الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْعِلْمِ، وَهُوَ يُنْسَى، وَهُوَ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ أَهْلُ السَّلَامَةِ: لَا نَتَكَلَّمُ فِيهِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ، وَقِيلَ: عُلِمَ مَعْنَاهُ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ، فَإِنَّ حَالَ النَّاسِ اثْنَانِ، حَيَاةٌ وَوَفَاةٌ، فَالْفَرَائِضُ تَتَعَلَّقُ بِالثَّانِي، وَسَائِرُ الْعُلُومِ بِالْأَوَّلِ، وَقِيلَ: هُوَ نِصْفٌ بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِتَعَلُّمِ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْفَرَائِضِ مِائَةَ حَسَنَةٍ، وَبِغَيْرِهَا مِنَ الْعُلُومِ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَقِيلَ بِاعْتِبَارِ الْمَشَقَّةِ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَأَحْسَنُهَا أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ اخْتِيَارِيٌّ وَاضْطِرَارِيٌّ، فَالِاخْتِيَارِيُّ إِنْ شَاءَ دَخَلْتَ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ شَاءَ رُدَّ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَالِاضْطِرَارِيُّ يُدْخَلُ فِي مِلْكِهِ إِجْبَارًا، وَرُدَّ، وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا تَحَدَّثْتُمْ فَتَحَدَّثُوا فِي الْفَرَائِضِ، وَإِذَا لَهَوْتُمْ فَالْهَوْا بِالرَّمْيِ، وَكَانَ لَا يُوَلِّي أَحَدًا حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ، وَحُكِيَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ رَأَى فِي مَنَامِهِ دَخَلَ بُسْتَانًا، فَأَكَلَ مِنْ جَمِيعِ ثَمَرِهِ إِلَّا الْعِنَبَ الْأَبْيَضَ، فَقَصَّهُ عَلَى شَيْخِهِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَقَالَ: تُصِيبُ مِنَ الْعُلُومِ كُلِّهَا إِلَّا الْفَرَائِضَ، فَإِنَّهَا جَوْهَرُ الْعِلْمِ، كَمَا أَنَّ الْعِنَبَ الْأَبْيَضَ جَوْهَرُ الْعِنَبِ.
(وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَوَارِيثِ) فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَرَائِضَ هِيَ نَفْسُ الْقِسْمَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرِهِ وَهِيَ الْعِلْمُ بِقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَهُوَ جَمْعُ مِيرَاثٍ، وَهُوَ الْمَالُ الْمُخَلَّفُ عَنِ الْمَيِّتِ، أَصْلُهُ مِوْرَاثُ انْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا، وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَيُقَالُ لَهُ: التُّرَاثُ.
[أَسْبَابُ التَّوَارُثِ]
(وَأَسْبَابُ التَّوَارُثِ ثَلَاثَةٌ: رَحِمٌ) وَهُوَ الْقَرَابَةُ مِنْ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا، إِذْ بِهَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75](وَنِكَاحٌ) وَهُوَ عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ عَرِيَ عَنِ الْوَطْءِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] الْآيَةَ (وَوَلَاءٌ) وَهُوَ الْإِنْعَامُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ
وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَاقَدَةِ وَإِسْلَامِهِ عَلَى يَدَيْهِ، وَكَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّسَبِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، شَبَّهَ الْوَلَاءَ بِالنَّسَبِ، وَالنَّسَبُ يُوَرَّثُ بِهِ، فَكَذَا الْوَلَاءُ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ الْعَتِيقَ لَا يَرِثُ مُعْتِقَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ: بَلَى عِنْدَ عَدَمٍ الوارث، وَقَالَهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ، نَقَلَهُ الطَّبَرِيُّ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا أَدْرِي، وَفِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ مِنْهُ يُنْفَقُ عَلَى الْمُنْعِمِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَوْسَجَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ أَنَّ «رَجُلًا مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا إِلَّا عَبْدًا أَعْتَقَهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِيرَاثَهُ» . وَعَوْسَجَةَ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، لَكِنْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ، وَلَوْ سَلِمَتْ صِحَّتُهُ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ عَلَى جِهَةِ الْمَصْلَحَةِ لَا مِيرَاثًا (لَا غَيْرَ) لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالتَّوَارُثِ بِهَا إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَتْ تَرِكَتُهُ صَدَقَةً لَمْ تُوَرَّثْ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَثْبُتُ) مَعَ عَدَمِهِنَّ (بِالْمُوَالَاةِ) ، وَهِيَ الْمُؤَاخَاةُ (وَالْمُعَاقَدَةِ) وَهِيَ الْمُحَالَفَةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) وَكَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، يَقُولُ الرَّجُلُ: دَمِي دَمُكَ، وَمَالِي مَالُكُ، تَنْصُرُنِي وَأَنْصُرُكَ، وَتَرِثُنِي وَأَرِثُكَ (وَإِسْلَامِهِ عَلَى يَدَيْهِ) لِمَا رَوَى أَبُو أُمَامَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ، فَهُوَ مَوْلَاهُ يَرِثُهُ» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ، وَكَذَا الْتِقَاطُهُ (وَكَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ) أَيْ: مَكْتُوبَيْنِ فِي دِيوَانٍ وَاحِدٍ، قَالَهُ فِي الْمُطْلِعِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَحَكَاهُ فِي الشَّرْحِ قَوْلًا، وَظَاهِرُ الْمَتْنِ: أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الرِّوَايَةِ، وَفِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ أَوْ مِنْ