الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ بِثُلُثِهِ، فَلِزَيْدٍ التُّسْعُ.
بَابُ الْمُوصَى بِهِ
تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، كَالْآبِقِ، وَالشَّارِدِ، وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَالْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ، وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَبِالْمَعْدُومِ كَالَّذِي تَحْمِلُ أَمَتُهُ أَوْ شَجَرَتُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ والمساكين بِثُلُثِهِ، فَلِزَيْدٍ التُّسُعُ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ وَصَّى لِثَلَاثِ جِهَاتٍ فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ، كَمَا لَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَخَالِدٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَهُ الْخُمْسُ، وَلِلْفُقَرَاءِ خُمْسَانِ، وَلِلْمَسَاكِينِ خُمْسَانِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ السُّدُسَ؛ لِأَنَّهُمَا هُنَا صِنْفٌ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ زَيْدٌ مِسْكِينًا أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مِنْ سَهْمِهِمْ إِذِ الْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، فَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ كَزَيْدٍ وَإِخْوَتِهِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي وَجْهٍ، وَفِي آخَرَ كَالَّتِي قَبْلَهَا، فَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ فَنِصْفَانِ، وَقِيلَ: كَأَحَدِهِمْ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لَأَهْلِ قَرْيَتِهِ، وَقِيلَ: أَوْ لِقَرَابَتِهِ بِلَفْظٍ عَامٍّ لَمْ يَعُمَّ كَافِرَهُمْ إِلَّا بِذِكْرِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى كَافِرًا، عَمَّ مُسْلِمَهُمْ بِدُونِ ذِكْرِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، أَوِ الْأَقَارِبُ كُلُّهُمْ كُفَّارًا، وَالْمُوصِي مُسْلِمًا عَمَّهُمْ، كَمَا لَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُمْ كُفَّارًا، لَمْ يَعُمَّهُمْ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ.
مَسْأَلَةٌ: أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَهُ أَقَارِبُ مَحَاوِيجُ، وَلَمْ يُوصِ لَهُمْ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَرِثُوهُ، فَإِنَّهُمْ أَحَقُّ بِهِ، وَلَوْ وَصَّى نَصْرَانِيٌّ بِثُلُثِهِ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ إِخْوَةٌ فُقَرَاءُ، أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ وَصَّى لِوَلَدِ زَيْدٍ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا وَلَدُ وَلَدٍ دَخَلُوا فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ دُخُولُ وَلَدِ الْبَنِينَ فَقَطْ.
[بَابُ الْمُوصَى بِهِ]
ِ هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ مِنْهَا (تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، كَالْآبِقِ) فِي الرَّقِيقِ (وَالشَّارِدِ) مِنَ الدَّوَابِّ (وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَالْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ، وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ) لِأَنَّهَا إِذَا صَحَّتْ بِالْمَعْدُومِ، فَهَذَا أَوْلَى، وَلِأَنَّهَا أُجْرِيَتْ مُجْرَى الْمِيرَاثِ، وَهَذَا
أَبَدًا، أَوْ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمِائَةٍ لَا يَمْلِكُهَا، صَحَّ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، وَإِلَّا بَطَلَتِ وَتَصِحُّ بِمَا فِيهِ نَفْعٌ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ كَالْكَلْبِ، وَالزَّيْتِ النَّجِسِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي مَالٌ، فَلِلْمُوصَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُوَرَّثُ، فَيُوصَى بِهِ، وَلِلْوَصِيِّ السَّعْيُ فِي تَحْصِيلِهِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، أَخَذَهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَمْلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا، أَوْ حَمْلَ بَهِيمَةٍ مَمْلُوكَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، فَجَرَى مَجْرَى إِعْتَاقِهِ، فَإِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا، بَطَلَتْ، وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا وَعَلِمْنَا وُجُودَهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ، أَوْ حَكَمْنَا بِوُجُودِهِ صَحَّتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَلَا، لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ، وَيُعْتَبَرُ إِمْكَانُ الْمُوصَى بِهِ، فَلَوْ وَصَّى بِمَا تَحْمِلُ أَمَتُهُ الْعَقِيمُ، أَوْ بِأَلْفِ قِنْطَارٍ مِنْ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَاخْتِصَاصُهُ بِهِ، فَلَوْ وَصَّى بِمَالِ غَيْرِهِ، لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ مَلَكَهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمْ تَنْعَقِدْ (وَبِالْمَعْدُومِ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ بِالسَّلْمِ، وَالْمُسَاقَاةِ، فَجَازَ أَنْ يَمْلِكَ بِالْوَصِيَّةِ، (كَالَّذِي تَحْمِلُ أَمَتُهُ، أَوْ شَجَرَتُهُ أَبَدًا) أَيْ يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ (أَوْ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَسَنَةٍ دُونَ مَا عَدَاهَا مُعَرَّفًا، أَوْ مُنَكَّرًا، وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ السَّقْيُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ تَسْلِيمَهَا بِخِلَافِ مُشْتَرٍ (فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَهُوَ لَهُ) أَيْ: لِلْمُوصَى لَهُ بِمُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ (وَإِلَّا بَطَلَتْ) لِأَنَّهَا لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا كَالْوَصِيَّةِ بِثُلُثِهِ، وَلَمْ تُخَلِّفْ شَيْئًا.
فَرْعٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِإِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَمَزْوَجَتِهِ، أَيْ: لَهُ أَمَةٌ فَيُوصِي بِهَا لِزَوْجِهَا، وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ وَقْتَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لَهَا.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمِائَةٍ، لَا يَمْلِكُهَا، صَحَّ) إِذْ غَايَتُهُ أَنَّهَا مَعْدُومَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ بِهِ صَحِيحَةٌ (فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا، عِنْدَ الْمَوْتِ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا) صَحَّتْ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ نُفُوذُهَا، (وَإِلَّا بَطَلَتْ) لِمَا ذَكَرْنَا (وَتَصِحُّ بِمَا فِيهِ نَفْعٌ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ كَالْكَلْبِ) الْمُعَلَّمِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ لِلصَّيْدِ، وَالْمَاشِيَةِ، وَالْحَرْثِ، وَقِيلَ: وَحِفْظِ الْبُيُوتِ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا، وَتُقَرُّ الْيَدُ عَلَيْهِ، وَالْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ، فَصَحَّتْ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَالْمَالِ، وَلِصِحَّةِ هِبَتِهِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ، لَمْ يَصِحَّ سَوَاءً قَالَ: مِنْ كِلَابِي، أَوْ مِنْ مَالِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَوْصَى بِشَاةٍ، وَلَا شَاةَ لَهُ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِالشِّرَاءِ، وَظَاهِرُهُ
لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ لَهُ ثُلُثُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَجْهُولِ كَعَبْدٍ وَشَاةٍ، وَيُعْطَى مَا يَقَعُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِالْجَرْوِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا بِتَرْتِيبِهِ لِأَحَدِهَا، وَفِي الْفُرُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَصِدْ بِهِ، أَوْ يَصِيدُ إِنِ احْتَاجَهُ، أَوْ لِحِفْظِ مَاشِيَةٍ، أَوْ زَرْعٍ، فَإِنْ حَصَلَ، فَخِلَافٌ، وَفِي الْوَاضِحِ الْكَلْبُ لَيْسَ مِمَّا يَمْلِكُهُ (وَالزَّيْتِ النَّجِسِ) إِذَا جَازَ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، إِذْ لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ مُبَاحٌ كَالْخِنْزِيرِ، وَسَائِرِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي مَالٌ) سِوَاهُ (فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ (وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ) غَيْرُ الْمُوصَى بِهِ (فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ قَلِيلَ الْمَالِ خَيْرٌ مِنَ الْكَلْبِ، لِكَوْنِهِ لا قِيمَةَ لَهُ، فَالثُّلُثُ أَكْثَرُ مِنْهُ حِينَئِذٍ (وَفِي الْآخَرِ لَهُ ثُلُثُهُ) وَإِنْ كَثُرَ الْمَالُ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْوَصِيَّةِ عَلَى أَنْ يَسْلَمَ ثُلُثَا التَّرِكَةِ لِلْوَرَثَةِ، وَلَيْسَ فِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ الْمُوصَى بِهِ.
تَنْبِيهٌ: أَوْصَى لِرَجُلٍ بِكِلَابِهِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَلَهُ الثُّلُثُ، وَلِلْأَوَّلِ ثُلُثُ الْكِلَابِ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِنْ ثُلُثَيِ الْمَالِ، قَدْ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ، وَلَمْ يُحْتَسَبْ عَلَى الْوَرَثَةِ بِالْكِلَابِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَإِذَا قُسِّمَتِ الْكِلَابُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ، قُسِّمَتْ عَلَى عَدَدِهَا، وَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا يَثْبُتُ الْحَقُّ فِيهِ، فَإِنْ تَجَدَّدَ لَهُ كَلْبٌ، فَيَتَوَجَّهُ الصِّحَّةُ نَظَرًا إِلَى حَالَةِ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ (وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَالْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَنَحْوِهِمَا) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ، فَلَا تَصِحُّ بِذَلِكَ كَالْهِبَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَى إِرَاقَةِ الْخَمْرِ وَإِعْدَامِهِ، فَلَمْ يُنَاسِبْ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ قُلْنَا: يَطْهُرُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ، وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ.
