الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْعَصَبَاتِ
وَهُمْ عَشَرَةٌ: الِابْنُ، وَابْنُهُ، وَالْأَبُ، وَأَبُوهُ، وَالْأَخُ، وَابْنُهُ إِلَّا مِنَ الْأُمِّ، وَالْعَمُّ، وَابْنُهُ كَذَلِكَ، وَمَوْلَى النِّعْمَةِ، وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ، وَيَسْقُطُ بِهِ مَنْ بَعُدَ، وَأَقْرَبُهُمُ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ لَا حَاجِبَ لَهُمْ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْإِرْثِ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ لَا يَسْقُطُ إِرْثُهُ بِحَالٍ.
[بَابُ الْعَصَبَاتِ]
وَهُوَ جَمْعُ عَصَبَةٍ، مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَصَبِ، وَهُوَ الْمَنْعُ، سُمِّيَتِ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ؛ لِتَقَوِّي بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِحَيْثُ يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَنَعَةٌ بِالْآخَرِ، وَقِيلَ: الْعَصَبَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعِصَابَةِ، وَهِيَ الْعِمَامَةُ؛ لِأَنَّهَا تُحِيطُ بِجَمِيعِ الرَّأْسِ، كَذَلِكَ الْعَصَبَةُ يُحِيطُونَ بِالْمَيِّتِ مِنَ الْجَوَانِبِ كُلِّهَا، وَقِيلَ: أَصْلُهَا الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ، وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَهُ عَلَى الْقُوَّةِ وَالْمُدَافَعَةِ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ: هُوَ الْوَارِثُ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ، أَوْ مَنْ يُحْرِزُ الْمَالَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ كَالْمُعْتَقِ، وَكُلُّ ذَكَرٍ بِسَبَبٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أُنْثَى كَالِابْنِ، وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ كَالْبِنْتِ، وَبِنْتِ الِابْنِ، وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ، وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ، كَلٌّ بِأَخِيهَا، وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ كَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ.
(وَهُمْ عَشَرَةٌ: الِابْنُ، وَابْنُهُ، وَالْأَبُ، وَأَبُوهُ، وَالْأَخُ، وَابْنُهُ إِلَّا مِنَ الْأُمِّ) لِأَنَّ الْأَخَ مِنَ الْأُمِّ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَابْنُ الْأَخِ مِنَ الْأُمِّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَالْعَمُّ وَابْنُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَوِ الْأَبِ، وَأَمَّا الْعَمُّ مِنَ الْأُمِّ، وَابْنُ الْعَمِّ مِنَ الْأُمِّ، فَلَيْسَا عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، (وَمَوْلَى النِّعْمَةِ)، أَيِ: الْمُعْتِقُ (وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ) أَيِ: الْمُعْتِقَةُ (وَأَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ وَيَسْقُطُ بِهِ) أَيْ: بِالْأَقْرَبِ (مَنْ بَعُدَ) وَهَذَا ظَاهِرٌ (وَأَقْرَبُهُمُ الِابْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] وَالْعَرَبُ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ، إِذِ الْفَرْعُ أَقْرَبُ مِنَ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ جُزْءُ الْمَيِّتِ، وَجُزْءُ الشَّيْءِ أَقْرَبُ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، وَاعْتُبِرَ بِالْجُزْءِ الْمُتَّصِلِ، فَإِنَّ إِصْبَعَكَ جُزْؤُكَ الْمُتَّصِلُ، فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ أَصْلِكَ بِالْجِنْسِ فَكَذَلِكَ جُزْؤُكَ الْمُنْفَصِلُ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ وَالْمُنْفَصِلَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمَا جُزْءٌ وَاحِدٌ لَا فَرْقَ
