الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَهُوَ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً، إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَبِيلَةً، فَيَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ دُونَ أَوْلَادِهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ
وَإِنْ وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ قَرَابَةِ فُلَانٍ فَهُوَ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجَاوِزْ بَنِي هَاشِمٍ بِسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى، وَعَنْهُ: إِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سَفَلَ، فَنَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ ثُمَّ نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ، عَمَّ مَنْ أَعْقَبَ وَمَنْ لَمْ يُعْقَبْ، وَمَنْ أَعْقَبَ ثُمَّ انْقَطَعَ عَقِبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ غَيْرُهُ، وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ، فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ قَطْعًا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَيَتَوَجَّهُ نُفُوذُ حُكْمٍ بِخِلَافِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ أَوْ بَنِي فُلَانٍ فَهُوَ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً) فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَنِينَ وُضِعَ لِذَلِكَ حَقِيقَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الصافات: 153] وَ: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [آل عمران: 14] وَ: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46] وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ ذَكَرًا، وَعَكْسُهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنَاتِهِ اخْتُصَّ بِهِنَّ، وَلَا شَيْءَ لِلذُّكُورِ وَلَا لِلْخَنَاثَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ أُنْثَى، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، (إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَبِيلَةً) كَبِيرَةً، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " كَبَنِي هَاشِمٍ، وَتَمِيمٍ، وَقُضَاعَةَ (فَيَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] ؛ وَلِأَنَّ اسْمَ الْقَبِيلَةِ يَشْمَلُ ذَكَرَهَا وَأُنْثَاهَا، وَرُوِيَ أَنَّ جَوَارِيَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قُلْنَ:
نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ
…
يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ
وَيُقَالُ: امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. (دُونَ أَوْلَادِهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ) ، وَحَكَاهُ فِي " الرِّعَايَةِ " قَوْلًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْقَبِيلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا بَلْ إِلَى غَيْرِهَا، وَكَمَا لَوْ قَالَ: الْمُنْتَسِبِينَ إِلَيَّ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ دُخُولَ أَوْلَادِهِنَّ مِنْهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِدُخُولِ الِانْتِسَابِ حَقِيقَةً، وَلَا يَشْمَلُ مَوَالِيهِمْ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: بَلْ ثَلَاثَةٌ، وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا رَآهُ النَّاظِرُ، وَقِيلَ: بَلْ قُدِّرَ حَقُّهُ مِنَ الزَّكَاةِ مَعَ فَقْرِهِ، كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
[الْوَقْفُ عَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ قَرَابَةِ فُلَانٍ]
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ قَرَابَةِ فُلَانٍ فَهُوَ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجَاوِزْ بَنِي هَاشِمٍ بِسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7] ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَادَهُ وَأَوْلَادَ عَبْدِ
كَانَ يَصِلُ قَرَابَتَهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ فِي حَيَاتِهِ صَرَفَ إِلَيْهِمْ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَهْلُ بَيْتِهِ بِمَنْزِلَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُطَّلِبِ وَأَوْلَادَ هَاشِمٍ ذَكَرَهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا، لَا يُقَالُ: هُمَا كَبَنِي الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ عليه السلام بِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، وَلَمْ يُعْطِ قَرَابَةَ أُمِّهِ وَهُمْ بَنُو زُهْرَةَ شَيْئًا، وَجَعَلَ هَاشِمًا الْأَبَ الرَّابِعَ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ رَابِعًا إِلَّا أَنْ يُعَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَالْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ لِشُمُولِ اللَّفْظِ لَهُمْ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمُسْتَحِقِّ مِنْ قُرْبَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْهُ: يُجَاوِزُ بِهَا أَرْبَعَةَ آبَاءٍ، فَعَلَيْهَا يُعْطَى كُلُّ مَنْ يُعْرَفُ بِقَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْأَبِ الْأَدْنَى؛ لِأَنَّهُمْ قَرَابَتُهُمْ، فَيَتَنَاوَلُهُمْ مِنَ اللَّفْظِ، وَعَنْهُ: ثَلَاثَةُ آبَاءٍ (وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ يَصِلُ قَرَابَتَهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ فِي حَيَاتِهِ) كَإِخْوَتِهِ لِأُمِّهِ، وَأَخْوَالِهِ، وَخَالَاتِهِ (صَرَفَ إِلَيْهِمْ) ؛ لِأَنَّ صِلَتَهُ إِيَّاهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِمْ بِصِلَتِهِ هَذِهِ (وَإِلَّا فَلَا)، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَصِلْهُمْ فِي حَيَاتِهِ فَلَا يُصْرَفْ إِلَيْهِمْ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ نَقَلَهَا صَالِحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ هَانِئٍ، وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: إِنْ وَصَلَ أَغْنِيَاءَهُمْ أُعْطُوا وَإِلَّا الْفُقَرَاءُ أَوْلَى، وَأَخَذَ مِنْهُ الْحَارِثِيُّ عَدَمَ دُخُولِهِمْ فِي كُلِّ لَفْظٍ عَامٍّ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَأَصَحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا عُرْفٌ فِي الشَّرْعِ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْعُرْفِ اللُّغَوِيِّ كَالْوُضُوءِ، وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ، وَهَذَا مَعَ الْإِطْلَاقِ، فَأَمَّا إِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ أَوْ حَالِيَّةٌ تَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِمْ، أَوْ حِرْمَانِهِمْ عَمَلَ بِهَا.