1 -
(وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَجْهُولِ كَعَبْدٍ وَشَاةٍ) لِأَنَّهَا إِذَا صَحَّتْ بِالْمَعْدُومِ، فَالْمَجْهُولُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى الْوَارِثِ، فَصَحَّتِ الْوَصِيَّةُ بِهِ كَالْمَعْلُومِ (وَيُعْطَى) أَيْ: يُعْطِيهِ
عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الِاسْمُ بِالْحَقِيقَةِ وَالْعُرْفِ كَالشَّاةِ فِي الْعُرْفِ لِلْأُنْثَى، وَالْبَعِيرِ وَالثَّوْرِ هُوَ فِي الْعُرْفِ لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، غَلَبَ الْعُرْفُ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: تَغْلِبُ الْحَقِيقَةُ، وَالدَّابَّةُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوَارِثُ (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ، قَالَ الْقَاضِي: يُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا يُعْطَى إِلَّا ذَكَرًا؛ لِأَنَّهُ سبحانه وتعالى فَرَّقَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ بِقَوْلِهِ:{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] وَهُوَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَلِأَنَّهُ الْعُرْفُ، وَبِدَلِيلِ الْوَكَالَةِ، وَكَعَكْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ خُنْثَى، فَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ رَقِيقِهِ، شَمَلَ الْكُلَّ (وَإِنِ اخْتَلَفَ الِاسْمُ بِالْحَقِيقَةِ، وَالْعُرْفِ كَالشَّاةِ فِي الْعُرْفِ لِلْأُنْثَى وَالْبَعِيرِ وَالثَّوْرِ هُوَ فِي الْعُرْفِ لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لِلذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، غَلَبَ الْعُرْفُ) فِي اخْتِيَارِ الْمُؤَلِّفِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالتَّبْصِرَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ إِنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِعُرْفِهِ، وَلِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الْفَهْمِ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا: تَغْلِبُ الْحَقِيقَةُ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَلِهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَلَامُ رَسُولِهِ عليه السلام، فَعَلَى هَذَا إِذَا أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى، وَالضَّأْنَ، وَالْمَعَزَ، وَالْكَبِيرَةَ، وَالصَّغِيرَةَ؛ لِأَنَّ اسْمَ الشَّاةِ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام:«فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» ، وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا أُنْثَى كَبِيرَةً، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ، عُرْفُهُمْ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ، وَفِي الْخِلَافِ: الشِّيَاهُ: اسْمٌ لِجِنْسِ الْغَنَمِ، يَتَنَاوَلُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، وَالْكَبْشُ: الذَّكَرُ الْكَبِيرُ مِنَ الضَّأْنِ، وَالتَّيْسُ: الذَّكَرُ الْكَبِيرُ مِنَ الْمَعَزِ وَالْجَمَلِ الذَّكَرِ وَالنَّاقَةِ الْأُنْثَى، وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةٌ مِنْ إِبِلِي، وَقَعَ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَقِيلَ إِنْ قَالَ: عَشَرَةٌ بِالْهَاءِ، فَهُوَ لِلذُّكُورِ، وَإِنْ قَالَ: بِغَيْرِ هَاءٍ، فَهُوَ لِلْإِنَاثِ، وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ، وَفِي الْبَعِيرِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا فِي الشَّرْحِ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ، وَالثَّوْرُ الذَّكَرُ، وَالْبَقَرَةُ لِلْأُنْثَى (وَالدَّابَّةُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ
وَالْحَمِيرِ وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، صَحَّ، وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُعْطَى وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ، لَمْ تَصِحَّ الوصية فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَتَصِحُّ فِي الْآخَرِ، وَيُشْتَرَى لَهُ مَا يُسَمَّى عَبْدًا، فَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْحَمِيرِ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَعَارَفُ، فَإِنْ قَرَنَ بِهِ مَا يَصْرِفُهُ إِلَى أَحَدِهَا، كَقَوْلِهِ: دَابَّةٌ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا، انْصَرَفَ إِلَى الْخَيْلِ، فَإِنْ قَالَ: دَابَّةٌ يُنْتَفَعُ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا، خَرَجَ مِنْهُ الْبِغَالُ، وَخَرَجَ مِنْهُ الذَّكَرُ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَحَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ عُرْفُ الْبَلَدِ، وَفِي التَّمْهِيدِ: فِي الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ الدَّابَّةُ لِلْفَرَسِ عُرْفًا، وَالْإِطْلَاقُ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ، وَقَالَهُ فِي الْفُنُونِ عَنْ أُصُولِي يَعْنِي نَفْسَهُ، قَالَ: لِنَوْعِ قُوَّةٍ فِي الدَّبِيبِ؛ لِأَنَّهُ ذُو كَرٍّ وَفَرٍّ، انْتَهَى. وَالْفَرَسُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْحِصَانُ لِلذَّكَرِ، وَعَكْسُهُ الْحُجْرَةُ، وَالْحِمَارُ لِلذَّكَرِ، وَالْأَتَانُ لِلْأُنْثَى.