نَزَلَ، ثُمَّ الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ الْأَخُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، ثُمَّ مِنَ الْأَبِ، ثُمَّ مِنِ ابْنِ الْأَخِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، ثُمَّ مِنَ الْأَبِ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا، ثُمَّ الْأَعْمَامُ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْأَبِ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْجَدِّ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَيْنَهُمَا، فَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْجُزْءَ الْمُتَّصِلَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ، فَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ كَذَلِكَ، وَابْنُ الِابْنِ مُلْحَقٌ بِهِ إِجْمَاعًا، وَإِنْ قُلْنَا: لَفْظُ الْوَلَدِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، فَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ (ثُمَّ الْأَبُ) لِأَنَّ سَائِرَ الْعَصَبَاتِ يُدْلُونَ بِهِ (ثُمَّ الْجَدُّ) لِأَنَّهُ أَبٌ، وَلَهُ إِيلَادٌ وَتَعْصِيبٌ (وَإِنْ عَلَا) مَا لَمْ يَكُنْ إِخْوَةٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا، فَلَهُمْ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: الْجَدُّ يُفَارِقُ الْأَبَ فِي مَسَائِلَ: الْأَبُ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ، وَالْجَدُّ يُقَاسِمُهُمْ، الْأَبُ يَرُدُّ الْأُمَّ فِي الْعُمَرِيَّتَيْنِ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى ثُلُثِ الْبَاقِي، وَلَا يَرُدُّهَا الْجَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا فِي الدَّرَجَةِ، الْأَبُ يُسْقِطُ الْجَدَّ، وَلَا يَسْقُطُ هُوَ بِحَالٍ (ثُمَّ الْأَخُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ) لِأَنَّهُ جُزْءُ أَبِيهِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ مِنَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ سَاوَاهُ فِي قَرَابَةِ الْأَبِ، وَتَرَجَّحَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ، (ثُمَّ مِنَ الْأَبِ) ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ، (ثُمَّ مِنِ ابْنِ الْأَخِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِأَبِيهِ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ تَقْدِيمَ الْأَخِ مِنَ الْأَبِ عَلَيْهِ (ثُمَّ) ابْنُ الْأَخِ (مِنَ الْأَبِ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ، وَإِنْ نَزَلُوا) لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِهِمْ، وَقُدِّمُوا عَلَى الْأَعْمَامِ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ وَأَوْلَادَهُمْ مِنْ وَلَدِ الْأَبِ، وَالْأَعْمَامَ مِنْ وَلَدِ الْجَدِّ.
(ثُمَّ الْأَعْمَامُ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ) أَيِ الْأَعْمَامُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ يُقَدَّمُونَ عَلَى الْأَعْمَامِ مِنَ الْأَبِ، وَابْنُ الْعَمِّ مِنَ الْأَبَوَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمِّ مِنَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِمَنْ هُوَ أَوْلَى بِهِ (ثُمَّ أَعْمَامُ الْأَبِ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ) لِمَا ذَكَرْنَا (ثُمَّ أَعْمَامُ الْجَدِّ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ) لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ مِنْهُ، وَإِنْ (نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ) نُصَّ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ، فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ:«مَا أَبْقَتِ الْفُرُوضُ، فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَأَوْلَى هُنَا بِمَعْنَى أَقْرَبَ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى أَحَقَّ، لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِبْهَامِ وَالْجَهَالَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَنْ هُوَ الْأَحَقُّ، وَقَوْلُهُ:" ذَكَرٍ "، هُوَ تَأْكِيدٌ أَوِ احْتِرَازٌ مِنَ الْخُنْثَى، أَوْ لِاخْتِصَاصِ الرِّجَالِ بِالتَّعْصِيبِ، فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً، وَأَبُوهُ ابْنَتَهَا، فَوَلَدُ الْأَبِ عَمٌّ، وَوَلَدُ الِابْنِ خَالٌ، فَيَرِثُهُ الْخَالُ دُونَ الْعَمِّ، وَلَوْ
