الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَنْفَكَّ الرَّهْنُ أَوْ تَنْفَسِخَ الْكِتَابَةُ، وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْمَرْأَةِ تَهَبُ زَوْجَهَا مَهْرَهَا إِنْ كَانَ سَأَلَهَا ذَلِكَ، رَدَّهُ إِلَيْهَا رَضِيَتْ أَوْ كَرِهَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَهَبُ لَهُ إِلَّا مَخَافَةَ غَضَبِهِ أَوْ إِضْرَارًا بِهَا بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا.
فَصْلٌ وَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ
مَا شَاءَ وَيَتَمَلَّكُهُ مَعَ حَاجَتِهِ وَعَدَمِهَا فِي صِغَرِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَحُكْمُهُ عِنْدَهُ كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (إِلَّا أَنْ يَنْفَكَّ الرَّهْنُ أَوْ تَنْفَسِخَ الْكِتَابَةُ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَالتَّزْوِيجُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ كَذَلِكَ، وَإِذَا رَجَعَ وَكَانَ التَّصَرُّفُ لَازِمًا كَالْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ فَهُوَ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا كَالْوَصِيَّةِ بَطَلَ، وَالصَّحِيحُ فِي التَّدْبِيرِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ أَبُوهُ: وَهَبْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ وَهُوَ سَمِينٌ أَوْ كَبِيرٌ فَلِيَ الرُّجُوعُ، فَقَالَ ابْنُهُ: وَهُوَ مَهْزُولٌ فَسَمِنَ أَوْ صَغِيرٌ فَكَبِرَ فَلَا رُجُوعَ لَكَ - فَوَجْهَانِ، فَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُكَ هَذَا الذَّهَبَ مَصُوغًا، فَقَالَ ابْنُهُ: أَنَا صُغْتُهُ صَدَقَ الْوَاهِبُ (وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْمَرْأَةِ تَهَبُ زَوْجَهَا مَهْرَهَا إِنْ كَانَ سَأَلَهَا ذَلِكَ: رَدَّهُ إِلَيْهَا، رَضِيَتْ أَوْ كَرِهَتْ) . نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الْعِلَّةَ، فَقَالَ:(لِأَنَّهَا لَا تَهَبُ لَهُ إِلَّا مَخَافَةَ غَضَبِهِ، أَوْ إِضْرَارًا بِهَا بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ شَاهِدَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَطِبْ بِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَبَاحَهُ عِنْدَ طِيبِ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] وَظَاهِرُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَأَلَهَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ إِنْ وَهَبَتْهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ فَلَمْ يَنْدَفِعْ، أَوْ عِوَضٍ أَوْ شَرْطٍ فَلَمْ يَحْصُلْ، وَعَنْهُ: يَرُدُّ عَلَيْهَا الصَّدَاقَ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ: هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِنْ لَمْ تُبْرِئْنِي فَأَبْرَأَتْهُ صَحَّ، وَهَلْ تَرْجِعُ؟ ثَالِثُهَا: تَرْجِعُ إِنْ طَلَّقَهَا، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ.
[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ]
ِ) ، قَالَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّ مَالَ الْوَلَدِ مِلْكٌ لَهُ دُونَ أَبِيهِ (مَا شَاءَ) مِنْ مَالِهِ (وَيَتَمَلَّكُهُ) ؛ لِأَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ، بِدَلِيلِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ وَلَدِهِ رِبًا، وَقَالَ: لَا يَمْنَعُ الِابْنُ الْأَبَ مَا أَرَادَ مِنْ مَالِهِ، فَهُوَ لَهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ سُرِّيَّتُهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ (مَعَ حَاجَتِهِ) - أَيِ الْوَالِدِ - (وَعَدِمِهَا فِي صِغَرِهِ) - أَيِ الْوَلَدِ - (وَكِبَرِهِ) ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ
وَكِبَرِهِ إِذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ حَاجَةُ الِابْنِ بِهِ، وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَحَسَّنَهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ " عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:«جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ أَبِي احْتَاجَ مَالِي، فَقَالَ: أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ؛ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِأَبِيهِ بِالنَّصِّ الْقَاطِعِ، وَمَا كَانَ مَوْهُوبًا لَهُ كَانَ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ كَعَبْدِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: 61] الْآيَةَ ذَكَرَ الْأَقَارِبَ دُونَ الْأَوْلَادِ لِدُخُولِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: 61] لِأَنَّ بُيُوتَ أَوْلَادِهِمْ كَبُيُوتِهِمْ، وَلِأَنَّ الرَّجُلَ يَلِي مَالَ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَوْلِيَةٍ، فَكَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ كَمَالِ نَفْسِهِ، وَشَرْطُهُ (إِذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ حَاجَةُ الِابْنِ بِهِ) وَمَا لَا يَضُرُّهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دَيْنِهِ، فَلِأَنْ تُقَدَّمَ عَلَى أَبِيهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَشَرَطَ فِي " الْكَافِي " وَ " الشَّرْحِ " وَ " الْوَجِيزِ " مَا لَمْ يُعْطِهِ وَلَدًا آخَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَفْضِيلَ أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ، فَمَعَ تَخْصِيصِ الْآخَرِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ أَوْلَى.
وَعَنْهُ: لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مَا لَا يُجْحِفُ بِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " وَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنْ لَا يُجْحِفَ بِالِابْنِ وَلَا يَضُرَّ بِهِ، وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ، وَعَنْهُ: لَهُ كَتَمَلُّكِهِ كُلِّهِ، وَيُرْوَى أَنَّ مَسْرُوقًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِصَدَاقِ عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا فَأَنْفَقَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَالَ لِلزَّوْجِ: جَهِّزِ امْرَأَتَكَ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَقِيلٍ بِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِأَنَّ مِلْكَ الْوَلَدِ تَامٌّ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَجُزِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ كَالَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا سَبَقَ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي الْوَلَدِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَأَنَّ الْجَدَّ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ وِلَايَتِهِ وَإِجْبَارِهِ أَنَّهُ كَالْأَبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا لَمْ يُخَالِفِ الْإِجْمَاعَ كَالْعُمَرِيَّتَيْنِ، وَفِي الْأُمِّ قَوْلٌ (وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ إِبْرَاءٍ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