فَرْعٌ: لَا يَسْتَحِقُّ لِلدَّابَّةِ سَرْجًا، وَلَا لِلْبَعِيرِ رَحْلًا.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ) وَشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ (صَحَّ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا أَقَلُّ مِنَ الْجَهَالَةِ فِي عَبْدٍ، وَقَدْ صَحَّتْ فِيهِ، فَلِأَنْ تَصِحُّ هُنَا مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ تَنَاوَلَ وَاحِدًا، وَالْأَقَلُّ هُوَ الْيَقِينُ، فَيَكُونُ هُوَ الْوَاجِبُ، فَعَلَى هَذَا مَا يَدْفَعُهُ الْوَارِثُ مِنْ صَحِيحٍ أَوْ مَعِيبٍ، جَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ، يَلْزَمُ قَبُولُهُ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُعْطَى وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ شِرَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاسْتِحْقَاقِ فَكَانَ لَهُ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ كَالْعِتْقِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الْفُرُوعِ شَيْئًا، وَفِي التَّبْصِرَةِ: هُمَا فِي لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَقْتَضِي عَبْدًا مِنَ الْمَوْجُودِينَ حَالَ الْوَصِيَّةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي الْكِيسِ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ، أَوْ بِدَارِهِ، وَلَا دَارَ لَهُ (وَتَصَحُّ فِي الْآخَرِ) لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَتِ الصِّفَةُ، بَقِيَ أَصْلُ الْوَصِيَّةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَلْفٍ لَا يَمْلِكُهَا، ثُمَّ مَلَكَهَا (وَيُشْتَرَى لَهُ مَا يُسَمَّى عَبْدًا) لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ، فَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ
كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فَمَاتُوا إِلَّا وَاحِدًا، تَعَيَّنَتِ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، فَإِنْ قُتِلُوا كُلُّهُمْ، فَلَهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ عَلَى قَاتِلِهِ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِقَوْسٍ وَلَهُ أَقْوَاسٌ لِلرَّمْيِ وَالْبُنْدُقِ وَالنَّدْفِ، فَلَهُ قَوْسُ النِّشَابِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُهَا، إِلَّا أَنْ تَقْتَرِنَ بِهِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ إِلَى غَيْرِهِ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوَصِيَّةِ، وَكَقَوْلِهِ: عَبْدٌ مِنْ مَالِي، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيمَنْ قَالَ: أَعْطُوهُ مِائَةً مِنْ أَحَدِ كِيسَيَّ، فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا شَيْءٌ - يُعْطَى مِائَةً؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِعْطَاءَهُ، وَإِنْ مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَجْهَانِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فَمَاتُوا إِلَّا وَاحِدًا) أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ (تَعَيَّنَتِ الْوَصِيَّةُ فِيهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ، وَقَدْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْبَاقِي، وَهَذَا إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، وَإِنْ تَلِفَ رَقِيقُهُ جَمِيعُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ بَعْدَهُ، بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنَ الْوَارِثِ، بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِمْ لِحُصُولِهَا فِي أَيْدِيهِمْ بِغَيْرِ فِعْلِهِمْ.
فَرْعٌ: أَوْصَى بِعِتْقِ أَحَدِ عَبِيدِهِ الْمَوْجُودِينَ، صَحَّ، وَأَجْزَأَ عِتْقُ مَا يُسَمَّى عَبْدًا، وَقِيلَ: مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ، وَهَلْ يَعْنِيهِ الْوَارِثُ أَوْ بِقُرْعَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لِلْعَبِيدِ تَعْيِينُ عِتْقِ أَحَدِهِمْ.
(وَإِنْ قُتِلُوا كُلُّهُمْ فَلَهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ) إِمَّا بِاخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ، أَوْ بِالْقُرْعَةِ عَلَى الْخِلَافِ (عَلَى قَاتِلِهِ) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَقَدْ قَتَلَهُمْ كُلَّهُمْ فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ، كَمَا لَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ عَبَدَ غَيْرِهِ، وَهَذَا إِذَا قُتِلُوا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي.