وَأَوْلَى وَلَدِ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ، فَإِنِ اسْتَوَوْا فَأَوْلَاهُمْ مَنْ كَانَ لِأَبَوَيْنِ، وَإِذَا انْقَرَضَ الْعَصَبَةُ مِنَ النَّسَبِ، وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ، ثُمَّ عَصَبَاتُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الذُّكُورِ يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ، وَيَمْنَعُونَهُنَّ الْفَرْضَ، وَيَقْتَسِمُونَ مَا وَرِثُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَهُمُ: الِابْنُ، وَابْنُهُ، وَالْأَخُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، وَالْأَخُ مِنَ الْأَبِ، وَمَنْ عَدَاهُمْ مِنَ الْعَصَبَاتِ، يَنْفَرِدُ الذُّكُورُ بِالْمِيرَاثِ دون الإناث، وَهُمُ الْإِخْوَةُ وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ، وَابْنُ الِابْنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
خَلَّفَ أَخًا، وَابْنَ ابْنِهِ هَذَا، وَهُوَ أَخُو زَوْجَتِهِ، وَرِثَهُ دُونَ أَخِيهِ، وَيُعَايَا بِهَا، وَيُقَالُ أَيْضًا: وَرِثَتْ زَوْجَةٌ ثُمُنَ التَّرِكَةِ، وَأَخُوهَا الْبَاقِي، فَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ سَبْعَةً، وَرِثُوهُ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ نَكَحَ الْأُمَّ، فَوَلَدُهُ عَمُّ وَلَدِ الِابْنِ وَخَالِهِ، وَلَوْ نَكَحَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أُمَّ الْآخَرِ، فَهُمَا الْقَائِلَتَانِ: مَرْحَبًا بِابْنَيْنَا وَزَوْجَيْنَا، وَابْنَيْ زَوْجَيْنَا، وَوَلَدُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَمُّ الْآخَرِ.
(وَأَوْلَى وَلَدِ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ) حَتَّى فِي أُخْتٍ لِأَبٍ، وَابْنِ أَخٍ مَعَ بِنْتٍ، نُصَّ عَلَيْهِ (فَإِنِ اسْتَوَوْا، فَأَوْلَاهُمْ مَنْ كَانَ لِأَبَوَيْنِ) وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ، وَأَخٍ مِنْ أَبٍ مَعَ بِنْتٍ (وَإِذَا انْقَرَضَ الْعَصَبَةُ مِنَ النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ) لِقَوْلِهِ عليه السلام:«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا تَرَى فِي مَالِهِ؟ فَقَالَ: إِذَا لَمْ يَدَعْ وَارِثًا، فَهُوَ لَكَ» (ثُمَّ عَصَبَاتُهُ مِنْ بَعْدِهِ) لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِهِ، الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ مُشَبَّهٌ بِالنَّسَبِ، ثُمَّ مَوْلَاهُ، وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِي أَبِيهِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ مُبَاشَرَةً، وَوَلَاءُ الْمُبَاشَرَةِ أَقْوَى، ثُمَّ الرَّدُّ، ثُمَّ الرَّحِمُ، وَعَنْهُ: تَقْدِيمُهَا عَلَى الْوَلَاءِ، وَعَنْهُ: الرَّدُّ بَعْدَ الرَّحِمِ، ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ بَعْدَهَا (وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الذُّكُورِ يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ، وَيَمْنَعُونَهُنَّ الْفَرْضَ، وَيَقْتَسِمُونَ مَا وَرِثُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَهُمُ الِابْنُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] الْآيَةَ، فَجَعَلَ الْمِيرَاثَ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا لِلذَّكَرِ مِثْلَيِ الْأُنْثَى مِنْ غَيْرِ فَرْضٍ لَهَا، وَلَوْ كَانَتْ وَحْدَهَا لِفَرْضٍ لَهَا، وَلَوْ فُرِضَ لَهَا مَعَهُ لَأَدَّى إِلَى تَفْضِيلِهَا عَلَيْهِ، أَوِ الْمُسَاوَاةِ أَوِ الْإِسْقَاطِ، فَكَانَتِ الْمُقَاسَمَةُ أَعْدَلَ (وَابْنُهُ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ (وَالْأَخُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَخُ مِنَ الْأَبِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] وَلَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً، لَفُرِضَ لَهَا، وَلِمَا ذَكَرْنَاهُ (وَمَنْ عَدَاهُمْ مِنَ الْعَصَبَاتِ يَنْفَرِدُ الذُّكُورُ بِالْمِيرَاثِ دُونَ الْإِنَاثِ) أَيْ: لَا حَقَّ لَهُنَّ فِيهِ مَعَهُمْ (وَهُمْ
يُعَصِّبُ مَنْ بِإِزَائِهِ مِنْ أَخَوَاتِهِ وَبَنَاتِ عَمِّهِ، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَيُعَصِّبُ مَنْ أَعْلَى مِنْهُ مِنْ عَمَّاتِهِ، وَبَنَاتِ عَمِّ أَبِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ فَرْضٌ، وَلَا يُعَصِّبُ مَنْ أُنْزِلَ مِنْهُ، وَكُلَّمَا نَزَلَتْ دَرَجَتُهُ زَادَ فِيمَنْ يُعَصِّبُهُ قَبِيلٌ آخَرُ، وَمَتَى كَانَ بَعْضُ بَنِي الْأَعْمَامِ زَوْجًا أَوْ أَخًا لِأُمٍّ، أَخَذَ فَرْضَهُ، وَشَارَكَ الْبَاقِينَ فِي تَعْصِيبِهِمْ وَإِذَا اجْتَمَعَ ذُو فَرْضٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَنُو الْإِخْوَةِ، وَالْأَعْمَامِ، وَبَنُوهُمْ) لِأَنَّ أَخَوَاتِهِمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ بِذَوَاتِ فَرْضٍ، وَلَا يَرِثْنَ مُنْفَرِدَاتٍ، فَلَا يَرِثْنَ مَعَ إِخْوَتِهِنَّ شَيْئًا، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ (وَابْنُ الِابْنِ يُعَصِّبُ مَنْ بِإِزَائِهِ مِنْ أَخَوَاتِهِ، وَبَنَاتِ عَمِّهِ) لِأَنَّهُ ذَكَرٌ، فَيَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11](وَيُعَصِّبُ مَنْ أَعْلَى مِنْهُ مِنْ عَمَّاتِهِ، وَبَنَاتِ عَمِّ أَبِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ فَرْضٌ) فَإِنَّهُ لَا يُعَصِّبُهُنَّ، بَلْ يَكُونُ بَاقِي الْمَالِ لَهُ، وَلَا يُشَارِكُ أَهْلَ الْفَرْضِ فِي فَرْضِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِضْرَارِ بِصَاحِبِ الْفَرْضِ (وَلَا يُعَصِّبُ مَنْ أُنْزِلَ مِنْهُ) لِأَنَّهُ لَوْ عَصَّبَهُ، لَاقْتَضَى مُشَارَكَتَهُ، وَالْأَبْعَدُ لَا يُشَارِكُ الْأَقْرَبَ (وَكُلَّمَا نَزَلَتْ دَرَجَتُهُ، زَادَ فِيمَنْ يُعَصِّبُهُ قَبِيلٌ) هُوَ الْجَمَاعَةُ تَكُونُ مِنَ الثَّلَاثَةِ فَصَاعِدًا، وَالْجَمْعُ قُبُلٌ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (آخَرُ) لِأَنَّهُ يُعَصِّبُ مَنْ بِإِزَائِهِ فَيَزْدَادُ الْقَبِيلُ الَّذِي بِإِزَائِهِ، فَإِذَا خَلَّفَ خَمْسَ بَنَاتِ ابْنٍ، بَعْضُهُنَّ أَنْزَلُ مِنْ بَعْضٍ، لَا ذَكَرَ مَعَهُنَّ، كَانَ لِلْعُلْيَا النِّصْفُ، وَلِلثَّانِيَةِ السُّدُسُ، وَسَقَطَ سَائِرُهُنَّ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْعُلْيَا أَخُوهَا أَوِ ابْنُ عَمِّهَا، فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَسَقَطَ سَائِرُهُنَّ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الثَّانِيَةِ عَصَبَتُهَا، كَانَ الْبَاقِي، وَهُوَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الثَّالِثَةِ فَالْبَاقِي، وَهُوَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الرَّابِعَةِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْخَامِسَةِ، فَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةُُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ مِنَ الْخَامِسَةِ، فَكَذَلِكَ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا اخْتِلَافًا بِتَوْرِيثِ بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بَنِي الِابْنِ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الثُّلُثَيْنِ.