فَرْعٌ: قَرَابَةُ أُمِّهِ كَذَلِكَ، وَعَنْهُ: إِنْ وَصَلَهُمْ شَمِلَهُمْ، وَمِثْلُهُ قَرَابَةُ غَيْرِهِ أَوِ الْفُقَهَاءِ، وَيَصِلُ بَعْضَهُمْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي.
تَنْبِيهٌ: إِذَا وَقَفَ عَلَى أَقْرَبِ قَرَابَتِهِ، أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ نَسَبًا وَإِرْثًا، وَابْنُهُ كَأَبَوَيْهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا، وَأَخُوهُ لِأَبِيهِ أَوْ أَبَوَيْهِ كَجَدِّ أَبٍ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَأَخُوهُ لِأَبِيهِ كَأُمِّهِ إِنْ شَمِلَ قَرَابَتَهُ، وَكَذَا أَبْنَاؤُهُمَا، وَوَلَدُ أَبَوَيْهِ أَوْلَى مِنْهُمَا، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةً كَأَخِيهِ لِأَبِيهِ لِسُقُوطِ الْأُمُومَةِ فِي النِّكَاحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " التَّبْصِرَةِ "، وَأَبُوهُ أَوْلَى مِنِ ابْنِ ابْنِهِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " عَكْسُهُ، وَيَسْتَوِي جَدَّاهُ وَعَمَّاهُ كَأَبَوَيْهِ (وَأَهْلُ بَيْتِهِ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَتِهِ) ،
قَرَابَتِهِ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُعْطَى مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَوْمِهِ، وَنُسَبَاؤُهُ كَقَرَابَتِهِ، وَالْعِتْرَةُ هُمُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَهْلِ بَيْتِهِ، قَالَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لِقَرَابَتِي، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِي وَلَا لِأَهْلِ بَيْتِي» ، فَجَعَلَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى عِوَضًا لَهُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ الَّتِي حَرُمَتْ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى هُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ الَّذِينَ حَرُمَتْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ، وَهُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ ثَعْلَبٍ أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ عِنْدَ الْعَرَبِ آبَاءُ الرَّجُلِ وَأَوْلَادُهُمْ، كَالْأَجْدَادِ وَالْأَعْمَامِ وَأَوْلَادِهِمْ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَقَالَ الْقَاضِي: وَلَدُ الرَّجُلِ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْقَرَابَةِ وَلَا أَهْلِ بَيْتِهِ، وَفِيهِ شَيْءٌ، فَإِنَّ وَلَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَقَارِبِهِ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ، وَأُعْطُوا مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى، بَلْ هُوَ أَقْرَبُ قَرَابَتِهِ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُعْطَى مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ) ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَكَذَا أَقَارِبُهَا مِنْ أَوْلَادِهَا، وَأَبَوَيْهَا، وَإِخْوَتِهَا، وَأَخَوَاتِهَا، وَنَقَلَ صَالِحٌ: يَخْتَصُّ مَنْ يَصِلُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَلَوْ جَاوَزَ أَرْبَعَةَ آبَاءٍ، وَإِنَّ الْقَرَابَةَ تُعْطَى أَرْبَعَةَ آبَاءٍ فَمَنْ دُونَ، وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّ قَوْمَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ كَقَرَابَةِ أَبَوَيْهِ، وَأَنَّ الْقَرَابَةَ قَرَابَةُ أَبِيهِ إِلَى أَرْبَعَةِ آبَاءٍ، وَعَنْهُ: أَزْوَاجُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: فِي دُخُولِهِنَّ فِي آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ رِوَايَتَانِ، اخْتَارَ الدُّخُولَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّرِيفِ.
