الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَتْ مَعَ وَارِثٍ، وَيَحْتَمِلُ أَلَا يَصِحَّ لِوَارِثٍ. وَإِنْ حَابَا وَارِثَهُ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَبْطُلُ فِي قَدْرِ مَا حَابَاهُ، وَتَصِحُّ فِيمَا عَدَاهُ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ فِي حَقِّهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ شَفِيعٌ فَلَهُ أَخْذُهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي.
وَإِنْ
بَاعَ الْمَرِيضُ أَجْنَبِيًّا وَحَابَاهُ
وَكَانَ شَفِيعُهُ وَارِثًا فَلَهُ الْأَخْذُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَا تُهْمَةَ فَصَحَّتْ كَالْأَجْنَبِيِّ (وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ لِوَارِثٍ) ، هَذِهِ رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِعَيْنِ الْمَالِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ حَابَاهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مَعَهُ إِلَّا بِإِجَازَةٍ، اخْتَارَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "؛ لِفَوَاتِ حَقِّهِ فِي الْمُعَيَّنِ، (وَإِنْ حَابَا وَارِثَهُ فَقَالَ الْقَاضِي: يَبْطُلُ فِي قَدْرِ مَا حَابَاهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ كَالْوَصِيَّةِ، وَهِيَ لِوَارِثٍ بَاطِلَةٌ فَكَذَا الْمُحَابَاةُ، (وَتَصِحُّ فِيمَا عَدَاهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ الْمُحَابَاةُ، وَهِيَ هُنَا مَفْقُودَةٌ، فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِنِصْفِ ثَمَنِهِ فَلَهُ نِصْفُهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، فَبَطَلَ التَّصَرُّفُ فِيمَا تَبَرَّعَ بِهِ، وَعَنْهُ: يَبْطُلُ بَيْعُ الْكُلِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ بِدُونِ إِجَازَةِ الْوَارِثِ، وَتَعْتَبَرُ إِجَازَةُ الْمَجْنُونِ فِي مَرَضِهِ مِنْ ثُلُثِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ جُعِلَتْ عَطِيَّةً، وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّهِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ فِي حَقِّهِ) ، فَشُرِعَ ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، فَإِنْ فَسَخَ وَطَلَبَ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ، أَوْ طَلَبَ الْإِمْضَاءِ فِي الْكُلِّ وَتَكْمِيلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنَ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ فِي الْعَيْنِ كُلِّهَا وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْوَارِثَ تَمَامَ قِيمَتِهَا أَوْ يَفْسَخُ، (فَإِنْ كَانَ لَهُ شَفِيعٌ فَلَهُ أَخْذُهُ) ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَقَدْ وُجِدَ، (فَإِنْ أَخَذَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) ؛ لِزَوَالِ الضَّرَرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَسَخَ الْمَبِيعَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ الثَّمَنُ مِنَ الشَّفِيعِ.
فَرْعٌ: إِذَا آجَرَ نَفْسَهُ وَحَابَا الْمُسْتَأْجِرَ صَحَّ مَجَّانًا.
