الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ
وَلَا يَجُوزُ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إِلَّا الْأَبُ إلا أن
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَنْصُورِ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ إِنْ أَجَازَ الِابْنُ جَازَ، وَإِنَّ رَدَّهُ بَطَلَ الْوَقْفُ فِيمَا زَادَ عَلَى نَصِيبِ الِابْنِ وَهُوَ السُّدْسُ، وَيَرْجِعُ إِلَى الِابْنِ مِلْكًا فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ وَقْفًا وَالسُّدْسُ مِلْكًا، وَالثُّلُثُ لِلْبِنْتِ جَمِيعُهُ وَقْفًا، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْوَقْفُ فِي نِصْفِ مَا وُقِفَ عَلَى الْبِنْتِ وَهُوَ الرُّبُعُ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَقْفًا، نِصْفُهَا لِلِابْنِ وَرُبُعُهَا لِلْبِنْتِ، وَالرُّبُعُ الَّذِي بَطَلَ الْوَقْفُ فِيهِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَتَصِحُّ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِلِابْنِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَقْفٌ وَسَهْمَانِ مِلْكٌ، وَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَقْفٌ وَسَهْمٌ مِلْكٌ، وَلَوْ كَانَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقُلْنَا: يَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ فَرْدًا، فَثُلُثُهَا وَقْفٌ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَثُلُثَاهَا مِيرَاثًا، وَإِنْ رَدَّ ابْنَهُ فَلَهُ ثُلُثَا الثُّلُثَيْنِ إِرْثًا وَلِبِنْتِهِ ثُلُثُهَا وَقْفًا، وَإِنْ رَدَّتْ فَلَهَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ إِرْثًا، وَلِابْنِهِ نِصْفُهَا وَقْفًا وَسُدُسُهَا إِرْثًا كَرَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ وَقْفٌ زَائِدٌ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى أَجْنَبِيِّ، جَزَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ وَجَمَاعَةٌ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَكَذَا عَلَى وَارِثٍ وَلَوْ حِيلَةً؛ كَوَقْفِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَيْهِ.
[الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]
(وَلَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَحِلُّ (لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ) اللَّازِمَةِ، كَذَا فِي " الرِّعَايَةِ " وَ " الْوَجِيزِ "؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيئُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ:«لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ قَالَ قَتَادَةُ: وَلَا أَعْلَمُ الْقَيْءَ إِلَّا حَرَامًا، وَكَالْقِيمَةِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُثَبْ عَلَيْهَا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَكَذَا حُكْمُ الْهَدِيَّةِ (إِلَّا الْأَبُ) ، فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِمَا رَوَى عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:«لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ فَيَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» ،
يعفون؛ وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَعَنْهُ: لَهُ الرُّجُوعُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ أَوْ رَغْبَةٌ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ بِرُجُوعِهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَفِي " الِاخْتِيَارَاتِ " مَنْعُ الْأَبِ الْكَافِرِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَعْطَى وَلَدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ، فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ إِسْلَامِ الْوَلَدِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأُمَّ لَا رُجُوعَ لَهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، قَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: لَيْسَتْ هِيَ عِنْدِي كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْأُمِّ؛ وَلِوِلَايَتِهِ وَحِيَازَتِهِ جَمِيعُ الْمَالِ، وَقِيلَ: بَلَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» ، وَلَا لِلْمَرْأَةِ فِيمَا تَهَبُ زَوْجَهَا، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] الْآيَةَ، وَعَنْهُ: لَهَا الرُّجُوعُ مُطْلَقًا، نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ، وَحَكَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنِ الْقُضَاةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ:" وَقَيَّدَاهُ بِمَسْأَلَتِهِ، وَسَيَأْتِي. (وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ) كَالْجَدِّ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، وَفِيهِ وَجْهٌ ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ عليه السلام قَالَ لِبَشِيرٍ " فَأَرْجِعْهُ " وَفِي رِوَايَةٍ " فَارْدُدْهُ "، رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ النُّعْمَانِ، وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ الْجَوَازُ، (وَعَنْهُ: لَهُ الرُّجُوعُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ أَوْ رَغْبَةٌ) لِغَيْرِ الْوَلَدِ مِثْلُ أَنْ يَهَبَ ابْنَهُ شَيْئًا فَيَرْغَبُ النَّاسُ فِي مُعَامَلَتِهِ فَيُدَايِنُوهُ، أَوْ فِي مُنَاكَحَتِهِ فَيُزَوِّجُوهُ، أَوْ يَهَبَ ابْنَتَهُ شَيْئًا فَتَتَزَوَّجُ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْوَلَدُ أَوْ يُفْلِسَ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ غَيْرِ الِابْنِ، فَفِي الرُّجُوعِ إِبْطَالُ حَقِّهِ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ عليه السلام: «لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَارَ» ، وَالرُّجُوعُ ضَرَرٌ، وَفِيهِ تَحَيُّلٌ عَلَى إِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ، زَادَ فِي " الْفُرُوعِ " تَبَعًا لِـ " الرِّعَايَةِ " وَ " الْوَجِيزِ ": أَوْ مَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْمُتَّهَبِ مُؤَبَّدًا أَوْ مُؤَقَّتًا، كَالرَّهْنِ وَنَحْوِهِ فَلَا رُجُوعَ.
فَرْعٌ: إِذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنَ الرُّجُوعِ فَاحْتِمَالَانِ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَإِنْ عَلَّقَ الرُّجُوعَ بِشَرْطٍ لَمْ يَصِحَّ.
تَنْبِيهٌ: يَحْصُلُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، عَلِمَ الْوَلَدُ أَوْ لَا، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَخَذَ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ، وَنَوَى بِهِ الرُّجُوعَ - كَانَ رُجُوعًا، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي نِيَّتِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ نَوَى الرُّجُوعَ وَلَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ لَمْ
مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْوَلَدُ أَوْ يُفْلِسَ، وَإِنْ نَقَصَتِ الْعَيْنُ أَوْ زَادَتْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً لَمْ تَمْنَعِ الرُّجُوعُ، وَالزِّيَادَةُ لِلِابْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلْأَبِ، وَهَلْ تُمْنَعُ الْمُتَّصِلَةُ الرُّجُوعَ؟ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُحْكَمْ بِأَنَّهُ رُجُوعٌ، وَإِنْ حَفَّتْ بِهِ قَرَائِنُ دَالَّةٌ عَلَى الرُّجُوعِ فَوَجْهَانِ، وَفِي " الْمُغْنِي " يَنْبَنِي هَذَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، فَمَنْ أَوْجَبَ الْإِيجَابَ فِي الْقَبُولِ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ، وَإِلَّا فَهُوَ رُجُوعٌ، فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ لَمْ يَحْصُلِ الرُّجُوعُ وَجْهًا وَاحِدًا.
(وَإِنْ نَقَصَتِ الْعَيْنُ) أَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا لَمْ يُمْنَعِ الرُّجُوعُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلَدِ فِيمَا تَلِفَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ عَلَى مِلْكِهِ، سَوَاءٌ تَلِفَ بِفِعْلِهِ أَوْ لَا، وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً تَعَلَّقَ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ، فَهُوَ كَنُقْصَانِهِ بِذَهَابِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ، فَإِنْ رَجَعَ الْأَبُ فِيهِ ضَمِنَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْعَبْدِ فَرَجَعَ الْأَبُ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِلِابْنِ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ، (أَوْ زَادَتْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً) كَالْوَلَدِ، وَالثَّمَرَةِ، وَكَسْبِ الْعَبْدِ (لَمْ تَمْنَعِ الرُّجُوعَ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْأَصْلِ دُونَ النَّمَاءِ مُمْكِنٌ، وَفِيهِ فِي " الْمُوجَزِ " رِوَايَةٌ، (وَالزِّيَادَةُ لِلِابْنِ) ؛ لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهِ، وَلَا يَتْبَعُ فِي الْفُسُوخِ، وَكَذَا هُنَا، وَكَوَلَدِ الْأَمَةِ مِنْهُ (وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلْأَبِ) ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الْمَوْهُوبِ، فَمَلَكَهَا الْأَبُ كَالْمُتَّصِلَةِ، لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ وَلَدَ أَمَةٍ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا مُنِعَ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: الْمُنْفَصِلَةُ لِلْأَبِ، فَيَرْجِعُ فِيهِمَا جَمِيعًا، أَوْ يَرْجِعُ فِي الْأُمِّ وَيَتَمَلَّكُ الْوَلَدُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِ زِيَادَةٍ فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ، (وَهَلْ تَمْنَعُ) الزِّيَادَةُ (الْمُتَّصِلَةُ) كَالسَّمْنِ فِي الْعَيْنِ، وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ فِي الْمَعَانِي (الرُّجُوعَ) إِذَا زَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "(عَلَى رِوَايَتَيْنِ)، كَذَا فِي " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " إِحْدَاهُمَا: لَا تَمْنَعُ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الْمَوْهُوبِ، فَلَمْ يُمْنَعِ الرُّجُوعَ، كَالزِّيَادَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمُنْفَصِلَةِ، وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ أَشْهَرُ، وَرَجَّحَهَا فِي
رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُتَّهَبُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ إِقَالَةٍ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ رَجَعَ إِلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ، وَإِنْ وَهَبَهُ الْمُتَّهَبُ لِابْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ أَبُوهُ الرُّجُوعَ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ هُوَ، وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الشَّرْحِ " يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِكَوْنِهَا نَمَاءَ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ، فَلَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْأَصْلِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَضَرَرِ التَّشْقِيصِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِرْجَاعٌ لِلْمَالِ بِفَسْخِ عَقْدٍ لِغَيْرِ عَيْبٍ فِي عِوَضِهِ، فَمَنْعُهُ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ كَاسْتِرْجَاعِ الصَّدَاقِ بِفَسْخِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الرَّدَّ مِنَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ رَضِيَ بِبَذْلِ الزِّيَادَةِ، وَعَلَى الْمَنْعِ فَلِلْأَبِ أَخْذُهَا بِطَرِيقِ التَّمَلُّكِ بِشَرْطِهِ، وَقَصْرُ الْعَيْنِ وَتَفْصِيلُهَا زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ.
فَرْعٌ: إِذَا وَهَبَ حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ فِي يَدِهِ فَهِبَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وَقِيلَ: مُنْفَصِلَةٌ، إِنْ قُلْنَا: لَا حُكْمَ لِلْحَمْلِ، وَإِنْ رَجَعَ فِيهَا حَامِلًا جَازَ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهَا، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا فَمُتَّصِلَةٌ، وَلَوْ وَهَبَهُ نَخْلَةً فَحَمَلَتْ فَهِيَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَبَعْدَهُ مُنْفَصِلَةٌ، (وَإِنْ بَاعَهُ الْمُتَّهَبُ) أَوْ وَهَبَهُ لَمْ يَمْلِكِ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ، قَوْلًا وَاحِدًا، (ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ إِقَالَةٍ) أَوْ فَلَسِ الْمُشْتَرِي (فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) ، كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْفَسْخِ فَقَطْ، وَهُوَ مُغْنٍ، أَحَدُهُمَا - وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ": لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِ مَنِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ عَادَةً، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَادَ إِلَيْهِ بِالْهِبَةِ، أَمَّا لَوْ عَادَ إِلَيْهِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوِ الشَّرْطِ فَلَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُزِيلَ ارْتَفَعَ، وَعَادَ الْمِلْكُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ، أَشْبَهَ فَسْخَ الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ (وَإِنْ رَجَعَ إِلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ وُهِبَهُ، لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ) ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ لَمْ يَسْتَفِدْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، فَلَمْ يَمْلِكْ فَسْخَهُ وَإِزَالَتَهُ، كَالَّذِي لَمْ يَكُنْ مَوْهُوبًا.
(وَإِنْ وَهَبَهُ الْمُتَّهَبُ لِابْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ أَبُوهُ الرُّجُوعَ) ، كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لِغَيْرِ ابْنِهِ، وَلِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ إِبْطَالًا لِمِلْكِ غَيْرِ ابْنِهِ، وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعِ ابْنُهُ (إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ هُوَ) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الرُّجُوعِ زَوَالُ مِلْكِ الِابْنِ وَقَدْ عَادَ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُ ابْنُ الِابْنِ لِأَبِيهِ (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهَنِ وَالْمُكَاتَبِ تَعَلَّقَ بِهِ، وَالرُّجُوعُ يُبْطِلُهُ، فَلَمْ يَجُزْ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى بَيْعَ الْمُكَاتَبِ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ، فَأَمَّا مَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