الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدُهُمَا قُدِّمَ، وَإِلَّا سَلَّمَهُ الْحَاكِمُ إِلَى مَنْ يَرَى مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا.
فَصْلٌ وَمِيرَاثُ اللَّقِيطِ وَدِيَتُهُ
إِنْ قُتِلَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَوَلِيُّهُ الْإِمَامُ إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ قُطِعَ طَرَفُهُ عَمْدًا انْتَظَرَ بُلُوغَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَالِ؛ وَلِأَنَّ الْوَصْفَ يَدُلُّ عَلَى الْقُوَّةِ، فَقُدِّمَ بِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ " الْمُبْهِجِ "، وَ " الْمُنْتَخَبِ "، وِ " الْوَسِيلَةِ ": لَا يُقَدَّمُ وَاصِفُهُ، وَذَكَرَهُ فِي " الْفُنُونِ " عَنْ أَصْحَابِنَا لِتَأَكُّدِهِ لِكَوْنِهِ دَعْوَى نَسَبٍ، وَلِلْغِنَى بِالْقَافَةِ، وَكَمَا لَوْ وَصَفَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى (وَإِلَّا) إِذَا انْتَفَى الْوَصْفُ (سَلَّمَهُ الْحَاكِمُ إِلَى مَنْ يَرَى مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا) ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ لَهُمَا، وَقِيلَ: لَا يُسَلِّمُهُ الْحَاكِمُ، بَلْ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا، وَفِي " الْمُغْنِي " هُوَ الْأَوْلَى كَمَا لَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا، وَلِأَنَّهُمَا تَنَازَعَا حَقًّا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، أَشْبَهُ مَا لَوْ تَنَازَعَا وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِمَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَخْيِيرَ لِلصَّبِيِّ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ ".
[فَصْلٌ: وَمِيرَاثُ اللَّقِيطِ وَدِيَتُهُ]
ُ) دِيَةُ حُرٍّ (إِنْ قُتِلَ لِبَيْتِ الْمَالِ) إِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَلَا وَارِثَ لَهُ، فَكَانَ مَالُهُ وَدِيَتُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَغَيْرِ اللَّقِيطِ. وَعَنْهُ: إِنْ قُتِلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ لِمُلْتَقِطِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَإِنْ جَنَى خَطَأً عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ شُرَيْحٌ وَإِسْحَاقُ: وَلَاؤُهُ لِمُلْتَقِطِهِ؛ لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي جَمِيلَةَ: فَهُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلَاؤُهُ، وَلِمَا رَوَى وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ مَرْفُوعًا:«تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ: عَتِيقُهَا، وَلَقِيطُهَا، وَمِيرَاثُ وَلَدِهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ رِقٌّ وَلَا عَلَى آبَائِهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ كَمَعْرُوفِ النِّسَبِ، وَحَدِيثُ وَاثِلَةَ لَا يَثْبُتُ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ فِي خَبَرِ عُمَرَ: أَبُو جَمِيلَةَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ لَا يَقُومُ بِحَدِيثِهِ حُجَّةٌ، وَلَوْ أَسْلَمَ؛ فَمَعْنَى قَوْلِهِ: لَكَ وَلَاؤُهُ، أَيْ لَكَ وِلَايَةُ الْقِيَامِ بِهِ وَحِفْظِهِ (وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَوَلِيُّهُ الْإِمَامُ، إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَيْ ذَلِكَ فِعْلٌ جَازَ
اللَّقِيطُ فَقِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ، وَإِنِ ادَّعَى الْجَانِي عَلَيْهِ أَوْ قَاذِفُهُ رِقَّهُ وَكَذَّبَهُ اللَّقِيطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّقِيطِ، وَإِنِ ادَّعَى إِنْسَانٌ أَنَّهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِذَا رَآهُ أَصْلَحَ؛ لِقَوْلِهِ: «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَمَتَى عُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ (وَإِنْ قُطِعَ طَرَفُهُ عَمْدًا انْتَظَرَ بُلُوغَهُ) وَرُشْدَهُ - فِي الْأَشْهَرِ - لِيَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ؛ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الِاسْتِيفَاءِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا يَصْلُحُ، فَانْتَظَرَ أَهْلِيَّتَهُ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَيُحْبَسُ الْجَانِي إِلَى بُلُوغِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَعَنْهُ: لِلْإِمَامِ الْقِصَاصُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْقِصَاصِ، فَكَانَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ عَنِ اللَّقِيطِ كَالنَّفْسِ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ قِصَاصٌ لَمْ يَتَحَتَّمِ اسْتِيفَاؤُهُ، فَوُقِفَ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ كَمَا لَوْ كَانَ بَالِغًا غَائِبًا، وَفَارَقَ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ لَهُ بَلْ لِوَارِثِهِ، وَالْإِمَامُ هُوَ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّقِيطُ فَقِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، فَلِلْإِمَامِ) - أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ - (الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُ حَالَةٌ مَعْلُومَةٌ تُنْتَظَرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَدُومُ بِخِلَافِ الْعَاقِلِ، وَلَا بُدَّ مِنِ اجْتِمَاعِ الْوَصْفَيْنِ، فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا فَوَجْهَانِ.
(وَإِنِ ادَّعَى الْجَانِي عَلَيْهِ أَوْ قَاذِفُهُ رِقَّهُ وَكَذَّبَهُ اللَّقِيطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّقِيطِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، فَقَوْلُهُ مُوَافِقٌ لِلظَّاهِرِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْحُرِّ إِذَا كَانَ قَاذِفًا - فِي الْأَصَحِّ - وَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي حُرًّا، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ صِحَّةَ قَوْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ ابْنَ أَمَةٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي إِسْقَاطِ الْحَدِّ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ أَنَّهُ رَقِيقٌ سَقَطَ الْحَدُّ؛ لِإِقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِسُقُوطِهِ، وَوَجَبَ عَلَى الْقَاذِفِ التَّعْزِيرُ؛ لِقَذْفِهِ مَنْ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ، وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِحَدٍّ، وَإِنَّمَا وَجَبَ حَقًّا لِآدَمِيٍّ؛ وَلِذَلِكَ جَازَتِ الْمُصَالَحَةُ عَنْهُ وَأُخِذَ بَدَلُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْبَالِغُ مُمْسِكًا عَنْهُمَا، فَكَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ (وَإِنِ ادَّعَى إِنْسَانٌ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ لَمْ يُقْبَلْ) ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى لَا تَكْفِي فِي انْتِزَاعِ الْمُدَّعِي لِلْخَبَرِ، وَفِي " الشَّرْحِ " أَنَّهَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَإِنْ
مَمْلُوكُهُ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُعْتَبَرَ قَوْلُهَا فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يُقْبَلْ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَانَتْ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا تُخَالِفُ الظَّاهِرَ، وَتُفَارِقُ دَعْوَى النَّسَبِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ دَعْوَى النَّسَبِ لَا تُخَالِفُ الظَّاهِرَ بِخِلَافِ دَعْوَى الرِّقِّ، الثَّانِي: أَنَّ دَعْوَى النَّسَبِ يَثْبُتُ بِهَا حَقًّا لِلَّقِيطِ، وَدَعْوَى الرِّقِّ يُثْبِتُ بِهَا حَقًّا عَلَيْهِ، فَلَمْ تُقْبَلْ بِمُجَرَّدِهَا (إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَلِدُ فِي مِلْكِهِ إِلَّا مِلْكَهُ، يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا وَلَدَتْهُ قَبْلَ مِلْكِهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإِنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مَمْلُوكُهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ سَبَبُ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِ دَارٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "(وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُعْتَبَرَ قَوْلُهَا فِي مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّ أَمَتَهُ مِلْكُهُ، فَنَمَاؤُهَا مِلْكُهُ كَسِمَنِهَا، وَمَتَى شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالْيَدِ فَإِنْ كَانَتْ لِلْمُلْتَقِطِ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا مِلْكٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ حُكِمَ لَهُ بِالْيَدِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْمِلْكِ، وَفِي " الْفُرُوعِ ": وَإِنِ ادَّعَى رِقَّهُ وَهُوَ طِفْلٌ، أَوْ مَجْنُونٌ، وَلَيْسَ بِيَدِ غَيْرِهِ بَلْ بِيَدِهِ، وَلَيْسَ وَاجِدُهُ - فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَفِي " الشَّرْحِ ": إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى بَعْدَ بُلُوغِ اللَّقِيطِ كُلِّفَ إِجَابَتَهُ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا، فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ تَصَرَّفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ نُقِضَتْ تَصَرُّفَاتُهُ، (وَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يُقْبَلْ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ اللَّهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ الْمَحْكُومِ بِهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إِذَا كَانَ قَدِ اعْتَرَفَ بِالْحُرِّيَّةِ لِنَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَا إِذَا لَمْ يَعْتَرِفْ فِي الْأَصَحِّ، (وَعَنْهُ: يُقْبَلُ) ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْحَالِ، فَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ كَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ فَوَاتَ نَفْسِهِ، وَشَرَطَ فِي " الْمُغْنِي " عَلَيْهَا أَلَّا يَكُونَ أَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُكَذِّبًا لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ جَحَدَهُ. (وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً) ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَقًّا عَلَيْهِ وَحَقًّا لَهُ، فَوَجَبَ أَنْ يُثْبِتَ مَا عَلَيْهِ فَقَطْ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفٌ وَلِي عِنْدَهُ رَهْنٌ، (وَهَلْ يُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ، إِحْدَاهُمَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ تَتْبَعُ الرِّقَّ، فَإِذَا ثَبَتَ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ، ثَبَتَ التَّبَعُ، كَمَا لَوْ شَهِدَتِ امْرَأَةٌ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنَّهَا تَثْبُتُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ تَبَعًا، فَإِذَا قُلْنَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ نِكَاحِهِ وَهُوَ ذَكَرٌ، وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ - فَسَدَ
إِنَّهُ كَافِرٌ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَطَقَ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ يَعْقِلُهُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ، وَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَسَدَ نِكَاحُهُ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ تَابِعٌ لِأُمِّهِ، فَإِنْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِأَمَةٍ فَوَلَدُهُ لِسَيِّدِهَا، وَيَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِذَا قُلْنَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى وَقُلْنَا: يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ، وَلَا مَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَهُ لَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا، وَلِسَيِّدِهَا الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ.
فَرْعٌ: إِذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ ابْتِدَاءً لِإِنْسَانٍ فَصَدَّقَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ جَوَابًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ بَطَلَ إِقْرَارُهُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِآخَرَ، جَازَ؛ وَقِيلَ: لَا يُسْمَعُ إِقْرَارُهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ الِاعْتِرَافَ بِنَفْيِ مَالِكٍ لَهُ سِوَى الْمُقِرِّ لَهُ، وَكَمَا لَوِ اعْتَرَفَ بِالْحُرِّيَّةِ ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ.
(وَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ كَافِرٌ) بَعْدَ الْبُلُوغِ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) ، وَهُوَ مُسْلِمٌ سَوَاءٌ كَانَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ أَوْ كُفْرِهِ، فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِالْكُفْرِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إِنْكَارٌ بَعْدَ إِقْرَارٍ، فَلَا يُقْبَلُ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ وَصَفَ الْكُفْرَ وَهُوَ مِمَّنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ لَمْ يُقَرَّ عَلَى كُفْرِهِ، (وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ) أَيْ إِذَا بَلَغَ اسْتُتِيبَ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، (وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ) ، حَكَاهُ الْقَاضِي، أَيْ يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَقْوَى مِنَ الظَّاهِرِ، فَيُقَرُّ بِجِزْيَةٍ، وَرُدَّ بِأَنَّ دَلِيلَ الْإِسْلَامِ وُجِدَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، فَثَبَتَ حُكْمُهُ وَاسْتَقَرَّ، فَلَا تَجُوزُ إِزَالَةُ حُكْمِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ وَلَدَ مُسْلِمٍ، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَطَقَ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ يَعْقِلُهُ) ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ ثَبَتَ يَقِينًا، فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِمُنَافِيهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ وَصَفَ كُفْرًا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ عُقِدَتْ لَهُ الذِّمَّةُ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْتِزَامِهَا، أَوْ وَصَفَ كُفْرًا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ، وَبَعَّدَهُ فِي " الْمُغْنِي "؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ ابْنَ حَرْبِيٍّ فَهُوَ حَاصِلٌ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ، فَيَكُونُ لِوَاجِدِهِ، وَيَكُونُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِسَابِيهِ، أَوْ يَكُونُ وَلَدَ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَلَا يُقَرُّ عَلَى الِانْتِقَالِ إِلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَوْ يَكُونُ وَلَدَ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمَيْنِ فَيَكُونُ مُسْلِمًا.