مَسْأَلَةٌ: لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَنْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ وَعَمَّتَهُ وَعَمَّةَ أَبِيهِ وَجَدَّهُ وَبَنَاتِ أَعْمَامِهِ وَبَنَاتِ أَعْمَامِ أَبِيهِ وَجَدَّهُ، إِلَّا الْمُسْتَقِلُّ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ (وَمَتَى كَانَ بَعْضُ بَنِي الْأَعْمَامِ زَوْجًا أَوْ أَخًا لِأُمٍّ، أَخَذَ فَرْضَهُ، وَشَارَكَ الْبَاقِينَ فِي تَعْصِيبِهِمْ) فِي قَوْلِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ
وَعَصَبَةٍ بُدِئَ بِذِي الْفَرْضِ فَأَخَذَ فَرْضَهُ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ، وَإِنِ اسْتَغْرَقَتِ الْفُرُوضُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَبَّاسٍ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَمْعٌ: الْمَالُ لِلْأَخِ مِنَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ، وَفَضَلَهُ بِأُمٍّ، فَصَارَا كَأَخَوَيْنِ، أَوْ عَمَّيْنِ، أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ، وَالْآخَرُ لِأَبٍ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ يُفْرَضُ لَهَا بِهَذَا الرَّحِمِ، فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ الْفَرْضَ، سَقَطَ هَذَا الرَّحِمُ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ الْعَمِّ الْآخَرِ، فَلَهُمَا مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ الْفُرُوضِ، فَلَوْ كَانَ أَبْنَاءُ عَمٍّ، أَحَدُهُمَا زَوْجٌ فَلَهُ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ الْجَمِيعِ، فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَخًا لِأُمٍّ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأَخِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا، فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ، لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ، وَتَرْجِعُ إِلَى ثَلَاثَةٍ، وَعِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْبَاقِي لِلْأَخِ، فَتَكُونُ مِنِ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَا ابْنَيْ عَمِّ أَحَدُهُمَا ابْنُ أَخٍ لِأُمٍّ، أَوِ ابْنُ أُخْتٍ لِأُمٍّ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَيْسَ لِهَذَا الَّذِي هُوَ ابْنُ أَخٍ، أَوِ ابْنُ أُخْتٍ لِأُمٍّ مَزِيَّةٌ عَلَى الْآخَرِ.
فَإِنْ قُلْتَ: أَلَيْسَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ابْنَ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ كَانَ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ، وَإِذَا كَانَ ابْنَ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ أَدْلَى بِرَحِمِ جَدَّةِ الْمَيِّتِ أُمِّ أَبِيهِ، وَهَذَا الَّذِي هُوَ ابْنُ أَخٍ يُدْلِي بِرَحِمِ أُمِّ الْمَيِّتِ، وَأُمُّ الْمَيِّتِ أَوْلَى مِنْ جَدَّتِهِ، فَهَلَّا كَانَ الَّذِي يُدْلِي بِرَحِمِهَا أَوْلَى مِمَّنْ يُدْلِي بِرَحِمِ الْجَدَّةِ؟ فَالْجَوَابُ: إِنَّمَا يَفْضُلُ بَعْضُ بَنِي الْأَبِ عَلَى سَائِرِهِمْ إِذَا أَدْلَى بِأُمٍّ هِيَ نَظِيرَةٌ لِلْأَبِ الَّذِي أَدْلَى بَعْضُهُمْ بِرَحِمِ أُمِّ غَيْرِ تِلْكَ الْأُمِّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ مَزِيَّةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّا نَقُولُ فِي ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ هُوَ خَالٌ مِنْ أُمٍّ، لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ بَنِي الْعَمِّ مِنَ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ يُدْلِي بِجَدَّةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِرَحِمِ أُمِّ الْأُمِّ، وَهِيَ غَيْرُ الْأُمِّ الَّتِي فِي حَدِّ جِهَةِ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ مَزِيَّةٌ، وَلَوْ كَانَ لِذَلِكَ مَزِيَّةٌ، لَقُلْنَا فِي ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ: هُوَ ابْنُ خَالٍ مِنْ أُمٍّ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، لِأَنَّهُمَا يُدْلِيَانِ بِجَدٍّ وَجَدَّةٍ، فَلَمَّا لَمْ يُقَلْ ذَلِكَ، عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُدْلِيَ بِأُمٍّ هِيَ نَظِيرَةُ الْأَبِ الْمُدْلَى بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُدْلِيَ بِأُمٍّ هِيَ غَيْرُهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهَا إِلَى الْمَيِّتِ، ذَكَرَهُ الْوَنِّيُّ.
