الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ فَهِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةً، فَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ
بَابُ اللَّقِيطِ
وَهُوَ الطِّفْلُ الْمَنْبُوذُ، وَهُوَ حُرٌّ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ التَّمَلُّكِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ الِاصْطِيَادِ، فَإِنْ عُتِقَ أَخَذَهُ سَيِّدُهُ. وَقِيلَ: إِنْ عُتِقَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَالتَّعْرِيفِ؛ وَقُلْنَا: يَمْلِكُ - فَلَا، (فَإِنْ لَمْ يَأْمَنِ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ عَلَيْهَا لَزِمَهُ سَتْرُهَا عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا، وَذَلِكَ وَسِيلَةٌ إِلَيْهِ، وَيُسَلِّمُهَا إِلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ يَدْفَعُهَا إِلَى سَيِّدِهِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ (فَإِنْ أَتْلَفَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ) أَيْ تَتَعَلَّقُ قِيمَتُهَا بِرَقَبَتِهِ، كَالْجِنَايَةِ، وَكَذَا إِذَا تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ، فَلَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَالْحُرِّ (وَإِنْ أَتْلَفَهَا بَعْدَهُ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي إِتْلَافِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَاحِبِهَا.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": هَذَا إِذَا قُلْنَا: يَمْلِكُهَا الْعَبْدُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا فِي حَوْلِ التَّعْرِيفِ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَنْبَنِيَ ذَلِكَ عَلَى اسْتِدَانَةِ الْعَبْدِ.
فَائِدَةٌ: الْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ، كَالْقِنِّ.
(وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ) لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ فِي الْحَالِ وَأَكْسَابَهُ لَهُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِأَكْسَابِهِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ، فَإِنْ عَجَزَ صَارَ عَبْدًا، وَحُكْمُ لُقَطَتِهِ كَالْعَبْدِ، (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ فَهِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ، وَهِيَ بَيْنَهُمَا فَيُعَرِّفَانِ وَيُمَلَّكَانِ بِالْقِسْطِ كَسَائِرِ الْأَكْسَابِ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةً) بِأَنْ يَتَّفِقَ هُوَ وَالسَّيِّدُ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ يَوْمًا لِهَذَا وَيَوْمًا لِلْآخَرِ، (فَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) ، أَصَحُّهُمَا لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ أَشْبَهَتِ الْمِيرَاثَ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، وَالثَّانِي: يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ، أَشْبَهَتْ سَائِرَ الْأَكْسَابِ، فَيَكُونُ لِمَنْ وُجِدَ فِي يَوْمِهِ، وَكَذَا حُكْمٌ نَادِرٌ مَنْ كَسْبِهِ كَهَدِيَّةٍ، وَهِبَةٍ، وَوَصِيَّةٍ، وَنَحْوِهَا، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".
[بَابِ اللَّقِيطِ]
[تَعْرِيفُ اللَّقِيطِ]
بَابُ اللَّقِيطِ هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كَقَتِيلٍ وَجَرِيحٍ، وَالْتِقَاطُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
يُنْفَقُ عَلَيْهِ، وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إِلَّا أَنْ يُوجَدَ فِي بَلَدِ الْكُفَّارِ وَلَا مُسْلِمَ فِيهِ فَيَكُونُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ إِحْيَاءَ نَفْسٍ، فَكَانَ وَاجِبًا كَإِطْعَامِهِ إِذَا اضْطُرَّ، وَإِنْجَائِهِ مِنَ الْغَرَقِ. وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: وَجَدْتُ مَلْقُوطًا، فَأَتَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ عَرِيفِي: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَكَذَلِكَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَكَ وَلَاؤُهُ، وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ، وَفِي لَفْظٍ: عَلَيْنَا رِضَاعُهُ.
(وَهُوَ الطِّفْلُ الْمَنْبُوذُ) مِنْ نَبَذَ، أَيْ طَرَحَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي شَارِعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَدَّعِيهِ، وَقِيلَ: وَالْمُمَيِّزُ إِلَى الْبُلُوغِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. قَالَ الْحُلْوَانِيُّ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَآهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُرَبِّيَهُ إِنْ كَانَ أَمِينًا، وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا فَلِلْحَاكِمِ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ، وَتَسْلِيمُهُ إِلَى أَمِينٍ لِيُرَبِّيَهُ.
وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: اللَّقِيطُ وَقَدْ عُرِّفَ، وَالِالْتِقَاطُ، وَفِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ مَا فِي اللُّقَطَةِ. وَقِيلَ: يَجِبُ قَوْلًا وَاحِدًا لِئَلَّا يَسْتَرِقَّهُ، وَالْمُلْتَقِطُ وَهُوَ كُلُّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ، وَفِي اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ وَجْهَانِ.
(وَهُوَ حُرٌّ) فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِنِ الْتَقَطَهُ لِلْحِسْبَةِ فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنِ الْتَقَطَهُ لِلِاسْتِرْقَاقِ فَهُوَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَى مِثْلِهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي النَّظَرِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْآدَمِيِّينَ الْحُرِّيَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا، وَإِنَّمَا الرِّقُّ لِعَارِضٍ كَوِجْدَانِهِ فِي دَارِ حَرْبٍ (يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ) ؛ لِقَوْلِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ مَصْرِفُ مِيرَاثِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إِجْمَاعًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَعَلَى مَنْ عُلِمَ حَالُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ تَرَكُوهُ أَثِمُوا وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَزِمَ اللَّقِيطَ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ قَصْدًا بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرٍ مِنَ الْحَاكِمِ فَقَوْلَانِ، وَمَا حُكِيَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مَعَ إِذْنِ الْحَاكِمِ سَهْوٌ (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ هُوَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ إِذَا وُجِدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَالدَّارِ؛