الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْهُ الضَّمَانُ.
الثَّالِثُ: سَائِرُ الْأَمْوَالِ كَالْأَثْمَانِ، وَالْمَتَاعِ، وَالْغَنَمِ، وَالْفُصْلَانِ، وَالْعُجُولِ، وَالْأَفْلَاءِ، فَمَنْ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا وَإِنْ عَرِفَهَا، وَمَنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا، وَالْأَفْضَلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقِيلَ: فِي نَفَقَةِ الْعَبْدِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا مَا يُلْقَى فِي الْبَحْرِ خَوْفًا مِنَ الْغَرَقِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ آخِذُهُ، وَفِي " الشَّرْحِ " لَا أَعْلَمُ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ قَوْلًا، وَقِيلَ: لَا، وَلَهُ أُجْرَةُ رَدِّ مَتَاعِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنِ انْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ وَأَخْرَجَهُ قَوْمٌ، فَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ: لِمُسْتَخْرِجِهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَجُعْلِ رَدِّ الْآبِقِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَأْخُذُ أَصْحَابُ الْمَتَاعِ مَتَاعَهُمْ، وَلَا شَيْءَ لِلَّذِينَ أَصَابُوهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
[الْقِسْمُ الثَّالِثُ سَائِرُ الْأَمْوَالِ]
(الثَّالِثُ: سَائِرُ الْأَمْوَالِ كَالْأَثْمَانِ، وَالْمَتَاعِ، وَالْغَنَمِ، وَالْفُصْلَانِ) بِضَمِّ الْفَاءِ جَمْعُ فَصِيلٍ، وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إِذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ (وَالْعُجُولِ) جَمْعُ عِجْلٍ، وَهُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: حِينَ يُوضَعُ، وَالْجَمْعُ الْعَجَاجِيلُ (وَالْأَفْلَاءُ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْفُلُوُّ، بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، الْمُهْرُ، وَالْأُنْثَى فُلُوَّةٌ، وَالْجَمْعُ أَفْلَاءٌ كَأَعْدَاءٍ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: إِذَا فَتَحْتَ الْفَاءَ شَدَّدْتَ، وَإِذَا كَسَرْتَ خَفَّفْتَ، فَقُلْتُ: فِلْوٌ كَجِرْوٍ (فَمَنْ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَضْيِيعِ مَالِ غَيْرِهِ، فَحَرُمَ كَإِتْلَافِهِ، وَكَمَا لَوْ نَوَى تَمَلُّكَهَا فِي الْحَالِ أَوْ كِتْمَانَهَا (فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهَا) كَغَاصِبٍ، سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ أَوْ لَا (وَلَمْ يَمْلِكْهَا وَإِنْ عَرِفَهَا) لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُحَرِّمَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِدَلِيلِ السَّرِقَةِ، وَالْتِقَاطُ هَذِهِ مُحَرَّمٌ، فَلَا يُسْتَفَادُ بِهِ الْمِلْكُ، وَقِيلَ: تُمْلَكُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالتَّعْرِيفِ وَالِالْتِقَاطِ، وَقَدْ وُجِدَا كَالِاصْطِيَادِ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ (وَمَنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا) لِحَدِيثِ زَيْدٍ ثَبَتَ فِي النَّقْدَيْنِ، وَقِسْنَا عَلَيْهِمَا الْمَتَاعَ، وَعَلَى الشَّاةِ قِسْنَا كُلَّ حَيَوَانٍ لَا يَمْتَنِعُ بِنَفْسِهِ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، كَابْنِ آوَى، وَالذِّئْبِ، وَعَنْ أَحْمَدَ: لَيْسَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ الْتِقَاطُ الشَّاةِ وَنَحْوِهَا، وَعَنْهُ: وَعَرَضَ ذِكْرَهَا أَبُو الْفَرَجِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ عَلَّلَ فِي عَدَمِ الْتِقَاطِ الْإِبِلِ مَا هُوَ مَعْدُومٌ فِي الْغَنَمِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا
تَرْكُهَا، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: إِنْ وَجَدَهَا بِمَضْيَعَةٍ فَالْأَفْضَلُ أَخْذُهَا، وَمَتَى أَخَذَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا أَوْ فَرَّطَ فِيهَا ضَمِنَهَا.
وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: حَيَوَانٌ، فَيَتَخَيَّرُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرَّقَ الشَّارِعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا قِيَاسَ مَا أُمِرْنَا بِالْتِقَاطِهِ عَلَى مَا مُنِعَ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَهَا فِي مِصْرٍ أَوْ مَهْلَكَةٍ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَسْتَفْصِلْ، وَلَوِ افْتَرَقَ الْحَالُ لَاسْتَفْصَلَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَلَعَلَّهَا الرِّوَايَةُ الَّتِي مَنَعَ مِنَ الْتِقَاطِهَا فِيهَا (وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهَا) قَالَهُ أَحْمَدُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِأَكْلِ الْحَرَامِ، وَتَضْيِيعِ الْوَاجِبِ فِي التَّعْرِيفِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِيهَا، فَكَانَ تَرْكُهَا أَوْلَى كَوِلَايَةِ مَالِ الْيَتِيمِ (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ إِنْ وَجَدَهَا بِمَضْيَعَةٍ) وَأَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا (فَالْأَفْضَلُ أَخْذُهَا) لِمَا فِيهِ مِنَ الْحِفْظِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا، كَتَخْلِيصِهِ مِنَ الْغَرَقِ، وَلَا يَجِبُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ، وَخَرَجَ وُجُوبُهُ إِذَنْ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ مَالِ الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا وَجَدَ عَنْبَرَةً عَلَى السَّاحِلِ فَهِيَ لَهُ، وَالْقِنُّ الصَّغِيرُ كَالشَّاةِ، وَكَذَا كُلُّ جَارِيَةٍ تَحْرُمُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالتَّعْرِيفِ.
(وَمَتَى أَخَذَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا أَوْ فَرَّطَ فِيهَا ضَمِنَهَا) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي يَدِهِ، فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا كَالْوَدِيعَةِ، إِلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ إِمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ بِرَدِّهَا كَمُمْتَنِعٍ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا إِذَا ضَاعَتْ عِنْدَهُ فِي حَوْلِ التَّعْرِيفِ بِلَا تَفْرِيطٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنِ الْتَقَطَهَا آخَرُ، لَزِمَهُ رَدُّهَا إِلَى الْأَوَّلِ مَعَ عِلْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى عَرَّفَهَا حَوْلًا مَلَكَهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وُجِدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ، فَثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ كَالْأَوَّلِ، وَلَا يَمْلِكُ الْأَوَّلُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا مِنَ الثَّانِي، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْأَوَّلِ، فَإِنْ عَلِمَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ فَرَدَّهَا وَأَبَى أَخْذَهَا، وَقَالَ: عَرِّفْهَا أَنْتَ، فَعَرَّفَهَا مَلَكَهَا، وَإِنْ قَالَ: عَرِّفْهَا وَتَكُونُ مِلْكًا لِي أَوْ بَيْنَنَا صَحَّ، وَإِنْ قَصَدَ الثَّانِي بِالتَّعْرِيفِ تَمَلُّكَهَا لِنَفْسِهِ دُونَ الْأَوَّلِ، فَوَجْهَانِ، وَكَذَا الْحُكْمُ إِذَا عَلِمَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ فَعَرَّفَهَا وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا.
فَرْعٌ: إِذَا غَصَبَهَا غَاصِبٌ مِنَ الْمُلْتَقِطِ فَعَرَّفَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِأَخْذِهَا، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبُ تَمَلُّكِهَا.