وَمَحَلُّ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَنْ يُسْقِطُ الْأَخَ مِنَ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَا ابْنَيْ عَمٍّ، أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ وَبِنْتٌ، أَوْ بِنْتُ ابْنٍ، فَلِلْبِنْتِ أَوْ لِبِنْتِ الِابْنِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَسَقَطَ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأُمِّ.
1 -
(وَإِذَا اجْتَمَعَ ذُو فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ، بُدِئَ بِذِي الْفَرْضِ، فَأَخَذَ فَرْضَهُ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ) لِخَبَرِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» (وَإِنِ اسْتَغْرَقَتِ الْفُرُوضُ الْمَالَ، فَلَا شَيْءَ
الْمَالَ، فَلَا شَيْءَ لِلْعَصَبَةِ، كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ الثُّلُثُ، وَسَقَطَ سَائِرُهُمْ، وَتُسَمَّى الْمُشْرَكَةُ وَالْحِمَارِيَّةُ إِذَا كَانَ فِيهَا إِخْوَةٌ لِأَبَوَيْنِ، وَلَا كَانَ مَكَانَهُمْ أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ عَالَتْ إِلَى عَشَرَةٍ، وَسُمِّيَتْ ذَاتَ الْفُرُوخِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِلْعَصَبَةِ) لِأَنَّ الْعَاصِبَ يَرِثُ الْفَاضِلَ، وَلَا فَاضِلَ هُنَا (كَزَوْجٍ، وَأُمٍّ، وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ، وَإِخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ، (لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ الثُّلُثُ، وَسَقَطَ سَائِرُهُمْ) أَيْ بَاقِيهِمْ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ جَمْعٌ مِنَ التَّابِعِينَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَنَقَلَ حَرْبٌ: الْكُلُّ يَشْتَرِكُونَ فِي الثُّلُثِ، وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَزَيْدٍ لِأَنَّهُمْ سَاوَوْا وَلَدَ الْأُمِّ فِي الْقَرَابَةِ، وَقَرَابَتُهُمْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ إِنْ لَمْ يَزِدْهُمْ قُرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْقِطَهُمْ (وَتُسَمَّى الْمُشَرَّكَةَ) أَيْ: بِفَتْحِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ التَّشْرِيكُ (وَالْحِمَارِيَّةَ إِذَا كَانَ فِيهَا إِخْوَةٌ لِأَبَوَيْنِ) ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ لَمَّا أُسْقِطُوا، قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ لِعُمَرَ: هَبْ أَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ حِمَارًا، فَمَا زَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا قُرْبًا فَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ، قَالَ الْعَنْبَرِيُّ: الْقِيَاسُ مَا قَالَ عَلِيٌّ، وَالِاسْتِحْسَانُ: مَا قَالَ عُمَرُ، قَالَ الْخَبْرِيُّ: وَهَذِهِ وَسَاطَةٌ مَلِيحَةٌ، وَعِبَارَةٌ صَحِيحَةٌ، إِلَّا أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَمِنَ الْعَجَبِ ذَهَابُ الشَّافِعِيِّ إِلَيْهِ هَاهُنَا مَعَ تَخْطِئَتِهِ لِلذَّاهِبِينَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَعَ قَوْلِهِ مَنِ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ (وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمْ) أَيْ: مَكَانَ الْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ (أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ عَالَتْ إِلَى عَشَرَةٍ) أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلْأَخَوَاتِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ لِلْأَبِ الثُّلُثَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَتَصِيرُ عَشَرَةً (وَسُمِّيَتْ ذَاتَ الْفُرُوخِ) ؛ لِأَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلَيْ ثُلُثِهَا، وَهِيَ أَكْثَرُ مَا تَعُولُ إِلَيْهِ الْفَرَائِضُ، سُمِّيَتِ الْأَرْبَعَةُ الزَّائِدَةُ بِالْفُرُوخِ، وَالسِّتَّةُ بِالْأُمِّ، وَتُسَمَّى الشُّرَيْحِيَّةُ؛ لِأَنَّ رَجُلًا أَتَى شُرَيْحًا، وَهُوَ قَاضٍ بِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ: مَا نَصِيبُ الزَّوْجِ مِنْ زَوْجَتِهِ؟ قَالَ: النِّصْفُ مَعَ غَيْرِ الْوَلَدِ، وَالرُّبُعُ مَعَهُ، فَقَالَ: امْرَأَتِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَاتَتْ، وَخَلَّفَتْنِي، وَأُمَّهَا، وَأُخْتَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، وَأُخْتَيْهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا، فَقَالَ: لَكَ إِذَنْ ثَلَاثَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَخَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ أَرَ كَقَاضِيكُمْ، لَمْ يُعْطِنِي نِصْفًا وَلَا رُبْعًا، فَكَانَ شُرَيْحٌ إِذَا لَقِيَهُ يَقُولُ: إِنَّكَ تَرَانِي حَاكِمًا ظَالِمًا، وَأَرَاكَ فَاسِقًا فَاجِرًا؛ لِأَنَّكَ تَكْتُمُ الْقَضِيَّةَ وَتُشِيعُ الْفَاحِشَةَ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: أُمُّ الْأَرَامِلِ، وَهِيَ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ، وَجَدَّتَانِ، وَأَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ، وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ كُلَّهُنَّ إِنَاثٌ، وَتُسَمَّى الْمُسْبِعَةُ وَالدِّينَارِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمُعَايَاةِ: مَاتَ مَيِّتٌ، وَخَلَّفَ وَرَثَةً، وَسَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا، صَارَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ وَاحِدٌ، فَأَصْلُهَا مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ، وَيُعَايَا بِهَا، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
قُلْ لِمَنْ يُقَسِّمُ الْفَرَائِضَ وَاسْأَلْ
…
إِنْ سَأَلْتَ الشُّيُوخَ وَالْأَحْدَاثَا
مَاتَ مَيِّتٌ عَنْ سَبْعَ عَشْرَةَ أُنْثَى
…
مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى فَحُزْنَ التُّرَاثَا
أَخَذْتَ هَذِهِ كَمَا أَخَذْتَ تِلْ
…
كَ عَقَارًا ، وَدِرْهَمًا ، وَأَثَاثَا
الثَّانِيَةُ: الدِّينَارِيَّةُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ، وَأُمٌّ، وَبِنْتَانِ، وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا، وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَلِيٍّ: إِنَّ أَخِي مِنْ أَبِي وَأُمِّي مَاتَ، وَتَرَكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَصَابَنِي مِنْهُ دِينَارٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ: لَعَلَّ أَخَاكِ خَلَّفَ مِنَ الْوَرَثَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: قَدِ اسْتَوْفَيْتِ حَقَّكِ، فَأَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّمِائَةٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ أَنَّهَا تُسَمَّى الْعَامِرِيَّةَ، فَإِنَّ الْأُخْتَ سَأَلَتْ عَامِرًا الشَّعْبِيَّ فَأَجَابَ بِمَا تَقَدَّمَ.
الثَّالِثَةُ: مَسْأَلَةُ الِامْتِحَانِ، وَهِيَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَخَمْسُ جَدَّاتٍ، وَسَبْعُ بَنَاتٍ، وَتِسْعَةُ إِخْوَةٍ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمُعَايَاةِ: مَاتَ رَجُلٌ، وَخَلَّفَ وَرَثَةً عَدَدُ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ، فَلَمْ تَصِحَّ مَسْأَلَتُهُمْ إِلَّا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا، وَجُزْءُ السَّهْمِ فِيهَا أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَسِتُّونَ.
الرَّابِعَةُ: ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ، أَصْغَرُهُمْ زَوْجٌ لَهُ ثُلُثَانِ، وَلَهُمَا ثُلُثٌ، وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ
…
وَكُلُّهُمُ إِلَى خَيْرٍ فَقِيرُ