فَرْعٌ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِأُمِّ وَلَدِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلَى، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ جَازَ بَيْعُهَا وَلَمْ تُعْتَقْ بِمَوْتِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِقَوْسٍ) صَحَّ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُبَاحَةً، فَإِنْ كَانَ (لَهُ أَقْوَاسٌ لِلرَّمْيِ وَالْبُنْدُقِ وَالنَّدْفِ، فَلَهُ قَوْسُ النِّشَابِ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (لِأَنَّهُ أَظْهَرُهَا) وَيُسَمَّى الْفَارِسِيَّ، وَقَوْسُ النَّبْلِ يُسَمَّى الْعَرَبِيَّ (إِلَّا أَنْ تَقْتَرِنَ بِهِ قَرِينَةٌ) كَمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ نَدَّافًا، أَوْ بُنْدُقَانِيًّا، أَوْ غَازِيًا، فَإِنَّهُ (تَصْرِفُ إِلَى غَيْرِهِ) لِأَنَّ الْقَرِينَةَ كَالصَّرِيحِ، وَهَذَا إِذَا أَطْلَقَ، فَإِنْ وَصَفَهَا بِصِفَةٍ، أَوْ كَانَ لَهُ قَوْسٌ وَاحِدٌ تَعَيَّنَتْ (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا كَالْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَهَا، وَقِيلَ: لَهُ غَيْرُ قَوْسِ بُنْدُقٍ، وَقِيلَ: مَا يُرْمَى بِهِ
وَاحِدٌ مِنْهَا كَالْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِكَلْبٍ أَوْ طَبْلٍ، وَلَهُ مِنْهَا مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ، انْصَرَفَ إِلَى الْمُبَاحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مُحَرَّمٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ، وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا عُلِمَ مِنْ مَالِهِ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ، وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ، فَاسْتَحْدَثَ مَالًا، دَخَلَ ثُلُثُهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَإِنْ قُتِلَ وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ، فَهَلْ تَدْخُلُ الدِّيَةُ فِي الْوَصِيَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَادَةً، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَتَرَهَا؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا، وَقِيلَ: بَلَى، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا إِلَّا بِهِ فَكَانَ كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِكَلْبٍ أَوْ طَبْلٍ وَلَهُ مِنْهَا مُبَاحٌ) كَكَلْبِ الصَّيْدِ، وَطَبْلِ الْحَرْبِ (وَمُحَرَّمٌ) كَضِدِّهِمَا وَكَالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ (انْصَرَفَ إِلَى الْمُبَاحِ) لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُبَاحَةً، وَوُجُودُ الْمُحَرَّمِ كَعَدَمِهِ شَرْعًا، فَلَا يَشْمَلُهُ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِمَا مَعًا.
1 -
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مُحَرَّمٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَرَّمِ مَعْصِيَةٌ، فَلَمْ تَصِحَّ كَالْكَنِيسَةِ، فَلَوْ كَانَ طَبْلٌ إِذَا فُصِلَ صَلَحَ لِلْحَرْبِ، لَمْ يَصِحَّ، وَيَلْحَقُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ الْمِزْمَارُ وَالطُّنْبُورُ وَعُودُ اللَّهْوِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِيهِ الْأَوْتَارُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُهَيَّأٌ لِفِعْلِ الْمَعْصِيَةِ، وَتُبَاحُ الْوَصِيَّةُ بِالدُّفِّ الْمُبَاحِ لِلْخَبَرِ (وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا عُلِمَ مِنْ مَالِهِ) اتِّفَاقًا (وَمَا لَمْ يُعْلَمْ) أَيْ: تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ الْمَوْجُودِ، وَإِنْ جَهِلَهُ، وَعَنْهُ إِنْ عَلِمَ بِهِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَرَبِيعَةَ، إِلَّا فِي الْمُدَبَّرِ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ لَفْظٌ عَامٌّ، فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَا يَعْلَمُ بِهِ مِنْ مَالِهِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِثُلُثِهِ.
(وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ، فَاسْتَحْدَثَ مَالًا) قَبْلَ مَوْتِهِ (دَخَلَ ثُلُثُهُ فِي الْوَصِيَّةِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ التِّلَادِ وَالْمُسْتَفَادِ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ مِنْ مَالِهِ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ، وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَعَنْهُ: يَعُمُّ الْمُتَجَدِّدَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ، أَوْ قَوْلِهِ بِثُلُثِي يَوْمَ أَمُوتُ (وَإِنْ قُتِلَ) عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ، فَهَلْ تَدْخُلُ الدِّيَةُ فِي الْوَصِيَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا، وَهِيَ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ: تَدْخُلُ