الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِنَائِهِ، وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ، وَأَرْشِ نَقْصِهَا، وَأَجْرَتِهَا.
وَإِنْ
غَصَبَ لَوْحًا فَرَقَّعَ بِهِ سَفِينَةً
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ قَلَعَ نَخْلَهُ (وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ، وَأَرْشِ نَقْصِهَا) لِأَنَّهُ ضَرَرٌ حَصَلَ بِفِعْلِهِ فَلَزِمَهُ إِزَالَتُهُ كَغَيْرِهِ (وَأُجْرَتُهَا) أَيْ: أُجْرَةُ مِثْلِهَا إِلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ بَذَلَ رَبُّهَا قِيمَةَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِيَمْلِكَهُ لَمْ يَلْزَمِ الْغَاصِبَ قَبُولُهُ، وَلَهُ قَلْعُهُمَا، وَيُضَمَّنُ الْأَرْشَ وَالْأُجْرَةَ، وَإِنْ وَهَبَهُمَا لِمَالِكِ الْأَرْضِ وَفِي الْإِزَالَةِ غَرَضٌ صَحِيحٌ لَمْ يُجْبَرْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا إِذَا غَرَسَهَا بِغِرَاسِ مَالِكِهَا، وَحُكْمُ الْبِنَاءِ كَالْغَرْسِ إِلَّا أَنَّهُ يُتَخَرَّجُ إِذَا بَذَلَ مَالِكُ الْأَرْضِ الْقِيمَةَ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي النَّقْصِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، لِأَنَّ النَّقْصَ سَفَهٌ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
1 -
فَرْعٌ: إِذَا غَصَبَهَا، فَغَرَسَهَا، فَأَثْمَرَتْ، فَأَدْرَكَهَا رَبُّهَا بَعْدَ أَخْذِ الْغَاصِبِ، فَهِيَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَهَا وَالثَّمَرَةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ شَجَرِهِ فَكَانَتْ لَهُ كَأَغْصَانِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: هِيَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ: إِذَا غَصَبَ أَرْضًا، فَغَرَسَهَا، فَالنَّمَاءُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ، فَعَلَى هَذَا عَلَيْهِ مِنَ النَّفَقَةِ مَا أَنْفَقَهُ الْغَارِسُ، فَلَوْ غَصَبَ شَجَرًا، فَأَثْمَرَ، فَالثَّمَرُ لِمَالِكِ الشَّجَرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ".
1 -
فَرْعٌ: إِذَا أَخَذَ تُرَابَ الْأَرْضِ، فَضَرَبَهُ لَبِنًا رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ تِبْنًا فَلَهُ أَنْ يَحِلَّهُ وَيَأْخُذَ تِبْنَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ فَوَجْهَانِ، وَإِنْ طَالَبَهُ الْمَالِكُ بِحَلِّهِ لَزِمَهُ إِذَا كَانَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَإِنْ جَعَلَهُ آجِرًا لَزِمَهُ رَدُّهُ، وَلَا أُجْرَةَ لِعَمَلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ كَسْرُهُ، وَلَا لِلْمَالِكِ إِجْبَارُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ، وَإِتْلَافٌ لِلْمَالِ، فَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَكَشَطَ تُرَابَهَا لَزِمَهُ رَدُّهُ وَفَرْشُهُ كَمَا كَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَضٌ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى فَرْشِهِ. يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
فَرْعٌ: الْقَابِضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنَ الْمَالِكِ إِذَا غَرَسَ، أَوْ بَنَى، فَلِلْمَالِكِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ كَغَرْسِ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَا يُقْلَعُ إِلَّا مَضْمُونًا لِاسْتِنَادِهِ إِلَى الْإِذْنِ، ذَكَرَهَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ.
[غَصَبَ لَوْحًا فَرَقَّعَ بِهِ سَفِينَةً]
(وَإِنْ غَصَبَ لَوْحًا فَرَقَّعَ بِهِ سَفِينَةً) وَخِيفَ مِنْ قَلْعِهِ (لَمْ يُقْلَعْ حَتَّى تُرْسَى) لِأَنَّ فِي
لَمْ يُقْلَعْ حَتَّى تُرْسَى، وَإِنْ غَصَبَ خَيْطًا فَخَاطَ بِهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ، وَخِيفَ عَلَيْهِ مِنْ قَلْعِهِ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا لِلْغَاصِبِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيُذْبَحُ الْحَيَوَانُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ مَاتَ الْحَيَوَانُ لَزِمَهُ رَدُّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَلْعِهِ إِفْسَادًا لِمَالِ الْغَيْرِ مَعَ إِمْكَانِ رَدِّ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ بِعُذْرٍ مِنْ يَسِيرٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ لِلْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا أَوْ لَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ كَانَ فِيهَا حَيَوَانٌ مُحْتَرَمٌ، أَوْ مَالٌ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ لَمْ يُقْلَعْ كَالْخَيْطِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ إِتْلَافٍ، كَمَا لَوْ كَانَ فِيهَا مَالُ غَيْرِهِ، وَاقْتَضَى مَا سَبَقَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى السَّاحِلِ، أَوْ كَانَتْ فِي اللُّجَّةِ وَاللَّوْحُ فِي أَعْلَاهَا بِحَيْثُ لَا تَغْرَقُ لَزِمَهُ الْقَلْعُ (وَإِنْ غَصَبَ خَيْطًا فَخَاطَ بِهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ) مُحْتَرَمٍ (وَخِيفَ عَلَيْهِ مِنْ قَلْعِهِ) الضَّرَرُ، وَقِيلَ: التَّلَفُ، جُزِمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "(فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ رَدُّ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، فَوَجَبَ رَدُّ بَدَلِهِ وَهُوَ الْقِيمَةُ، وَظَاهِرُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَلْعُ صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ آكَدُ حُرْمَةً مِنْ بَقِيَّةِ الْمَالِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَنْعُ نَمَائِهِ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحَيَوَانَ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَالْمُرْتَدِّ، وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ وَجَبَ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ تَفْوِيتَ ذِي حُرْمَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ خَاطَ بِهِ ثَوْبًا (إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا لِلْغَاصِبِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، وَيُذْبَحُ الْحَيَوَانُ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَشْهُرُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ، وَالِانْتِفَاعُ بِلَحْمِهِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ حَصَلَ نَقْصٌ عَلَى الْغَاصِبِ، فَلَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ وُجُوبِ رَدِّ الْمَغْصُوبِ كَنَقْصِ الْبِنَاءِ. وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ قَلْعُهُ لِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ، وَلِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً فِي نَفْسِهِ، وَلِلْمُؤَلِّفِ احْتِمَالٌ: يُذْبَحُ الْمُعَدُّ لَهُ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ دُونَ غَيْرِهِ كَالْخَيْلِ؛ لِأَنَّهُ إِتْلَافٌ لَهُ فَجَرَى مَجْرَى مَا لَا يُؤْكَلُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ إِذَا كَانَ مَأْكُولًا لِغَيْرِ الْغَاصِبِ، صُرِّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ فِيهِ إِضْرَارًا بِصَاحِبِهِ، وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ (وَإِنْ مَاتَ الْحَيَوَانُ لَزِمَهُ رَدُّهُ) لِأَنَّ عَدَمَ الرَّدِّ فِي الْحَيَاةِ إِنَّمَا كَانَ خَشْيَةَ التَّلَفِ، وَقَدْ أُمِنَ بِالْمَوْتِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا) فَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْآدَمِيِّ بَاقِيَةٌ، وَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيهِ فِيهَا، فَعَلَى هَذَا تَجِبُ قِيمَتُهُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الرَّدُّ لِلْعُمُومِ.