِ إِنَّ فَرَّطَ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ قَهْرًا لَمْ يَضْمَنْ، عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءُ: إِنْ ظُنَّ أَخْذُهَا مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ، كَانَ دَالًّا وَيَضْمَنُ.
1 -
أَحْكَامٌ: إِذَا اسْتُودِعَ فِضَّةً وَأُمِرَ بِصَرْفِهَا بِذَهَبٍ فَفَعَلَ وَتَلِفَ الذَّهَبُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ قَالَ: اصْرِفْ مَالِي عَلَيْكَ مِنْ قَرْضٍ، فَفَعَلَ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنَ الْقَرْضِ، وَإِنِ اسْتُودِعَ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ أَمْسَكَ وَلَدَهَا، وَقِيلَ: بِإِذْنِ رَبِّهَا وَهُوَ أَمَانَةٌ، فَلَوْ سَأَلَهُ عَنِ الْوَدِيعَةِ ظَالِمٌ وَرَّى عَنْهَا، فَإِنْ ضَاقَ النُّطْقُ عَنْهَا جَحَدَهَا وَتَأَوَّلَ، وَكَذَا إِنْ أُحْلِفَ عَلَيْهَا، وَإِنْ نَوَى جَحْدَهَا، أَوْ إِمْسَاكَهَا لِنَفْسِهِ، أَوِ التَّعَدِّي فِيهَا لَمْ يَضْمَنْ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ ".
[بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ]
[تَعْرِيفُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ]
بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ الْمَوَاتُ كَسَحَابٍ، وَالْمَيْتَةُ وَالْمَوَتَانُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ، الْأَرْضُ الدَّارِسَةُ الْخَرَابُ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ".
لَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، مُسْلِمًا كَانَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَرَّفَهَا الْأَزْهَرِيُّ بِأَنَّهَا الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ، وَلَا بِهَا مَاءٌ، وَلَا عِمَارَةٌ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وَالْمَوَاتُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَوْتِ، وَهُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ، وَالْمُوتَانِ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، الْمَوْتُ الذَّرِيعُ، وَرَجُلٌ مَوْتَانُ الْقَلْبِ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، يَعْنِي أَعْمَى الْقَلْبِ لَا يَفْهَمُ.
وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَعَنْ عَائِشَةَ مِثْلُهُ. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُدَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مُتَلَقًّى بِالْقَبُولِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي " الْأَمْوَالِ " عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» ؛ قَالَ عُرْوَةُ: قَضَى بِهِ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ، وَفِي الزَّرْكَشِيِّ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «الْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ، وَالْبِلَادُ بِلَادُ اللَّهِ، فَمَنْ أَحْيَى مِنْ مَوَاتِ الْأَرْضِ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ.
(وَهِيَ الْأَرْضُ الدَّاثِرَةُ) أَيْ: الدَّارِسَةُ (الَّتِي لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مُلِكَتْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى الْمَوَاتِ شَرْعًا، وَكَذَا إِنْ مَلَكَهَا مَنْ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَبَادٍ، كَحَرْبِيٍّ، وَآثَارِ الرُّومِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَوَاتَ إِذَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكُ أَحَدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ، فَإِنْهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ مِلْكٌ بِشِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ فَلَا، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (فَإِنْ كَانَ فِيهَا آثَارُ الْمِلْكِ) وَبَادٍ أَهْلُهُ (وَلَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْكَافِي " إِحْدَاهُمَا: يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَمْلِكُ بِهِ، كَاللُّقَطَةِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تُمْلَكُ بِهِ كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ مَالِكُهُ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا يَوْمَئِذٍ مَالِكٌ، وَكَانَ مَلَكَهَا مُتَقَدِّمًا مُسْلِمٌ، أَوْ ذِمِّيٌّ، أَوْ مَشْكُوكٌ فِي عِصْمَتِهِ، وَلَمْ يَعْقُبُوا وَرَثَةً، فَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا