الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَى الْآخَرِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا، ثُمَّ سَبَى الْعَبْدُ مُعْتِقَهُ فَأَعْتَقَهُ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَاءُ صَاحِبِهِ.
فَصْلٌ
فِي دَوْرِ الْوَلَاءِ
إِذَا اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتُ مُعْتَقَةٍ أَبَاهُمَا، عَتَقَ عَلَيْهِمَا، وَصَارَ ولاؤه بينهما نِصْفَيْنِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَكُنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِأَحَدٍ (وَمِثْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا، ثُمَّ سَبَى الْعَبْدُ مُعْتِقَهُ) أَيْ أَسَرَ سَيِّدَهُ (فَأَعْتَقَهُ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَاءُ صَاحِبِهِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْعِمٌ عَلَى الْآخَرِ بِخَلَاصِ رَقَبَتِهِ مِنَ الرِّقِّ، فَإِنْ سَبَى الْمُسْلِمُونَ الْعَتِيقَ الْأَوَّلَ فَرُقَّ، ثُمَّ أُعْتِقَ، فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ ثَانِيًا، وَقِيلَ: لِلْأَوَّلِ، وَقِيلَ: لَهُمَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ: لَا يَنْجَرُّ مَا كَانَ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ الرِّقِّ مِنْ وَلَاءِ وَلَدٍ، أَوْ عَتِيقٍ إِلَى الْأَخِيرِ، وَكَذَا عَتِيقُ ذِمِّيٍّ، وَقِيلَ: أَوْ مُسْلِمٍ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا تَزَوَّجَ وَلَدُ الْمُعْتَقَةِ بِمُعْتَقَةٍ، فَأَوْلَدَهَا، فَاشْتَرَى جَدَّهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَوَلَاءُ أَبِيهِ، وَسَائِرِ أَوْلَادِ جَدِّهِ، وَوَلَاءُ الْمُشْتَرِي لِمَوْلَى أُمِّ أَبِيهِ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِمُعْتَقَةٍ، فَأَوْلَدَهَا، فَتَزَوَّجَ الْوَلَدُ بِمُعْتَقَةِ رَجُلٍ، فَأَوْلَدَهَا، فَوَلَاءُ هَذَا لِمَوْلَى أُمِّ أَبِيهِ فِي وَجْهٍ؛ لِأَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى أَبِيهِ، فَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَوْلَى جَدِّهِ، وَفِي آخَرَ: وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ الثَّابِتَ عَلَى أَبِيهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ.
الثَّالِثَةُ: تَزَوَّجَ مُعْتَقٌ بِمُعْتَقَةٍ، فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا، وَتَزَوَّجَ عَبْدٌ بِمُعْتَقَةٍ، فَأَوْلَدَهَا ابْنًا، فَتَزَوَّجَ هَذَا الْوَلَدُ بِبِنْتِ الْمُعْتَقَيْنِ، فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا، فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوْلَى أُمِّ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى أَبِيهِ، فَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْبِنْتُ الْمَذْكُورَةُ بِمَمْلُوكٍ، فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوْلَى أَبِيهَا؛ لِأَنَّ وَلَاءَهَا لَهُ، فَإِنْ كَانَ أَبُوهَا ابْنَ مَمْلُوكٍ وَمُعْتَقَةٍ، فَالْوَلَاءُ لِمَوْلَى أُمِّ أَبِي الْأُمِّ، عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَوْلَى أُمِّ أَبِي الْأُمِّ، يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى أَبِي الْأُمِّ مُقَدَّمًا عَلَى أُمِّهِمَا، وَثَبَتَ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِمَا.
[فَصْلٌ فِي دَوْرِ الْوَلَاءِ]
فَصْلٌ
فِي دَوْرِ الْوَلَاءِ مَعْنَى دَوْرِ الْوَلَاءِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَالِ مَيِّتٍ قِسْطٌ إِلَى مَالِ مَيِّتٍ آخَرَ، بِحُكْمِ الْوَلَاءِ،
وَجَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ وَلَاءِ صَاحِبِهِ، وَيَبْقَى نِصْفُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ، وَرِثَاهُ أَثْلَاثًا، وَإِنْ مَاتَتِ الْبِنْتُ بَعْدَهُ، وَرِثَهَا أَخُوهَا بِالنَّسَبِ، فَإِذَا مَاتَ أَخُوهَا، فَمَالُهُ لِمَوَالِيهِ، وَهُمْ أُخْتُهُ وَمَوَالِي أُمِّهِ، فَلِمَوَالِي أُمِّهِ النِّصْفُ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِمَوَالِي أُخْتِهِ، وَهُمْ أَخُوهَا وَمَوَالِي أُمِّهَا، فَلِمَوَالِي أُمِّهَا نِصْفُ ذَلِكَ، وَهُوَ الرُّبُعُ، فَيَبْقَى الرُّبُعُ، وَهُوَ الْجُزْءُ الدَّائِرُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْأَخِ، وَعَادَ إِلَيْهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ثُمَّ يَرْجِعَ مِنْ ذَلِكَ الْقِسْطِ جُزْءٌ إِلَى الْمَيِّتِ الْآخَرِ بِحُكْمِ الْوَلَاءِ أَيْضًا، فَيَكُونَ هَذَا الْجُزْءُ الرَّاجِعُ قَدْ دَارَ بَيْنَهُمَا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الدَّوْرُ فِي مَسْأَلَةٍ، حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا شُرُوطٌ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَأَنْ يَمُوتَ فِي مَسْأَلَةٍ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْهُمَا يَجُوزُ إِرْثُ الْمَيِّتِ.
(إِذَا اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتُ مُعْتَقَةٍ أَبَاهُمَا، عَتَقَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ (وَصَارَ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عَتَقَ عَلَيْهِ نِصْفَهُ (وَجَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ وَلَاءِ صَاحِبِهِ) لِأَنَّ وَلَاءَ الْوَلَدِ تَابِعٌ لِوَلَاءِ الْوَالِدِ (وَيَبْقَى نِصْفُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ) لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ (فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ، وَرِثَاهُ أَثْلَاثًا) لِأَنَّ مِيرَاثَ النَّسَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلَاءِ، وَمِيرَاثُ النَّسَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَإِنْ مَاتَتِ الْبِنْتُ بَعْدَهُ، وَرِثَهَا أَخُوهَا بِالنَّسَبِ) وَمِيرَاثُ الْأَخِ مِنَ الْأُخْتِ بِالنَّسَبِ ظَاهِرٌ (فَإِذَا مَاتَ أَخُوهَا، فَمَالُهُ لِمَوَالِيهِ) لِأَنَّهُ لَا مُنَاسِبَ لَهُ (وَهُمْ أُخْتُهُ وَمَوَالِي أُمِّهِ، فَلِمَوَالِي أُمِّهِ النِّصْفُ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِمَوَالِي أُخْتِهِ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ (وهُمْ أَخُوهَا وَمَوَالِي أُمِّهَا، فَلِمَوَالِي أُمِّهَا نِصْفُ ذَلِكَ، وَهُوَ الرُّبُعُ) لِأَنَّ وَلَاءَ الْأُخْتِ بَيْنَ الْأَخِ، وَمَوَالِي الْأُخْتِ نِصْفَانِ (فَيَبْقَى الرُّبُعُ، وَهُوَ الْجُزْءُ الدَّائِرُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْأَخِ، وَعَادَ إِلَيْهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ) قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَنِّيُّ: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، قَالَ فِي الشَّرْحِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ دَائِرًا أَنْ يَدُورَ أَبَدًا، وَفِي كُلِّ دَوْرَةٍ يَصِيرُ لِمَوْلَى الْأُمِّ نِصْفُهُ، وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْفَذَ كُلُّهُ إِلَى مَوَالِي الْأُمِّ (وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ) قَالَهُ الْقَاضِي، وَقِيَاسُ قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ (لِأَنَّهُ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ) أَيْ: مُعَيَّنَ، وَقِيلَ: يُرَدُّ عَلَى سِهَامِ الْمَوَالِي أَثْلَاثًا، لِمَوَالِي أُمِّهِ الثُّلُثَانِ، وَلِمَوَالِي أُمِّهَا الثُّلُثُ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إِلَّا أَنَّ مَكَانَ الِابْنِ بِنْتٌ، فَاشْتَرَتْ أَبَاهَا، عَتَقَ عَلَيْهَا، وَجَرَّ وَلَاءَ أُخْتِهَا، فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَلِابْنَتَيْهِ الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ، وَالْبَاقِي لِمُعْتِقِهِ بِالْوَلَاءِ، فَإِنْ مَاتَتِ الْبِنْتُ الَّتِي لَمْ تَشْتَرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمَالُهَا لِأُخْتِهَا، نِصْفُهُ بِالنَّسَبِ، وَنِصْفُهُ بِأَنَّهَا مَوْلَاةُ أَبِيهَا، وَلَوْ مَاتَتِ الَّتِي اشْتَرَتْهُ، فَلِأُخْتَيْهَا النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِمَوَالِي أُمِّهَا، فَإِنِ اشْتَرَتِ الْبِنْتَانِ أَبَاهُمَا، عَتَقَ عَلَيْهِمَا، وَجَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ وَلَاءِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَرِثَهُ ابْنَتَاهُ بِالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، فَإِنْ مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَلِأُخْتِهَا النِّصْفُ بِالنَّسَبِ، وَنِصْفُ الْبَاقِي بِمَا جَرَّ الْأَبُ إِلَيْهَا مِنْ وَلَاءِ نِصْفِهَا، فَإِنْ مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأَبِ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، فَصَارَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ، وَالرُّبُعُ الْبَاقِي لِمَوَالِي أُمِّهَا، فَإِنْ مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ أَبِيهَا، فَمَالُهَا لَهُ، ثُمَّ إِذَا مَاتَ الْأَبُ، فَلِلْبَاقِيَةِ نِصْفُ مِيرَاثِ أَبِيهَا؛ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ، وَنِصْفُ الْبَاقِي، وَهُوَ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّهَا مَوْلَاةٌ، يَبْقَى الرُّبُعُ لِمَوَالِي الْبِنْتِ الَّتِي مَاتَتْ قَبْلَهُ، فَإِنْ مَاتَتِ الْبَاقِيَةُ بَعْدَهُمَا، فَمَالُهَا لِمَوَالِيهَا، نِصْفُهُ لِمَوَالِي أُمِّهَا، وَنِصْفُهُ لِمَوَالِي أُخْتِهَا الْمَيِّتَةِ، وَهُمْ أُخْتُهَا وَمَوَالِي أُمِّهَا، فَنِصْفُهُ لِمَوَالِي أُمِّهَا، وَهُوَ الرُّبُعُ، وَالرُّبُعُ الْبَاقِي يَرْجِعُ إِلَى هَذِهِ الْمِيِّتَةِ، فَهَذَا الْجُزْءُ الدَّائِرُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْمِيِّتَةِ، ثُمَّ دَارَ إِلَيْهَا، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ.