الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذِهِ الْمَرْأَةُ، لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الْمُوصِي، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ، فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ، لَمْ تَبْطُلِ الْوَصِيَّةُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ وَصَّى لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ، أَوْ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَثْبُتُ لَهُ الْوَصِيَّةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ.
[لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِمَعْدُومٍ]
(وَإِنْ وَصَّى لِمَنْ تَحْمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ لَمْ تَصِحَّ) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ، فَلَا تَصِحُّ لِلْمَعْدُومِ، بِخِلَافِ الْمُوصَى بِهِ، فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَجُودُهُ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مُجْرَى الْمِيرَاثِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ كَمَا تَصِحُّ بِمَا تَحْمِلُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ، وَكَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَحْدُثُ مِنْ وَلَدِهِ، أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ، وَرُدَّ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمِيرَاثِ، وَلَا تَحْصُلُ إِلَّا لِمَوْجُودٍ، وَالْوَقْفُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ إِثْبَاتُهُ لِلْمَعْدُومِ. (وَلَوْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الْمُوصِي) وَلَوْ خَطَأً (بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ) قَالَهُ الثَّوْرِيُّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ الَّذِي هُوَ آكَدُ مِنْهَا، فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ عُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ: مَنْ جَرَحَ رَجُلًا خَطَأً، فَعَفَا الْمَجْرُوحُ، فَقَالَ: يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَهُ تَصِحُّ، فَكَذَا الْوَصِيَّةُ، (وَإِنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ، فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ، لَمْ تَبْطُلْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْجُرْحِ صَدَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَحَلِّهَا، لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا تَقَدَّمَتْ فَإِنَّ الْقَتْلَ طَرَأَ عَلَيْهَا فَأَبْطَلَهَا، فَيَبْطُلُ مَا هُوَ آكَدُ مِنْهَا، وَلِهَذَا جَمَعَ أَبُو الْخَطَّابِ بَيْنَ نَصَّيِ الْأَمَامِ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا: فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ) إِحْدَاهُمَا: لَا تَصِحُّ سَوَاءٌ وَصَّى لَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ، أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا صَالِحًا لِلزُّهُوقِ، ثُمَّ وَصَّى لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ، فَبَطَلَتْ كَالْمِيرَاثِ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ فَضَاهَتِ الْهِبَةَ، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ (وَإِنْ وَصَّى لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ) كَالْفُقَرَاءِ (أَوْ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ، صَحَّ) لِأَنَّهُمْ مِنْ أَبْوَابِ
صَحَّ، وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقَدْرَ الَّذِي يُعْطَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَإِنْ وَصَّى لِكَتْبِ الْقُرْآنِ أَوِ الْعِلْمِ أَوْ لِمَسْجِدٍ أَوْ لِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ، صَحَّ، فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ، رُدَّ الْمُوصَى بِهِ أَوْ بَاقِيهِ إِلَى الْوَرَثَةِ.
وَإِنْ وَصَّى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ صَرَفَهُ فِي الْقُرْبِ، وَقِيلَ عَنْهُ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْبِرِّ، وَلِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ بِدَلِيلِ الزَّكَاةِ، وَالْوَقْفِ (وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقَدْرَ الَّذِي يُعْطَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ) لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ لِكُلِّ صِنْفٍ حَيْثُ أَوْصَى لِجَمِيعِهِمْ ثُمْنُ الْوَصِيَّةِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِثَمَانِ قَبَائِلَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ، أَنَّ آيَةَ الزَّكَاةِ أُرِيدَ بِهَا مَنْ يَجُوزُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ، وَالْوَصِيَّةُ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ مَنْ يَجِبُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ، انْتَهَى. وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى وَاحِدٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: يَتَقَيَّدُ بِثُلُثِهِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، وَلَا يُصْرَفُ إِلَّا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ، وَبِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ وَلِجِيرَانِهِ، وَزَيْدٌ مِنْهُمْ، لَمْ يُشَارِكْهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ وَصَّى لِقَرَابَتِهِ بِشَيْءٍ وَلِلْفُقَرَاءِ كَذَلِكَ، فَلِقَرِيبٍ فَقِيرٍ سَهْمَانِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ حُكْمِ كُلِّ صُورَةٍ إِلَى الْأُخْرَى، قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ زَيْدًا يَتَعَيَّنُ، وَالْقَرَابَةُ لَفْظٌ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الْفُقَرَاءُ وَغَيْرُهُمْ، فَصَلَحَ كُلُّ مَنْ وَصَفَهُ سَبَبًا؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ بِهِ، فَإِنَّهُ عَلَّقَ اسْتِحْقَاقَهُ بِوَصْفِهِ، وَهُوَ الْقَرَابَةُ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ وَصْفَانِ صَارَ اسْتِحْقَاقُهُ بِهِمَا، بِخِلَافِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ عَلَّقَ اسْتِحْقَاقَهُ بِعَيْنِهِ، وَعَيْنُهُ تَتَعَدَّدُ.
(وَإِنْ وَصَّى لِكَتْبِ الْقُرْآنِ، أَوِ الْعِلْمِ، أَوِ الْمَسْجِدِ، أَوْ لِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ صَحَّ) لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ، فَصَحَّ بَذْلُ الْمَالِ فِيهِ كَالْوَصِيَّةِ لِلْفَقِيرِ، وَالْمُوصَى بِهِ لِلْمَسْجِدِ يصرف فِي مَصَالِحِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَيَصْرِفُهُ النَّاظِرُ إِلَى الْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ، فَلَوْ قَالَ: إِنْ مُتُّ فَبَيْتِي لِلْمَسْجِدِ، أَوْ فَأَعْطُوهُ مَالَهُ مِنْ مَالِي - تُوَجَّهُ صِحَّتُهُ، وَلَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَ الْفَرَسِ أَوِ الْمَسْجِدِ، لَمْ يَصِحَّ (فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ رُدَّ الْمُوصَى بِهِ، أَوْ بَاقِيهِ) إِنْ كَانَ أُنْفِقَ بَعْضُهُ (إِلَى الْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ مَحِلُّ الْوَصِيَّةِ، وَجَبَ الرَّدُّ إِلَى الْوَرَثَةِ، كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ، فَتَعَذَّرَ، أَوْ شِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ، أَوْ عَبْدِ زَيْدٍ بِهَا فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِ، فَاشْتَرَوْهُ بِدُونِهَا، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إِلَى فَرَسٍ آخَرَ حَبِيسٍ فِي الْمَنْصُوصِ.