الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحْفَظَ لَهَا، وَإِلَّا دَفَعَهَا إِلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَوْدَعَهَا ثِقَةً، أَوْ دَفَنَهَا وَأَعْلَمَ بِهَا ثِقَةً يَسْكُنُ تِلْكَ الدَّارَ، فَإِنْ دَفَنَهَا وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَحَدًا أَوْ أَعْلَمَ بِهَا مَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ ضَمِنَهَا.
وَإِنْ تَعَدَّى فِيهَا فَرَكِبَ الدَّابَّةَ لِغَيْرِ نَفْعِهَا، وَلَبِسَ الثَّوْبَ، وَأَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا، ثُمَّ رَدَّهَا أَوْ جَحَدَهَا، ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا، أَوْ كَسَرَ خَتْمَ كَيْسِهَا، أَوْ خَلَطَهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَخْلِيصًا لَهُ مِنْ دَرْكِهَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا دَفَعَهَا إِلَى الْحَاكِمِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ، وَتَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ، وَفِي مُؤْنَةِ رَدٍّ مِنْ بَعْدِ خِلَافٍ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ حَمَلَهَا مَعَهُ) فِي السَّفَرِ، نَصَّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ لِضَرُورَةٍ، أَوْ لِغَيْرِهَا (إِنْ كَانَ أَحْفَظَ لَهَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحِفْظُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا وَزِيَادَةٌ، وَشَرْطُهُ إِذَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَا خَوْفَ، وَفِي " الْمُبْهِجِ "، وَ " الْمُوجَزِ " وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ، زَادَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ "، وَ " الِانْتِصَارِ " كَأَبٍ وَوَصِيٍّ، وَلَهُ مَا أَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَيَتَوَجَّهُ كَنَظَائِرِهِ، وَقِيلَ: مَعَ غَيْبَةِ رَبِّهَا، أَوْ وَكِيلِهِ إِنْ كَانَ أَحْرَزَ، وَإِنِ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحْفَظَ لَهَا، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ (دَفَعَهَا إِلَى الْحَاكِمِ) لِأَنَّ فِي السَّفَرِ بِهَا غَرَرًا؛ لِأَنَّهُ بِعَرْضِيَّةِ النَّهْبِ وَغَيْرِهِ، إِذِ الْحَاكِمُ يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ، وَفِي لُزُومِهِ قَبُولُهَا وَجْهَانِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا أَوْدَعَهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا وِلَايَةَ لَهُ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ إِذَا أَوْدَعَهَا ثِقَةً، وَذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ رِوَايَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَحْفَظَ لَهَا وَأَحَبَّ إِلَى مَالِكِهَا، وَكَتَعَذُّرِ حَاكِمٍ فِي الْأَصَحِّ (فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) أَيْ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ (أَوْدَعَهَا ثِقَةً) لِفِعْلِهِ عليه السلام لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ أَوْدَعَ الْوَدَائِعَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِأُمِّ أَيْمَنَ رضي الله عنها، وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ الْإِيدَاعَ عِنْدَ غَيْرِهِ لِخَوْفِهِ عَلَيْهَا، وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى الْمُقِيمِ لَا الْمُسَافِرِ.
فَرْعٌ: حُكْمُ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ حُكْمُ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا فِي دَفْعِهَا إِلَى حَاكِمٍ أَوْ ثِقَةٍ.
(أَوْ دَفَنَهَا وَأَعْلَمَ بِهَا ثِقَةً يَسْكُنُ تِلْكَ الدَّارَ) لِأَنَّ الْحِفْظَ يَحْصُلُ بِهِ (فَإِنْ دَفَنَهَا وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَحَدًا) ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ، فَإِنْهُ قَدْ يَمُوتُ فِي سَفَرِهِ فَلَا تَصِلُ إِلَى صَاحِبِهَا، وَرُبَّمَا نَسِيَ مَوْضِعَهَا، أَوْ أَصَابَهَا آفَةٌ، وَكَذَا إِنْ أَعْلَمَ بِهَا غَيْرَ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَخَذَهَا، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُؤَلِّفُ اكْتِفَاءً بِمَفْهُومِ الْأَوَّلِ (أَوْ أَعْلَمَ بِهَا مَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ) أَيْ: مَنْ لَا يَدُلُّهُ عَلَى الْمَكَانِ (ضَمِنَهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُودِعْهَا إِيَّاهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الِاحْتِفَاظِ بِهَا
[تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا]
(وَإِنْ تَعَدَّى فِيهَا فَرَكِبَ الدَّابَّةَ لِغَيْرِ نَفْعِهَا، وَلَبِسَ الثَّوْبَ، وَأَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا ثُمَّ
بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ ضَمِنَهَا، وَإِنْ خَلَطَهَا بِمُتَمَيِّزٍ أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا، وَإِنْ أَخَذَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَدَّهَا) بِنِيَّةِ الْأَمَانَةِ ضَمِنَهَا لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُ مُمْسِكٌ لَهَا بِإِذْنِ مَالِكِهَا، أَشْبَهَ مَا قَبِلَ التَّعَدِّي، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ ضَمِنَهَا بِعُدْوَانٍ، فَبَطَلَ الِاسْتِئْمَانُ، كَمَا لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا إِذَا اسْتَعْمَلَهَا لِنَفْعِهَا كَلُبْسِ صُوفٍ وَنَحْوِهِ، خَوْفًا مِنْ عَثٍّ وَنَحْوِهِ (أَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا) لِأَنَّهُ بِجَحْدِهَا خَرَجَ عَنِ الِاسْتِئْمَانِ عَنْهَا، فَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ الضَّمَانُ بِالْإِقْرَارِ بِهَا؛ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ (أَوْ كَسَرَ خَتْمَ كِيسِهَا) أَوْ كَانَتْ مَشْدُودَةً فَأَزَالَ الشَّدَّ، أَوْ مَقْفُولَةً فَأَزَالَهُ، وَسَوَاءٌ أَخَرَجَ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ لَا لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ بِفِعْلٍ تَعَدَّى فِيهِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ: لَا يَضْمَنُ، فَإِنْ خَرَقَ الْكِيسَ فَوْقَ الشَّدِّ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا خَرَقَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكِ الْحِرْزَ (أَوْ خَلَطَهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ) كَزَيْتٍ بِزَيْتٍ، وَدَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ (ضَمِنَهَا) لِأَنَّهُ صَيَّرَهَا فِي حُكْمِ التَّالِفِ وَفَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ رَدَّهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَلْقَاهَا فِي لُجَّةِ بَحْرٍ، وَسَوَاءٌ خَلَطَهَا بِمَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ بِمِثْلِهَا، أَوْ دُونِهَا، أَوْ أَجْوَدَ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ أَعْطَى آخَرَ دِرْهَمًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَيْئًا، فَخَلَطَهُ مَعَ دَرَاهِمِهِ، فَضَاعَا، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَلَمْ يَتَأَوَّلْهُ فِي " النَّوَادِرِ " وَذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ، ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجُزِمَ بِهِ فِي " الْمَنْثُورِ " عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: لِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا ضَاعَ ضَمِنَ، نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " إِذَا خَلَطَ إِحْدَى وَدِيعَتَيْ زَيْدٍ بِالْأُخْرَى بِلَا إِذْنٍ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ، فَوَجْهَانِ.
فَرْعٌ: إِذَا نَوَى التَّعَدِّيَ فِيهَا وَلَمْ يَتَعَدَّ لَمْ يَضْمَنْ، وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا: بَلَى، كَمُلْتَقِطٍ فِي وَجْهٍ.
(وَإِنْ خَلَطَهَا بِمُتَمَيِّزٍ) كَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَكَاهُ فِي " الشَّرْحِ " بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْجَزُ بِذَلِكَ عَنْ رَدِّهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَهَا فِي صُنْدُوقٍ فِيهِ أَكْيَاسٌ لَهُ. وَالثَّانِيَةُ: يَضْمَنُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَكَذَا الْخِلَافُ إِنْ خَلَطَ بِيضًا بِسُودٍ، وَصِحَاحًا بِمُكَسَّرَةٍ. وَالثَّالِثَةُ: يَضْمَنُ إِنْ خَلَطَ بِيضًا بِسُودٍ، وَحَمَلَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " عَلَى أَنَّهَا تَكْتَسِبُ مِنْهَا سَوَادًا، وَيَتَغَيَّرُ لَوْنُهَا (أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا) أَوْ لِيَعْلِفَهَا لَمْ