الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَكُونَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَقِيلَ: فِي الْكَلْبِ رِوَايَتَانِ فِي الْجُمْلَةِ.
وَإِنْ
أَجَّجَ نَارًا فِي مِلْكِهِ، أَوْ سَقَى أَرْضَهُ، فَتَعَدَّى إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ
ضَمِنَ، إِذَا كَانَ أَسْرَفَ فِيهِ أَوْ فَرَّطَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ حَفَرَ فِي فَنَائِهِ بِئْرًا لِنَفْسِهِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا، وَإِنْ حَفَرَهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِلنَّاسِ، فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ. وَالثَّانِيَةُ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ جِنَايَةٌ، وَكَسَائِرِ الْبَهَائِمِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يَضْمَنُ مَا عَقَرَ خَارِجَ الدَّارِ إِنْ لَمْ يَكُفَّهُ رَبُّهُ، أَوْ يُحَذِّرْ مِنْهُ (فِي الْجُمْلَةِ) سَوَاءٌ كَانَ فِي مَنْزِلِ صَاحِبِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ، دَخَلَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَوْ لَا.
فَرْعٌ: حُكْمُ أَسَدٍ، وَنَمِرٍ، وَذِئْبٍ، وَهِرٍّ تَأْكُلُ الطُّيُورَ، وَتَقْلِبُ الْقُدُورَ فِي الْعَادَةِ حُكْمُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَلَهُ قَتْلُ الْهِرِّ بِأَكْلِ لَحْمٍ وَنَحْوِهِ كَالْفَوَاسِقِ، وَفِي " الْفُصُولِ " حِينَ أَكْلِهَا، وَفِي " التَّرْغِيبِ " إِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِهِ كَصَائِلٍ.
[أَجَّجَ نَارًا فِي مِلْكِهِ أَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَتَعَدَّى إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ]
(وَإِنْ أَجَّجَ نَارًا فِي مِلْكِهِ، أَوْ سَقَى أَرْضَهُ، فَتَعَدَّى إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ إِذَا كَانَ أَسْرَفَ فِيهِ أَوْ فَرَّطَ) بِأَنْ أَجَّجَهَا بِمَا تَسْرِي فِي الْعَادَةِ لِكَثْرَتِهَا، أَوْ فِي رِيحٍ شَدِيدَةٍ تَحَمِلُهَا، أَوْ فَتَحَ مَاءً كَثِيرًا يَتَعَدَّى؛ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ عُدْوَانٍ، فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ بَاشَرَ ذَلِكَ بِالْإِتْلَافِ، فَلَوْ أَجَّجَهَا ثُمَّ طَرَأَتْ رِيحٌ لَمْ يَضْمَنْ، قَالَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": لَوْ أَجَّجَهَا عَلَى سَطْحِ دَارِهِ فَهَبَّتِ الرِّيحُ، فَأَطَارَتِ الشَّرَرَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ، وَهُبُوبُ الرِّيحِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَى قِشْرَ بِطِّيخٍ فِي طَرِيقٍ، وَظَاهِرُ " الْوَجِيزِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَنَّهُ يَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ " لِتَعَدِّيهِ (وَإِلَّا فَلَا) ضَمَانَ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ إِفْرَاطٌ وَلَا تَفْرِيطٌ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ؛ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ فِعْلٍ مُبَاحٍ فَلَمْ يُضْمَنْ، كَسِرَايَةِ الْقَوَدِ، وَفَارَقَ مَا إِذَا حَلَّ زِقًّا فَانْدَفَقَ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِحَلِّهِ (وَإِنْ حَفَرَ فِي فِنَائِهِ) وَهُوَ مَا كَانَ خَارِجَ الدَّارِ قَرِيبًا مِنْهَا (بِئْرًا لِنَفْسِهِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا) لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ إِلَى إِتْلَافِ غَيْرِهِ، فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ كَوَاضِعِ السِّكِّينِ، وَسَوَاءٌ حَفَرَهَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِ إِذْنِهِ، فِيهَا ضَرَرٌ أَوْ لَا، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَهُ حَفْرُهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ.
ذَكَرَهُ الْقَاضِي، فَعَلَيْهِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ فِي الِانْتِفَاعِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ حَفَرَ فِي مَكَانٍ مُشْتَرَكٍ بِغَيْرِ إِذَنْ أَهْلِهِ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهِمْ؛ فَضَمِنَ كَمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنِ
فِي سَابِلَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ بَسَطَ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْإِمَامُ فِيهِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ لِلْإِمَامِ الْإِذْنَ فِيهِ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ بِيعُ شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ النَّافِذِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِحَاكِمٍ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ، وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
وَفِي " الْفُرُوعِ " يَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ لِلْمَصْلَحَةِ (وَإِنْ حَفَرَهَا فِي سَابِلَةٍ) وَهِيَ الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكَةُ السَّبِيلُ: الطَّرِيقُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ) لِيَنْزِلَ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ، أَوْ لِيَشْرَبَ مِنْهَا الْمَارَّةُ (لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِفِعْلِهِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ، أَشْبَهَ بَاسِطَ الْحَصِيرِ فِي الْمَسْجِدِ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ، وَمَعْنَاهُ فِي " الْوَجِيزِ " بِأَنْ حَفَرَهَا فِي سَابِلَةٍ وَاسِعَةٍ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، وَالثَّانِيَةُ يَضْمَنُ، وَاقْتَصَرَ الْقَاضِي عَلَى حِكَايَتِهَا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَمْ تُوجَدْ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، وَيَشُقُّ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ، وَتَعُمُّ الْبَلْوَى بِهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ حَفَرَهَا فِي مَوَاتٍ لِتَمَلُّكٍ، أَوِ ارْتِفَاقٍ، أَوِ انْتِفَاعٍ عَامٍّ، نُصَّ عَلَيْهِ، أَوْ بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ خَانًا وَنَحْوَهُمَا لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ.
فَرْعٌ: فِعْلُ عَبْدِهِ بِأَمْرِهِ كَفِعْلِهِ، أَعْتَقَهُ أَوْ لَا، وَيَضْمَنُ سُلْطَانٌ آمِرٌ وَحْدَهُ، وَإِنْ حَفَرَهَا حُرٌّ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا وَثَبَتَ عِلْمُهُ أَنَّهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، نُصَّ عَلَيْهِ، ضَمِنَ الْحَافِرَ، وَنَصُّهُ: هُمَا، وَإِنْ جَهِلَ فَالْآمِرُ. وَقِيلَ: الْحَافِرُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ.
تَنْبِيهٌ: حُكْمُ الْبِنَاءِ فِي الطَّرِيقِ كَالْحَفْرِ فِيهِ، مَسْجِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، نَقَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ فِي الْمَسْجِدِ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يَضُرَّ بِالطَّرِيقِ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: أَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ الَّتِي بُنِيَتْ فِي الطَّرِيقِ تُهْدَمُ، وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ: يَزِيدُ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: لَا تُصَلِّي فِيهِ، وَفِي " الْمُغْنِي ": يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ إِذْنُ الْإِمَامِ فِي الْبِنَاءِ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْحَفْرِ لِدَعْوَى الْحَاجَةِ إِلَيْهِ لِنَفْعِ الطَّرِيقِ وَإِصْلَاحِهَا، وَإِزَالَةِ الطِّينِ وَالْمَاءِ مِنْهَا فَهُوَ كَتَنْقِيَتِهَا، وَحَفْرِ هَدَفِهِ