فَرْعٌ: أَهْلُ الْوَقْفِ هُمُ الْمَتْنَاوِلُونَ لَهُ.
(وَقَوْمُهُ، وَنُسَبَاؤُهُ كَقَرَابَتِهِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْمَ الرَّجُلِ قَبِيلَتُهُ، وَهُمْ نُسَبَاؤُهُ، وَقِيلَ: كَذِي رَحِمِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ بِمَثَابَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ أَقَارِبُهُ، وَأَقَارِبُهُ هُمْ قَوْمُهُ وَنُسَبَاؤُهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: إِذَا قَالَ: لِرَحِمِي، أَوْ لِأَرْحَامِي، أَوْ لِنُسَبَائِي - صُرِفَ إِلَى قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَيَتَعَدَّى وَلَدُ الْأَبِ الْخَامِسِ، فَعَلَيْهِ يُدْفَعُ إِلَى كُلِّ مَنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ أَوْ بِالرَّحِمِ فِي حَالٍ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَتْنَاسِبِينَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْعُرْفِ عَلَى مَنْ كَانَ مِنَ الْعَشِيرَةِ الَّتِي يُنْسَبَانِ إِلَيْهَا، وَإِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُنْسَبُ إِلَى قَبِيلَةٍ غَيْرِ قَبِيلَةِ صَاحِبِهِ، فَلَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لَهَا.
الْعَشِيرَةُ، وَذَوُو رَحِمِهِ كُلُّ قُرَابَةٍ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَالْأَيَامَى وَالْعُزَّابُ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَصَّ الْأَيَامَى بِالنِّسَاءِ وَالْعُزَّابُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَائِدَةٌ: الْقَوْمُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: 11] الْآيَةَ، سُمُّوا بِهِ لِقِيَامِهِمْ بِالْأَمْرِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
(وَالْعِتْرَةُ هُمُ الْعَشِيرَةُ) الْأَدْنَوْنَ، هَذَا أَصَحُّ وَأَشْهَرُ فِي عُرْفِ النَّاسِ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ؛ لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي مَحْفِلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: نَحْنُ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ، وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ، لَكِنْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: ذُرِّيَّتُهُ، وَقِيلَ: وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ (وَذَوُو رَحِمِهِ كُلُّ قَرَابَةٍ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ) وَالْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّ الرَّحِمَ تَشْمَلُهُمْ، وَهِيَ فِي الْقَرَابَةِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا، فَإِذَا لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ مُرَجِّحًا فَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ مَانِعًا، وَذَكَرَ الْقَاضِي مُجَاوَزَتَهُ لِلْأَبِ الْخَامِسِ.
تَذْنِيبٌ: إِذَا وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ أَوْ جَمْعٍ مِنَ الْأَقْرَبِ إِلَيْهِ فَثَلَاثَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُتَمِّمُ الْعَوْزَ مِنَ الْأَبْعَدِ، وَيَشْمَلُ أَهْلَ الدَّرَجَةِ وَلَوْ كَثُرُوا، وَفِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ فِي جَمَاعَةٍ اثْنَانِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُفْرَدٌ، وَقَالَ الْمَجْدُ: أَقَلُّ الْجَمْعِ مِمَّا لَهُ تَثْنِيَةٌ خَاصَّةٌ ثَلَاثَةٌ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ فِي لَفْظِ الْجَمْعِ اثْنَانِ، وَلَفْظِ النِّسَاءِ ثَلَاثَةٌ، وَالرَّهْطُ لُغَةً مَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنَ الرِّجَالِ خَاصَّةً، وَفِي " كَشْفِ الْمُشْكِلِ ": هُوَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ.
(وَالْأَيَامَى وَالْعُزَّابُ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ)، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: أَيِمَتْ حَنَّةُ مِنْ زَوْجِهَا، وَأَيِمَ عُثْمَانُ مِنْ رُقَيَّةَ. يُقَالُ: رَجُلٌ عَزَبٌ، وَامْرَأَةٌ عَزَبَةٌ، قَالَهُ ثَعْلَبٌ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَزَبًا لِانْفِرَادِهِ، وَلَا يُقَالُ: أَعْزَبُ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا لُغَةٌ حَكَاهَا الْأَزْهَرِيُّ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: وَكُنْتُ شَابًّا أَعْزَبَ. وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ الرَّجُلُ أَوْ لَا، وَالْمَرْأَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الْأَيِّمُ إِلَّا بِكْرًا (وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَصَّ الْأَيَامَى بِالنِّسَاءِ، وَالْعُزَّابُ بِالرِّجَالِ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32]، وَفِي الْخَبَرِ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