[بَاعَ الْمَرِيضُ أَجْنَبِيًّا وَحَابَاهُ]
(وَإِنْ بَاعَ الْمَرِيضُ أَجْنَبِيًّا وَحَابَاهُ) لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، فَصَحَّ، كَغَيْرِ الْمَرِيضِ، فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ قِيمَتُهُ ثَلَاثُونَ بِعَشْرَةٍ فَقَدْ حَابَا الْمُشْتَرِي بِثُلُثَيْ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْمُحَابَاةُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ لَزِمَ الْبَيْعُ، وَإِنْ رَدُّوا فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي فَسْخَ الْبَيْعِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنِ اخْتَارَ إِمْضَاءَهُ فَعَنْ أَحْمَدَ: يَأْخُذُ نِصْفَ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يُسْقِطَ الثَّمَنَ - وَهُوَ عَشْرَةٌ - مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ ثَلَاثُونَ، ثُمَّ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَبِيعِ وَهُوَ عَشْرَةٌ فَيَنْسُبُهُ مِنَ الْبَاقِي وَهُوَ عِشْرُونَ، فَمَا خَرَجَ بِالنِّسْبَةِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي مِقْدَارِ تِلْكَ النِّسْبَةِ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ
بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ لِغَيْرِهِ، وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ ثُمَّ مَلَكَ مَالًا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ عُتِقَ كُلُّهُ، وَإِنْ صَارَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الثَّمَنِ، وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَنْسُبُ الثَّمَنَ وَثُلُثَ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فَيَصِحُّ فِي مِقْدَارِ تِلْكَ النِّسْبَةِ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَلَوْ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ، صَحَّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثَيْهِ بِثُلُثَيِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ (وَكَانَ شَفِيعُهُ وَارِثًا فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) فِي الْأَصَحِّ؛ (لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ لِغَيْرِهِ) ، كَمَا لَوْ وَصَّى لِغَرِيمِ وَارِثِهِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ حِيلَةً؛ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَ مِنْهَا فِي حَقِّ الْوَارِثِ لِمَا فِيهَا مِنَ التُّهْمَةِ مِنْ إِيصَالِ الْمَالِ إِلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِيمَا إِذَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُحَابَاةُ، وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ الشُّفْعَةَ لِإِفْضَائِهِ إِلَى إِثْبَاتِ حَقِّ وَارِثِهِ.
فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ عَطِيَّةٍ مُنْجَزَةٍ وَنَحْوِهَا فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ عَلَى شَرْطٍ إِلَّا فِي الْعِتْقِ، فَلَوْ عَلَّقَ صَحِيحَ عِتْقِ عَبْدِهِ فَوَجَدَ شَرْطَهُ فِي مَرَضِهِ فَمِنْ ثُلُثِهِ فِي الْأَصَحِّ، (وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ عِنْدِ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ لُزُومِ الْوَصَايَا وَاسْتِحْقَاقِهَا، وَيَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ، فَإِنْ ضَاقَ ثُلُثُهُ عَنِ الْعَطِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ قُدِّمَتِ الْعَطِيَّةُ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ، فَقُدِّمَتْ عَلَى الْوَصِيَّةِ كَعَطِيَّةِ الصِّحَّةِ، وَعَنْهُ: هُمَا سَوَاءٌ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُنْجَزِ وَقَبُولُهُ حِينَ نَجْزِهِ، وَنَمَاؤُهُ مِنْ حِينِهِ إِلَى الْمَوْتِ تَبَعٌ لَهُ، فَمَنْ جَعَلَ عَطِيَّتَهُ مِنْ ثُلُثِهِ فَحَمَلَ مَا نَجَزَهُ، فَكَسْبُهُ لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا خَرَجَ مِنْ أَصْلِهِ مِنَ الثُّلُثِ، وَلَيْسَ بِشَرِكَةٍ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "(فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ ثُمَّ مَلَكَ مَالًا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ عُتِقَ كُلُّهُ) ؛ لِخُرُوجِهِ مِنَ الثُّلُثِ عِنْدِ الْمَوْتِ، (وَإِنْ صَارَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ عَلِيٍّ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» ، وَعَنْهُ: يُعْتَقُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ مِنَ الثُّلُثِ كَتَصَرُّفِ الصَّحِيحِ فِي الْجَمِيعِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ سَيِّدِهِ مَاتَ حُرًّا، وَقِيلَ: بَلْ ثُلُثُهُ.
فَرْعٌ: هِبَتُهُ كَعِتْقِهِ.
فَائِدَةٌ: لِلْمَرِيضِ لُبْسُ نَاعِمٍ، وَأَكْلُ طَيِّبٍ لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ فَعَلَهُ لِتَفْوِيتِ حَقِّ الْوَرَثَةِ