الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَلَيْهِ أَرْشُ جِنَايَتِهِ، سَوَاءٌ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ، وَتُضْمَنُ زَوَائِدُ الْغَصْبِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ إِذَا تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ كَالْأَصْلِ.
فَصْلٌ وَإِنْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ، مِثْلَ أَنْ خَلَطَ حِنْطَةً أَوْ زَيْتًا بِمِثْلِهِ، لَزِمَهُ مَثْلُهُ مِنْهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا اسْتَعْمَلَ عَبْدًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ كَغَصْبِهِ، وَكُلُّ مَغْصُوبٍ زَكَّاهُ مَالِكُهُ حَالَ غَصْبِهِ رُجِعَ بِمَا غَرِمَ عَلَى غَاصِبِهِ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ ضُمِّنَ مَنْفَعَةَ الْمَغْصُوبِ ضُمِّنَ، وَإِلَّا فَلَا.
[جِنَايَةُ الْمَغْصُوبِ]
(وَإِنْ جَنَى الْمَغْصُوبُ فَعَلَيْهِ) أَيِ: الْغَاصِبِ (أَرْشُ جِنَايَتِهِ) لِأَنَّهُ نَقَصَ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي، فَكَانَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ نَقْصِهِ (سَوَاءٌ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ) لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ جِنَايَاتِهِ، فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَقِيلَ: لَا يُضَمَّنُ جِنَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ (أَوْ غَيْرِهِ) وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوِ الْمَالَ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنَ النَّقْصِ الَّذِي لَحِقَ الْعَبْدَ (وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ) لِأَنَّهُ إِذَا جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَجَبَ أَرْشُهُ عَلَى الْغَاصِبِ، فَلَوْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ لَوَجَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَحَلِّهِ فِي غَيْرِ قَوَدٍ، جُزِمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَ " الْفُرُوعِ "، فَلَوْ قَتَلَ عَبْدًا لِأَحَدِهِمَا عَمْدًا فَلَهُ قَتْلُهُ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فِيهِمَا.
(وَتُضْمَنُ زَوَائِدُ الْغَصْبِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ إِذَا تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ كَالْأَصْلِ) سَوَاءٌ تَلِفَ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَغْصُوبٌ حَصَلَ فِي يَدِهِ، فَيَضْمَنُهُ بِالتَّلَفِ كَالْأَصْلِ.
[فَصْلُ خَلْطِ الْمَغْصُوبِ بِمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ]
فَصْلٌ (وَإِنْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ مِثْلَ أَنْ خَلَطَ حِنْطَةً أَوْ زَيْتًا بِمِثْلِهِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ) قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ، فَيَجِبُ مِثْلُ مَكِيلِهِ (مِنْهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَنَصَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ". وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّهُ
خَلَطَهُ بِدُونِهِ، أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا. وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ، أَوْ سَوِيقًا فُلَتَّهُ بِزَيْتٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَدَرَ عَلَى دَفْعِ مَالِهِ إِلَيْهِ مَعَ رَدِّ الْمِثْلِ فِي الْبَاقِي فَلَمْ يَنْتَقِلْ إِلَى بَدَلِهِ فِي الْجَمِيعِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ صَاعًا فَتَلِفَ بَعْضُهُ (وَفِي الْآخَرِ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ) قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِ مَالِهِ بِالْخَلْطِ فَوَجَبَ مُطْلَقُ الْمِثْلِ، وَفِي " الْوَسِيلَةِ "، وَ " الْمُوجَزِ " قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا، أَمَّا لَوْ خَلَطَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَزَيْتٍ خُلِطَ بِمَاءٍ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ خَلَّصَهُ وَرَدَّهُ، وَرَدَّ نَقْصَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ يُفْسِدُهُ لَزِمَهُ مِثْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ رَدَّهُ، وَرَدَّ نَقْصَهُ، وَإِنِ احْتِيجَ فِي تَخْلِيصِهِ إِلَى غَرَامَةٍ فَعَلَى الْغَاصِبِ (وَإِنْ خَلَطَهُ بِدُونِهِ، أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ (لَزِمَهُ مِثْلُهُ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا) .
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْخَلْطِ مُسْتَهْلَكًا، وَكَذَا لَوِ اشْتَرَى زَيْتًا فَخَلَطَهُ بِزَيْتِهِ، ثُمَّ أَفْلَسَ، صَارَ الْبَائِعُ كَبَعْضِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إِلَى عَيْنِ مَالِهِ، فَكَانَ لَهُ بَدَلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ تَالِفًا، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا خَلَطَهُ بِخَيْرٍ مِنْهُ، وَبَذَلَ الْغَاصِبُ مِثْلَ حَقِّهِ مِنْهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَإِنْ كَانَ بِأَدْنَى مِنْهُ فَرَضِيَ الْمَالِكُ بِأَخْذِ قَدْرِ حَقِّهِ مِنْهُ لَزِمَ الْغَاصِبَ بَدَلُهُ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ انْتَقَلَ إِلَى الذِّمَّةِ فَلَمْ يُجْبِرْ عَلَى عَيْنِ مَالٍ، وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنَ الرَّدِيءِ، أَوْ دُونَ حَقِّهِ مِنَ الْجَيِّدِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَرَضِيَ بِأَخْذِ دُونِ حَقِّهِ مِنَ الرَّدِيءِ، أَوْ سَمَحَ الْغَاصِبُ بِدَفْعِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنَ الْجَيِّدِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُقَابِلَ لِلزِّيَادَةِ، وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، فَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ دُونَ حَقِّهِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ؛ لِأَنَّ بَدَلَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَلَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا (وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ فِي رَجُلٍ لَهُ رِطْلُ شَيْرَجٍ، وَآخَرَ لَهُ رِطْلُ زَيْتٍ، وَاخْتَلَطَا: يُبَاعُ الدُّهْنُ كُلُّهُ، وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى عَيْنِ مَالِهِ، فَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ عَنْ قِيمَتِهِ مُنْفَرِدًا، فَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ، فَلَوِ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ بِاثْنَيْنِ لِآخَرَ فَتَلِفَ اثْنَانِ فَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، أَوْ نِصْفَيْنِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا اخْتَلَطَ نَقْدٌ حَرَامٌ بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ، دَفَعَ قَدْرَ الْحَرَامِ إِلَى مَالِكِهِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ
فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ضُمِّنَ النَّقْصَ، وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ وَلَمْ تَزِدْ، أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا فَهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مَالَيْهِمَا، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قَلْعَ الصِّبْغِ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْبَرَ إِذَا ضَمِنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَقَامَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ إِنْ جَهِلَهُ، وَمَا بَقِيَ حَلَالٌ، وَإِنْ عَبَرَ الْحَرَامُ الثُّلُثَ، وَقِيلَ: أَوْ بَلَغَهُ، حَرُمَ الْكُلُّ وَتَصَدَّقَ بِهِ، وَقِيلَ: كَالْأَوَّلِ يُخْرِجُ قَدْرَ الْحَرَامِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي الَّذِي يُعَامِلُ بِالرِّبَا: يَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ، وَيَرُدُّ الْفَضْلَ إِنْ عَرَفَ رَبَّهُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ شَكَّ فِي قَدْرِ الْحَرَامِ تَصَدَّقَ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ، نُصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.
(وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ، أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِزَيْتٍ، فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ضَمِنَ النَّقْصَ) لِأَنَّهُ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ فَيَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ، فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ لَمْ يَضْمَنْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَإِنْ لَمْ تَنْقُصِ) الْقِيمَةُ (وَلَمْ تَزِدْ) كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً، فَصَارَتْ قِيمَتُهُمَا عَشَرَةً (أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا فَهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مَالَيْهِمَا) لِأَنَّ عَيْنَ الصِّبْغِ مِلْكُ الْغَاصِبِ، وَاجْتِمَاعُ الْمِلْكَيْنِ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ (وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْمِلْكِ الَّذِي زَادَتْ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَصْلِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ الثِّيَابِ فِي السُّوقِ كَانَتِ الزِّيَادَةُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ الصِّبْغِ فَهِيَ لِمَالِكِ الصِّبْغِ (فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قَلْعَ الصِّبْغِ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ) أَيْ: يُمْنَعُ طَالِبُ قَلْعِ الصِّبْغِ مِنْهُمَا، كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَ " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ الْمُرِيدَ لِلْقَلْعِ إِمَّا الْغَاصِبُ، لَمْ يُجْبِرِ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَالَهُ يَنْقُصُ بِسَبَبِ أَخْذِهِ، أَوِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لَمْ يَجْبُرِ الْغَاصِبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصِّبْغَ يَهْلِكُ بِالْإِخْرَاجِ، وَقَدْ أَمْكَنَ وُصُولُ الْحَقِّ إِلَى صَاحِبِهِ بِدُونِهِ، وَهُوَ الْبَيْعُ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْبَرَ إِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ النَّقْصَ) لِأَنَّ الْمَانِعَ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الضَّرَرِ، فَإِذَا ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ انْتَفَى، فَوَجَبَ أَنْ يُجْبَرَ عَمَلًا بِالْمُقْتَضَى السَّالِمِ عَنِ الْمُعَارِضِ، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ هَذَا بِمَنْ ذُكِرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي الْآخَرِ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَوْلَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُمْكِنَ إِذَا ضَمِنَ نَقْصَ حَقِّ الْآخَرِ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُ رَبُّ الْمَالِ كَبِنَاءٍ، وَنُقِلَ فِي " الشَّرْحِ " عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْغَاصِبَ إِذَا أَرَادَ قَلْعَ الصِّبْغِ فَلَهُ ذَلِكَ، سَوَاءٌ أَضَرَّ بِالثَّوْبِ أَوْ لَا، وَيَضْمَنُ نَقْصَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَلْعَ حَيْثُ تَضَرُّرُ الثَّوْبِ،
الْغَاصِبُ النَّقْصَ، وَإِنْ وَهَبَ الصِّبْغَ لِلْمَالِكِ أَوْ وَهَبَهُ تَزْوِيقَ الدَّارِ وَنَحْوِهَا، فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ غَصَبَ صِبْغًا فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا، أَوْ زَيْتًا فَلَتَّ بِهِ سَوِيقًا، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَصِبْغَا، فَصَبَغَهُ بِهِ رَدَّهُ وَأَرْشَ نَقْصِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي زِيَادَتِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ مَا يَهْلِكُ صَبْغُهُ بِالْقَلْعِ وَبَيْنَ مَا لَا يَهْلِكُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إِذَا هَلَكَ بِالْقَلْعِ؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ، وَإِنْ أَرَادَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَوَجْهَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ إِجْبَارَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ قَلْعِهِ، وَحَكَى فِي " الرِّعَايَةِ " احْتِمَالًا أَنَّ لَهُ قَلْعَهُ بِأَرْشِهِ مَعَ بَقَاءِ قِيمَةِ الثَّوْبِ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَخْذُ الثَّوْبِ بِقِيمَتِهِ، فَلَوْ بَذَلَ رَبُّ الثَّوْبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِمَالِكِهِ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ، كَمَا لَوْ بَذَلَ قِيمَةَ الْغِرَاسِ، وَقِيلَ: بَلَى إِذَا لَمْ يَقْلَعْهُ كَالْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ الْمَشْفُوعَةِ (وَإِنْ وَهَبَ الصِّبْغَ لِلْمَالِكِ أَوْ وَهَبَهُ تَزْوِيقَ الدَّارِ وَنَحْوِهَا، فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّبْغَ صَارَ مِنْ صِفَاتِ الْعَيْنِ، فَهُوَ كَزِيَادَةِ الصِّفَةِ فِي الْمُسَلَّمِ بِهِ، وَكَنَسْجِ الْغَزْلِ، لَا هِبَةَ مَسَامِيرَ سُمِّرَ بِهَا الْبَابُ الْمَغْصُوبُ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ يُمْكِنُ إِفْرَادُهَا كَالْغِرَاسِ، فَإِنْ أَرَادَ مَالِكُ الثَّوْبِ بَيْعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَهُ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ (وَإِنْ غَصَبَ صِبْغًا فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا، أَوْ زَيْتًا فَلَتَّ بِهِ سَوِيقًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ) أَيْ: أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ حَيْثُ كَانَ الصِّبْغُ وَالثَّوْبُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ (وَاحْتَمَلَ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا) لِأَنَّ الصِّبْغَ قَدْ تَفَرَّقَ فِي الثَّوْبِ، وَالزَّيْتَ مُسْتَهْلَكٌ فِي السَّوِيقِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُمَا.
(وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَصِبْغًا فَصَبَغَهُ بِهِ رَدَّهُ) لِأَنَّهُ عَيْنٌ مِلْكُ غَيْرِهِ (وَ) يَرُدُّ (أَرْشَ نَقْصِهِ) لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ (وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي زِيَادَتِهِ) لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا لِاثْنَيْنِ، أَوْ لِوَاحِدٍ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " إِذَا كَانَ مِنْ وَاحِدٍ وَزَادَا فَزِيَادَتُهُمَا لَغْوٌ، وَيُحْتَمَلُ الشَّرِكَةُ، وَإِنْ كَانَا مِنَ اثْنَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ بِالْقِيمَةِ، وَمَا نَقَصَ أَحَدُهُمَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ، وَقِيلَ: زِيَادَةُ أَحَدِهِمَا لِرَبِّهِ، وَفِي " الشَّرْحِ " هُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا