الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَيُرْجَعُ إِلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ
فِي قَسْمِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَفِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[فَصْلٌ: وَيَرْجِعُ إِلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ]
ِ) لِأَنَّ عُمَرَ وَقَفَ وَقْفًا، وَشَرَطَ فِيهِ شُرُوطًا، وَلَوْ لَمْ يَجِبِ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ لَمْ يَكُنْ فِي اشْتِرَاطِهِ فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، وَجَعَلَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا، فَإِذَا اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَا حَقَّ لَهَا فِيهِ، وَلِأَنَّ الْوَقْفَ مُتَلَقًّى مِنْ جِهَتِهِ، فَاتُّبِعَ شَرْطُهُ، وَنَصُّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَعْنِي فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ وَلَفْظَ الْمُوصِي، وَالْحَالِفِ، وَالنَّاذِرِ، وَكُلِّ عَاقِدٍ - يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا، وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ أَوِ الشَّارِعِ أَوْ لَا، فَلَوْ تَعَقَّبَ شَرْطَهُ جُمَلًا عَادَ إِلَى الْكُلِّ، وَاسْتِثْنَاؤُهُ كَشَرْطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا مُخَصَّصٌ مِنْ صِفَةٍ، وَعَطْفُ بَيَانٍ، وَتَوْكِيدٌ، وَبَدَلٌ، وَنَحْوُهُ، وَجَارٌّ وَمَجْرُورٌ نَحْوُ: وَعَلَى أَنَّهُ، وَبِشَرْطِ أَنَّهُ، وَنَحْوُهُ (فِي قَسْمِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) ، أَيْ عَلَى أَنَّ لِلْأُنْثَى سَهْمًا، وَلِلذَّكَرِ سَهْمَيْنِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْسِمَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ عَلَى حَسَبِ قِسْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمِيرَاثِ (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) .
وَقَالَ الْقَاضِي: الْمُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ، وَقَدِ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ اتِّصَالُ الْمَالِ إِلَيْهِمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى حَسَبِ الْمِيرَاثِ كَالْعَطِيَّةِ، وَالذَّكَرُ فِي مَظِنَّةِ الْحَاجَةِ غَالِبًا بِوُجُوبِ حُقُوقٍ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأُنْثَى (وَفِي التَّقْدِيمِ) بِأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ مَثَلًا يُقَدِّمُ الْأَفْقَهَ، أَوِ الْأَدْيَنَ أَوِ الْمَرِيضَ، وَنَحْوَهُ.
قَالَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ فِيمَا إِذَا خَصَّ بَعْضَهُمْ بِالْوَقْفِ: إِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْأَثَرَةِ، فَأَكْرَهُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ لَهُ عِيَالٌ وَبِهِ حَاجَةٌ، فَلَا بَأْسَ، (وَالتَّأْخِيرِ) بِأَنْ يَقِفَ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ بَعْدَ بَنِي فُلَانٍ، (وَالْجَمْعِ) بِأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ (وَالتَّرْتِيبِ) بِأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ يَقِفُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَإِنْ نَزَلُوا، الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، أَوِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، أَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، فَالتَّقْدِيمُ بَقَاءُ أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُؤَخَّرِ عَلَى صِفَةِ
وَالْجَمْعِ وَالتَّرْتِيبِ، وَالتَّسْوِيَةِ وَالتَّفْضِيلِ، وَإِخْرَاجِ مَنْ شَاءَ بِصِفَةٍ وَإِدْخَالِهِ بِصِفَةٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَنَّ لَهُ مَا فَضَلَ، وَإِلَّا سَقَطَ، وَالتَّرْتِيبُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْمُؤَخَّرِ مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ، (وَالتَّسْوِيَةِ) بِأَنْ يَقِفَ عَلَى طَائِفَةٍ بَيْنَهُمْ بِالتَّسْوِيَةِ، وَقِيلَ: يَمْنَعُ تَسْوِيَةً بَيْنَ فُقَهَاءَ كَمُسَابَقَةٍ، (وَالتَّفْضِيلِ) بِأَنْ يَقُولَ: لِوَاحِدٍ الثُّلُثُ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ، (وَإِخْرَاجِ مَنْ شَاءَ بِصِفَةٍ وَإِدْخَالِهِ بِصِفَةٍ) ؛ لِقَضِيَّةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي بَنَاتِهِ، وَلَيْسَ هُوَ تَعْلِيقًا لِلْوَقْفِ بِصِفَةٍ، بَلْ وَقْفٌ مُطْلَقٌ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَهُ صِفَةٌ، فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيُدْخِلَ مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ لَمْ يَصِحَّ؛ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَاهُ، لَا قَوْلُهُ يُعْطِي مَنْ شَاءَ وَيَمْنَعُ مَنْ شَاءَ؛ لِتَعْلِيقِهِ اسْتِحْقَاقَهُ بِصِفَةٍ، كَمَا لَوْ وَقَفَهُ عَلَى الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ مِنْ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَغِلُ دُونَ غَيْرِهِ، فَمَنْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ زَالَ اسْتِحْقَاقُهُ، فَإِنْ عَادَ إِلَيْهِ عَادَ اسْتِحْقَاقُهُ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".
وَقَالَ الْحَارِثِيُّ بِالْفَرْقِ لَا يَتَّجِهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: كُلُّ مُتَصَرِّفٍ بِوِلَايَةٍ إِذَا قِيلَ: يَفْعَلُ مَا شَاءَ، فَإِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ حَتَّى لَوْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِمَا يَهْوَاهُ أَوْ يَرَاهُ مُطْلَقًا، فَشَرْطٌ بَاطِلٌ لِمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ، وَكَشَرْطِهِ تَغْيِيرَ شَرْطٍ (وَ) فِي (النَّاظِرِ فِيهِ) بِأَنْ يَقُولَ: النَّاظِرُ فُلَانٌ، فَإِنْ مَاتَ فَفُلَانٌ؛ لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ وَقْفَهُ إِلَى حَفْصَةَ تَلِيهِ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ يَلِيهِ ذُو الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّ مَصْرِفَ الْوَقْفِ يُتْبَعُ فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ، فَكَذَا فِي نَظَرِهِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا ثِقَةً كَافِيًا فِي ذَلِكَ، خَبِيرًا بِهِ، قَوِيًّا عَلَيْهِ، فَإِنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَعْزِلْهُ بِلَا شَرْطٍ، وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِغَيْرِهِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ فَوَّضَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَسْنَدَهُ، فَلَهُ عَزْلُهُ، قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَالْحَارِثِيُّ.
وَقِيلَ: لَا، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ، وَلِلنَّاظِرِ التَّقْرِيرُ فِي الْوَظَائِفِ، وَفِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ": يُقَرِّرُ فِي الْجَوَامِعِ الْكِبَارِ الْإِمَامُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى نَصِيبِهِ إِلَّا بِشَرْطٍ، وَلَا نَظَرَ لِغَيْرِهِ مَعَهُ، أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَيَتَوَجَّهُ مَعَ حُضُورِهِ، فَيُقَرِّرُ حَاكِمٌ فِي وَظِيفَةٍ خَلَتْ فِي غَيْبَتِهِ، وَلَوْ سَبَقَ تَوَلِّيهِ نَاظِرٌ غَائِبٌ قُدِّمَتْ، وَالنَّاظِرُ مُنَفِّذٌ لِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ (وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَقُولَ: يُعْمَرُ الْوَقْفُ مِنَ الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ مَثَلًا (وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِوَقْفِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُتَّبَعَ فِيهِ شَرْطُهُ، وَلِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْوَقْفِ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ، فَكَذَا فِي تَفَاصِيلِهِ، فَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَوْ قَدَّرَهَا بِمُدَّةٍ اتُّبِعَ، وَأَنْ لَا يَنْزِلَ فَاسِقٌ وَشِرِّيرٌ وَمُتَجَوِّهٌ، وَنَحْوُهُ، عُمِلَ بِهِ. قَالَ فِي
وَالنَّاظِرِ فِيهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَاظِرًا فَالنَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْفُرُوعِ ": وَإِلَّا تَوَجَّهَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِي فُقَهَاءَ وَنَحْوِهِمْ وَفِي إِمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ الْخِلَافُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فَاسِقٌ فِي جِهَةٍ دِينِيَّةٍ كَمَدْرَسَةٍ وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ وَعُقُوبَتُهُ، فَكَيْفَ يَنْزِلُ؟ وَإِنْ نَزَلَ مُسْتَحَقٌّ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ.
تَنْبِيهٌ: لِلْحَاكِمِ النَّظَرُ الْعَامُّ، فَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ إِنْ فَعَلَ مَا لَا يَسُوغُ، وَلَهُ ضَمُّ أَمِينٍ مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ، وَكَذَا مَعَ ضَعْفِهِ، وَمَنْ ثَبَتَ فِسْقُهُ، أَوْ أَمَرَ مُتَصَرِّفًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ قُدِحَ فِيهِ، فَإِمَّا أَنْ يَنْعَزِلَ أَوْ يُعْزَلَ، أَوْ يُضَمَّ إِلَيْهِ أَمِينٌ، عَلَى الْخِلَافِ، ثُمَّ إِنْ صَارَ هُوَ وَالْوَصِيُّ أَهْلًا كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ وَكَالْمَوْصُوفِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَذَكَرَ الْمَجْدُ فِي النُّكَتِ أَنَّهُ لَوْ عُزِلَ مِنْ وَظِيفَتِهِ لِلْفِسْقِ ثُمَّ تَابَ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا، وَإِذَا فَرَّطَ سَقَطَ مِمَّا لَهُ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ مِنَ الْوَاجِبِ، وَإِذَا أَطْلَقَ النَّظَرَ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ شَمِلَ أَيَّ حَاكِمٍ، وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ ذَوِي الْمَذَاهِبِ أَنَّهُ عِنْدَ التَّعَدُّدِ يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ تَوْلِيَةُ مَنْ شَاءَ، وَلَوْ فَوَّضَهُ حَاكِمٌ لَمْ يَجُزْ لِآخَرَ نَقْضُهُ، وَلَوْ وَلَّى كُلٌّ مِنْهُمَا شَخْصًا قَدَّمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَقَّهُمْ.
فَرْعٌ: إِذَا جَهِلَ شَرْطَ الْوَاقِفِ تَسَاوَى فِيهِ الْمُسْتَحِقُّونَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ ثَبَتَتْ، وَلَمْ يَثْبُتِ التَّفْضِيلُ، فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ كَمَا لَوْ شَرَكَ بَيْنَهُمْ بِلَفْظِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " وَغَيْرِهِ، وَقَيَّدَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَادَةً، قَالَ: لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ وَالْعُرْفَ الْمُسْتَقِرَّ فِي الْوَقْفِ يَدُلُّ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ أَكْثَرَ مِمَّا يَدُلُّ لَفْظُ الِاسْتِفَاضَةِ.
(فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَاظِرًا) أَوْ شَرَطَهُ لِإِنْسَانٍ فَمَاتَ (فَالنَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَغَلَّتُهُ لَهُ، فَكَانَ نَظَرُهُ إِلَيْهِ كَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا اسْتَقَلَّ بِهِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يُضَمُّ إِلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ؛ حِفْظًا لِأَصِلِ الْوَقْفِ عَنِ التَّضْيِيعِ، وَإِنْ كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَسْجِدٍ، أَوْ مَنْ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ، فَإِنَّهُ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ (وَقِيلَ: لِلْحَاكِمِ) أَيْ حَاكِمِ الْبَلَدِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي
وَقِيلَ لِلْحَاكِمِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ
وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَهُوَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُوسَى؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْمَوْجُودِينَ وَحَقُّ مَنْ يَأْتِي مِنَ الْبُطُونِ، وَبَنَاهُ الْمُؤَلِّفُ - وَهُوَ ظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ " وَ - الْفُرُوعِ " - عَلَى الْمِلْكِ، فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَالنَّظَرُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عَيْنَهُ وَنَفْعَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى فَالْحَاكِمُ يَتَوَلَّاهُ وَيَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ كَالْوَقْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَالْحَاصِلُ إِنْ كَانَ النَّظَرُ لِغَيْرِ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ مَنْ حَاكَمٍ أَوْ نَاظِرٍ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَرْطِ الْعَدَالَةِ، وَإِنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ وَاقِفٍ وَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ عَدْلٌ، فَفَسَقَ، صَحَّ، وَضُمَّ إِلَيْهِ أَمِينٌ وَوَظِيفَةُ نَاظِرٍ، حِفْظُ وَقْفٍ، وَعِمَارَةٍ، وَإِيجَارٍ، وَزِرَاعَةٍ، وَمُخَاصَمَةٍ فِيهِ، وَتَحْصِيلُ رَيْعِهِ مِنْ أُجْرَةٍ، وَزَرْعٍ، وَثَمَرَةٍ، وَصَرْفُهُ فِي جِهَاتِهِ مِنْ عِمَارَةٍ وَإِصْلَاحٍ وَإِعْطَاءِ مُسْتَحَقٍّ وَنَحْوُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِلَا شَرْطٍ، وَإِنْ شَرَطَهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَحَّ، فَإِنْ شَرَطَهُ لِاثْنَيْنِ مِنْ أَفَاضِلِ وَلَدِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ ضُمَّ إِلَيْهِ أَمِينٌ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرٍ وَاحِدٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي "، وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ لِاثْنَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوِ انْعَزَلَ.
(وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَقْفِ (مِنْ غَلَّتِهِ) إِنْ لَمْ يُعَيَّنْ وَاقِفٌ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَكَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ مُعَيَّنٍ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ ذَا رُوحٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ بِيعَ وَصُرِفَ الثَّمَنُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى تَكُونُ وَقْفًا لِمَحَلِّ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ فَالنَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِيعَ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَقَارًا لَمْ تَجِبْ عِمَارَتُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِهِ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطِهِ عُمِلَ بِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَجِبُ عِمَارَتُهُ بِحَسَبِ الْبُطُونِ، وَتُقَدَّمُ عِمَارَتُهُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْجَمِيعُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ الْإِمْكَانِ أَوْلَى، بَلْ قَدْ يَجِبُ، وَلَوِ احْتَاجَ خَانٌ مُسَبَّلٌ، أَوْ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى حَاجٍّ أَوْ غُزَاةٍ وَنَحْوِهِمْ إِلَى مَرَمَّةٍ أُوجِرَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: لِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ بِلَا إِذْنِ حَاكِمٍ، كَشِرَائِهِ الْوَقْفَ بِنَسِيئَةٍ، أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ فِي قَرْضِهِ مَالًا لِوَلِيٍّ.